طلال الخطاطبة... أكثر من مجرد عبور
2016
تشاء الأقدار أن نلتقي ونزامل أشخاص من مختلف الأجناس والجنسيات من شتى بقاع الأرض في العمل الأكاديمي في الجامعات والكليات وهذا هو واقع الحال في الكلية التقنية بصلالة وخصوصا في مركز اللغة الإنجليزية. في كل عام يغادرنا زملاء أعزاء ويأتي آخرون لهم كل الشكرعلى كل ما بذلوه ويبذلوه لخدمة مؤسساتنا التعليمية المختلفة . يغادرنا البعض وتنقطع أخبارهم بينما يبقى آخرون على تواصل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة .
ولكن تبقى مغادرة الصديق العزيز طلال الخطاطبة مختلفة كثيرا عن الآخرين. فقد غادرنا أبو محمد في نهاية العام 2015 متقاعدا لدواعي العمر ( ما زال شبابا ما شاء الله ) . هذا الرجل الذي ارتبط بصلالة من العام 1990 حيث الوصول الأول للعمل بالكلية المتوسطة للمعلمين وبعد ذلك الالتحاق بالكلية التقنية في منتصف التسعينات من القرن الماضي. عشق صلالة وبادلته وأهلها الحب والوداد وأصبح ظفاريا أكثر من الظفاريين أحيانا لعلمه بكل التفاصيل الصغيرة عن المنطقة كيف لا وهو من عاش فيها لربع قرن . أبو محمد كان حاضرا في كل المناسبات مشاركا في الأفراح ومعزيا في الأتراح. تجده في السوق وفي الجامع وعند المضابي أحيانا وفي سهول وأرياف ظفار .
علاقتي به لم تبدأ في 2012 سنه التحاقي بالعمل في الكلية التقنية بصلالة بل كانت الأقدار قد شاءت قبل ذلك أن يكون له فضل علي من العام 1995 أيام الدراسة الابتدائية في مدرسة طوي أعتير الثانوية من خلال مدرس اللغة الانجليزية بالمدرسة. فالعزيز طلال الخطاطبة هو من درس أستاذي ومدرس اللغة الانجليزية بمدرستي صلاح الحسني في الكلية المتوسطة للمعلمين بصلالة والذي أصبح بعد ذلك من المعلمين الذين تركو بصمة لا تنسى في المدرسة كيف لا يترك بالغ الأثر وهو تلميذ من نقش اسمه في قلوب كل من عرفوه طلال الخطاطبة . ( من دواعي السرور التقائي بالأستاذ صلاح الحسني هذا الخريف في جاردنز مول بصلالة) . وتشاء الأقدار مرة أخرى أن أكون زميلا للأستاذ طلال وهو من درس أستاذي ومن درسني صلاح الحسني بل وأصبحت مشرفا على الاستاذ طلال بعد ذلك ( سبحان الله). لكني لا اعتبر نفسي الا تلميذا له وتعلمت الكثير من تجربته الأكاديمية الطويلة وخبراته المختلفة.
ستفتقده صلالة وأهلها وخصوصا كل من عرفه عن قرب ولكن هكذا الحياة ومتغيراتها .لكنه بلا شك ستبقى في قلوبنا ولم يغادرها الا جسدا. لا نقول وداعا ولكن الى لقاء قريب بإذن الله تعالى وكلنا شوق لقراءة كتابه عن صلالة وتجربته مع الاغتراب لمدة ربع قرن والذي أسماه " الطريق الى صلالة". الكتاب في المراحل الأخيرة من الطباعة وسيرى النور قريبا ان لم يكن قد رأى النور أساسا. الكتاب كما خصني أبو محمد ببعض تفاصيله سيكون ثريا بتجربته الظفارية وعن بعض العادات والتقاليد التي شدته في ظفار وكذلك سيسرد فيه بعض مغامراته في صلالة وقصصه مع سهل اتين وليالي مطعم أربيلا وتجمعات النادي الأردني في صلالة الى غير ذلك من التجارب المثرية. ولا ننسى تجاربه في كليات صلالة المختلفة بأسلوبه الشيق مدعوما وموثقا بالصور.
شكرا من الأعماق على كل لحظة قضيتها معنا وبيننا . مهما قلنا لن نو فيك شيئا مما قدمته لصلالة وأبناءها طيلة ربع قرن فقد نهل من بجور علمك وتجربتك المعلم والمهندس والفني والمسؤول. وكل التوفيق والتحية لك ولأسرتك الكريمة في المملكة الهاشمية وتمنياتي لك بالتوفيق والسداد في عملك إلانساني الخيري الذي تقوم به في المملكة ويصلنا صداه بشكل مستمر.