اعتصام المحامين
بداية نسأل الله أن يكون كلامنا خفيفاً على أصحاب
السعادة الأساتذة المحامين ونقابتهم؛ فنحن لا نقدر على حمل عبء قضية قدح وذم أو ما
شابهها من قضايا فالمسميات كثيرة. فهم أصحاب الصوت العالي بالدفاع عن الحق وإرجاعه
لأصحابه. ونُقدم بين يدي هذه النجوى من
باب إظهار حسن النوايا صدقة مفادها أننا لسنا ضد أن تعتصم النقابة دعماً لموقف
زميلٍ لهم شاءت له الظروف أن يكون موقوفاً لقضية معينة؛ لكن وبذات النجوى نستهجن
هذا الاعتصام من أجل قضية كالتي سمعنا عنها بالإعلام قُطبَيها نشمية أردنية
ووظيفتها بسلك الأمن العام أثناء تأديتها لواجبها الوطني الذي يخدمنا جميعاً بما
فيها الاستاذ المحامي و نقابته.
مصدر الاستهجان هو أنني أرى في مهنة المحاماة مهنة تحمل
على كتفي أصحابها ميزاناً للحق والعدل يجعلها ترتفع عن باقي المهن الأخرى مع وافر
الاحترام لجميع المهن. ولكن وللأسف يصر
أصحابها (النقابة والمهنة) أن يجعلوا أنفسهم في مصاف المهن الأخرى، و يسيروا على
مبدأ ( اشتكي لمين ما بدك، وفي لينا نقابة بتحمينا) الذي قالت به إحدى المعلمات
لوالد إحدى الطالبات عندما جاء محتجاً على ضرب ابنته. لهذا أستغرب هذه الضجة التي
قامت لتوقيف المحامي المعني رغم معرفتي أن التوقيف لا يعني الاتهام طبعاً. استغربت
الاعتصام لأنني كنت أتوقع أن يسعوا لتكفيله مثلاً أو متابعة قضيته قضائياً بدلا من
الظهور الإعلامي للاستقواء بالإعلام على القضاء.
أعرف تماماً أنكم رجال القانون وفرسانه ولا تحتاجون لمن
يذكركم بهذا، ولكني أرى في اعتصامكم هذا أنه جاء من باب الفزعة للزميل وربما يكون
أيضا انتفاضاً لسمعة النقابة بين النقابات؛ إذ جرى العُرف أن يكون للنقابة (أي
نقابة) موقف حال تعرض عضو فيها لموقف حتى لو كان مخطئاً. وهنا دعوني أسألكم وأنتم أهل القانون: أليس
المحامي بشراً يمشي على الأرض فيخطئ كما نخطئ؟ لماذا تفترضون فيه الجانب الملائكي فتنزهونه عن
كل ما نقع به نحن غير المحامين؟ لماذا تحيطونه بهالةٍ تجعل مساءلته عندما يقع أحد
المواطنين بمطب مع أحد المحامين ليست بهذه السهولة؟ لماذا ترفضون العديد من
الشكاوى بحق المحامين لمجرد أنها لا تتضمن الأدلة الورقية التي تثبت حق صاحبها، ولا
تكلفون أنفسكم التحقق من صحة الشكوى بسؤال المحامي موضوع الشكوى؟ لا أخفيكم أنني واحد من المعنيين بهذا الأمر و
ضحية أحد المحامين، فرُفِضت شكواي لأنها لم ترفق بها الوثائق. الإخوة المحامون بشر خطاءون مثلنا ولا يجب
إغفال هذه الصفة فيهم، فلماذا الاستغراب إن سمعنا عن خطأ هنا أو هناك فنعتصم
احتجاجاً على تنفيذ القانون.
والسؤال الثاني للسادة نقابة المحامين فهم ملاذنا
قانونياً و لا ننكر هذا رغم ضعف نفوس بعضهم، فهم ليسوا ملائكة؛ نسأل باستغراب
السؤال التالي: إذا كان للمهنيين نقاباتهم التي تدافع عنهم سواء كانوا ظالمين أو
مظلومين كما المعلمة التي أشرت لها سابقاً، فمَن (للمعثرين) الذين لا نقابة لهم
مثلي؟ وهؤلاء طالبتُ لهم ذات يوم بنقابة أسميتها نقابة (المعثرين).
وبالعودة لموضوع الاعتصام نفسه أكرر أن الاعتصام حق مثل
القانون تماماً، ولكني أقول للإخوة المحامين كما قلت للنواب عندما تمترسوا وراء
الحصانة، قلت في مقال بعنوان الحصانة النيابية وشليل الحق على عمون هنا " كنت أتوقع من مجلسنا الكريم أن يقول كما نقول بالعامية ( هاظا شليلنا للحق)
من له عندنا حق فليطلبه، ويكونوا قدوة بالوقوف أمام القضاء، لا أن يتمترسوا وراء
حصانة قانونية لا تحميهم إلا أمام القانون فقط، و ليس يوم الموقف العظيم أو أمام
بعض ناخبيهم" .
وللإخوة المحامين نقول: كنتُ أتوقع أن تقولوا أيضاً هذا
شليلنا للحق، لا أن تتحصنوا وراء نصوص قانونية ربما تغطي صاحبها قانونياً كما قال
الدكتور محمد نوح القضاة، ولكنها لا تنجيه من يوم لا قانون فيه إلا قانون رب
العالمين.
يوم يقوم الناس للحساب لا يوجد إلا ميزان عدلٍ واحد فقط،
و لا قانون إلا قانون الحق.
ودمتم حماة للحق فِعلاً و قولاً لا مهنة فقط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق