السبت، 20 سبتمبر 2014

إمبراطورية (م) الاسكتلندية

إمبراطورية (م) الاسكتلندية
إمبراطورية (م) عنوانٌ لفلمٍ قديم بطولة سيدة الشاشة العربية فاتن حمام و الفارس أحمد مظهر. و سبب التسمية طبعاً كما لا يخفى على من يعرف الفلم  أن أسماء أفراد العائلة تبدأ بحرف الميم. تدور قصة الفلم يا سادة يا كرام أن أكبر الأبناء قرر أن تجري انتخابات بالعائلة لينتخبوا رئيساً للعائلة ليديرها متأثرا بالشعارات التي كانت ترفع بالستينيات. الشعارات التي لعبت على عواطف الشباب و لم تُنفذ على أرض الواقع في بلدانهم.
نعم قرر أفراد العائلة المُضيّ قُدماً بالانتخابات و الاستعداد لها من دعاية  داخل العائلة  من حفلات و لافتات ( طبعا أزالوها بعد الانتخابات مش مثل نوابنا).  و بيوم الانتخابات تم الاقتراع، و فرز النتائج بنفس اللحظة، و كان الفرز علنياً طبعا بأن الكل انتخب ماما  رئيسة للبيت أو مديرة له.  و عندما سألتهم و هي فِرحة بالنتيجة أن تربيتها لم تذهب هدراً أكثر من فرحها بالنتيجة قائلتة:  " أمال عملتوا كل ده ليه؟". أجابوها "على شان تعرفي أننا نحبك و  اخترناكِ  لأننا عاوزينك"، ليس لأن سنة الخلق هي هكذا.
تذكرتُ هذا الفلم و أنا أتابع ما يجري في اسكتلندا باقتراعهم على الانفصال عن الأم انجلترا أو بريطانيا العظمى أو المملكة المتحدة.  كنا على الفيس (هايد بارك الأردنيين) منقسمين طبعاً كالعادة فمنا من قال بأنها ستصوِّت للانفصال ، و الصديق الإعلامي الكبير نصر المجالي كان يتمنى أن لا تنفصل، و لكننا جميعا كنا واثقين بأن الأم الكبرى بريطانيا ستقبل بالنتيجة مهما كانت، و لن تُشكك أو ترفض النتيجة أو تتهم الحكومة الاسكتلندية بالخيانة أو السطو على السلطة أو نكران الجميل، و لن تُرسل بقواتها إلى هناك لإرجاع اسكتلندا لحض الأم بالقوة باعتبار أن الاسكتلنديين غير ناضجين بعد ليحددوا مستقبل بلدهم.
 لكن كان معظمنا حياديا (neutral)  حول القضية باستثناء بعض الشامتين ببريطانيا و الذي تمنوا أن تنفصل اسكتلندا كمقدمة على انفاصل ويلز ربما، و السبب أنهم لم ينسوا نتائج سياسة بريطانيا في المنطقة العربية التي كان من نتائجها تقسيم منطقة الشرق العربي و (السلبطة) على أرض لم تكن لهم يوما لتكون نتيجتها اسرائيل.   سياسة كانت عواقبها هذا الفلتان على مستوى العالم باسره.
و مع هذا كانت كل الأطراف تبدي إعجابها بالسياسة البريطانية و ينظرون بعين الغبطة أو الحسد أو التمني أن تكون بلداننا و أنظمتنا تتمتع بهذا البُعد الديمقراطي الكبير الذي يضع البلد و ليس الكرسي نصب عينينا. و نتساءل كلنا  لماذا  لا يقدمون النصيحة لرؤسائنا عندما يقول لهم مستشاروهم  إياكم و فلان أو علان.  و الحديث هنا عن كل أطياف الأنظمة بالشرق العربي؛ فهي كلها ( و إن ظهرت متناقضة) ما زالت تَحُج للغرب للنصيحة و المشورة أو تطلب البركة من سفاراتها عندنا.   لماذا لعبوا على وتر التفرقة؛  لماذا لا يريدون لنا أن نكون ديمقراطيين في بلادنا.  ألا يعرف الغرب أن علاقاته مع  الأنظمة الديمقراطية  هي أفضل ألف مرة من أنظمة تستولي على السلطة بطريقة أو بأخرى.  لماذا نجد هذه البركات (التفرقة و الشرذمة و الوصاية) فقط في الدول التي استعمرتها بريطانيا و لا نجد نفس الشيء بالدول التي استعمرتها فرنسا، باستثناء بلد المليون شهيد.
و بالعودة إلى ما جرى ببريطانيا  للمرة الثانية فإنني أعتبره مؤشراً على أن الانفصال قادم و بقاء هذه المقاطعة مع الأم مرهون بمدى رعاية الأم لهذه المقاطعة.  لكن هذا أيضاً لن يدوم طويلاً و هذا سببه سنة الكون طبعاً، فلم تسلم كل الإمبراطوريات من الانفصال و التفكك لتعود الأمور كما بدأت، و ثانيها هو أن دعوات المظلومين للاقتصاص من الظلاّم ربما ستتحقق يوماً.   
 ورغم الفقرة الأخيرة من هذا المقال إلا أنني و بكل انتصار  للديمقراطية  أبارك لبريطانيا و اسكتلندا هذا العرس الديمقراطي الصحيح ، و لكني أعترف لكم و بصراحة أن سياسة هذه الدولة (قلبت مخي) عن جد بموازنتها بين ديمقراطيتها  الخاصة بها هي و إنكارها لديمقراطيتنا نحن.

لا أدري  سبب هذه الكِتبة علينا، هل هي حصرية  لنا فقط؟ إذا كان الأمر كذلك حق لنا أن نقول  يا حصرتي. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق