أسبوع الاستقلال
أسبوع السيادة
نعم حق لنا
كأردنيين أن نفخر أن أسبوع الاستقلال هذا العام كانت له نكهة أردنية خالصة. فهو أسبوع
شهد زيارة قداسة البابا لهذا البلد الطيب، تلاها الاحتفال باليوم الثاني بعيد الإستقلال
بقصر رغدان العامر، و في اليوم التالي كان الإعلان عن طرد السفير السوري من الأردن
الذي يحتضن ما يزيد عن المليون و ربع من اللاجئين السوريين ثم احتفلنا بذكرى
الاسراء و المعراج؛ على صاحب الذكرى الصلاة و السلام. نعم هي النكهة الأردنية التي تعكس مهارة الدولة
الأردنية لتقوم كل جهة بواجبها دون تشابك
مع الجهات الأخرى، و كذلك مهارة أجهزتها بإدارة الأزمات.
و تصدر موضوع
السفير السوري المشهد لدرجة أنه طغى على باقي الأحداث بمواقع التواصل الاجتماعية.
و مصدر هذا هو الاستغراب من توقيته كما
قال معظمهم حتى ممن كانوا ينادون بطرده منذ زمن طويل، و نسي هؤلاء الأسلوب الأردني
بالتعامل مع الحالات التي تشبه حالة السفير السوري. إن السؤال حول التوقيت كان سيثار حتى لو تم طرده من بداية الأزمة السورية التي
تزامنت مع بداية صلف السفير و تجاوزاته. لهذا لا داعي لإعطاء موضوع التوقيت هذا الأهمية.
إن موضوع الإدارة الأردنية للازمات كان يغيب على ما يبدو
حتى عن السفير نفسه. فتوهم (سعادته) أنه يستطيع أن يفعل ما يريد دون أن يثير هذا
غضب أحد. فكانت تصريحاته النارية للدفاع عن نظامه، و عذَرَه الكثيرون بمن فيهم
كاتب هذه السطور لأنه استطاع أن يعبّر عن نظامه و يدافع عنه في وقت كانت المظاهرات
تدق باب سفارته. و هذا هو من أهم واجبات السفير؛ فلا يُفترض في السفير أن يكون
بروتوكولياً شرفياً فقط.
لم يقدّر سعادته وقوف قوات الأمن و الدرك أمام سفارته
لحمايتها و حمايته شخصياً من غضب الجماهير المتعاطفة مع الثورة السورية. فأخذته العزة في الاثم و دَفْعُ شبيحته ( الذين
ظهروا فقط عندما شاهدوا تواجد قوات الأمن الأردنية تحمي السفارة) و زوار بيته و
سفارته من الأردنيين للاعتقاد بأن الليث الأردني في سبات عميق فتمادى في غيّه
ليلمز و يهمز في سياسة الدولة الأردنية نفسها بعد أن كان تخصصه فقط مهاجمة الإخوان
المسلمين، فأصبح يدس أنفه بالشأن الأردني
نفسه الداخلي. و تطور الأمر ليتمادى أكثر
و ينتقل من مرحلة الصلف تجاه البلد المضيف شعباً و دولة ليورط بلده نفسها في أزمة
دبلوماسية مع بلد شقيق جار يحاول جاهداً على ضبط حدوده معه و لو شاء لفتح الباب
على مصراعيه و كانت النتيجة أكثر خطورة على النظام نفسه.
للأسف كان نظام
السفير أكثر رعونة من السفير نفسه، فلم يشأ أن يحافظ على الصديق العربي
الوحيد له في المنطقة، فبادر بمنع القائم
بالأعمال الأردني في الدخول لسوريا و لا أدري أي ذنب اقترفه سفيرنا أو القائم
بالأعمال هناك. لقد كان بوسع سوريا أن تحل
الأزمة كما هو الحال بالعرف الدبلوماسي و ينتهي الأمر بأن تسمي سفيراً آخر و دمتم.
أما المتخوفون على
الأردن من نتيجة مثل هذا التصرف أذكرهم أنه عندما يتعلق بالسيادة لا مجال أبدا
للتردد؛ و أذكرهم أن الأردن و في عام 1970 و عندما كان الأردن في وضع لا يحسد عليه داخلياً و عربياً و دولياً
قام بطرد السفير الأمريكي فوراً عندما نصح السفير وزير الخارجية الامريكي بعدم
زيارة الأردن لأسباب أمنية؛ عندها طلب جلالة المرحوم الملك الحسين طرد السفير
الأمريكي لأنه يشوه صورة الأردن بعدم قدرته على حماية ضيوفه. و الحادثة موثقة على
لسان دولة السيد زيد الرفاعي بمقابلته مع ياسر أبو هلاله على الجزيرة ردّاً على
تخرصات هيكل المزعومة على الأردن. و لن
تكون سوريا بحجم أمريكا طبعاً.
أما من سأل عن
التوقيت أذكرهم بالقصة السورية (فنحن لا نستغني عن سوريا من قصصها لعقال الشايب) : يقال أنهم سألوا شهر رمضان
لماذا لم يأتِ بشعبان ؟؟ فقال لهم "
كل شي بوقته حلو".
لقد صبر الأردن
على طيش هذا السفير بما فيه الكثير و لكنه أعطاه الحبل لشنق نفسه بنفسه ليلقى حتفه
عندما يأتي الوقت المعلوم لأنه " كل
شي بوقته حلو".
حمى الله الأردن
من كل شر يا رب.