الرعاية الأجنبية
للهيئات الأردنية الخاصة
تطالعنا الأخبار
بين الفينة و الأخرى بنبأ عن نشاط معين تقوم به الجهة الفلانية و هي من ضمن
المؤسسات أو الهيئات الأردنية الخاصة. و
عند البحث عن الراعي لهذه الاجتماعات أو الندوات تجدها سفارة دولة أجنبية أو جهة
تدعي الديمقراطية و لكنها أيضا من خارج البلد.
و تشمل طبعاً الرعاية الرسمية مكان الندوة و تكاليفها و من يدري ربما شملت كذلك كلفة سفر المتميزين بهذه
الندوات لبلد السفارة الأصلي حتى يرتشف
الشُطّار الحكمة من رأس النبع هناك. و
هذه طبعاً ليست وليدة اللحظة و لكنها أصبحت عيني عينك أثناء الربيع العربي، بعد أن كان تسريب خبر حول
تواجد بعض الأحزاب أو الإعلاميين بمثل هذه الندوات مأخذاً كبيراً عليه يرقى الى
تهمة التواصل مع جهة خارجية تستدعي التحقيق.
و يتساءل الكثيرون من باب السؤال محاولين فهم سبب هذا الكرم الحاتمي من جهة،
و التطنيش الرسمي من جهة أخرى. لكن لنبق
في الكرم الحاتمي باعتبار أن الجهات الرسمية باتت تطنش الكثير و منها هذه الندوات
و الدورات التدريبية المدفوعة التكاليف.
يقال بالأمثال
الشعبية الأردنية ( ما حدا بقول كيف حال أبوك) هذه الأيام؛ فما الذي يجعل سفارات الدول الأجنبية لرعاية
أكثر الامور حساسية بالبلد و في هذه الفترة بالذات. لم نسمع أبدا بأي جهد من هذه الجهات للتبرع إن كانت تبحث على الأجر و
الثواب لجيوب الفقر الأردنية مثلاً؛ و لكنها تتجه إلى جهات كان المجتمع الأردني
يرفضها في السابق كأمور خاصة بالأسرة مثلاً و الإعلام على سبيل المثال؛ فنرى الحديث عن هذا الفضاء
بالحريات بخصوص المرأة و نفذوا منه لتجنيس أبناء الأردنيات و الناس تنظر لهذا
الأمر بعين الريبة و الشك. و إذا أخذنا
دورهم في الإعلام نجدهم عملوا بجد في هذا المجال ليتحول الإعلام الحالي و هذا
الفيض الكبير من المواقع الذي اجتمع أخيرا تحت بند الدفاع على الحريات يتحول و منذ
بداية الربيع العربي من منافح عن أهم قضية
تمس الاردن و الأردنيين ألا وهي قضية
فلسطين إلى مقارعة الحكومة و النظام بدأ من رغيف الخبز ببداية الربيع مرورا
بالتعديلات بالدستور و حط رحاله الآن بموضوع الفساد و الفاسدين و ذهبت القضية
الأهم أمرا ثانوياً.
و إذا رجعنا
للأمثال بأنه هذا العالم ( ما برمي كسرته إلا حتى تحصل على الرغيف) يكون الهدف من هذه الحريات التي يدافع عنها
طلاب الأجر في العالم هو أن تتغير البنية الديمغرافية الاردنية و الناس في غفلة
يلاحقون أخبار الفساد و الفاسدين دون أن يلحظوا أن البلد بقي منها اسمها فقط.
و هناك نقطة
أخرى تخيفني شخصياً من موضوع التمويل
الأجنبي أن وجه الأجنبي العدو قد تغير و أصبح يتدثر بدثار الدول الاوروبية التي ليس
لها تاريخ أسود مع العالم العربي. فلم يعد
مقبولاً عند غالبية الأردنيين مثلا أن تكون الرعاية من الدول التي كانت سبب شقائنا
في هذا الجزء من العالم، و لكنهم لا يمانعون بالرعاية من دولة كالسويد أو النرويج
مثلا. و كما تعلمون فإن كل النشاطات السياسية التي يراد لها أن تكون
في الكتمان تكون عادة في هذه الدول.
هذا الأسبوع
كانت ندوة الدفاع عن الحريات الصحفية أو الإعلامية برعاية السفارة النرويجية و أول
سؤال ثار عند قراءة الخبر هو إلى متى سنبقى نلهث وراء فتات الموائد الأجنبية؟ و
يرتبط به سؤال آخر: ألم يكن بالإمكان تنظيم المؤتمر أردنيا مثلا؟ ما الذي سيمنع ؟ هل كانت الحكومة ستعارض ذلك مثلا بينما وافقت
على رعاية السفارة؟ أم أنه المكان و
التمويل و الرعاية و ما تبع ذلك هو المطلوب؟
هناك طبعا من
سيقول أن الأمر لم يصل لدرجة التمويل إنما هي رعاية فقط تتكفل بمصاريف المؤتمر؛
ربما كان الأمر صحيحاً و لكن لا أظن بعض الوجوه التي نراها حاضرة في كل ندوة أو
نشاط تتواجد هناك مصادفة فقط. نسمع عن جمعيات تتشكل معتمدة على رسوم اشتراك
أعضائها و نصيبها من وزارة الثقافة ثم
نسمع عن قضية فساد يقال أن حجم المفقود بالآلاف من الدنانير عندما تُفتح دفاترها.
القضية بنظري قد تتجاوز الرعاية في بعض
الأحيان.
شارك بالنقاش
حول الموضوع صديق عزيز قال في توضيحه للأمر أنه عادي و لا شيء فيه و الدليل أنه هو
و الصديق الفلاني و الفلاني و الفلاني قد
حضروا الندوة. فقلت له يا صديقي حضوركم
ياصديقي لا يضفي الشرعية على مثل هذه
الندوات.
نسأل الله أن
يجعل كلامنا خفيفاً على الراعيين و الحاضرين و المؤيدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق