الأحد، 22 مارس 2015

الأم والكرامة في حضرة الشهيد

الأم والكرامة  في حضرة الشهيد
لا يحتارُ الأردني كثيراً في الحادي والعشرين من شهر آذار في كل عام في كيفية الاحتفال بمناسبتين لا يراهما مفصلتين أبداً، ألا وهما يوم الكرامة ويوم الأم. فهو يراهما مناسبة واحدة تصب في بوتقة العزة؛ فالأم نبع الكرامة ومدرستها، والكرامة نتيجة أمٍ هزت سرير أطفالها بيمينها لينام على هدهدة الكرامة.
هذا العام جاء احتفال الوطن ممثلاً بتلفزيونه الوطني بالمناسبتين برونق خاص جداً ميَّزه عن ما سبقه من الاحتفالات؛ هذا العام كان الاحتفال بكرامة الوطن وعزة المربية الأم في حضرة الشهيد. دخلت أمهات الشهداء شامخات عزة وفخراً بما قدمن للوطن من شهداء من حبات فؤادهن.
وتوَّجت الحضور  سيدة أمهات الشهداء الأردنيين بلا منازع وهي والدة الشهيد النقيب الطيار معاذ الكساسبة عليه رحمات الله ورضوانه؛ ودخل معها الشيخ الأستاذ صافي الكساسبة والد الشهيد، و السيد جواد شقيق الشهيد، ومع كل الاحترام لهم جميعاً إلا أن حضور أم معاذ (والسموحة من جواد، فأنا أعلم أنه الأكبر) كان هو سيد الموقف؛  من أم معاذ تتعلم السيدات الصبر و القوة والثبات؛ فانطلق لسانها شاكراً لله أن منحها هذا الشرف لتكون أماً للشهيد، و ليس فقط الشهيد معاذ، إنما أصبحت أماً لكل النشامى من صقور سلاح الجو الأشاوس زملاء معاذ.
عندما أعلنت المذيعة المتألقة لانا القسوس أنها تريد أن تستذكر مقطعاً من اللقاء الأول مع أم معاذ راودني شعور بأن هذا المقطع إنما هو نوع من الحشو بالبرنامج ولا ضرورة له، وربما يكون ثقيلاً ومؤلماً على الأستاذة أم معاذ؛  وعندما بُث المقطع قلت في نفسي أي امرأة هذه لتكون بهذه القوة، تخفي وجع قلبها لتشحذ همم الشباب من صقور سلاح الجو وتحثهم على الثأر لزميلهم وتعلنهم أبناءً لها وتطلب منهم أن لا يقطعوا زيارتها.  هل من الممكن أن تكون الخنساء بُعثت في القرن الحادي والعشرين!!
تبين أن الهدف من المقطع هو القمة في البرنامج الذي تمثل في دخول أبنائها الصقور من دفعة الشهيد ليهنئوها بعيد الأم. هل سمعتم بمصطلح (empathy) و الذي يعني  التقمص العاطفي؟  نعم أنا كنتُ في تلك المرحلة متقمصاً هذا الدور لاشعورياً. دمعت العين تلقائياً وأنا أراها تخفي حزنها وتهش لهم باسمة وهم يسلمون عليها مهنئين لها بالعيد؛ تماماً كما كانت تهش لمعاذ رحمه الله عندما كان يحضر بإجازة؛ فكان الحضور تلبية لنداء خنساء الأردن. قلت في نفسي أي قلب تحملين بين جنبيك يا أم معاذ لتحتملي كل هذا عندما رأيت الشباب وكلٌ منهم يذكرك بمعاذ!!
لقد حق لك أن تكوني وأبا جواد و جواد والصقور ختام مسك الاحتفال بعيد الأم لنرى ابتسامة منكِ احتجبت منذ استشهاد معاذ؛ ابتسامة أفرحت حتى زوجة الشهيد كما جاء بتغريدتها. وبعد كل هذا الفرح بنكهة الشهادة لا يهم أي قول بعدها فليس يصلح أي قول أبدا إلا عبارات الفخر بسيدة أمهات الشهداء.
هنا أريد ومن وحي المناسبة أن أقترح على ذوي الشأن اقتراحاً وهو اعتبار يوم الكرامة أيضا يوما للشهيد ونعلنها مناسبة نستذكر فيها كل شهداء الوطن ودرتهم معاذ الكساسبة.
كما وأنني أقترح أن يُطلق على السيدة أم معاذ لقب خنساء الأردن إن قبلتها من شخص مغترب حال الاغتراب بينه وبين واجب العزاء، و من غيرها يمكن أن يحمل مثل هذا اللقب!!.
كل عام و أم معاذ وأمهات الشهداء، وكل أمهات الوطن بخير، والرحمة على أمي ومن كان في دار البقاء من أمهات من مر بهذه الأحرف وقال آمين.
#ارفعي_رأسك_أنتِ_أم_شهيد
#يومالشهيد

3#خنساء_الأردن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق