من عادات الشعوب بالأضحى المعجين في ظفار
يمارس الظفاريون في سلطنة عمان
شأنهم شأن باقي مناطق السلطنة شعائر ذبح الأضاحي؛ وهي عادة يحرص الجميع على القيام
بها. وبعد الذبح وإطعام القانع والمعتر
منها يتم الانتقال الى مراحل الاستفادة من اللحم على مستوى العائلة. ورغم الكميات
التي تستهلك إلا أن الباقي منها كثير وكثير جداً في العادة. ولهذا يلجأ الظفاريون إلى تخزين هذه اللحوم
لأشهر قادمة. ورغم وجود وسائل التخزين الحديثة كالثلاجات إلا أن الظفارين يجدون المتعة
في الإبقاء على طرقهم التقليدية التراثية
لحفظ اللحوم ومن هذه الطرق ما يعرف بالمعجين. فما هو المعجين يا رعاكم الله.
عند قدومي لأرض السلطنة بنهاية
القرن الماضي ( يــــــاه كم كبرنا) سمعت
بالمعجين ولم أره؛ وحرت في أمره إلى أن استقر أمره عندي من تقطيع الكلمة الى
مقطعين شأن اللغوين عندما يعجزون عن فهم
معنى مفردة حديثة. فقلت ربما تعني (مع
عجين) أي أنه لحم مع العجين على طريقة
الفطائر عندنا.
لكن عندما قدر لي مشاهدته اختلف
الأمر علي ولم تعد الصورة كما فهمت، بل وجدته قطع لحم دهنية كاملة الدسم لذيذة الطعم تجعل من لا يهتم بأمور
الكوليسترول يأكل منها دون هوادة كما كنت أفعل أيام الشباب. لكن بقي
لغزر طريقة إعدادها يحيرني، حيث كنت أعتقد أن اللحم نفسه كثير الدهن؛ فسألت عنه فقيل لي عن المعجين ما
يلي:
إن الهدف من المعجين ذو شقين الأول تخزينه وهذا
الشق طبعاً ربما يُدحض بالثلاجات، والشق الثاني هو أنه عادة تراثية ورثها
الظفاريون عن الأجداد ويحرصون على القيام بها وتقديمها بالعيد كجزء احتفالي من العيد نفسه، رغم أن الظفاريين
أصبحوا يهتمون بالوعي الصحي ويدركون أثاره الجانبية الكوليسترولية؛ فهم يقولون هذا
كان يناسب الأجداد الذين كانوا يكدون ويكدحون وبحاجة للطاقة. إنما شباب هذه الأيام
فهم كباقي شباب العالم في قلة حركة ولهذا لا يناسبهم المعجين هذا.
وتشكل طريقة تحضير المعجين
احتفالا في العائلة كما علمت، إذ يقوم به الخبراء من العائلة. فتبدأ العملية بتقطيع اللحم إلى قطع صغيرة
نسبياً بحجم أصغر من القطع التي تقطع للشوي. ويحضرون كمية كبيرة من الشحم من
البقرة التي ذبحت أو غيرها طبعاً ولا يهم الأصل والفصل هنا، فالمهم هو الشحم. ويطبخ هذا اللحم بالشحم فيغلي الشحم باللحم إلى أن ينضج تماماً. بعدها يترك اللحم إلى أن يبرد كلياً ويتجمد
فيصبح قطعاً شحمية يبرز فيها اللحم على استحياء. ويتم تفريغها في أوان المطبخ
وتركها ولا يهم إن كان في ثلاجة أو غيرها
ليؤكل لاحقاً من العائلة أو الضيوف.
وكما لاحظت (فلم يخبرني أحد بهذه
المعلومة) أن كمية المعجين المقدمة بالمناسبات قليلة وينطبق عليها المثل الأردني
عن المناسف، حيث يقال أن " المناسف تشريف وليست لحشو البطن". لهذا يكتفي الضيف وهو من أهل المنطقة بحبة أو
حبتين. لكن الذي يرى الأمر لأول مرة ربما
يعجبه الأمر فيأتي على الصحن بما فيه
فيكون قد أخذ حق غيره ليدرك لاحقا
أن كليستروله ارتفع.
فهذا هو المعجين كما عرفته، وسأرسل هذه المعلومة الى ذوي الشأن للتصحيح لكني سأبقي على الجزء
الأول منها وسيتم إضافة التصحيح مع ذكر أصحاب التصحيح.
صحتين وعافية