بتول حداد ضحية
الفوضى الدعوية
عندما سمعت بنبأ
مقتل المرحومة بتول حداد تذكرتُ هذه
الحوارات التي نعقدها من حين الى آخر في الأردن تحت عنوان حوار الأديان، و قلت في
نفسي أننا كعادتنا نهتم بكل الأمور الخارجية و نغفل أو نقفز عن الشأن الداخلي
مكتفيين بترديد المقولة المعروفة وهي أننا أخوة نعيش في وطن واحد (ونحن كذلك شاء
من شاء و أبى من أبى)؛ نعم يجب عدم إغفال الحقيقة أن لنا وضعاً خاصاً يجب أن يوضع
على بساط البحث ألا و هو طريقة تغيير الدين؛ فقضية بتول لم تكن الأولى (تغيير
الدين و ليس القتل)، و يجب أن لا يُنظر إلى هذا الأمر على أنه أمر إسلامي فقط و ننكر
أو نغفل عن شعور الطرف الآخر: المسيحيين
الأردنيين.
إن أول
موضوع يجب أن يتم بحثه و بصراحة هو
الخطوات القانونية التي تسبق أو ترافق إشهار الشخص لدينه الجديد : فلا يجب أن تترك
بحالة الفوضى كتلك التي نسمع عنها؛ و قد
سمعت أن هناك خطوات موجودة بدائرة قاضي القضاة و عند القضاة يوقع عليها الشخص
المعني، و يُعلَم ذووه بالتغيير الجديد.
إن موضوع تغيير الدين عبارة عن حالات فردية بالعالم العربي عموماً لأن
الحرية الشخصية سقفها عالي أكثر من اللازم و لكن مع ذلك فإنه ينتج عنه أحيانا إزهاق
لروح بريئة كما حصل أخيراً بموضوع المرحومة
بتول حداد أو انقطاع الشخص عن أسرته.
و أما بالنسبة لموضوع المغدورة بتول حداد عليها
رحمات الله فقد اهتممنا إعلامياً بالنتيجة و هي قتلها، و ركزنا حول أين تدفن و حجم
الفوضى التي صاحبت ذلك، و لم يتوقف الإعلام عند أسبابها؛ و الأسباب كما جاء
بالأخبار هو أنها أعلنت إسلامها أمام سماحة الشيخ بهي الطلّة و حلو المبسم
العريفي. هكذا ببساطة تعلن إسلامها و
يتناقله الإعلام و من ثم تتوجه إلى خربة الوهادنة لتجد أهلها و عشيرتها المسيحيين و قد نصبوا لها أقواس النصر احتفالا بالهدي
العريفي. أي عقل هذا الذي سمح لها بالذهاب
بدون حماية أو ترتيب مثلاً إن صحت هذه الرواية!
و أثناء النقاش
حول قضيتها برزت رواية أخرى بالموضوع و هي أنها لم تعلن إسلامها و لكنها أشهرته؛ و
هذا الأمر يغير مسار القضية من الغباء بتوقع النتائج (بالحالة الأولى) إلى المشاركة بالجريمة
بالرواية الثانية؛ فمن دفع بها إلى هذا وهي قد أسلمت من زمان على يقين بهذه
النتيجة و مع ذلك تركوها لمصيرها. إن المشاركة بالجريمة قد تكون أخطر من فعلها
أحيانا؛ فإذا كان والدها قد هشم رأسها لفورة الدم و غيرة منه على دينه فإن المُخطط
لها قد قام بفعلته عن قصد و سبق إصرار.
فماذا كان قصده إلا افتعال الفتنة بين نسيج الوطن الواحد، و إلا ما
الذي دفعه ليكشف سر هذه الفتاة لتعود إلى
أسرتها لتلقى حتفها.
و عند النقاش مع
بعض الاخوة ظهر في منشور على الفيس بوك على
صفحة الدكتور سليمان دقور و هو على ما يبدو أحد كبار المنظمين للحفلة أشار على صفحته على الفيس بوك أن التي أعلنت إسلامها
أمام سماحة الشيخ لم تكن بتول إنما هي فتاة أخرى. حلو كثير. هذا يضعنا أمام
سيناريو آخر و هو أن المرحومة قد قضت نحبها جراء وشاية و من مغرض سواء كانت أسلمت
أم لم تسلم، و ربما صاحب ذلك بعض الشحن مما جعل والدها في حالة هيجان فلم يسمع
صرخات استغاثة بتول و هي تصيح يا يابا. ألم يرق قلبه لها ؟ ألم تسيل منه عبرة ندم بعد
أن رآها مضرجة بدمائها الزكية. و لا أدري شعور الواشي في هذه اللحظة.
إن القصص كثيرة
و الروايات متعددة حولها، لكن ما حدث للمرحومة بتول جريمة تستوجب التحقيق لينكشف
المستور خلف هذه القضية و لوضع اليد إن كان هناك حالات مشابهة لحالة بتول، فلا
نريد أن نرى بتولاً أخرى مضرجة بدمائها
نتيجة لهذا الأمر. لقد نجانا الله في هذا البلد من الفتنة الإقليمية و الاقتصادية و
السياسية فلم يبقى أمام بعضهم إلا الفتنة الدينية لينفخ بكير أتونها.
يجب أن لا يترك
هذا الأمر مفتوحاً لكل من شاء ليعلن أن فلانا أسلم لمجرد أنه جلس معه بمسجد و قال له ردد الشهادتين.
لماذا وجدت دائرة المحاكم الشرعية، فليذهب به إلى هناك و يوثق إسلامه ليكون تحت
حماية القانون.
أما الشيخ
العريفي فإنني سابقى أذكر له أن دماً
أردنياً سال يوم زيارته لنا، و أتمنى أن تكون زياراته القادمة للأردن إن تمت
تحمل الحياة لا الموت لهذا البلد
الطيب.
أترحم على بتول
و أطلب لها المغفرة سواء أسلمت أم لم تسلم
فهي أولاً و أخيراً نفسٌ بشرية نشمية أردنية عجلونية لو وقفتُ على سطح
بيتنا في جديتا و نظرت بمنظار لربما
رأيت بيتهم في خربة الوهادنة مقابلنا.
و حمى الله
الأردن من كل شر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق