الجمعة، 5 ديسمبر 2014

الأستاذ فهد قاقيش في ذمة الله

الأستاذ فهد قاقيش في ذمة الله
نعى أهل الفقيد المرحوم الأستاذ فهد قاقيش إلى أحبائه و أصدقائه خبر انتقاله إلى ذمة الله  يوم الخميس الماضي _ كما بلغني، متمماً حياة استمرت بالعطاء المتدفق في مجالات الرياضة و الحركة الكشفية الأردنية في النصف الثاني من القرن الماضي، حيث  يذكره بالخير كل من زامله بتلك المرحلة.
أما أنا فلي مع الفقيد معرفةٌ ترجع إلى سنوات الدراسة حيث  كنتُ أسمع باسمه ضمن الوفد التربوي الذي كان يحضر لزيارة مدرستنا بالقرية البعيدة النائية لمحافظة أربد.  و أحيانا بالأخبار الرياضية أو الكشفية المدرسية إلى جانب أسماء كبيرة كالأستاذة عبلة أبو نوار و آخرين.  و لكن معرفتي الحقيقة كانت بعام 1981 – 1982 عندما قررت وزراة التربية و التعليم البدء ببرنامج تأهيل موظفي التربية و التعليم  ضمن برنامج تأهيل ضمن الخدمة  فكان نصيبي أن أدرِّس مساق اللغة الانجليزية  في البرنامج. و كم كانت مفاجأتي كبيرة عندما وجدت كبار موظفي المديرية على مقاعد الدراسة و منهم الفقيد رحمه الله إلى جانب السيد سعيد الزعبي و آخرين؛ نعم، كانوا موظفي الصف الأول بالمديرية؛ و الذين كنت أتردد  للدخول على مكاتبهم للمراجعة بأي أمر احتراماً و هيبة لهم. و في اللحظة التي دخلتُ  الصف اشعروني و بتواضع الكبار خُلُقاً، و أنا الشاب حديث الخبرة بأنهم طلاب، و يريدونني أن أعاملهم كطلاب و أنسى مراكزهم الوظيفية، و لا أتحرج من ذلك؛ فزاد احترامي لهم جميعاً. 
لكني و ليسامحني باقي الأساتذة الكبار كنتُ أحس بشعور مختلف عندما أتحدث مع أبي سامر؛ فأشعر أنه أقرب إلى القلب حيث يأسرك بلطفه و تواضعه، و له أسلوبه المختلف ربما من خبرته الكشفية و الرياضية التي تلزم أصحابها بالتعامل مع مختلف الطبقات من الناس.  فكان للحديث معه طعم آخر. و لهذا لم أتردد لحظة بالحضور لمنزله ذات يوم  بدعوة منه رحمه الله لمراجعة مادة اللغة الانجليزية قبل امتحان التوجيهي  لولده سامر و ابنته الأخرى مع ابنة جار لهم كما قيل لي. كنت أحب أن أخدمه حباً لشخصه الكريم و وفاء للجيل السابق من المعلمين الذي درَّسونا بالمدرسة.  و  قد التقيته أكثر مرة أخرى أو مرتين  عندما أصبحتُ مُشرفاً للغة الانجليزية  بالمفرق 1985. فقد اقترح عليَّ الاستاذ سليم الربضي و كان مدير النشاطات التربوية بالدائرة العامة مرافقته إلى مخيم الكشافة بالشونة فذهبنا و التقيته هناك على ما أذكر إن لم تخني الذاكرة.
 هنا لا بد من استذكار حادثة طريفة  حدثت أثناء زيارتي الوحيدة لبيت الفقيد و هي أنه سألني عن آية أو حادثة دينية معينة فلم أتذكر مرجعها، فما كان منه ( و هو المسيحي العربي الأصيل) إلا أن توجه إلى مكتبته بالغرفة و تناول منها نسخة من القرآن الكريم قدمها لي و قال ابحث عنها؛ طبعاً واجهتني مشكلة و هي في أي سورة هي لأن وعينا لم يكن كما هو هذه الأيام و لأن الانترنت و جوجل لم يكن معروفاً على زماننا.
عرفتُ بعدها أن المرحوم تقاعد و عمل بجامعة اليرموك و لم تسنح لي الفرصة بلقائه هناك حيث كنتُ محاضراً غير متفرغ بمركز اللغات، و لكني كنت أسمع صوته أحيانا على السماعة و هو يتابع بعض النشاطات الرياضية بالجامعة.  حياة زاخرة بالعطاء يذكرها للفقيد كل التربويين  الذين عاصروه.  و مما يثلج الصدر دائماً أن تجد من يحفظ العهد و يذكر للرجال مواقفهم.  فعندنا نشرت صورة الفقيد على الفيس جاءني الكثير من التعليقات مترحمين عليه و مثمنين تاريخه الرياضي و الكشفي أكتفي منها بتعليق زميل بالدراسة  الأستاذ المحامي فايز ملحم بحق المرحوم حيث قال " إنا لله و إنا إليه راجعون ....معلمنا و قائدنا.. لفترات طويلة من خلال المعسكرات الكشفية التي كان يشرف عليها ...نموذج للعطاء و الابداع و التميز ....وكان له أثر كبير جداً في إثراء الحركة الكشفية في الاردن و هو ذو باع طويل في هذا المجال من خلال الدورات العالمية التي كان يشارك فيها ..أحسن الله إليه ....خسارة من الصعب تعويضها على الحركة الكشفية في الاردن مع عبلة أبو نوار و حسن عقل و الدسوقي و اللوباني وغيرهم كل الشكر للأخ الاستاذ طلال خطاطبة على هذه اللفته الرائعة للمبدعين و المتميزين من أبناء هذا الوطن الغالي" .
لهذا أجد أنه من الواجب المهني و الأخلاقي عليَّ و أنا ممن تشرف بمعرفة هذه القامة الباسقة من جيل الموظفين المتفانيين في عملهم و هو يودع الدنيا بما فيها ليكون بين يدي العزيز القدير الذي لا يُظلم لديه عبد من عباده أن أتوجه بواجب العزاء إلى أسرة الفقيد  يتقدمهم ابنه سامر الذي شاءت الأقدار أن ألتقيه بصلاله هنا، و إلى عائلته الكبيرة من آل قاقيش.   فهو و إن ذهب جسداً إلا أن ذكراه العطرة  لا تزال و سيتبقى عند كل ما حالفه الحظ و عرف أبا سامر.  
أحسن الله إليك يا أبا سامر ، و العمر  لك يا سامر و  يرحم من فقدتم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق