الجمعة، 23 سبتمبر 2016

أحمد الكوفحي ومحمد نوح

الشيخان أحمد الكوفحي ومحمد نوح ونهج الحلال والحرام
تذكرني حالة الاكتساح التي حققها معالي الدكتور محمد نوح القضاة بانتخابات 2016 بحالة الاكتساح الشهيرة للدكتور أحمد الكوفحي بثمانيات القرن الماضي الشهيرة أيضاً التي كانت محور حديث الجميع على مختلف المستويات. ولابد من الإشارة طبعاً بتميز الدكتور محمد نوح هنا لأن الأمر بالنسبة له لم لكن سهلاً كما كان للدكتور الكوفحي زمان،  فقد كانت الساحة خالية أو شبه خالية من منافسين أقوياء للدكتور أحمد الكوفحي كما حدث مع الدكتور محمد نوح هذه الأيام.  فقد كان الدكتور الكوفحي الوحيد الذي يمثل التيار الديني بخلاف الدكتور محمد الذي نافسه في المجال الديني جبهة العمل الاسلامي والإخوان المسلمون المرخصة وزمزم والوسط الإسلامي وكان الضرب فيها تحت الحزام على أشده؛ ومن المفارقات المضحكة جداً هو هذه الاتفاق الضمني بين بعض التيارات الإسلامية وغير الإسلامية (حزبياً) وكذلك العلمانية والإلحادية على مواجهة الدكتور محمد نوح، ولكن الله قدر للدكتور محمد نوح هذا النجاح الكبير الذي جعلني أفكر في حالة الدكتور أحمد الكوفحي مع الفارق الذي أشرت إليه.
وحتى نضع الأمور  بالسياق الصحيح فلا بد من تناول الشخصيتين بما يجمعهما من صفات حببت الناس فيهما.  ولا بد من التقديم لهما أنهما جاءا يمثلان نهجاً يتعطش له الناس  وهو مفهوم الحلال والحرام  في بيئة دينية صرفة تعشق من يرفع هذا الشعار دون عنف ولكن بالنصيحة.  لهذا رأى الناس فيهما المنفذين لشرع الله وفي نفس الوقت يلبيان الرغبة الشعبية عند الناس  بالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.  ولا بد من التذكير أن حزب الوسط الاسلامي أيضا استفاد من هذا الشعار  في الانتخابات السابقة للمجلس السابع عشر بشكل كبير بالإضافة لغياب الاخوان المسلمين في تلك الفترة كعامل مساعد.
لقد عرفتُ الدكتور أحمد الكوفي عندما كان أستاذاً للشريعة الإسلامية بكلية حوارة (معهد حوارة بتلك الفترة) ولم أكن قد التحقتُ بالكلية بعد.  وقد كان يُعرف بالشيخ أحمد الكوفحي أيضا.  وقد لمع نجمه بشكل كبير عندما أعطي كمحاضر غير متفرغ مادة التربية الإسلامية في جامعة اليرموك التي كانت حديثة بتلك الفترة، وكان لقراره فصل البنات عن الأولاد في قاعات الدرس صدى واسعاً عند الناس التي كانت ترى في الاختلاط بالقاعات حرمة كبيرة.  وقد أثيرت ضجة  أيضاً أن الجامعة رفضت ذلك إلا أن الشيخ أصر على ذلك ونجح فاعتبر نصراً كبيراً. ولا أدري إن كانت الرواية صحيحة أو قُصد منها تلميع الشيخ في تلك الفترة.
كذلك كان شعار الشيخ أطال الله في عمره في حياته اليومية الحث على الحلال ومقاومة الحرام.  وكان لا يفرق بالدعوة لهذا بين مسلم أو غير مسلم.  وعندما جاء وقت سداد الدين حقق الشيخ أحمد من أصوات المسحيين كما حقق من المسلمين. ومن المفيد أن أستذكر حادثة للتدليل على صحة هذه الفكرة حدثت بين الشيخ أحمد وأحد الزملاء المسحيين رواها لي الزميل المسيحي بنفسه مدافعاً عن موقفه بانتخاب الشيخ أحمد؛  قال : سمعني الشيخ أحمد بغرفة الاستراحة أتحدث مع زميل آخر عن عيد الميلاد القادم وعن احتفال الأسرة والمصاريف وكيف أنه سيتوجه لبنك الإسكان للحصول على سُلفة  300 دينار على الراتب ليغطي تكاليف العيد من ملابس وغير ذلك للأولاد.  بعد الاستراحة أو اليوم التالي يقول الزميل فوجئت بالشيخ أحمد يطرق باب المحاضرة على الزميل ويناديه خارج المحاضرة ويعطيه مبلغ 300 دينار ويقول له "عَيِّد أنت وأولادك ولا تأخذ من البنك لأن البنك يتعامل بالربا"  فعلق الزميل فكيف لا أنتخب هذا الشيخ الذي  لا يفرق في شعار الحلال والحرام بين مسلم ومسيحي!!
هذه الأمور وغيرها جعلت من الشيخ أحمد الكوفحي إمام الدعاة الأردنيين في تلك الفترة فجاء فوزه اكتساحاً كبيراً.  لكن وبعد الوصول للمجلس أخذ نجم الشيخ بالاختفاء قليلاً قليلاً على مستوى الاخوان المسلمين كما ظهر لنا؛ ولا أدري هل هو كمال الأشياء التي تؤذن بالنهاية أو هو الانسحاب أو التوريث في المركز لنجله الدكتور نبيل الكوفحي حيث كان الشيخ يدعمه من وراء ستار فصعد نجمه سياسياً بشكل سريع. 
لا يختلف الأمر مع الدكتور محمد نوح القضاة بالنسبة للبدايات حيث دخل قلوب الناس من خلال برامج دينية كثيرة على القنوات العربية منادياً بإعلاء مفهوم الحلال والحرام بين الناس وخاصة عندما ظهر في برنامج الميزان  على التلفزيون الأردني.  وقد توسم فيه الناس الصدق لأمرين أثنين أولهما الاستعداد الفطري لدى الناس لتقبل من يدعو لهذا الشعار (الحلال والحرام)  خاصة في زمن الفساد؛ وثانيهما تاريخه الأسري المتمثل في سيرة والده الشيخ نوح رحمه الله العطره وهو أي الشيخ نوح أبو قلمين ( قلم رسمي يكتب فيه معاملات الدولة، وقلم شخصي يكتب فيه لشؤونه الشخصية) وتاريخ عائلة دينية عريقة فلم يداخل الناس الشك بصدق قوله خاصة عندما تولى الوزارة وفي جمعية الشيخ نوح للرفادة. 
لهذا، وللأسباب الأخرى المتعلقة بالدعايات المغرضة ضده من كل من يرى أن الشيخ محمد نوح قد خطف منه الأضواء لم يكن من المستغرب أن يهتف الجميع مرحباً به بالزرقاء ويهتفون له (ابشر) عندما قال لهم أنه جاءهم طالباً دعمهم. وكاك كل منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أو مقال ضد الشيخ هو دفعة له للأمام وارتفاع في رصيده عند الناس  فجاء النصر مبينا كفلق الصبح.
لا أدري إن كان الأمر بالنسبة للشيخ محمد نوح سيشبه الشيخ أحمد الكوفحي من حيث النهاية. فهل كملت الدائرة بالنيابة؟  لقد تولى الدكتور محمد من المناصب ما أراد،  ولا أعتقد أن النيابة مطمعاً له بعد الوزارة، لا بل أنني أراها النهاية إن لم يكن أداؤه بالمستوى المطلوب للجماهير؛ فالناس تريد مواقف رسمية وفاعلة وعلى أرض الواقع ولا تريد خُطباً عن الحلال والحرام فقط، فهل سيكون الدكتور محمد نوح (قدها وقدود)؟  
بقي شيء هنا خطر بالبال الآن وهو هل ستكتمل الدائرة  أيضاً بالنسبة للشيخ أحمد الكوفحي به أو بنجله الدكتور نبيل بتولي حقيبة وزراية ليتساوى الدعاة إلى الحلال بالفرص نيابة ووزارة؟؟؟ 
وهناك أمر آخر أريد أن أهمس به بأذن العلمانيين أو حتى الملحدين بأن طريقهم صعب وهدفهم ليس سهل المنال في هذا المجتمع؛ لهذا عليهم تحسس موضع أقدامهم واختيار عباراتهم جيداً فهذه تربة ليس من السهل زراعة بذور غير بذور الدين فيها.
تحياتي  للدكتور أحمد الكوفحي وتمنياتي لمعالي الدكتور محمد نوح القضاة  بالتوفيق في مهمته القادمة الصعبة  والنجاح فيها.
والله غالب على أمره
صدق الله العظيم



الأحد، 11 سبتمبر 2016

عودة المواطَنة للمواطن

عودة المواطَنة للمواطن
شغلتني الظروف وزخم الأحداث هنا عن الالتفات لحدث مهم يحدث لأول مرة لي منذ ربع قرن؛  لأول مرة لا أنشغل بالبحث عن لحّام تراثي  ليلحم لي تنكات الزيت استعداداً للعودة للعمل في سلطنة عمان - صلالة؛ لأول مرة لا أسأل المدام عن عدد كيلوات الجميد  التي سنأخذها معنا إلى صلالة؛ لأول مرة لا أتشاجر مع المدام أيضاً بخصوص الحقائب التي سنحمل فيها الملابس وأتأفف قائلاً متى سنصل للوقت الذي نحضر ونعود كما يفعل الأجانب بخفيف الحمل.  لأول مرة سأبدأ بالبحث عن الأضاحي هنا بعَمان وليس في صلالة.   المهم اكتشفتُ أن الرفاق عادوا لصلالة وبقينا نحن مجبرين بقانون الزمن.
لكن ومن جانب آخر فإنني  بهذا البقاء الإجباري فقد استرجعت مواطنتي؛ وهل كانت مفقودة؟  لم تكن مفقودة بالمعنى الحرفي للكلمة لكنها كانت مُغيبة فعلياً.  لقد كنا هنا نوصف في صلالة (كما هو الحال بكل دول الخليج أيضاً)  بالوافدين وعندما نعود للوطن في إجازة كنا نسمى المغتربين. لهذا وبعد الرجوع لا مفر أمام من كان يصفنا بالمغتربين بالاعتراف بأنني مواطن، إلا إذا كان بالقاموس مفردة جديدة مثل المغتربون سابقاً، أو العائدون من الاغتراب أو أي مسمى آخر.  ولِم الاستغراب؟ فهذا الوصف مفيد جداً طبعاً عندما تبحث عن مقعد لابنك في إحدى المدارس فتعطى الأولوية لأنك عائد من الاغتراب.
لأول مرة  سأخرج من دائرة الاتهام.  سوف لن أكون (سبباً) رئيساً لأزمة السير التي كان يقول به المسؤولون عند الحديث عنها؛ والآن دعني كمواطن أطمئن من عاد للاغتراب أن الأزمة الخانقة في تزايد ولم تكن يوماً أنت عزيزي المغترب سبباً فيها.  لن أكون سبباً لانقطاع الماء أو التأخر في تقديم الخدمات للمواطنين. نعم خرجتُ من دائرة الاتهام والحمد لله.   لقد اكتشفتُ أن هذه الأزمات إنما هي طقم على نظام الباكج تأتي مع بعضها صيفاً وشتاء بالمغتربين أو بدونهم.  سأخبركم في فصل الشتاء القادم عن الأسباب التي سوف يسوقونها لتبرير هذه الأزمات.
ومع عودة المواطَنة أيضاً سأتمكن من ممارسة حقي السياسي في بلدي ولن يقمعني أحد بحجة أنني مغترب ولا يحق لي الحديث عن ما يجري في الوطن أو لا أعرف ما يجري  في الحقيقة، رغم أنني لم أكن يوماً بعيداً عنه. نعم سأمارس  هذا الحق وبقوة حيثما سنحت لي الفرصة بالانضمام لأي تكتل أو حزب سياسي بعد أن تتضح لي الرؤيا بهذا الخصوص.  لهذا سأبدأ بأول الخطوات وهي ممارسة حقي الدستوري  بالانتخاب لاختيار من أراه مناسباً ولن تدغدغ عواطفي الشعارات البراقة.       
إنني سعيد جداً بعودة المواطنة لي فقد أوشكتُ أن أشك أنني مواطن في بقعة ما على هذه البسيطة. فليس من السهل أن تقضي ربع قرن من حياتك مُهَمشاً هنا وهناك، رغم أن لك الحرية أن تتحرك ولكن ضمن دائرة ضيقة بحيث لا تغضب المعازيب هناك والأهل هنا، فتمضي حياتك مُجَامِلاً لهؤلاء  وساعياً لرضا أولئك.
لقد كان الطريق طويلاً إلى صلالة؛ لقد امتدت السنون إلى ربع قرن لخَّصتُ بعضها في كتاب بنفس العنوان " الطريق إلى صلالة" ما زال لم يرى النور بعد بسبب بطئ الناشر ولكنه قريب إن شاء الله. حاولتُ في هذا الكتاب أن أسترجع الذكريات مع الناس والمكان والزمان  في هذا البلد الطيب.  وما أكثرها!
 المهم شعورٌ جميل أن تعود لك مواطنتك بعد اغتراب. تمنياتي لكل من عرفت هناك في سلطنة عُمان بشكل عام والكلية التقنية بصلالة على وجه الخصوص بالتوفيق؛ وأسال عن أخبارهم وأقول خبووور؟   وانشد عن علومهم بقولي : شي علوم؟  ولهم جميعاً أقول
اجعلونا  بحل. 

وكل عام وأنتم بخير.

الجمعة، 22 أبريل 2016

الدور السعودي الجديد

الدور السعودي الجديد
لقد مرت سنواتٌ عديدة اكتفت السعودية بالدور الديني في الدول الإسلامية واكتسابها لأهمية عالمية من هذا الجانب إضافة لوزنها الاقتصادي والمالي نتيجة النفط؛ ولا يمكن نسيان المساعدات المالية السعودية للدول العربية و الإسلامية من باب المسؤولية كشقيقة كبرى لهذه الدول، ولكن مساعداتها كانت للحكومات مباشرة أو رؤساء الدول على طريقة "يا غلام أعطه ألف دينار"  كلما دعت الحاجة؛ ولم نسمع بطلبٍ سعودي مقابل هذا السخاء تجاه الدول متمثلاً بمواقف سياسية؛ إذ كان يكفيها كما أعلم أن تصوم الدول الإسلامية برمضان وتفطر بالعيد حسب توقيتها.
لهذا ركزت السعودية على الجانب الديني من باب الدعوة الدينية؛ فكثرت أعداد الدعاة السعوديين في الدول الاسلامية وكثرت المشاريع الخيرية برعاية الجمعيات الدينية مالياً وفكرياً طبعاً شأنها شأن الأحزاب الدينية المعاصرة للاعتقاد أن هذه الشعوب أو الجمعيات يمكن أن تتحرك إن تعرضت السعودية لخطر خارجي؛ ولم تغب هذه القضية عن ذهن خادم الحرمين الشريفين المرحوم جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما قال لرئيس جمهورية الصين " إن كان سكان الصين مليار فإن شعبي مليار ونصف" وكان يقصد شعوب العالم الإسلامي جميعاً.  وهي محقة طبعاً في هذا الموضوع؛ وكتب الفقير إلى الله مقالاً من باب الفزعة لها بعنوان "السعودية لينا وحقك علينا" على هذا الموقع الكريم عندما ظهرت بوادر نزاع قوي مع إيران إثر إعدام السعودية لأحد المعارضين الموالين للدولة الثانية. 
لكن الظروف السياسية أصبحت ضاغطة بوجوب التغيير في الأدوار للدول وخاصة بعد موجة الربيع العربي.  لقد كانت الأنظار دائماً تتجه للسعودية للتحرك عندما كانت رياح التغيير تهز عروش المنطقة وأسقطت بعضها فكان أن ألقت بكل ثقلها المالي والإعلامي لنصرة النظام في مصر آنذاك ولم تنجح الجهود في ذلك الوقت وكان ما كان؛  وكفى الله المؤمنين القتال.  
  وعلى ما يبدو فإن الخصم اللدود للسعودية في المنطقة أراد التحرش مباشرة بها بالاقتراب من حدودها الجنوبية بحيث تصبح السعودية قاب قوسين من مدى أسلحتها الخفيفة. وأقصد بهذا إيران طبعاً التي رمت بكل ثقلها باليمن نصرة للحوثيين. وأوشكت السعودية وهي حامي حمى الطيف السُنّي  أن تقع ضمن طوق شيعي كامل.   لقد كانت الشعوب العربية تنظر للعواصم العربية وهي تذهب  تباعاً لإيران (ولا أقول تسقط) وكان التساؤل مباشراً عن العاصمة القادمة بعد صنعاء، والعيون تتابع مستغربة الصمت السعودي عن ما يجري باليمن؛ فلزم الانتقال إلى مرحلة مهمة لم تكن السعودية تسعى إليها قطعاً ولكنها دخلتها مضطرة.
أفاق العالم على عاصفة الحزم بقوة لم نشهدها عربياً منذ عقود؛ فقد كانت القوى العربية دائماً بمواقف الدفاع على أرضها.  وإذا أخذنا بشمولية الأرض العربية فهي أيضا في حالة عاصفة الحزم كذلك من باب الدفاع عن الشرعية اليمنية والخليج. وبنفس الوقت تم الإعلان عن إنشاء التحالفات العسكرية مثل التحالف العربي والتحالف الإسلامي لاحقاً وكلها تدار بعصا المايسترو السعودي.
وجنباً إلى جنب طورت السعودية من دورها الاقتصادي للخروج من صف المنح المالية إلى الشراكة بتمويل المشاريع نفسها لتصل إلى أهم نقطة في قلوب الشعوب ألا وهي قوت الشعب بحيث ترى ذلك بعيون الشعوب العربية فلا تتردد (هذه الشعوب) بدعم حكوماتها للوقوف لجانب السعودية إن جد الجد. لقد شكلت زيارة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر ثم إلى تركيا في مؤتمر القمة الاسلامية نقطة مهمة جداً في الانتقال بالدور السعودي إلى مرحلة جديدة.
وقمة هذا التغيير كان في السياسة بمعناها العصري في الدور السعودي الجديد وهي سياسة المصلحة؛ كان الإصرار على تطوير العلاقات مع الدول حتى لو كان منها ما يخالف بعض الأجندات السعودية كما هو الحال في تركيا.  لا أظن أن السعودية غافلة عن التنقل التركي بينها وبين إيران وأوروبا  بحثا عن مصلحتها فكان الرأي السعودي أيضاً أن تبحث عن مصلحتها ولا علاقة لها بحجم الاستثمارات التركية في إيران أو مراقبة تركيا وهي تغض الطرف عن داعش مثلاً أو موقفها (تركيا) من النظام المصري الحليف العربي الأقوى للسعودية؛ فالسياسة مصالح في الدرجة الأولى. 
شخصياً أنا سعيدٌ بهذا التطور في الدبلوماسية السعودية بالانتقال من الدروشة  قديماً الى السياسة والقوة العسكرية لحماية كيانها فالقوة المالية وحدها لم تعد لغة العصر هذه الأيام.  ويجب أن تحميها القوة العسكرية بارتكازها على قواعد صلبة.  قديما قال الشاعر:  
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه   يهدم ومن لا يظلم الناس يُظلم
وأعتقد أن ظلم الناس هو المتمثل  بالأبرياء الذين سيسقطون نتيجة هذه الصراعات ولكن الحقيقة هي أن ذنبهم يتحمله من بدأ هذه الصراعات كلها، لا من يدافع عن حوضه.

نسأل الله حسن النتائج.

الأحد، 17 أبريل 2016

من أنا



من  أنا
السيرة الذاتية
طلال محمد محمود الخطاطبة
مواليد 1955 بقرية جديتا محافظة إربد – المملكة الأردنية الهاشمية
متزوج ولي من الأبناء خمس والحمد لله.
المؤهلات
1)     الماجستير تربية أساليب تدريس اللغة الانجليزية ( TEFL) جامعة اليرموك – المملكة الأردنية الهاشمية 1983.
2)     بكالوريوس  انجليزي  مع فرعي تربية.  الجامعة الأردنية  المملكة الأردنية الهاشمية 1978.

الخبرات
الرقم
الوظيفة بدءاُ من الأحدث
المكان
الفترة الزمنية
سبب نهاية الخدمة
1
محاضر لغة انجليزية
الكلية التقنية بصلالة / سلطنة عُمان
1997 - 2015
السن القانوني ال 60
2
محاضر لغة انجليزية
كلية بولتكنك الحص – جامعة البلقاء التطبيقية - الأردن
1990- 1997
العمل في سلطنةعُمان
3
محاضر لغة انجليزية
 معاراً للكلية المتوسطة للمعلمين – صلالة سلطنة عُمان
1990 – 1995
 نهاية الإعارة
4
محاضر لغة انجليزية
كلية مجتمع حوارة – وزارة التعليم العالي  - الأردن
1985 – 1990
الإعارة لسلطنة عُمان
5
مشرف لغة الانجليزية
مديرية التربية والتعليم في المفرق – الأردن
فبراير 1985 – سبتمبر 1985
الانتقال لكلية حوارة
6
معلم  لغة انجليزية
مدارس مختلفة  في محافظة إربد  - الأردن
1978 – 1985
الانتقال للإشراف التربوي
7
محاضر غير متفرغ لغة انجليزية
مركز اللغات – قسم اللغة الانجليزية – جامعة اليرموك  - الأردن
1980 – 1989
الإعارة لسلطنة عُمان

إضافة للتعليم فقد كانت لي اهتمامات كثيرة في المجالات اللامنهجية  مثل :
1)     الترجمة من العربية للانجليزية والعكس لمكان العمل الذي أعمل به
2)     نشاطات اجتماعية  تخص الزملاء بالقسم.


الفضاء الإلكتروني
عندما حدث هذا الانفجار المعرفي في الانترنت  كان لي مشاركة جيدة وفاعلة :
1)     كاتب في المواقع الالكترونية وعضو جمعية الكتاب الالكترونيين الأردنيين.  أكتب في العديد من المجالات وأتفاعل مع الأحداث الجارية، وكتبت عن أحداث ما يسمى بالربيع العربي؛ وعلى سبيل المثال كتبت لتونس مقالا بذلك الوقت بعنوان " ليحفظ الله تونس" بتاريخ 19 / 1 / 2011 , وهذا رابط المقال : http://www.ammonnews.net/article.aspx?articleno=78406
دعونا فيه أن يحفظ الله تونس، وتذكرنا فيه الإخوة التونسيين الذي زاملناهم في الكلية 1990 – 1995 وهو الدكتور حسن المناعي
الدكتور الصادق
الدكتور الدهماني
والأستاذ مسعود الجباهي.  
الاستاذ محمد الهادفي الذي صاهر الأردنيين.

2)     مدون صاحب مدونتين الأولى ( دوحة الخطاطبة) أدون فيها  ما أكب من مقالات. والثانية  ( من دفتر الغربة)  أدون فيها ذكريات ربع قرن من الاغتراب.
3)     انتهيت من إعداد كتاب سيرى النور  هذا الصيف عن صلالة والاغتراب بعنوان " الطريق إلى صلالة"  كتاب اجتماعي اكاديمي  حيث عرضت فيه لأماكن العمل وتعرضت فيه للجاليات العديدة بصلالة. وكذلك فهو كتاب نفسي عرضت فيه للمعاناة النفسية للمغترب  قبل وأثناء الاغتراب وبعده.
4)     صاحب قناتين على اليوتيوب حيث سجلت العديد من الكليبات بصوتي ونشرتها هناك فأنا أحب التفاعل مع محيطي الخارجي.
5)     أما عن الفيس فحدث ولا حرج فالحمد لله على نعمة الأصدقاء التنويريين الذين أتشرف بصداقاتهم. كنت ناشطاً فاعلا بصفحات الأصدقاء وخاصة ببداية الربيع  العربي ولكن عندما تبين لي أن كل عربي هو مشروع دكتاتور صغير لم تتح له الفرصة ليظهر فيغضب ويثور ويشتم إن عارضته ارتأيت أن ابقى في صفحتي ومع اصدقائي أبثهم ما يجول في النفس من افكار وأشاركهم أفكارهم على صفحاتهم.
6)     هناك صفحة اسميتها " المضافة" على الفيس أبقيتها لإحياء التراث ونأيت فيها عن الصراعات السياسية والمذهبية  لتكون واحة للراحة وإحياء التراث العربي القديم فشاركنا فيها الأصدقاء من العديد من البلدان العربية.


وبعد،  هل نسينا شيئا؟  لا أدري  .  لكن إن تذكرنا سنعود ونضيف.    


الأحد، 10 أبريل 2016

المهر المؤجل بين الإفتاء والقضاء الشرعي

المهر المؤجل بين الإفتاء والقضاء الشرعي
فجَّرت الفتوى بجواز مطالبة ورثة المرأة للمهر المؤجل للزوجة في حالة وفاتها بعد سؤال وُجه لدائرة الإفتاء بهذا الخصوص التساؤل عن ماهية المهر المؤجل وحالته بين الشرع والعُرْف؛ وأقصد بالعُرف هو ما تعارف عليه الناس أنه يُدفع للمرأة في حالة الطلاق فقط؛ فلم نسمع بمهر مؤجل دُفع للزوجة في حالة وجودها في بيت الزوجية أو في حالة وفاتها بوجود الورثة المباشرين من زوج أو أولادٍ. 
الجديد في الأمر هو في حالة مشابهة لموضوع السؤال الموجه لدائرة الافتاء عندما تذهب العائلة كلها صغيراً وكبيراً والعائل والمعال ولم يبقى إلا الورثة من بعيد.  فجاء الجواب على جواز المطالبة به من قِبَل الورثة الذين ربما لم يزوروا هذه الزوجة حتى بالعيد.  وعندها تذكرتُ هذا الكرم الحاتمي الذي يقوم به العريس أو بعض الحضور  في الاستجابة لطلبات أهل الزوجة في موضوع المهر المؤجل.  أعتقد جازماً أنه لو أدرك المعنيون هذا الموضوع وأبعاده لسارعوا بإتمام  المهر كاملاً دون ما يسمى المؤجل؛ وعندما كانت تثار الاسئلة عن ارتفاع المؤجل يجيبك الحضور بمن فيهم أهل الزوجة بأنه ( الله لا يجيب خلاف) ولن يحتاج الزوج للمؤجل وكله كلام على الورق.
هنا يبرز السؤال حول المثل القائل ( قاعد للي بموت جوزها) ونُحَوِره (قاعدين لما تموت بنتهم) فيطالب القاعدون أهل الزوج الميت ليقوموا بدفع المهر المؤجل للورثة حتى لو اضطرهم الأمر لبيع الممتلكات.  وهذا طبعا ينسحب على كل من تتوفى زوجته إذا لم يوجد الزوج أو الأولاد؛ وإذا كان الوالدان أو أحدهما على قيد الحياة وخلفهم من يحفزهم للمطالبة سيجعل  من مقولة (الله لا يجبب خلاف) في مهب الريح.
أريد هنا الانتقال لموضوع القضاء الشرعي  ولا أدري إن كان عادة يأخذ بالفتوى أو بالعُرْف كما سمعت مرة ببرنامج أسألوا أهل الذكر مع الدكتور نسيم أبو خضير على لسان أحد القضاة الشرعيين بوجوب أخذ العُرف بعين الاعتبار حيث قال كثيراً ما نسمع بالمطالبة برفع المؤجل حتى لا يُطلق الزوج الزوجة.  وأعتقد أنه يجب الأخذ بهذا الأمر طبعاً أو تنبيه الناس للتوصل لطريقة معينة تنهي هذا القضية بحيث تذكر بالعقد عند إجرائه؛ وكذلك بضرورة أن يكف الحضور عن التبرع من جيب غيرهم.
لم نسمع بدفع المؤجل لا في الحياة أو الموت وهذه الفتوى هي الأولى التي أسمع بها فعلاً.  ولكن الحذر أننا يجب أن نتدارك هذا الأمر قبل أن تنفتح شهية النائمين على جنوبهم بالمضافات لدفع الناس لأن تقوم على بعضها مطالبة بمؤجل بناتها المتوفيات.  وهنا تذكرت سؤالاً مهماً : ماذا لو كانت تركت الميت لا تغطي المهر المؤجل الذي وضع بلحظة كرم حاتمي؟ هل يغرم الورثة ويستدينوا  لسداد هذا المؤجل؟
لا نتدخل بعمل الافتاء أو القضاء ولا بالشرع طبعا ولكنني أدق ناقوس الحذر من مشاكل اجتماعية قائمة يمكن تداركها.  وبمناسبة العُرف يطيب لي أن أتذكر موقفاً وضعنا فيه الشيخ محمود غريب رحمه الله في أحد دروسه بعد صلاة الجمعة؛ فاجأنا الشيخ بالسؤال التالي باللهجة المصرية : ( واحد آل لمراته إن طبخت لحما على الغداء فأنت طالق، وعندما حضر الغداء وجدها قد طبخت سمكاً.  فهل تطلق  زوجته فقلنا  جميعا لا تطلق.  فضحك وذكرنا بالآية الكريمة "وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.  النحل 14".   فقلنا إذا تطلق؛ فضحك وقال لا تطلق لأن العرف لا يعتبر السمكَ لحماً.)  وعلى هذا الأساس يعتبر الناس المؤجل استحقاقا عن الطلاق فقط.
  وعلى العموم القضية الآن أضعها بين أيديكم للخروج من هذا المأزق الحقيقي الذي يقع فيه الأزواج من حيث لا يشعرون: واقصد بوضع بند في العقد حول هذا المؤجل بكيفية استحقاقه أو تغيير  مسمى هذا المبلغ لتخرج من كونه مهراً كأن يكون شرط جزائي يستحق عند الطلاق.  زمان كان المهر ديناراً والمؤجل خمسة ألاف والآن تضاعفت ومن وقع تحت سكين الطمع  فالله وحده أعلم بالنتيجة.
ختاماً  يجب علينا الأزواج أن نحسن خطنا ونساير زوجاتنا لأننا كلنا مدانون لزوجاتنا وإذا غضبت الزوجات فالويل للأزواج المساكين.

الأمر بين أيديكم سماحتكم.

الأربعاء، 30 مارس 2016

اقلعني قبل ما تقلعه


أقلعوا الشعب قبل أن تقلعوا زلمكم
بداية وبعد السلام عليكم فضلت أن تغلب العامية على هذه الإطلالة حتى نبقيها بسياق سوالف التراث التي أعشقها لما فيها من حكم ودروس.  كذلك ربما تخرجنا العامية من حالة الجدية لحظات فنرسم على الشفاه بسمة قد ترى النور.  مقالي اليوم هو قصة بعنوان "اقلعني قبل ما تقلعه". آمل أن تنال إعجابكم.
حدثنا مديرنا الأستاذ مصطفى الدبابي وكنا في جمعٍ من المدرسين في مدرسة كفرسوم الثانوية عام 1979 نشرب الشاي في رزقة الشمس ذات يوم دافئ عن قصة ذلك الضيف الذي نزل بدار رَجلٍ (لا أدري بموعد أو بدون موعد) وقد اقترب موعد الغداء. وكان من أصول الضيافة أن قدم له دجاجة واحدة فقط ولم يشر الراوي أهو ضيق ذات اليد أم ضيق الوقت أم البخل؟  المهم أنها دجاجة واحدة فقط لا غير.  وكما ستوضح القصة لاحقاً فعلى ما يبدو لم يكن هناك توابع لها؛ نعم، كانت واحدة مجندلة على طبق بعد أن كانت قبل ساعات تسبح الرحمن بصوتها الشجي بحوش الدار.
وقبل أن يقول المعزب للضيف تفضل عالميسور، وحضرتوا وما حضر واجبكوا والمعذرة على القصور يا ضيف الرحمن أطل أحد الأولاد الصغار برأسه من باب  الغرفة ونظر إلى الدجاجة.  شعر المعزب بالحرج (المصطنع) من الضيف ولكنه لم يشأ أن يعود الولد بخفي حنين فقسم للولد فخذ الدجاجة وقال له خذ هاي وانقلع؛ وما أن انقلع الولد حتى أطل شقيقه ووقف منتظراً  بنفس المكان ففهم الوالد المغزى وقال خذ هاي وانقلع فأخذها الولد وولى منقلعاً.  وقد كانت القطع تصغر مع كثرة العدد فالرجل يعرف عدد أولاده، وعادة ما تكون القلعة الكبرى لصاحب النصيب الأول.  وكان يحضر كل مرة أحد الأولاد يأخذ قطعة وينقلع.  وكان الضيف حائراً فلم يقل له المعزب تفضل؛ هل يكتفي بالفُرجة فقط. وعندما وصل الأمر إلى آخر قطعة أطل قريد العش (آخر العنقود يعني) مد الرجل يده وقبل أن ينطق بالجملة إياها أمسك الضيف يده وقال له يا زلمة اقلعني أنا الأول قبل ما تقلعه وأخذ آخر قطعة من الدجاجة لنفسه والتهمها على عجل.
وبما أن الشيء بالشيء يُذكر ألا يخشى ولاة الأمر وهم يمارسون سياسة " خذ هاي وانقلع" كلما أطل أحد المتنفذين برأسه أو يصدح بصوته في مكان ما أن يمسك الشعب بيدهم ويصيح بأعلى صوته أقلعونا قبل أن تقلعوهم؟؟؟  
وسلامتكو ؛ فخير الكلام ما قل ودل.
توضيح : زَرقِة الشمس  لا علاقة لها باللون الأزرق طبعا ولكنها كلمة تعني سرعة الظهور من بين الغيوم وغالباً ما تقال بأيام الشتاء حيث تقل فرص ظهورها. وكانت تستعمل بمواقف مشابهة مثلا كأن نقول زرق الولد من جنبي وما شفته (لهجة اربد) فاقتضى التنويه والتفسير.
على كفرسوم ومدرستها والزملاء الكرام وطلابي الأعزاء السلام. 


الاثنين، 21 مارس 2016

دور السفير والسفارة

دور السفير والسفارة
للسفارة في أي بلد دورٌ مهمٌ جداً في توثيق العلاقة بين الدول، ولهذا جاءت جزءاً من وزارة الخارجية.  ولنفس السبب جاء تعيين العديد من الملحقين فيها. ولا أعتقد أن دورها (السفارة) يقتصر على التوقيع على الوثائق وتصديقها لأبنائها المقيمين هناك برسومٍ تزيد أضعافاً مضاعفة عن رسوم نفس المعاملة للمقيم لرفد الخزينة.
 فللسفارات دورُ دبلوماسيٌ بروتوكوليٌ بين الدول يُأطِّر للمواقف السياسية للدول ومحاولة شرحها للدول المضيفة أو تقريب وجهات النظر أو تضيق جوانب الخلاف بين البلدين إن وجد. ورغم عمومية الدور إلا أن أهميته تكمن بأن العديد من الأدوار الأخرى ينضوي تحت هذا المسمى.  فالسفارة الناجحة للبلد تسعى لتسويقه اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وسياحياً وصحياً وعمالياً وعسكرياً.  فالسفارة تحوي الأجوبة لأي سؤال من شعب الدولة المضيفة عن كل هذه المجالات.  فأين يجب أن يذهب المستثمر مثلاً أو السائح ليحصل على المعلومات التي يريد عن البلد.  ولمن يرجع الطلاب الراغبين بالدراسة في هذا البلد إن لم تكن السفارة مرجعيته الأولى؟  
كذلك وبالمقابل فهي مصدر معلومات لدولتها التي أرسلتها عن مناحي الحياة المختلفة في الدولة المضيفة ولا يتعارض هذا مع أصول العمل الدبلوماسي بين الدول. والحديث طبعاً عن طاقم سفارةٍ نشيطٍ يعرف كيف يحصل على ما يريد.  ولكل شيخ طريقة في هذا المجال.  لكن ما أقام الدنيا ولم يقعدها هذه الأيام ومن قبلها هو أن نشاط السفارة المعنية كان علناً وليس سراً، أو ربما مناكفة للدول المعنية التي تمثلها هذه السفارات.
لقد شغل السفير الأمريكي السابق الذي دبك على أنغام تيرشرش في إربد وتناول المنسف برعاية ممثلي الشعب في مضارب العشائر  شمالاً وجنوباً؛ وجاءت السفيرة بعده لتكمل المشوار وتغطي ما غفل عنه السفير السابق فلبست الثوب الفلسطيني و(برضه) بحضور ممثلي الشعب وتابعتم من حدث. وكان هناك حديث عن تشكيل مجالس شبابية للتنسيق بين  السفارة وبعض أطياف المجتمع.
 والآن الحديث عن السفارة الفرنسية التي دعت المواطنين لزيارتها للتعرف على منتجاتها التي من ضمنها النبيذ الفرنسي.  و لا أسَوِقُ للفكرة طبعاً (تناول النبيذ) ولا أشجع على تناوله ولكن تناول النبيذ الفرنسي ليس شرطاً  لدخول المعرض؛ فلا أتصور أن ساقي النبيذ يقف على باب السفارة بقِربة نبيذ أو وعاء يشبه وعاء بياع التمر هندي يعزف على صحونه ألحاناً جميلة ويلزم الداخل للسفارة بشربه. هو عرض من ضمن العروض؛ فمن شاء أن لا يقرب ذاك الجناح فلا جناح عليه.
وفي حدود معلوماتي أن هاتين السفارتين ليستا الوحيدتين اللتين تقوما بمثل هذا النشاط؛ فمعظم سفارات العالم في الأردن لها دور معين تؤديه حسب رؤيتها ولو من بباب الدور الاجتماعي ومن خلاله تحقق ما تريد؛ فهي ترعى جمعيات خريجي  تلك الدول أو المتزوجين من نساء من تلك الدول، وتتواصل معهم، وتدعوهم لاحتفالات سفاراتها؛ ولا يرى الكثيرون ضيراً في هذا الأمر.  
وهنا أطرح أمنية على شكل تساؤل: هل سمعتم مثلاً بنادي أو جمعية الدارسين بالأردن برعاية السفارات الأردنية في الخارج؟  عربياً لم أسمع بدور فاعل لسفارتها في الخارج إلا سفارات الدول الثورية  إياها ولا داعي لذكرها وهي التي تسعى لتصدير ثوراتها إلى الدول الآخرى؛ وكان لها مريدون طبعاً ولم نسمع باحتجاج شعبي حولها.
الآن نوجه الحديث لجماعتنا وخاصة ممثلي الشعب في مجلس النواب الكريم: إذا لم تستطيعوا تطوير عمل سفاراتنا الأردنية لتنمي دورها كما يجب بأن تكون واجهة فِعْلِية للأردن فتفعل كما تفعل السفارات الأخرى في بلدنا.  وبدلاً من يكون جل همكم تعيين ابن المسؤول الفلاني سفيراً والعلاني ملحقاً في سفارة كمغترب لمدة معينة مكافأة له بعد خدمة طويلة قبل تقاعده، أو إكراماً لقريبه (الكبير أوي).  ليكن دوركم تطوير مهمة السفارات الأردنية لنراها مِحجا لأبناء البلد المضيف للاستفسار عن الأردن  علميا وصحيا وسياحيا ..... الخ آخره .
كم تمنيت لو قامت السفارات الأردن بالخارج بمعرض لتسويق الأردن بالجوانب التي ذكرت سابقاً في دارة السفارة نفسها ولتقدم الشنينة (1) كمشروب وطني بعد القهوة العربية (السادة) طبعاً.  عندها هل كنا سنقبل أن يحتج علينا الآخرون بأن هذا المشروب يدوخهم مثلاً وفيه شُبهة معينة.
ربما يقول قائل: السفير ضيف والضيف  له حدود؛ نعم هذه هي حدوده كما تنص عليه البروتوكولات الدولية والأعراف بين الدول؛ ولو كان الأمر متعلقاً بالجانب الرسمي فقط لتم الاكتفاء بمكتب صغير وكان الله بالسر عليماً.  
فالسفارة الفاعلة لا يجب أن تبقى دائماً في العمارة.

(1)  فكرة الشنينة ملطوشة من منشور للأستاذ نصر المجالي الاعلامي الكبير.