الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

الغُربيِّة و الانتخابات البلدية | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية

الغُربيِّة و الانتخابات البلدية | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية


الغُربيِّة و الانتخابات البلدية
لقد كتبتُ الكثير في مقالاتي حول ضرورة المشاركة  بالانتخابات الوطنية: البرلمانية منها و البلدية، و كثيراً ما كنتُ أمني  نفسي بالمشاركة فيها خاصة أنني كنت محروماً منها أكثر من ثلاثة و عشرين عاماً بسبب الاغتراب.  هذا العام أيضا قطعت الأمل أيضاً بسبب حجوزات الطيران؛  لكن قدر لي الله أن يتم تأجيل السفر لما بعد الانتخابات؛ لهذا داخلني شعور بالفرح لأن أملي سيتحقق أخيراً و سأقف بطابور المقترعين أمام الصندوق.
أعلنتُ لمن حولي كلهم أن سفري قد تأجل، و أنني بصدد المشاركة بالانتخابات دعماً لمسيرة الديمقراطية و ترسيخاً لنهجها، و لكن لم يكترث أحدٌ بما قلت و لم يأخذني أحد (على جنب) أو يتصل بي ليطلب مني التصويت لفلان مثلاً؛ فقلت ربما سيزورني بعض المرشحين بالبيت كما جرت العادة قديماً لطلب الثقة، و سأجلس أمامهم بكل ثقة مؤكداُ على أن صوتي لن يذهب إلا للأصلح؛  على ما يبدو  أن هذا أيضاً هو أملٌ قد تبخر.  كذلك استغليت وجودي بجاهة عرس حيث جرى حديث جانبي حول جماعة سيجتمعون لترشيح فلان للعضوية و ليس للرئاسة؛ تساءلت بصوت مرتفع عن أصلح شخصية يمكن أن أنتخبها باعتبار أن الوجوه المعلقة على اللافتات غير معروفة لي، نظر الحضور إلى بعضهم و لم يجبني  أحد و لم ألح بالسؤال.  فهمتُ من عدم الإجابة أن الأمور محسومة عشائرياً و لا يهم صوت كصوتي مثلاً إن ذهب لمرشحهم أم لغيره. و ربما يعود السبب أنني أنتمي لفئة تسمى ببعض المناطق (بالغُربيِّة) فمن هم الغُربيِّة يا رعاك الله؟  
الغُربيِّة (و هي من الأغراب) عن المنطقة طبعاً هم ممن تملكوا أراضي بالمنطقة و عمروها بالبيوت و سكنوها، و بهم امتدت المناطق و اتسعت و كبرت.  و لا تقتصر مناطق تواجد الغُربيِّة على محافظة دون أخرى، فهم ينتشرون من شمال الأردن إلى جنوبه.  و للتذكير طبعا لم تكن الأراضي التي سكنها الغُربيِّة زكاة أموال أهل المناطق.  و لأن الغُربيِّة متعددو الأطياف و الأصول و المنابت فهم يشكلون قِلّة من ناحية العدد أو الاجماع على رأي واحد؛ فمهما علت مكانة الغربية وظيفياً إلا أنهم يظلوا أعداداً فقط، و لا يشكلون عددياً وزناً انتخابياً يمكن التعويل عليه.  لهذا يكون حضورهم أو عدمه سيان عند المرشحين.
و بما أن قانون الانتخاب الحالي قد رسّخ الالتفاف  العشائري حول المرشح ربما تشجيعاً لصلة الرحم فإن قضية الغُربيِّة يجب أن ينظر اليها بجد كشريحة من المجتمع المحيط، فلا يجوز أن نبقى مهمشين. و إذا كان بعض الغُربيِّة يعملون في الخارج فإنهم يعانون من غربتين داخلية و خارجية عن هذه الأفراح الوطنية.
كنت قد اقترحت بأكثر من مقال سابق على أحقية المغترب بالانتخاب و هو في الخارج و هنا أؤكد على ضرورة تشجيع الغُربيِّة على المشاركة بالانتخابات.  و نظراً لصعوبة هذا بسبب البعد العشائري سالف الذكر فإنني أقترح مثلاً أن يعود الغُربيِّة إن شاءوا ليترشحوا أو ينتخبوا بمسقط رأسهم و ليس حسب السكن. و هذا الاقتراح يقوي الروابط بينهم و بين أهليهم و يرفع نسبة المشاركين بالانتخابات.
ربما يعيب علي البعض بقولهم  نحن نريد أن "نتخلص" من العشائرية بالانتخابات و أنت تكرسها وهنا أسألهم عن البديل في ظل القانون الحالي.  نسمع الكثير عن البوتقة الواحدة التي تصهر كل مكونات المجتمع و لكن الممارسة الانتخابية تشير دائماً إلى خلاف ذلك.
شخصياً ما زال لدي الإصرار الكامل على ممارسة حقي الانتخابي بالاقتراع، و سأعطي صوتي لمن تقع عيني  على اسمه أولاً لأنني لا أعرف أياً من المرشحين؛ و كذلك الأمر بالنسبة للأعضاء.
مع أطيب التمنيات للجميع بالتوفيق في خدمة بلدياتهم و مواطنيها.

الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

ماذا وراء كل هذا الضجيج الإعلامي في الأردن؟ | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية

ماذا وراء كل هذا الضجيج الإعلامي في الأردن؟ | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية

ماذا وراء كل هذا الضجيج الإعلامي في الأردن؟

أشك  أن أحداً من الشعوب العربية تعرض لضغط نفسيٍ جراء ما حدث حوله من معاناة الشعوب العربية أو الإسلامية الأخرى مثل الشعب الاردني الطيبو بلغ من شدة معاناته أنه نسي أمر نفسه تماماً. فكان دائماً متناغماً مع القضية العربية الكبرى  ممثلة بالثورة العربية الكبرى؛  فكان جل جنودها من رجالات الأردن، و لا أذكر تواجداً كبيراً لأي مجتمع عربي بحجم التواجد الأردني بهذه الثورة. و استمر الهمُّ العربيُّ على أكتاف الاردني إلى ما بعد قيام الثورة العربية الكبرى. فقد انكفأ الكثير من رجالات الشعوب المجاورة على أمورها الداخلية حيث اهتمت ببلدانها؛ فذهب السوريون إلى سوريا، و اللبنانيون إلى لبنان ليبنوا بلدانهم،  و انصرف آل سعود إلى السعودية ليقيموا مُلكاً جديداً،  و يؤسسوا لعهد جديد. و كذلك الفلسطينيون فقد انصرفوا إلى فلسطين  ليعمروها.


دوناً عن بقية هذه الشعوب بقيت الأطياف الأردنية تبحث عن مكان لها تحت الشمس بين هذه الشعوب المحيطة فلم تجد إلا صدوداً وتهكماً من الجميع؛  و رغم كل شعارات العروبة و الحرية التي كان الجميع يرفعونها و ينضوون (كلهم) تحت لوائها في الثورة العربية الكبرى إلا أن إرث سايسكس بيكو لم ينل بالعار إلا الأردنيين، مع العلم أن كل دول الثورة العربية الكبرى كانت نِتاج  سايكس بيكو أو غيره. لهذا ظل الأردن يحمل هذا الوزر وحده،  و بقي الأردنيُّ ينظر يمنة و يسرة باحثاً عن بقعة أخرى من هذا العالم ليحمل همها تحت مسمى العروبة.  ورغم أن كل مؤسساته كلها كانت عروبية  و ليست أردنية خالصة،  و رغم أن أهم مؤسسة فيه و هي الجيش  بقيت تحمل اسم الجيش العربي ، مع ذلك لم ينج الأردن و الأردنيون وحدهم من سيل الاتهامات بأنهم صنيعة الاستعمار.

ولأن من  سياسة الدول العربية (الشقيقة) أن تعمل على زعزعة الدول المجاورة لتغطية فشلها في تنفيذ ما وعدت به شعوبها، كان الأردن دوماً يتعرض إلى ضجيجٍ إعلاميٍ كبيرٍ من تلك المحطات الاعلامية تقلب أبناءه عليه و تشكك بكل جهد أردني و تضع عليه أكثر من علامة استفهام. لهذا و ربما من منطلق صد هذه السهام الموجهة من تلك الجهات و من منطلق العروبة كان الأردن  ككيان يعربي الوجهة الأولى لكل (مظلوم) على شكل موجات تختلف بعددها و كان أكبرها طبعاً الهجرة الفلسطينية.  و بمجرد وصول هذه الدفعات المهجرة قسراً للأردن تم التعامل معهم كأمر واقع و ليس كحالة طارئة، و نتج عن هذا تغييرٌ في الديمغرافيا الأردنية كلياً.

يلاحظ  المتابع للشأن الداخلي الأردني هذه الأيام و منذ بداية الربيع العربي أنه بدأ يسمع ذات الضجيج الاعلامي الذي لا يختلف عن ذاك الضجيج  مع اختلاف آلة الضجيج؛ فبعد أن كانت الإذاعات فقط أصبح لدينا التلفزيون و المحطات الخاصة، و ثالثة الأثافي  المواقع الالكترونية إياها.

 من الجديد بأمور هذا الضجيج هو مساهمة الحراكات بهذا الضجيج  بمختلف أطيافها، فهي ترتفع و تنخفض انعكاساً لما يحصل بالدول المجاورة.  فالحراكات التي ترتفع سقوفها فوق الإصلاحات و التي تستفز النظام بتصريحات تهدف للمواجهة معه هي أحد ركائز هذا الضجيج.

و لقد دخل على الخط في هذا الضجيج الإعلامي السياسيون و الكتاب المشهورون العالميون و إعلام إسرائيل. فكثرت تصريحات الصحفيين الغربيين و السياسيين  من وزراء و أعضاء مجالس النواب من أصحاب السعادة السناتورات و الصحف الاسرائيلية كلها تثير نقع الضجيج فوق رؤوس الأردنيين نظاماً و شعباً بحيث أصبح جل همهم متابعة ما يصدر من تصريحات و تحقيقات أكثر من اهتمامهم بمتابعة الشؤون الداخلية و الاقتصادية للبلد مما أدى لارتفاع نسبة الفوضى و التطاول على هيبة الدولة و ارتفاع المديونية إلى أرقام غير مسبوقة. 

هذه الأيام التي يعم الربيع العربي العالم العربي من شرقه إلى غربه يطيب للبعض أن يتباهى بأن ربيعنا أخضر و لن يكون أحمر بإذن اللهو لكني لا أستغرب أن يكون أحد الأهداف من هذا الضجيج  أن ينسى الشعب الأردني نفسه مرة أخرى ليعود ملتفتا هنا أو هناك كلما دقت طبول الحرب ببلد آخر مجاور و أصبح ينتظر بعد كل مصيبة موجات من اللاجئين، و هي ظاهرةٌ أصبحت موضوعاً للتندر بينهم، مما يؤدي الى تغيير جديد  للديموغرافيا  الأردنية يفقد فيه الأردنيون ما تبقى لهم نتيجة الموجة الأولى.

مطلوب من الجميع تمييز الخبيث من الطيب مما يسمعون حتى لا نجد أنفسنا ضحية هذا الضجيج.

هل نحذر  أم أنه قد فات الآوان؟