الاثنين، 21 مارس 2016

دور السفير والسفارة

دور السفير والسفارة
للسفارة في أي بلد دورٌ مهمٌ جداً في توثيق العلاقة بين الدول، ولهذا جاءت جزءاً من وزارة الخارجية.  ولنفس السبب جاء تعيين العديد من الملحقين فيها. ولا أعتقد أن دورها (السفارة) يقتصر على التوقيع على الوثائق وتصديقها لأبنائها المقيمين هناك برسومٍ تزيد أضعافاً مضاعفة عن رسوم نفس المعاملة للمقيم لرفد الخزينة.
 فللسفارات دورُ دبلوماسيٌ بروتوكوليٌ بين الدول يُأطِّر للمواقف السياسية للدول ومحاولة شرحها للدول المضيفة أو تقريب وجهات النظر أو تضيق جوانب الخلاف بين البلدين إن وجد. ورغم عمومية الدور إلا أن أهميته تكمن بأن العديد من الأدوار الأخرى ينضوي تحت هذا المسمى.  فالسفارة الناجحة للبلد تسعى لتسويقه اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وسياحياً وصحياً وعمالياً وعسكرياً.  فالسفارة تحوي الأجوبة لأي سؤال من شعب الدولة المضيفة عن كل هذه المجالات.  فأين يجب أن يذهب المستثمر مثلاً أو السائح ليحصل على المعلومات التي يريد عن البلد.  ولمن يرجع الطلاب الراغبين بالدراسة في هذا البلد إن لم تكن السفارة مرجعيته الأولى؟  
كذلك وبالمقابل فهي مصدر معلومات لدولتها التي أرسلتها عن مناحي الحياة المختلفة في الدولة المضيفة ولا يتعارض هذا مع أصول العمل الدبلوماسي بين الدول. والحديث طبعاً عن طاقم سفارةٍ نشيطٍ يعرف كيف يحصل على ما يريد.  ولكل شيخ طريقة في هذا المجال.  لكن ما أقام الدنيا ولم يقعدها هذه الأيام ومن قبلها هو أن نشاط السفارة المعنية كان علناً وليس سراً، أو ربما مناكفة للدول المعنية التي تمثلها هذه السفارات.
لقد شغل السفير الأمريكي السابق الذي دبك على أنغام تيرشرش في إربد وتناول المنسف برعاية ممثلي الشعب في مضارب العشائر  شمالاً وجنوباً؛ وجاءت السفيرة بعده لتكمل المشوار وتغطي ما غفل عنه السفير السابق فلبست الثوب الفلسطيني و(برضه) بحضور ممثلي الشعب وتابعتم من حدث. وكان هناك حديث عن تشكيل مجالس شبابية للتنسيق بين  السفارة وبعض أطياف المجتمع.
 والآن الحديث عن السفارة الفرنسية التي دعت المواطنين لزيارتها للتعرف على منتجاتها التي من ضمنها النبيذ الفرنسي.  و لا أسَوِقُ للفكرة طبعاً (تناول النبيذ) ولا أشجع على تناوله ولكن تناول النبيذ الفرنسي ليس شرطاً  لدخول المعرض؛ فلا أتصور أن ساقي النبيذ يقف على باب السفارة بقِربة نبيذ أو وعاء يشبه وعاء بياع التمر هندي يعزف على صحونه ألحاناً جميلة ويلزم الداخل للسفارة بشربه. هو عرض من ضمن العروض؛ فمن شاء أن لا يقرب ذاك الجناح فلا جناح عليه.
وفي حدود معلوماتي أن هاتين السفارتين ليستا الوحيدتين اللتين تقوما بمثل هذا النشاط؛ فمعظم سفارات العالم في الأردن لها دور معين تؤديه حسب رؤيتها ولو من بباب الدور الاجتماعي ومن خلاله تحقق ما تريد؛ فهي ترعى جمعيات خريجي  تلك الدول أو المتزوجين من نساء من تلك الدول، وتتواصل معهم، وتدعوهم لاحتفالات سفاراتها؛ ولا يرى الكثيرون ضيراً في هذا الأمر.  
وهنا أطرح أمنية على شكل تساؤل: هل سمعتم مثلاً بنادي أو جمعية الدارسين بالأردن برعاية السفارات الأردنية في الخارج؟  عربياً لم أسمع بدور فاعل لسفارتها في الخارج إلا سفارات الدول الثورية  إياها ولا داعي لذكرها وهي التي تسعى لتصدير ثوراتها إلى الدول الآخرى؛ وكان لها مريدون طبعاً ولم نسمع باحتجاج شعبي حولها.
الآن نوجه الحديث لجماعتنا وخاصة ممثلي الشعب في مجلس النواب الكريم: إذا لم تستطيعوا تطوير عمل سفاراتنا الأردنية لتنمي دورها كما يجب بأن تكون واجهة فِعْلِية للأردن فتفعل كما تفعل السفارات الأخرى في بلدنا.  وبدلاً من يكون جل همكم تعيين ابن المسؤول الفلاني سفيراً والعلاني ملحقاً في سفارة كمغترب لمدة معينة مكافأة له بعد خدمة طويلة قبل تقاعده، أو إكراماً لقريبه (الكبير أوي).  ليكن دوركم تطوير مهمة السفارات الأردنية لنراها مِحجا لأبناء البلد المضيف للاستفسار عن الأردن  علميا وصحيا وسياحيا ..... الخ آخره .
كم تمنيت لو قامت السفارات الأردن بالخارج بمعرض لتسويق الأردن بالجوانب التي ذكرت سابقاً في دارة السفارة نفسها ولتقدم الشنينة (1) كمشروب وطني بعد القهوة العربية (السادة) طبعاً.  عندها هل كنا سنقبل أن يحتج علينا الآخرون بأن هذا المشروب يدوخهم مثلاً وفيه شُبهة معينة.
ربما يقول قائل: السفير ضيف والضيف  له حدود؛ نعم هذه هي حدوده كما تنص عليه البروتوكولات الدولية والأعراف بين الدول؛ ولو كان الأمر متعلقاً بالجانب الرسمي فقط لتم الاكتفاء بمكتب صغير وكان الله بالسر عليماً.  
فالسفارة الفاعلة لا يجب أن تبقى دائماً في العمارة.

(1)  فكرة الشنينة ملطوشة من منشور للأستاذ نصر المجالي الاعلامي الكبير.

السبت، 19 مارس 2016

""أنا خيرٌ منه" أصل التطرف ومنبع الإرهاب

""أنا خيرٌ منه" أصل التطرف ومنبع الإرهاب
 منذ أن سنَّ أبليس سُنّة " أنا خيرٌ منه"  في السماء وترجمها قابيل على الأرض بقتله أخاه والعالم مشطورٌ إلى فسطاطين كما قال بن لادن. هناك من يرى نفسه خيراً من الآخر وبناء عليه يبيح لنفسه استخدام كل السبل للقضاء على منافسه.  فكانت حيلة إبليس على سيدنا آدم بقصة شجرة الخلد التي انتهت كما كان مقدراً لها بالنزول إلى الأرض؛ كذلك كانت قصة قابيل مع أخيه هابيل للوصول إلى حق أخيه في زوجه. وكانت النهاية؛ فلا أبليس نال المجد ولا قابيل حصل على الزوجة التي من أجلها قتل أخاه.  وبالمناسبة لا أدري إن كان قابيل وهابيل أنبياء باعتبارهما الوارثين مباشرة لسيدنا آدم؛ كذلك لم أقرأ عن أن هناك أبناء آخرين لسيدنا آدم عليه السلام أم لا.  
وبما أن عنصر الخير والطبية المتمثل بهابيل  قد ذهب بذهابه لهذا من جاء بعد قابيل ربما كان هو قدوتهم رغم أنه أصبح من النادمين لاحقاً؛ لكني أتحدث عن جينات. فجينات " أنا خيرٌ منه" تحولت وتطورت حسب الظروف ولكنها كلها في مجملها كانت تحمل رفض الآخر بشتى السبل وتسعى للاستيلاء عليه حتى لو بالقوة والقتل أو أي الأشكال الآخرى حسب الزمن.
ثم كانت الفجوة الكبرى  بين الأمم  إلى أن وصلنا للرسالات السماوية من رب المخلوقات إلى خلقه ولا نملك من تفاصيلها إلا ما جاء به القرآن. وما عرفناه أن أصحاب هذه الديانات (وليس الديانات نفسها)  قد جعلوا أنفسهم لمجرد أنهم اتبعوها خيراً من غيرهم من إخوتهم من بني البشر فكانت مقولة "شعب الله المختار" مثلاً عند اليهود التي أعطتهم الفرصة لحرق وإبادة كل من خالفهم دينياً فاستولوا على بلدانهم.  ولا أريد أن أسهب أكثر بموضوع  الديانات حتى لا نقع في المحظور.
  لكن حتى يكون منظورنا  للأمور شاملاً لا بد من الإشارة إلى أن الأديان جميعاً دون استثناء انقسمت على نفسها إلى مدارس ومذاهب وشِيَع،  وكل شيعة تعطي لنفسها الحق أن تكون هي خيراً من غيرها حتى بين أتباع الدين الواحد فانتشر ما يسمى بالتكفير بين الدين الواحد وانتشر مفهوم الفئة الناجية و الفئة الباغية مثلاً عند المسلمين؛ لا بل قد تجد بعض الفرق ترأف بأتباع الديانات الأخرى وتستبيح دم أبناء من هم على دينها.  والشيء بالشيء يُذكر يجب التنويه بأن عند الإخوة المسيحيين من يعتبر نفسه أكثر مسيحية من غيره.
شهدت نهاية القرن  الماضي وبداية القرن الحديث ظهور التيارات  الدينية في هذه المنطقة تحديداً وكلها تحمل في أحشائها أجنة إبليس وقابيل " أنا خيرٌ منه" والنتيجة هي ما نرى من قتل وتشريد، ويفتخر أصحاب هذا الاتجاه بذلك ويتقربون إلى الله به. 
وامتدت مقولة أنا خيرٌ منه إلى السياسية حيث تم تطويع مفهوم " أنا خير منه" عند السياسة والسياسيين  منذ القدم أيضا لاحتلال الدول الأخرى والاستيلاء على مقدراتها وخيرات شعوبها، فكانت موجات الاستعمار القديم الحديث لكل بلد فيه خير. باعتبار المستعمرين شعوباً مختارة أعطت لنفسها الحق أن تأكل الآخرين وتستعبدهم وتبيدهم ثم تبني فوقهم دولاً تنادي بحرية الانسان والديمقراطية والعدالة.
كذلك تجد هذه المقولة أيضاً  في الجوانب الاجتماعية في حياتنا فانقسم أبناء المنطقة الواحدة الى أقسام وكلٌ منها ينظر للآخر على نظرية (أنا خيرٌ منه) ويتوجب عليه أن يخضع له؛ وإذا بحثت في مجتمعات البشر وخاصة العربية منها  لوجدت هذا جلياً.
و لا أبالغ كذلك إن قلت أنه الخيرية الفوقية هذه قد وصلت لمواقع التواصل الاجتماعي والثقافي فهناك أيضا من يعتقد أنه خيرٌ من الآخرين.
أعرف طبعاً " إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، ولكن حديثي كان عن البشر؛ وبناء على ما سبق فهناك إرهاب رجال دين وإرهاب سياسي واقتصادي عند من منحه الله المال وفكري وثقافي واجتماعي وربما أُسري أيضاً.  فكل من لا يسعى للتكامل مع غيره  ويرفض التعامل معه يحمل في جيناته " أنا خيرٌ منه".
دمتم بخير.
  

الأحد، 6 مارس 2016

التقاعد المدني مرة أخرى وأخرى

التقاعد المدني مرة أخرى وأخرى
يا سيدي  حتى لا نُحسب جزءاً من الحشد الحكومي ضد أصحاب السعادة النواب سنكون مباشرين جداً  بهذا الخصوص. ولن نعرض للأسباب الموجبة للبحث فيه؛ فقد كُتب الكثير فيه؛ وكان لي شرف أن أكتب في هذا ثلاثة مقالات منذ بداية الحديث عن التقاعد، وهذا هو المقال الرابع بعين العدو. ولن نضيف شيئاً لما كُتب حول أحقيتنا بأن نكون ضمن موضوع البحث هذا.
هذا المقال سيكون رسالة على شكل  ( SMS   )  مستعجلة لأصاحب السعادة فهم في شوق للبحث فيه وإقراره خاصة بعد تحويله الى اللجنة القانونية ولن يتأخر فيها كثيراً.  وليس لديهم الوقت لسماع مرافعات.
تقول المسج إما أن تُعدِّلوا مسمى القانون ليصبح (قانون التقاعد المدني النيابي) عندها سنكون نحن المتقاعدين المدنيين غير أولاد الداية خارج الدائرة، ولا يصح لنا الحديث فيه لعدم الاختصاص؛ أو أن يبقى المسمى كما هو وهنا وسنعترض مطالبين بأن أي تعديل يجب أن يشملنا أيضاً؛ فنحن أيضا متقاعدون مدنيون بحكم القانون.  ويستحق المتقاعدون المدنيون الذي قضوا في الخدمة عقوداً أن يُذكروا  في هذا القانون.  وبدون هذا البحث سيبقى القانون أعرجاً مجحفاً ظالماً.    
أصحاب السعادة النواب هل نحن محقون في طلبنا أم لا؟   لاحظوا أننا لم نشغلكم عن قضايا الوطن الأخرى بالحديث عن الأسباب لأنها أشبعت بحثاً من زمان.
المتقاعدون المدنيون الحقيقيون برأيي المتواضع أحق بالبحث عن رفع مستوى معيشتهم؛ إن كانت الموازنة  تسمح فيه لنا جميعاً؛ وإن كانت لا تسمح فهي علينا جميعاً.
وسلامتكو
سأشارك هذا المقال على صفحات أصحاب السعادة على الفيس إن سمحوا لنا بذلك.
وبالمناسبة رفاق الشهداء راشد الزيود ومعاذ الكساسبة أحق منا جميعاً


السبت، 5 مارس 2016

راشد الزيود يرقى سلم الشهادة من إربد

راشد الزيود يرقى سلم الشهادة من إربد
لا أدري أهو سوء التخطيط أو سوء الطالع الذي أوقع هذه الطغمة المُضَلَلة والمضلِلة بشر أعمالها لتحاول تعكير صفو فرحة الأردنيين بعيد تعريب جيشهم بشهر الكرامة. فسولت لهم أحلامهم بأن منظرهم وسلاحهم وسمعتهم السيئة التي تسبقهم بأنهم سينجحون في إخافة الأردنيين أو إرهابهم. على العموم كانت رسالتهم فاشلة ورسالة نشامى جيشنا العظيم وأجهزتنا الأمنية واضحة جداً وعسى أن يتعلم من أرسلهم أو من بقي في جحوره بأن الرد سيكون دائماً قاسياً جداً كما شاهدوه؛ فالمشاهدة تختلف عن ما سمعوا عنه.
لقد كان الدرس الذي لقنته أجهزتنا الأمنية لهذه الفئة أروع هدية  تقدمها للشعب الأردني العظيم.  فجيشنا هو عزوتنا وسندنا بعد الله ولن يضام شعب سنده  هؤلاء النشامى.  لقد كان في راشد رحمه الله ورفاقه الكرام أبلغ الأمثلة لهم للنوعية من الرجال التي ستواجهها هذه الفئات إن كرروا مثل هذه الحماقة ثانية.  راشد ورفاقه رجال تعشق الشهادة والعيش الكريم الحر؛ فإما عيش كريم أو شهادة. هؤلاء الشباب الغر الميامين راشد ورفاقه كانوا أبناء لذويهم عندما ولدوا ولكنهم عند التحاقهم برفاقهم من أجهزتنا الأمنية أصبحوا أبناء للوطن كافة.
 لهذا  لا غرابة إذاً أن نرى الأردن كافة يتقدمهم مليكهم المغوار تلتف حول والد الشهيد يتلقون معه العزاء بارتقائه شهيداً في إربد الخرزات فالشهيد لم يعد ابنا للباشا والده وعشيرته الطيبة؛ أصبح ابناً للأردن كله. ولن تنسى أربد لراشد صنيعه ولن تنسى للشباب كلهم فعلهم المشرف.
لكن هناك بعض الدروس التي يجب التوقف عندها عندما نقيم هذه التجربة مع هذه الفئة؛ ولا ندري هل سيتوقفون عند ضلالتهم أم سيستمرون في غيهم يعمهون.  لا بد من الإشارة إلى بعض الملاحظات العمومية.
إن ما حدث في أربد شأنٌ عسكريٌ أمني وليس زفة عرس أو مهرجاناً  انتحابياً.  يجب إفساح المجال للأجهزة والقوة الموجودة لتؤدي عملها دون وقوعها في مطب الخوف على المدنيين الموجودين؛ فشباب القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ليست كعصابات التطرف؛ قواتنا يهمها أمن مواطنيها بينما تختبئ العصابات بين المواطنين وربما تتخذهم كدروع بشرية.  لهذا يجب الاستغناء عن هواية التصوير في مثل هذه المواقف لنتسابق مع غيرنا بنشرها على صفحات التواصل الاجتماعي أو المواقع الالكترونية.  فهذا الأمر يشبه اللعب بالموت إضافة لبعده الأمني الحساس.
كذلك وفي خضم الحماس للوقوف إلى جانب الشباب  للدفاع عن أمر الوطن أبدى الكثيرون استعدادهم للبس الفوتيك والمشاركة في الحرب على الإرهاب.  لهم نوجه الشكر ونقول إن الجيش وكافة الأجهزة كفت ووفت. ولكننا يمكننا خدمتهم بأن نكون العين الواعية الحريصة المراقبة لكل حركة غريبة في المنطقة وإبلاغ الأجهزة عنها حتى تضعها تحت المراقبة العسكرية. فلنترك الفوتيك  لرجال الميدان ولنساعدهم استخباراتياً.  
إن ما حدث في إربد يدل دلالة واضحة على أننا ما زلنا في عين العاصفة في عين هذا التنظيم أو الجهات التي تديره؛ هذا الإصرار الأردني لأن يكون مستقلاً في قراره، رافضاً الانزلاق في مستنقع الحرب البرية  في الشقيقة سوريا لم يرق  لهم على ما يبدو؛ فما زال هناك من يحاول جر الأردن لهناك.  لهذا من واجب الجميع  أن يكون عوناً للبلد لا مناكفاً  لها لمجرد أنه يريد أن يثبت أنه موجود.  فلا يجب أن تنشغل الدولة خارجياً وداخلياً بمسائل يمكن تأجيلها لمن يصر على الاحتفاظ بها.  للأسف عاد بعض الإخوة الأردنيين للاسطوانة إياها  بعد أن وضحت الصورة في إربد واطمأن الجميع أن البلد في أمان.
ختاما، ونحن ما زلنا نتنسم عبق الشهادة على ثرى إربد، وقلوبنا تتوجه إلى غريسا حيث تحلق روح الشهيد الرائد راشد الزيود، نضرع إلى الله جلت قدرته أن يرحم الشهيد ويغفر له ويسكنه فسيح جنانه.  ونسأله جلت قدرته أن يمن بالشفاء العاجل على رفاق الشهيد من الأبطال الجرحى الذين ما زالوا على سرير الشفاء.
عزاؤنا لجلالة القائد الأعلى للجيش الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ولعائلة الشهيد جميعاً ولعائلته الكبير الأردن بأكمله.  ونشكر كل من وقف مع الأردن  بالكلمة أو الدعاء على مواقفهم النبيلة.
صباحكم ومساؤكم أمن وآمان دائمين؛ فوطن تحميه عناية الرحمن الرحيم جلت قدرته لن يُضام أبداً  بإذن الله.   
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
صدق الله العظيم




الاثنين، 22 فبراير 2016

سوريا في ضمير باب الحارة و دريد لحام

سوريا في ضمير باب الحارة و دريد لحام
تثور زوبعة إعلامية هجومية حول الفنان دريد الحام وغيره لموقفهم من الأحداث في سوريا؛ وأخذ عليهم المعارضون مساندتهم للنظام السوري، وبالرغم أن ما قالوه حق شخصي لهم يقع في باب حرية الرأي، لكني أرى فيه أيضاً دعماً لوحدة سوريا وشعبها كذلك، باعتبار أن النظام ما زال يقبض على خيوط الشرعية الدولية، وتتفاوض معه كل الدول من خلال مبعوثي الأمم المتحدة وما زال يملك القدرة على التعاون وإبرام المعاهدات مع الدول الكبرى كروسيا.  وهذه المواقف عبر عنها العديد من الفنانين وليس دريداً فقط.  وورد مثل هذا الدعم في الأعمال الفنية الشهيرة كباب الحارة مثلاً.  فوحدة سوريا أرضاً وشعباً هي هاجس كل السوريين والحريصين على هذا الطود العربي حتى لا يلحق بجاره العراق وإن كان هذا النظام  في سوريا يتحمل جزءاً لا بأس به من المسئولية عن ما حدث للعراق. 

لقد جَبَّتْ الأغنية التي ختم بها المخرج لمسلسل باب الحارة حلقته الأخيرة كل أخطاء المسلسل الفنية فغفرنا له ما قد سبق.  أريد هنا أن أتوقف عند المشهد الأخير لباب الحارة عندما جاء الضابط الفرنسي ليهدم باب الحارة؛ نظر أبو عصام إلى منافسه على الزعامة (أبو ظافر) وسأله رأيه فقال أبو ظافر  ( على أرواحنا يا ابو عصام ) وجثوا جميعاً على ركبهم متحدين للوقوف بوجه الفرنسي المحتل.  ثم جاءت الأغنية الختامية حارتنا كرامتنا لتسدل الستار على مشهد وحدوي لجميع السوريين.  وفي الحقيقة لو لم يكن في هذا المسلسل إلا هذا المشهد لكفاه، وهذه هي المرة الأولى التي أشعر بها أن هذا المسلسل قد قال شيئاً مفيداً لمشاهديه. 

ونعود  للفنان القدير الأستاذ دريد لحام فأوجه السؤال لكل من أخذ على الأستاذ دريد هذا المأخذ:  أين يجب أن يقف غوار؟ ومع أي جهة؟ ومع أي فصيل يقاتل في سوريا؟ أيقف مع النصرة أم الجيش الحر أم داعش أم أم أم.  سيقول المهاجمون يجب عليه الوقوف مع الشعب. هنا يجب الملاحظة أن ما يحدث بسوريا يختلف عن كل أشكال ما يسمى بالربيع قبل سوريا. لا يوجد في سوريا حراك واحد ضد النظام مطالباً بإسقاطه أو إصلاحه؛  إنما مجموعات تتقاتل لتبحث عن موطئ  قدم لتصبح منطقة نفوذ لاحقاً في سوريا.  لهذا اختار الفن أن يبقى مع ما تبقى من شرعية واضحة في سوريا وهو النظام والجيش.   ويعرف الاستاذ دريد صعوبة المركب الذي ركب ولو أراد الإعلام وبريقه لاختار  الأسهل وهو الهروب من سوريا ويحل ضيفاً على إحدى القنوات ويحصد الملايين حسب قوة شتمه للنظام؛ فالدفعات ترتفع بارتفاع وتيرة الشتم وكل شي بحسابه.

لا أكتب فزعة للأستاذ دريد ولكني أتخوف من نفس الأصوات بخصوص  ما يجري في بلدي لا سمح الله؛ فلو أننا في الأردن تعرضنا لما تتعرض له سوريا، فأين سنقف؟  أعيد التأكيد بأن ما يحدث بسوريا مختلف عن مصر أو تونس.  هي مجموعات تتصارع فلا تعرف الشريف من الحرامي فأين سنقف؟ وهل سيعاب علينا الوقوف مع النظام أو الجيش الذي سيكون من أولوياته محاربة أعداء الداخل بنفس قوة محاربة أعداء الخارج.

لا أبرئ النظام وأحمله كامل المسؤولية عن تهجير هذه الملايين العديدة من السوريين الأبرياء خارج سوريا، ولكن وبنفس القوة أتهم باقي القوى المعارضة للنظام بأنها كانت له عوناً رغم أنه يحاربها بقوة وشراسة أينما تواجدت بغض النظر عن تواجد المدنيين أو لا.  فكل الأطراف لها يد بهذا التهجير إضافة طبعا لسماسرة الهجرة التي تترعرع وتزدهر عادة في الحروب. 

هذه الأيام أنا قلق جداً على وحدة سوريا أكثر من  قلق الأمين العام للأمم المتحدة: لقد كنت ومن بداية الحرب الداخلية في سوريا أقول "ما لنا ولسوريا" وأقصد بهذا التعبير  التدخل بسوريا خاصة بريا.  أما الآن فأجزم أننا يجب علينا شعباً وحكومة أن يكون لنا دور فعليٌ للحرص على وحدة سوريا أرضاً وبلداً لأن فيه وحدة للأردن.  شخصياً لست مقتنعاً لا بربيع ولا بحقوق شعوب تطالب بحريتها مروراَ بهذه الفوضى التي نعيش.  ما يجري في سوريا هو حرب إسقاط للبلاد قبل الأنظمة، وتفتيت للدول وتقسيم للشعوب.  لا ننكر طبعا أن هناك الكثير من  الأمور التي يجب أن تجلس الأطراف سوية لحلها ولكن ومع الأسف هذا التعنت الداخلي المدعوم خارجياً كلٌ من جهته لا يقل خطراً عن بلدوزر الانتداب الفرنسي لهدم الحارة.  تأخذ كل طرف العزة بالإثم بعد كل انتصار زائف فيتمترس خلف نشوة هلامية فيصر على عنجهية تجعله يظن نفسه قاب قوسين أو أدنى من التربع على عرش الشام  أو القضاء على خصمه فيستمر في غيه، ويستمر السقوط.

فهل ستضع القوى المتصارعة كلها يدها بيد الآخرين على طريقة (أبو عصام وأبو ظافر بباب الحارة) ليصيحوا  بصوت واحد  ( على أرواحنا يا ابو عصام ) لتقف العرب خلفهم داعمين مؤيدين مباركين؟ أم هل تأخروا وتأخرنا عن طرحنا؟ إن ما يحدث في الشام إلى جانب الكثير من الفوضى هو محاولة البعض من أبنائها الغيارى للوقوف ضد من يحاول تدمير الشام تاريخاً وحضارة قبل النظام.  فلا يمكن لعاقل أن يتصور أن يكون وراء إصرار كل الأطراف على عدم التفاهم إلا الإصرار  على تدمير الشام  نفسها. 

حفظ الله الشقيقة الجارة سوريا
حفظ الله الأردن حفيد الثورة العربية الكبرى من كل شر.


السبت، 13 فبراير 2016

صلحة الروابدة – الرجوب على الفيس بوك

صلحة الروابدة – الرجوب على الفيس بوك
ينشغل الأردنيون عادة بكل كبيرة وصغيرة في الوطن أو خارجه، وهذا ليس غريباً على من يحمل الهم الوطني والعربي على كاهله.  لكن موضوع الجلوة حديث الساعة قد أخذ الكثير من النقاشات.  وما أن خبت حتى عاد لها ألقها بالصلحة الأخيرة بين عشيرتي الروابدة والرجوب من بلدة الصريح العزيزة.  ولقد أكدت جميع النقاشات على أن هذه العشيرة الأبية (الروابدة) وشيخها دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة قد دخلوا المجد من أوسع أبوبه، وسطرت كلمات الصلح بماء الذهب في صفحات التاريخ لما جاء فيها من كظم للغيظ وعفو عن الناس والإحسان إليهم بإعلانهم أن غريمهم هو الجاني فقط، وتبقى عشيرة الرجوب الأهل والعزوة في ديارهم آمنين؛ فلا جلوة ولا تشرد.
وقد كان لي شرف المساهمة بهذا الحراك الفيسبوكي بمنشورين مشيدا بكرم العشيرة وجهود دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة ووعدت أصدقائي بأن أنقل  حرفيا ما كتبوه كتعليقات على المنشورين مقروناً بأسماء أصحابها تكريماً لهم وحفظاً لحقوقهم، مع استثناء التعليقات الخاصة بالمجاملة لي حى لا نخرج عن الموضوع.
المنشور الأول : " الروابدة عشيرة ورجل دولة بحجم أبي عصام تدخل من أوسع أبواب المجد. اليوم ألغيت الجلوة. أخيراً يمكننا القول أننا بدأنا الخطوة اﻷولى باتجاه دولة القانون. "  وقد  كانت هناك التعليقات التالية على هذا المنشور:
الشاعرة المعنقية قالت : صراحة خطوة جداً عظيمة وجريئة. وعن دولة أبي عصام قالت: صاحب مواقف وتاريخ عريق.. أنا شخصياً أحترمه.
ماهر بيك الخطاطبة  قال " بداية رائعة
نوال قموة قالت :إن شالله القانون فوق الكل. أبو عصام رجل دوله وله تاريخ عريق
كامل عباسي كتب تعليقاً طويلاً بعنوان ضربة معلم.
إيمان القاسم: هل نقول وداعاً للجلوة وحقن الدماء بعد هذا الموقف الواضح والصريح ..؟
محمد أبو قديري  قال : جميل ورائع ...بداية طيبة
غالب الدقم:والخطوة التالية إلغاء القانون العشائري وتطبيق قانون الدوله على الجميع.
محمد الجراح : إذا طبقت فهي خطوة بالاتجاه الصحيح.
جميل عياش: الله يديم أصحاب الشهامة والقيم الاجتماعية. ويبعدنا عن الجلوه. هذا رجل يسجل له التاريخ في أردننا سِجل حافل وعلي العالم التقيد به.
عباس محارمة : جزاهم الله كل خير.
محمود الغزو : أحيي من قان بهذه الخطوة.
وقد استفزني تعليق السيد محمد ملحم فناقشته بمنشور  خاص يلي المنشور الأول فقلت فيه:
على خبر الصلحة بالصريح واعتبار الجاني فقط هو الغريم وليس أهله ( لا جد خامس ولا أول) جاء تعليق الصديق محمد ملحم أبو ثامر ليضع النقاط على جوهر الفكرة حيث قال "" بالمناسبة ابو محمد حتى في جديتا وفي الطيبة وفي غيرها من مناطق الأردن سبقنا أبا عصام الذي مجَّد الإعلام ما فعله لجهة كونه شخصية عامة وهو بالفعل فِعْلٌ يستحق الاشادة"". 
الفكرة والروعة في مبادرة الروابدة في النقاط التالية أنها:
1) جاءت بعد جلوة بمكان آخر جلت فيها الناس عن بيوتها للجد الخامس وهم من نفس العشيرة. 
2) جاءت ليحضرها ويدير بوصلتها شخص رجل دولة بامتياز؛ فرجل الدولة الحق لا تنتهي مهمته بترك منصبه. هنا أستذكر جملة لولدي الدكتور محمد في نقاش معه ذات مرة حول الباشاوات. قال الباشا الصحيح هو من يبقى باشا بعد التقاعد لا أن يصبح بعدها مجرد أبو فلان أو الحاج فلان. الجلوة السابقة موضع الأردن الشاغار كانت بحضور نائب رئيس الوزراء ولم يستثمر معاليه فيها لا الجانب الرسمي أو الشخصي بالموضوع. نعرف طبعا أن الجهات الرسمية أكدت أنه حضر بصفة شخصية. 

3) نؤكد حق المسؤولين كأشخاص رسميين الحق في قبول كل الدعوات على الغداء أو العشاء أو جاهات العرس. لكن وبنفس الخط يجب أن يعملوا على إيجاد دورٍ لهم في بناء المجتمع وإصلاحه ﻻ تفسيخه، فواجباتهم لا تنتهي بالتقاعد؛ دولة أبو عصام مثالاً يحتذى به.
4) بنفس الوقت فإننا ندبج كل عبارات المديح لكل العشائر التي سبقت الروابدة أو التي ستقتدي بها ولا نننسى فضلهم وإحسانهم. فمن سبقها كُثُر طبعاً ولكن الحديث ذو شجون . فكل الأردنيين أبناء عشائر وكتبتُ عن هذا الموضع قبل سنوات مقالاً بعنوان حتى ﻻ تبقى العشائر هدفاً للخازن أو الرنتاوي، مؤكداً أن مسمى العشائر يغطي الأردن من شماله إلى جنوبه.
5) عندكو انتو عاد فما ستتفضلون به سيكون موضوع مقالي القادم إن شاء الله مع ذكر أفكاركم جميعا مقرونة باسم صاحب الفكرة.

التعليقات:
محمد ملحم أبو ثامر: نختلف مع الرجل في الكثير لكن من الإنصاف القول إن مثل هذه الأفعال وسواء صدرت من شخصية عامة أو ممن لا يشير الاعلام لكريم فعالهم هي أفعال تستحق الإشادة لجهة أنها تحافظ على النسيج المجتمعي وتخفف من غلواء المشاحنات التي تنتج عن فعل طائش يكون لا مقصوداً لذاته وبتخطيط وتدبير مسبق أحياناً فيما يكون وليد لحظته في أحايين أخرى .
في موضوع الباشا والباشوية يطول الحديث ويتشعب فأولا هل الباشوية مجرد لقب مجرد من الأفعال التي ترسخ قيمة حامله أم أن الفِعال هي التي تجعل حتى ممن لم يتقلد منصباً حكومياً باشا بخصاله الطيبة وأفعاله التي تتفق والمروءة والقيم وطيب الخصال ؟ 
وعودة إلى العطوة التي اشترطت جلوة أهل الجاني إلى الجد الخامس فأقول إن حتى نصوص صك العطوة كانت تحمل صيغاً مستبدة ليس يبررها ما يدعى انه الحرص على وقف تداعيات جريمة القتل التي بسببها أعطيت العطوة .
أما حضور نائب رئيس الوزراء وزير التربية وترؤسه للجاهة وحتى ولو كان كما إدعى الإعلام بصفته الشخصية فهو يحسب على الجانب الرسمي ويرى فيه البعض وأنا منهم رغبة لدى هذا الجانب للإستثمار في المشاحنات العشائرية الناتجة عن الحوادث حتى الاعتيادي منها لجهة صرف الأنظار عن كثير مما يحتاج تركيز النظر فيه.
 إيمان القاسم : نقاط جداً رائعة ينبغي الاشادة بها ، وقبل أسابيع فتحت الموضوع يا استاذ طلال وكتبتَ عنه لتأتي هذه الحادثة وتؤكد ما رميت إليه أن القانون هو الفيصل في هذه الأمور ولا للتجني على بقية العشيرة إن أخطأ أحدهم.
عمر قديسات أبو صهيب: 
آمل كغيري من أبناء الوطن بشكل عام وأبناء العشائر بشكل خاص أن تكون هذه المبادرة التي أبرزها الروابده كونه شخصية عامه، ورسمية بنفس الوقت. وقد سبقه لها غيره، آمل أن تتأطر وتأخذ طابعاً رسمياً جاداً حتى تأخذ مجراها الحقيقي وتصبح ثقافة مجتمع وليست هبّة ريح عابره أو فزعة مؤقته ربما تسقطها بعض عادات و تقاليد ليس من السهل الغاءها بمجرد أن البعض طبقها، فعند الواقعة تلغى العقول والمعقول وتنحاز المشاعر لفيض الغضب ... لذا يجب تسويق البادرة حتى تصبح عرفاً و ثقافة اجتماعية ولن يقوى  على ذلك إلا القانون بمؤازرة الإعلام والمثقفين وأصحاب الشأن والجاه .
غالب الدقم: لماذا انتظرت الدوله كل هذه الفترة عن المآسي التي تسببها الجلوة لتصدر قانوناً صارماً يمنعها ويعاقب مرتكبيها .

الخاتمة
لا بد من التأكيد  على هذا الأمر ليس لمدح عشيرة الروابدة وهي تستحقه عن جدارة، أو لكيل عبارات الثناء لدولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة التي يستحقها كذلك، لأن هذا ليس الموقف الأول لدولته، ولن يكون الأخير، فهناك الكثير من المناسبات التي رأب فيه الصدع بيين العشائر وأعاد للناس وفاقها وفض الكثير من النزاعات.  إنما كتبت ما كتبت  حتى تكون كما قال الأصدقاء حتى يقتدي الناس بها فهم في شوق لإعلان مبدأ أنه لا قانون فوق قانون الدولة.  


كل الشكر لمن شاركني الرأي من أصحاب النظر الثاقب من أصدقائي الرائعين على الفيس بوك، وحياكم الله جميعاً. 

الأربعاء، 10 فبراير 2016

وثيقة عشائرية

وثيقة عشائرية
بداية ندين جميعاً بالشكر والعرفان لأهل السلط الكرام لإصدارهم أول وثيقة شعبية حملت اسم السلط فسمو بها فوق العشيرة  لتكون باسم جميع عشائر، فأطلقوا عليها اسم وثيقة السلط الشعبية، وقد حملت تعهداً أدبياً شعبياً بالالتزام ببنود تلك الوثيقة والمتضمنة تقنيناً لبعض الأعراف التي تثقل كاهل المعنيين فيها لتصبح في متناول الجميع؛ وكان ذلك عام 1981.  لهذا يمكن اعتبارها رائدة الوثائق الشعبية لاحقاً. و لا أدري إن كان هناك وثائق قبلها أم لا.  ولقد أخذت الوثائق بعدها تصدر باسم العشيرة بدلاً من المنطقة لما لها من أهمية إعلامية تظهر العشيرة وتلمع أبناءها الذين غالباً ما يكونوا أصحاب المبادرة حيث تكون بعض وسائل الإعلام متواجدة لتشهد التوقيع على هذه المبادرة.  
ولقد أتثبتت الأدلة أن الأردني يتأثر كثيراً بمحورين أساسيين هما البعد الديني والعشائري في الكثير من القضايا عندما يغيب القرار الرسمي للدولة حوله أو التراخي في تطبيقه إن وجد.  لهذا ما أن تطفو على السطح ظاهرة معينة حتى يكون السؤال عنها يتمركز حول هذين المحوريين.  وبناء عليه فقد كان هذان المحوران رديفين للحكومة دائماً؛ وكثيراً ما كانت دائرة الافتاء تصدر فتوى بتحليل أو تحريم هذا الأمر  (موضوع الساعة)، وأحيانا أخرى كانت هذه العشيرة أو تلك تصدر بياناً حول الموضوع. وخير دليل تلك الوثائق العديدة التي تسابقت العشائر للتوقيع عليها بخصوص عدم إطلاق العيارات النارية في الأفراح.
تطالعنا الاخبار عن الجلوات العشائرية  فهل نطمح أن نقرأ وثيقة عشائرية لإلغاء الجلوة ؟
هل نحن بحاجة لوثيقة عشائرية لإلغاء الوساطات والمحسوبيات  في الوظائف؟  
هل نحن بحاجة لوثيقة عشائرية للتوقف عن دعم الفاسدين وحمايتهم عشائرياً ؟
هذه الأيام وفي هذه الفصل تطالعنا الأخبار  هنا وهناك عن وفيات بانفلونزا الخنازير  فهل نتوقع وثيقة عشائرية للتوقف عن العادات السيئة كالتقبيل مثلا؟
هل نحن بحاجة لوثيقة عشائرية في منحى من مناحي حياتنا؟   
هل  وهل وهل والأمثلة كثيرة.