الخميس، 24 يوليو 2014

رِفقاً بالأردن يا أردنيون

رِفقاً بالأردن يا أردنيون
كلما جدّ بالمنطقة العربية أو الإسلامية جديد تقوم الدنيا و لا تقعد مطالبة الأردن بموقف حازم لنصرة الإخوة بتلك البلد؛ فكل العرب أشقاؤنا بحكم القومية و كل المسلمين إخواننا بحكم الدين.  و اشتد هذا الأمر ببداية الربيع العربي مطالبة بموقف حازم مع كل حركات الربيع بالوطن العربي، ناسيين أن الأردن دولة و ليست جماعة، و هي فقط من تتحمل تبعات موقفها عند اللزوم. لا بل أن المطلوب أن يتماشى موقف الحكومة مع المواقف المتناقضة أحيانا للحراكات؛ ففي نهاية الربيع رأينا الأجندات تغيرات عند الجميع بدأ مما حدث بمصر و انتهاء بما يحدث بسوريا.  الكل يرى الأردن تحت إمرته فقط و يجب أن يلبي طلباته هو فقط و القفز عن الآخرين باعتباره يمثل رأي الشعب.  فما هو السبب في ذلك يا ترى؟
هناك احتمال مثلا أن بعضهم يرى في الأردن أنه دولة عظمى يستطيع أن يقف بوجه كل التيارات لوحده، و يحقق للجميع طلباتهم القومية و الإخوانية و المحلية طبعاً. و منهم من يرى الأردن بحجمه الطبيعي طبعا كدولة في هذه المنظومة و لكنه يريد أن يسجل بالشارع أنه وقف و طالب و زمجر مذكِّراً الحكومة بواجباتها. فالمسألة إعلامية. و منهم من يماشي الظاهرة حتى لا يتعرض للتهكم و السخرية و ربما أكثر من ذلك إذا قال بخلاف ذلك.
و لا غضاضة طبعا في أن يكون لكلٍ رأيه في هذا و لكن من غير المقبول أن نطالب بهذا شاتمين واصفين الحكومة بصفات تنم عن أسباب دفينة كما يحدث  على صفحات الفيس بوك بمناسبة و غير مناسبة. و هذا يدل دلالة واضحة أن هذا التصرفات إنما تعكس حقيقة شعور بعض الناس تجاه البلد عموماً والحكومة خصوصاً؛ فلو لم يكن هناك غزة لاخترعنا (غزة) لنفرغ ما في جعبتنا تجاه هذا البلد الطيب الممثل بحكومته.
استفزني موقف أثناء تعليق على منشور لإحدى الصديقات قاد الخلاف معها أن انبرت إحدى المعلقات لتعليم صاحبة المنشور اللغة العربية حول استعمال اللام؛ فقالت (المعلمة) مثلاً " يا لوقاحة حكومتنا".  استغربتُ من هذا المثل و علقتُ موجها الحديث للمعلمة و نادرا ما أفعل ذلك: " الدرس عن حرف اللام، فما الداعي لوقاحة حكومتنا"؛ فقالت المعلمة إنه عنوان لمقال لفلان على الموقع الفلاني،  و تابعت ألا ترى معي أن حكومتنا وقحة؟ فأجبتها حديثنا عن درس العربي و ليس الحكومة، فلست مستعداً للدخول معها في نقاش حول هذه النقطة.
ما هذا!! ليس من المعقول أنه " كل ما دق الكوز بالجرة" أن يتسابق الأشخاص  هم هم ما غيرهم في ككيل الشتائم للحكومة.  و بالعودة لموضوع غزة فلننظر و نتابع و نسأل إن كان هناك من قدم لفلسطين كلها و ليس غزة فقط كما قدم الأردن و لا داعي لأن نذكّر بشهدائه و تواجده الدائم بكل أنواع المساعدات الإنسانية بعد فك الارتباط و دفاعه الدائم عن القضية بكل المحافل الدولية؛ و إذا تناسى البعض فلن ننسى نحن أن الأردن بأغواره و جباله كان ميدان العمل الفدائي ببدايات عهده و التي تُوِجت بمعركة الكرامة التي حمى فيها الجيش الأردني قوات الفدائيين في الأغوار.  و لكن الإنسان يتبع هواه، فإذا كان الهوى مع غير هذا البلد فلن يرى كل هذه و يفضل عليها حنجرة أردوغان؛ فالدنيا حظوظ.
إذا كان الأردن يتعرض بشكل دائم لضغوطات من كل الجهات لتحقيق مصلحة هذا الطرف أو ذلك، فلا أقل من أن ينصفه أبناؤه، فهم سنده الوحيد الذي يشد ظهره بهم إن هبت رياح الخماسين لا سمح الله.
حمى الله الأردن و أدامه سنداً لفلسطين و أهلها.
  

   

الأحد، 13 يوليو 2014

لذة القتل: غزة أحدث الأمثلة

لذة  القتل: غزة أحدث الأمثلة
لم يعد المرء يحار كثيراً من هذه الأمواج المتلاحقة من القتل التي ابتلى الله هذه  المنطقة في الفترة الحديثة من عمرها منذ أن سقطت بغداد، بل ما يحير المرء أمر آخر. و هذا الأمر لا علاقة له طبعاً بمن يدعم ماكنة القتل هذا مادياً أو فكرياً؛ فهؤلاء ينطبق عليهم قول الله تعالى  في سورة البقرة " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12(، مع الفارق أن من هؤلاء من يشعر بفساده و يمارسه عن سبق إصرار.  لكن الأمر المزعج في هذا هو التلذذ و الاستمتاع بالقتل الذي نشاهده و الذي (للأسف) وجد له من يشاهده على وسائل الاعلام؛ و هذا ساعد في انتشاره.
فمن كان يستمتع بمنظر الذبح (سواء كان القاتل أو المشاهد) على التلفزيون لمن قيل أنهم الجنود الأمريكان و وضع رؤوسهم على جثثهم بعد التكبير عليهم هم أنفسهم من أصبحوا  يقتلون بعضهم بعضا على الهوية بعد قرب الاستقرار بالعراق بحجة المذهب و طبعا يدعمهم الاعلام و اليوتيوب.
لا أتحدث عن القتل بالمعركة طبعاً التي تفرض على البلد، و لكني اتحدث عن اللذة التي تنتاب القاتل أو المجتهد سمه ما شئت. و لقد قادني التفكير بموضوع اللذة هذا إلى الرجوع بالذاكرة إلى جملة قيلت بفلم لورنس العرب ( Lawrence of Arabia) عندما عاد للقاهرة ليقدم تقريره للجنرال اللنبي عن الثورة العربية ضد الاتراك. و بعد التقرير  طلب إعفاءه من المهمة؛ و عندما طلب الجنرال تفسيراً لطلبه قال له: أنه قتل اثنين من العرب كانا ذا فضل كبير عليه شخصياً و عندما قال له لا مشكلة فهذه تحصل و لا تستحق التخلي عن المسؤولية قال أنه يستقيل ليس للقتل نفسه و لكن للشعور الذي راوده بعد قتلهم و هو أنه استمتع بذلك ( I enjoyed it ) و لم تفت الجنرال الذكي أن لورنس إنما يقدم له ميزة إضافية لشخصيته تضاف لسيرته الذاتية، فالتقطها الجنرال و تمت ترقية لورنس و عاد ليقتل بيده و يستمتع بالقتل.
هذه التلذذ الغريب بالقتل أصبح يمارس بشكل ملفت للنظر ببعض الدول التي اجتاحتها موجات الربيع العربي كما حدث كما هو الحال في ليبيا و اليمن و ما يجري في سوريا و ربما سيعود إلى العراق، و أكثرها شهرة الطريقة التي قُتل بها الرئيس الليبي معمر القذافي.
أما أردنياً فقد انعكس هذا على سلوك القتلة المدنيين بما أننا و الحمد لله ما زلنا خارج نطاق الربيع العربي.  فقد أصبح من الطبيعي  أن نسمع عن القتل بالأخبار اليومية  بين جريمة هنا و جريمة هناك لكن من غير الطبيعي أيضا هو ارتفاع منسوب التلذذ و الاستمتاع بالقتل كحادثة قتل الرجل و التمثيل به أمام أسرته، و حادثة قتل المرحومة نور العوضات و قتل المرحومة بتول حداد و غيرها من الجرائم البشعة..  هل هناك شك بأن القاتل لم يكن يشعر باللذة و هو يمارس هذا القتل المرعب.
و إن كانت الأمثلة السابقة هي نتاج فوضى ظرفية ببلد ما، فإن ما يجري في غزة العزة ( أحدث الأمثلة) هو نتاج لذة منظمة برعاية الدولة الاسرائيلية؛ فهل ما جري من خطف و قتل للثلاثة إسرائيلين يبرر كل هذا الدمار الذي تشهده غزة من قتل لأبنائها و تدمير لبنيتها.  هل هذا الجبروت بالبطش الذي قال الله عنه في عاد قوم هود عليه السلام " و إذا بطشتم بطشتم جبارين".   ما هذا!!  طيران و مدفعية و أساطيل بحرية !!  هل لهذا تفسير غير التلذذ المنظم للقتل.
و في الحقيقة أن هذا البطش المنظم الجبار ( اللذيذ بالنسبة للمحتلين) يجعلني أشك بأن من قام بقتل الصهاينة إنما قدم لهم السبب لكل هذا حتى ينكثوا باتفاقياتهم  مع الرئيس عباس و وعودهم له.
إن القتل يا سادة إنما فرضه الله قصاصاً أو جهاداً لردع ظلم أو رد عدوان و لكنه في كل الحالات لم يشرع لنا التلذذ بفعل القتل نفسه لنرويه لأجيالنا جيلا بعد جيل ليعطي الفرصه للخلف ليفهمه على طريقته فيتفنن و يتلذذ بقتل البشر.
ختاماً، إذا كانت مشكلة التلذذ بالقتل عند الأفراد تُعالج عند طبيب نفسي؛ فمن يعالج جنون الدول؟


الحركة بالمولات ليست دائماً مؤشر رخاء

الحركة بالمولات ليست دائماً مؤشر رخاء
تُثار بين الفينة و الأخرى ملاحظات فحواها بأن من ينظر إلى ما نراه بالمراكز التجارية من حركة يثير الاستغراب من الشكوى بالفقر التي يتحدث عنها الإعلام أو الناس، و يدعو للشك بصحتها.  ربما يكون الأمر صحيحاً كحكم عام على الأمور، و كثيراً ما تحدثنا عن حالة الأردني الذي نحج بأن يخترق بحالته الاقتصادية هذه حاجز السبع عجائب.  لكن استخدام ما نراه بالمراكز التجارية من حركة لا يصلح دليلاً لإثبات صحة هذه المقولة.  فالناس بهذه المراكز  ينقسمون إلى ثلاثة  أقسام لثلاثة أسباب.
القسم الأول هم المتسوقون حقاً؛ فتراهم يمشون خلف نسائهم أو إلى جوارهن و هم يدفعون بالعربات بكل إباء و شمم لا يعترضون و لا يشكون؛  واقفون كالأسود.  تضع النساء حاجات البيت كرتونة فوق كرتونة و علبة بجانب علبة و كيس بكتف كيس و هو يدفع العربة بكل فخر ليصل أخيراً للمحاسب فيناوله المقسوم ثم يخرجان.  و الغريب بالأمر أن الصورة تختلف بعد دفع المصاري؛ يكشر الأسد و يقطب جبينه و تسير أمامه المدام و لا كأنها عاملة شي. و هذا النوع من الناس ربما لن تراه بالمول إلا بعد أسبوع أو ربما الشهر لأسباب أمنية منزلية.
أما القسم الثاني فهم الشباب  رواد المقاهي التي تتواجد بهذه المراكز؛ فوجود المقاهي شجع الكثيرين على ارتيادها.  و هؤلاء لهم خبز مخبوز و ماي بالكوز؛ لا يحملون هم محمد بالمدرسة أو حمدة بالجامعة.  المهم أن يجد في جيبه مبلغاً يؤهله لجلسة مع أصدقائه.  و ربما طور الشباب طريقة مناسبة للدفع.  و هذا القسم من الناس هو الذي يرفع من نسبة رواد المراكز.
أما القسم الثالث فهو جماعة " شوفيني و شوفي طولي". لا همَّ لهم إلا المشي و التسكع بين المحلات، يمارسون فيه ما يشاؤون، بطريقة لا تنم إلا عن قلة الشغل، وقلة الشغل لا تعلم التطريز فقط. ترى هذا الوجه بمكان و بعد فترة تراه بمكان آخر و هكذا؛ نعم حاله كحال نزال في حمص. و نزال هذا (كما قال لي الشاعر الكويتي فواز المطيري) ليس من أهل حمص، لكن يتصادف دائما أن يكون أول من يروه عند وصولهم لحمص للسياحة.  فقال فيه شعراً، و أعتذر إن كان فيه خلل بالوزن فربما أكون نقلته خطأ:
الرابح اللي مثل نزال مرتاح //   لا حمل هم و لا تعكر مزاجه.
في حمص لا هو ساكن و لا هو بسواح //  يمشي و يقبل مثل راس الدجاجة.
 نعم هؤلاء هم رواد المراكز التجارية و ظاهر حالهم أنهم في حالة دعة و ثراء و سُمنة، و لكنها حالة في الحقيقة حالة من الإحباط و الورم و ليس السمنة.  فالأردني كما خبرناه مهندس بارع في تدبير أموره المعيشية حتى لا يظهر بمظهر العاجز أمام أسرته أو محيطه.  و لقد شهدت حالة مذهلة لشخص جاء ليدفع فواتير التلفونات، فلديه أكثر من تلفون. سأل عن الفواتير، و دفع لكل تلفون ما يبقي الخط فعّالا و لا ينقطع؛ فظاهر الأمر أنه (مفشخر) و لديه ثلاث  تلفونات مع أنترنت، و لكن حقيقة الأمر فإن مجموع ما دفعه لا يعادل نصف ما دفعته لتلفون واحد. 
أما حالة الإحباط فهي تلك المجموعة التي شعارها انفق ما في الجيب، و عيش يومك، و الأكثر جماعة (أسخم) من هيك ما راح يصير. فتراهم ينتقلون من دَيّن الى دَيّن؛ و قرض إلى قرض لا يهمهم ما ستؤول إليه الأمور.  جماعة (عيشني اليوم  و موتني بكره) و هم جماعة تلبيس الطواقي.
و لا ننسى المجموعة الأخيرة التي تستنكر على من يطلب منها أن تتقشف لأنها فقيرة فيكون جوابها كجواب المرأة التي استنفذت معها خبيرة تنظيم الأسرة كل الوسائل لتنظيم النسل و لم تفلح، و نصحتها بالأخير أن تتوقف  عن ممارسة حياتها الطبيعية مع زوجها، فقالت لها :  عزّا  !!!  أي هو فُقُر  و كمان قلة بسطيّة.
فهل _ بعد هذا_ ما زال ما نراه في الأسواق دليل رخاء؟
 هل هي البركة أم أنها مجرد بسطيّة.
كل عام و أنتم بخير.   

الثلاثاء، 24 يونيو 2014

زيارة المدنيين للمواقع العسكرية مستهجنة

زيارة المدنيين للمواقع العسكرية مستهجنة
هذه الأيام أصبح من الطبيعي التباهي عند بعض الناس بزيارتهم للمواقع العسكرية الفلانية أو المنطقية العسكرية في مكان آخر.  و المستهجن في القضية أنهم أي الزوار  يأخذون الصور و يتجولون بحرية و ينظرون بالمناظير ( الدربيل) على الطرف الآخر.  و المستهجن أكثر أن بعض الأخوة يأخذ ضيوفه و يزور بعض هذه المواقع.  هنا أترحم على أيام اللافتات التحذيرية التي كانت حول المناطق العسكرية كلها و هذه اللافتات تحمل " ممنوع الاقتراب أو التصوير، منطقة عسكرية"، فكيف أصبحت بدلاً عنها مسموح الزيارة و التقاط الصور .
أدرك تماما ما يمكن أن يدور في ذهن القارئ كما قال الأصدقاء على الفيس بأنه في عصر الأقمار الصناعية لم يعد هناك أسرار و لا مكتوم و ما في شي مخبى.  ربما تكون هذه الفكرة صحيحة و لكن طبعا لا يوجد جهاز يستطيع الكشف عن ما في القلوب من أهداف و خطط و ما إلى ذلك. 
لست أكثر حرصاً على قواتنا المسلحة من أفرادها و قادتها، و لكن ما يقلقنا أن المنطقة عموماً على صفيح ساخن جدا هذه الأيام و هناك تحذيرات من الخوف أن يلفحنا لهيبها؛  لهذا لم أرتح أبدا و أنا أرى هذا الصديق و هو يتجول و يكتب أنه كان في زيارة للمنطقة العسكرية الفلانية و يتصور و ينظر إلى الأفق البعيد. و آخر اصطحب ضيوفه من دولة عربية شقيقة و يزور منطقة أخرى.  هل أصبحت مناطقنا العسكرية وجهات سياحية. 
و بالمناسبة فربما يكون السماح بمثل هذه الزيارات هو تمرير رسالة إعلامية للمواطنين بأن الأمور تحت السيطرة، و كل شي تمام ، و أتمنى أن أكون محقّاً. 
إنه القلق و ليس التشكيك بقدرة قواتنا المسلحة على الحفاظ على أسرارها العسكرية أو خططها، و ندرك أيضا أن هذا الضيف ربما كان حسن النية بحكم أنه كان عسكريا سابقاً؛ و لكن مصدر قلقلنا أننا لا نتحدث عن زيارة للمدينة الطبية مثلاً أو المؤسسة الاستهلاكية العسكرية  المفتوحة للجميع.
يا نشامى قواتنا المسلحة : أنتم معقد الرجاء و مبعث الأمل ؛ و أنتم الحصن الحصين و انتم الملجأ بعد الله تعالى.  كل هذه القوة الأردنية الشعبية و العزم و التأكيد على مواجهة كل الأخطار إنما مبعثه الاعتماد على رجال الكرامة، و لهذا لا تلوموهم إن عبّروا لكم عن استهجانهم لهذه الزيارات التي أصبحت تكثر في هذه الأيام؛ فهو الخوف على مستقبل نراه معلقاً ببنادقكم.
دمتم نشامى حماة الدار
و نصركم الله على أعداء الوطن
و سدد رميتكم
يا رجال قواتنا المسلحة البواسل

  

عادات رمضانية/ قتل الحنش بصلاله


قتل الحنش

تختلف الشعوب الإسلامية بطريقة استقبالهم لشهر رمضان الكريم. فبالإضافة إلى تكديس المواد الغذائية عند معظم شعوبنا الإسلامية إلا أن بعضها يحرص على إضافة جو من البهجة للناس بقدوم هذا الشهر كالمصريين (مثلا) الذين يستقبلونه بالفوانيس والأغاني الخاصة بهذه المناسبة.

في سلطنة عُمان لفتت انتباهي ظاهرة بين الطلاب الذين أدرسهم بالكلية هنا أنهم يتحدثون عن ما يسمى (قتل الحنش) قبل شهر رمضان، ولم أكن اعرف ما المقصود بقتل الحنش هذا. وفي الحقيقة كنت اعتقد أن المقصود بالحنش هو الأفعى لأننا نطلق عليها في بعض المناطق بالأردن (الحنيش) كما أن المصريين يطلقون اسم الحنش على الأفعى. وعزز هذا المفهوم لديَّ أنهم يترجمونها للزملاء المدرسين الأجانب هنا بهذا المعنى (we are going to kill the snake ). وقد كنت استغرب لماذا يُقتل الحنش هذا قبل رمضان فقلت في نفسي أن هناك احتمال أن يكون هذا النوع من الحنش لا يظهر إلا بهذا الفترة قبل رمضان. و ربما يكون هذا الفهم عند من سبقنا سبب هذه الترجمة المغلوطة لهذا المفهوم.

ومع مرور الوقت تبين أن المقصود بهذه العبارة هو احتفال غذائي دسم قبل رمضان حيث يجتمع الأصدقاء برحلة أو جلسة معينة ليتناولون هذه الوجبة استعداداً لرمضان. و كنت كثيرا ما أسألهم عن سبب هذه التسمية فلا أحظى بإجابة مقنعة ويكتفون بالقول أنها عادة ورثها الآباء عن الأجداد، ولا يعرفون لها معنى. وبقيتُ في هذه الحيرة إلى أن تفضلت إحدى الطالبات النبيهات فوضحت بعد أن سألتها أن المقصود بالحنش هو الحنشان (دود البطن) التي في معدة الإنسان؛ فهم يعمدون إلى إطعامها حتى لا تثور عليهم برمضان.

وفي الحقيقة فإن القضية لا علاقة لها بالأفاعي أو بحنشان البطن، بل هي فقط احتفال طريف بقدوم الشهر الفضيل. و لقد استخدام الحنش هذا من أجل إضفاء شيئاً من المرح للاحتفال؛ فهم يدركون طبعاُ أن الحنشان لا تهدأ بالأكل قبل رمضان أو بعده.

المهم في الموضوع أننا المغتربين أصبحنا نشاركهم هذه العادة ونتحدث كما يتحدثون عن قتلنا للحنش إذا ما شوهدنا والعائلة بمطعم أو برحلة خارج المدينة قبل رمضان.

لا أدري إن كانت ظاهرة قتل الحنش منتشرة بمناطق السلطنة الأخرى أو بباقي دول الخليج لكني حدثتكم عن محافظة ظفار حيث أعيش.

وكل عام وانتم بخير


الجمعة، 20 يونيو 2014

جمعية حماية المستهلك

جمعية حماية المستهلك
اسئلة كثيرة كانت تخطر بالبال كلما صدر تصريح خجول لهذه المؤسسة حول قضية استهلاكية على الصعيد المحلي الأردني كالذي صدر مؤخراً؛ و من هذه الأسئلة هو عن مدى المظلة التي تغطي نشاط هذه الجمعية، فلم أجد لها أثراً أو صدى يذكر إلا ما يقع بباب النصيحة للمستهلكين و ليس الجهة المقابلة التي تسلخ جلود المستهلك، و لا يصدر إلا بيان متواضع فيه من النصح غير المقنع، و الذي يمكن أن ينبري له أي خطيب مسجد حول ضرورة الترشيد أو الاكتفاء بالبدائل؛ لا بل أنني أجزم أن خطيب الجمعة قد يكون أكثر تأثيرا لأنه يضمن في خطبته آيات من محكم التنزيل أو أحاديث نبوية أو ما ورد بالسنة ليقتدي بها المواطنون؛ فيكون للالتزام به بُعْدا دينياً.
و بالعموم فإن تصريحات أو نشرات هذه الجمعية خجولة أيضا من ناحية عددها، و هي موسمية؛ فلها بيان قبل رمضان ينصح بعدم التخزين و اللجوء  للبدائل؛ و آخر قبل كل عيد ينصح بعدم الإسراف، و  آخر ربما ببداية العام الدراسي يشارك الناس شكواهم من كثرة المصاريف. و باقي البيانات تكون بعد بعض الأزمات التي يشبعها الإعلام بحثاً و نصحاً و إرشاداً.
و في الحقيقة كنت أتهمها بالقصور لأن واجبها أكبر من ذلك لكوني كنت أعتقد أنها جمعية حكومية؛ لكن عندما فتحت موقعها على الانترنت وجدها جمعية أهلية أخذت موافقة وزارة الداخلية فقط كباقي الجمعيات ذوات الأهداف الأخرى و التي أشرت لها بمقالات سابقة.  لها أعضاء لا أدري عددهم، و رئيس هو الدكتور محمد عبيدات الذي أسمع باسمه من اليوم الذي بدأت أسمع فيه باسم الجمعية، و لم أسمع بغيره.
 و علمت أنها جزء من الاتحاد العربي، و لا أدري إن كان نشاط الجمعيات لحماية المستهلك حالها كحال جمعيتنا الأردنية الكريمة؛ لكن و من حكم وجودي بسلطنة عمان و صلالة تحديداً فإنني أجد دوراً أكثر فاعلية من جمعيتنا الأردنية بحماية المستهلك؛ فلها دور بمراقبة الأسعار و دوور بالفصل بالشكاوى بين المستهلكين و أصحاب المؤسسات البائعة و قولها هو الفصل و ربما تحيل القضية إلى القضاء إن تعنت الطرف الآخر.  هل تفعل جمعيتنا مثل هذا الواجبات؟  
يجب أن يكون لجمعية حماية المستهلك غطاء حكومي يمكنها من أداء دورها بشكل ينصف المستهلك، لا أن تبقى تنصحه بمقاطعة هذه السلعة أو تلك و الأسعار في ارتفاع و بطون الجشعين بانتفاخ متزايد. يجب أن يكون لها دور لا يقل عن دور وزارة التموين  طيلة فترة غيباها و لها قوة الضابطة العدلية للمخالفين.
أما عن رئيس الجمعية الدكتور محمد عبيدات فله كل التحية و الاحترام فقد عرفته ببداية الجمعية شاباً و الآن أراه و قد بدت عليه علامات السنين. و كان الله في عونه فلا أدري كم سنة مرت عليه رئيساً لهذه المؤسسة الإرشادية.
باختصار  نحن بحاجة لقانون حماية المستهلك أكثر من نشرات إرشادية للضغط على المستهلك و كسر ظهره.
بالمناسبة عرفت أن اسمها هو الجمعية الوطنية لحماية المستهلك.


الأربعاء، 11 يونيو 2014

نحن و الجيش .... برقش مثلاً

نحن و الجيش .... برقش مثلاً
لا يدرك كنه العلاقة بين الجيش و الأردنيين  إلا الأردنيون أنفسهم.  فالجيش الأردني من رحم الشعب و لم يكن يوماً جيش حزب أو جبهة معينة.  و نشأ هذا الجيش العربي  مع نشوء الدولة نفسها و تفتح الشعب على مسمى الوظيفة، و كان الجيش الوظيفة الأسمى للأردنيين.  لقد تفتحت عيون من كان بعمري على الشماغ الأحمر فوق رؤوس الحرس الوطني بواكير الجيش الأردني فرأيته على رأس عمي  رحمه الله، فكان اعتزازي به لا يقل عن اعتزازي  بلباس الشرطة بالخوذة القديمة لوالدي أطال الله في عمره.  لهذا انصهرنا معه و أصبح جلُّ هم الأردنيين أن يروا أبناءهم بالجيش.  و كم كنتُ اشعر بالغبطة من زملائي بالمدرسة الذين التحقوا بالجيش عندما كانوا يعودون للقرية و هم يحملون أسلحتهم بفترة السبيعيات.  و دارت الأيام  ليصبح الجيش أيضا الهدف الأفضل للوظيفة أيضا فكان الأحفاد على طريق الأجداد سائرين.
لقد رأى الأردنيون جيشهم في كل مكان معمِّراً  بانياُ لا هادماً، فحل العمار بكل مكان نزل فيه الجيش؛ فأصبحت الزرقاء مدينة الجيش تتمثل فيها كل العشائر الأردنية الذين جاؤوا ملتحقين بالجيش؛ و جاء الخير في ركاب جنوده، فاخضرت الأرض حول معسكراته و ارتفع البنيان.  و نهل الأبناء من غزير علمه في مدارس الجيش؛ و توصلت الأرجاء المتقطعة بطرق الجيش.
 لهذا و العودة لبرقش، فقد رأى فيه الواقفون مع المشروع أنه الأمل بإحياء تلك المنطقة و إنعاشها لا لشيء إلا لثقتهم بجيشهم فقط، مع يقينهم أن هذا سيتبعه التضحية بالشجر؛  إنها الثقة المطلقة بأن الجيش مصدر السعد لأي منطققة يحل بها.
و لا أرى المناهضين للمشروع كذلك مناهضين للفكرة ذاتها أو حاسدين لأهل المنطقة أبداً؛ و إذا استثنينا بعض الشخصيات التي لها في كل عرس قرصاً كما يقول المثل، فإن الباقين هم أيضا أبناء عسكر و أحفاد عسكر، و منهم من هو من أبناء المنطقة نفسها.  إنما هو  خوفهم على الثروة الحرجية للبلد التي تعتبر مظلة الأردن علمياً و مناخياً.  نعم هم على ثقة بأن الجيش سيزرع أضعاف ما يقلع، و لكنهم كان يطمعون بالتوصل معهم إلى مكان آخر ربما يكون المفقود فيه من الأشجار أقل مما يخافونه.
لهذا السبب  لم يكن مستغرباً على أحد مثل (حضرتي ) أن يكون عضواً في المجموعتين اللتين تبدوان متناقضتين على موقع الفيس بوك بنفس الوقت، لأنني في الواقع  لا أراهما كذلك؛ هم فقط يبحثون عن لغة مشتركة و يحتاجون إلى مُوفّقين بين الفريقين، لا مفرقين،  ليتم المشروع دون الإضرار  الجسيم بالأشجار و ليفرح أهل المنطقة بمشروعهم المأمول.
بقي أن نقول أن الجيش الذي نحتفل هذه الأيام بعيده و بثورته العربية الكبرى هو جيش البناء و جيش المشاريع و جيش التنمية؛ تماماً كما هو جيش النزال و صاحب التاريخ المعطر بالمجد من القدس إلى الكرامة. 
كل عام و جيشنا العربي الأردني بألف خير
كل عام و وطننا بخير

كل عام و قائد الجيش الأعلى حادي الركب و راعي المسيرة بألف خير بعيد جلوسه الميمون.