الغُربيِّة و الانتخابات البلدية | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية
الغُربيِّة و الانتخابات البلدية
لقد كتبتُ الكثير في مقالاتي حول ضرورة المشاركة بالانتخابات الوطنية: البرلمانية منها و البلدية، و كثيراً ما كنتُ أمني نفسي بالمشاركة فيها خاصة أنني كنت محروماً منها أكثر من ثلاثة و عشرين عاماً بسبب الاغتراب. هذا العام أيضا قطعت الأمل أيضاً بسبب حجوزات الطيران؛ لكن قدر لي الله أن يتم تأجيل السفر لما بعد الانتخابات؛ لهذا داخلني شعور بالفرح لأن أملي سيتحقق أخيراً و سأقف بطابور المقترعين أمام الصندوق.
أعلنتُ لمن حولي كلهم أن سفري قد تأجل، و أنني بصدد المشاركة بالانتخابات دعماً لمسيرة الديمقراطية و ترسيخاً لنهجها، و لكن لم يكترث أحدٌ بما قلت و لم يأخذني أحد (على جنب) أو يتصل بي ليطلب مني التصويت لفلان مثلاً؛ فقلت ربما سيزورني بعض المرشحين بالبيت كما جرت العادة قديماً لطلب الثقة، و سأجلس أمامهم بكل ثقة مؤكداُ على أن صوتي لن يذهب إلا للأصلح؛ على ما يبدو أن هذا أيضاً هو أملٌ قد تبخر. كذلك استغليت وجودي بجاهة عرس حيث جرى حديث جانبي حول جماعة سيجتمعون لترشيح فلان للعضوية و ليس للرئاسة؛ تساءلت بصوت مرتفع عن أصلح شخصية يمكن أن أنتخبها باعتبار أن الوجوه المعلقة على اللافتات غير معروفة لي، نظر الحضور إلى بعضهم و لم يجبني أحد و لم ألح بالسؤال. فهمتُ من عدم الإجابة أن الأمور محسومة عشائرياً و لا يهم صوت كصوتي مثلاً إن ذهب لمرشحهم أم لغيره. و ربما يعود السبب أنني أنتمي لفئة تسمى ببعض المناطق (بالغُربيِّة) فمن هم الغُربيِّة يا رعاك الله؟
الغُربيِّة (و هي من الأغراب) عن المنطقة طبعاً هم ممن تملكوا أراضي بالمنطقة و عمروها بالبيوت و سكنوها، و بهم امتدت المناطق و اتسعت و كبرت. و لا تقتصر مناطق تواجد الغُربيِّة على محافظة دون أخرى، فهم ينتشرون من شمال الأردن إلى جنوبه. و للتذكير طبعا لم تكن الأراضي التي سكنها الغُربيِّة زكاة أموال أهل المناطق. و لأن الغُربيِّة متعددو الأطياف و الأصول و المنابت فهم يشكلون قِلّة من ناحية العدد أو الاجماع على رأي واحد؛ فمهما علت مكانة الغربية وظيفياً إلا أنهم يظلوا أعداداً فقط، و لا يشكلون عددياً وزناً انتخابياً يمكن التعويل عليه. لهذا يكون حضورهم أو عدمه سيان عند المرشحين.
و بما أن قانون الانتخاب الحالي قد رسّخ الالتفاف العشائري حول المرشح ربما تشجيعاً لصلة الرحم فإن قضية الغُربيِّة يجب أن ينظر اليها بجد كشريحة من المجتمع المحيط، فلا يجوز أن نبقى مهمشين. و إذا كان بعض الغُربيِّة يعملون في الخارج فإنهم يعانون من غربتين داخلية و خارجية عن هذه الأفراح الوطنية.
كنت قد اقترحت بأكثر من مقال سابق على أحقية المغترب بالانتخاب و هو في الخارج و هنا أؤكد على ضرورة تشجيع الغُربيِّة على المشاركة بالانتخابات. و نظراً لصعوبة هذا بسبب البعد العشائري سالف الذكر فإنني أقترح مثلاً أن يعود الغُربيِّة إن شاءوا ليترشحوا أو ينتخبوا بمسقط رأسهم و ليس حسب السكن. و هذا الاقتراح يقوي الروابط بينهم و بين أهليهم و يرفع نسبة المشاركين بالانتخابات.
ربما يعيب علي البعض بقولهم نحن نريد أن "نتخلص" من العشائرية بالانتخابات و أنت تكرسها وهنا أسألهم عن البديل في ظل القانون الحالي. نسمع الكثير عن البوتقة الواحدة التي تصهر كل مكونات المجتمع و لكن الممارسة الانتخابية تشير دائماً إلى خلاف ذلك.
شخصياً ما زال لدي الإصرار الكامل على ممارسة حقي الانتخابي بالاقتراع، و سأعطي صوتي لمن تقع عيني على اسمه أولاً لأنني لا أعرف أياً من المرشحين؛ و كذلك الأمر بالنسبة للأعضاء.
مع أطيب التمنيات للجميع بالتوفيق في خدمة بلدياتهم و مواطنيها.