الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

داعش لم تترك لنا الخَيار

داعش لم تترك لنا الخَيار
و أخيراً جاء الخيار الصعب الذي كان الأردن يحاول تجنبه منذ بداية الصراع الدائر في المنطقة، ألا و هو المشاركة الفعلية بالتنظيم الدولي لضرب هذه الجماعات المسلحة التي تلبس لباس الدين الذي ينكره حتى الداعمين لها داخلياً باستثناء القليل.  لقد حاولت هذه الجماعات و المتعاطفون معها داخلياً أن يجرونا إلى الصراع في سوريا في بداية الأمر،  تماما كما حاول القوميون لجرنا لنفس الصراع (للوقوف بالجانب الآخر) و لما سبقه من صراعات و خاصة في العراق، حتى تصبح المنطقة المحيطة باسرائيل آمنة لعدونا المشترك فينشغل كل تيّانٍ بتينه كما يقول المثل و يتفرغ  العدول للداخل الفلسطيني يفعل فيه ما يشاء.
نعم لقد أعلنها قادتها صراحة مراراً و تكراراً بأن عينهم على الأردن، و حاولوا دخوله بطرق شرعية أو غير شرعية بعد أن فشلت محاولات خروجهم من عندنا لدعم (إخوتهم) في الشام في جر النظام السوري لحرب مع الأردن لانشغاله بالداخل عنده، فلا أعتقد طبعاً أنه كان سيسكت عن دخولهم لأراضيه لو كان الزمن غير الزمن، و الوقت غير الوقت، و ما 1970  عنا ببعيد لمن ما زال يمتلك الذاكرة لهذا.  كان دخولهم من الحدود السورية متكرراً و عندما شاءت الظروف الدولية و الداخل العراقي لهم أن يتمكنوا من العراق  كانت المحاولات أيضا من الجانب العراقي.
و لا يجب أن نغفل على دواعش الداخل الذين لهم أحلامهم أيضاً في هذا الأمر و هم على اتصال و بدأت الخيوط تتكشف عن بدايات لتحركهم داخلياً. و قد أحسن الإعلام الرسمي صُنعاً عندما أصبح يشير إلى هذه الأخبار  صراحة بعد أن كانت السياسة العامة أن لا تُنشر هذه الأخبار حفاظاً على عدم ترويع المواطنين.
إذاً فهذه التنظيمات لم تترك مجالاً للأردن إلا أن يبدأ بالدفاع عن أراضيه و شعبه لأن هناك حرباً أو تمهيداً لحرب كما يشير  لها الإيقاع السريع للأحداث مؤخراً، و من لا يرى ذلك فهي مشكلته . و أصبح دخول هذا المعترك الذي كان الأردن يرفض المشاركة الفعلية فيه بشكل مباشر و يكتفي بالمشاركة اللوجستية قراراً حتمياً يحتمه عليه واجبه تجاه شعبه و لو من باب السياسة الوقائية  التي تسعى لمحاربة الشر قبل وقوعه؛ فإذا رأيت الخطر قادماً فمن  عدم الحكمة أن لا تواجهه و هو بعقر داره للوصول إلى أقل الخسائر، و من سوء التخطيط و الغباء أن تنتظر وقوعه لأنك ستموت مرتين.  و كما قال الإمام علي كرم الله وجهه " ما غُزي قوم في عقر دارهم إلا ذلّوا". 
و هنا دعونا نسأل السؤال التالي و بكل صراحة؛ إذا كان لكل دولة في هذه المنطقة (بما فيها التنظيمات الإرهابية نفسها) حساباتها فلماذا لا يكون لنا حساباتنا أيضا.  لماذا  يُفترض أن نكون دائما متلقين للصدمات و نتحمل تبعاته؛ و نكون دائما نُصفع على خدنا الأيمن و يخرج من بين ظهرانينا من يقول أدر لهم خدَّك الأيسر؟  و هنا ربما يُثار سؤال آخر و هو  لماذا لم تتحرك الدولة منذ زمن رغم أن الجميع يعرف  حقيقة ما يجري في سوريا؛ و هذا سؤال مشروع لكن الدولة لها توقيتها للأمور.
لنا أن نقول في هذه الحرب ما نشاء و ندلي بدلائنا فيها قبولاً أو رفضاً قبل القرار و عندما يكون الحديث عنها هو السائد؛  لكن و بعد أن يُعلن الوطن قراره، و يصبح القرار إما مع الوطن أو ضده فلا بد أن نكون جميعاً في صف الوطن و أي حديث غير هذا يصنف بأن صاحبه يقف بالصف الآخر لحساباته أيضاً.  لكن لنا رجاء منهم أو يتركونا نقف مع وطننا لأننا لا نرى غيره  في هذه الدنيا و لا حسابات لنا إلا الأردن.
إن ثقتنا بالجيش عالية جداُ و أملنا بهم كبير بتوفيق من الله جل و علا، فهو الناصر و هو المعين و هو علاّم الغيوب.  و لهم نقول  قلوبنا معكم و دعاؤنا لكم و الأمل معقول بنواصي خيولكم  يا نشامى الوطن.
و تحية لجلالة قائدكم  المفدى حفظه الله و سدد على طريق الخير خطاه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق