لا أدري إن كانت شجرة عيد الميلاد التي يضيئ الإخوة المسيحيون أنوارها
ببداية الاحتفالات بأعياد الميلاد تمثل طقساً دينياً خالصاً أم أنها مجرد إشعار
ببدء الاحتفالات الدينية المباركة. و مهما
كانت الصفة لها، فهي مناسبة لنتقدم من جميع الإخوة باسمى أيات التهنئات بعيدد
ميلاد سيدنا المسيح عليه السلام ؛ فسلام عليه يوم وُلد و سلام عليه يوم يموت و
سلام عليه يوم يُبعث حياً.
و قد أحسنت الحكومات الأردنية و منذ أواخر القرن الماضي بإعطاء هذا العيد
ما يستحقه من إهتمامٍ رسمي و حقٍ ديني، و مطلبٍ مشروع لشركائنا في العيش ( و ليس
التعايش كما قلتُ بمقال سابق) المسحيين الأردنيين في هذا الوطن بإعلان يوم الخامس
و العشرين من شهر كانون الأول عطلة رسمية
على مستوى الدولة. و جاء بعدها الإيعاز
بنقل احتفالاتهم و صلواتهم من كنائسهم بثّاً مباشراً على التلفزيون الأردني؛ و
تطور الأمر أخيراً ليشارك أصحاب الدولة و المعالي المسؤولون إضاءة شجرة عيد
الميلاد، وتهنئتهم باحتفالات رسمية بالأماكن العامة. و لم لا، فإظهار الفرح الرسمي
على مستوى الدولة واجب لدولة تغطي مظلتها
كل الأطياف الدينية.
و بالإضافة لحق المواطنة نشير هنا
إلى أهمية ظهور الأردن بمظهر حضاري أمام العالم في وقت تعم الفتنة الدينية هذه
البقعة منه. و هنا لا بد من إظهار و إبراز
التناغم الشعبي مع هذا التوجه الرسمي للدولة؛
هذا العام و مع ارتفاع وتيرة التعصب الديني العالمي يوجّه الأردنيون أكبر رسالة إلى العالم
بهذا الكم الكبير من الصور التي حرصوا على التقاطها بجانب شجرة عيد الميلاد بالأماكن
العامة، و نشر هذه الصور دون تردد أو خوف
على حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي دون حساب لمعترض على ذلك كما كان
يحصل في الماضي. و كذلك أصبحت مشاركة الإخوة المسيحيين مناسباتهم الدينية و الظهور علناً شيئا يفخر به
المسلم ليؤكد انفتاح عقله و قلبه لإخوةٍ قال الله فيهم في كتابه العزيز " وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ
قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا
وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ" (82) المائدة. فالإخوة المسيحيون لم يكونوا أبداً مستكبرين
بشهادة رب العزة. و من جاورهم و عاشرهم يعرف ذلك حق المعرفة، و الحديث فيه يطول و
ألأمثلة كثيرة.
و من الملاحظ أيضا هو التقليل من شأن الهمروجة ( بعد الاستئذان من الصديق
نصر المجالي فقد عرفت الكلمة منه) بخصوص عدم جواز التهنئة، فلم تعد بنفس الحدة كما
كانت سابقاً ، و فقدت بريقها و مريديها و مشجعيها شيئاً فشيئأً. فالأردنيون و هم أصحاب رسالة عمان في
التسامح في طريقهم إلى النور المبين الذي
لا يُحكم على الناس فيه من حيث اللون أو العرق أو الأصل أو الدين؛ فدرجة الشخص و
قربه من قلوب الأردنيين هي أردنيته فقط. و أهلنا المسيحيون ما كانوا يوماً إلا
أردنيين.
فكل عام و أهلنا و إخواننا و عزوتنا
المسيحيين الأردنيين بألف خير، و نسأل الله أن يعيد هذه المناسبة على
أردننا الحبيب و العالم و هو في أمن و أمان؛ وسلم و سلام و طمأنينة و اطمئنان و
راحة لشعوبها باسترداد حقوقها و أراضيها.
آمين
Merry Christmas
ليكو كلكو