الأربعاء، 26 يونيو 2013

جمعيات و روابط و مسميات أخرى



ربما كان من إحدى (خيرات) الربيع العربي هو هذا الكم الكبير من الاتحادات أو الروابط أو الجمعيات (سمها ما شئت) في وطننا العزيز، فأصبح لا يمر يوم إلا و هناك إعلانٌ عن رابطة أو جمعية، و لا نفتح صفحة للفيس بوك إلا و يطل علينا خبر لاتحاد تتقارب مضامينه مع تجمع آخر. و من الغريب بالأمر أن بعض هذه الروابط يختفي الحديث عنها بمجرد إشهارها.
لا يوجد عندي تفسير لهذا الكم الكبير من هذه المسميات إلا أنها تلميعٌ لشخصيات معينة و هم أصحابها؛ و منهم من يكون عضواً بتجمع معين، و عندما لا يحقق هذا الشخص طموحه الإعلامي بهذا التجمع فإنه يتوجه الى تشكيل تجمع آخر لا يختلف من حيث المسمى عن المسمى الأول إلا قليلا، و يأخذ معه من يسحج له؛ المهم أن لا نرى و لا نسمع إلا شخصه الكريم هو.
لم نسمع بإنجاز لأي من هذه التجمعات إلا مزيداً من الخُطب و الصور على الفيس بوك. نسألهم أو نلمح لهم بالسؤال عن إنجازاتهم فيطلعون علينا ببيان لا يختلف عن ما نقرأ بالصحف المحلية، و هي نفس اللغة التي تقولها المعارضة أو الحكومة حسب مزاج رئيس هذا التجمع إن كان حكومياً أو معارضاً.
هذا يذكرني بالكتل الوطنية التي تشكلت لخوض الانتخابات النيابية؛ ترشحت الشخصيات و ضُخّت الأموال ليفوز شخصٌ معينٌ فقط، و يتبخر باقي أعضاء الكتلة. طبعاً لم يكن متوقعاً أن تفوز كل الكتلة، لكن لم يكن يُتوقع أيضاً أن يُغلق رئيس هذه الكتله هاتفه أو يُغيّر رقمه كلياً في وجه رفاقه فلا يعودوا قادرين على التواصل معه، و يعود صاحبنا كما بدأ شخصاً عشائرياً حزبياً ممن تمتد جذورهم خارج البلد. و لقد شكت عضوة لإحدى هذه الكُتل على قناة سفن ستارز بمرارة من أنها لم تعد تستطيع الاتصال مع سعادة النائب الذي كان يرأس كتلتها؛ أي كتلة هذه و أي تجمع هذا و أي تقارب فكري كان بينهم ؟
للأسف أصبح تشكيل الجمعية لا يحتاج إلا عدداُ معيناً من الأعضاء المؤسسين كما هو الحال بالنسبة للأحزاب؛ يأتي بتواقيعهم صاحب الجمعية من أصحابه أو ربما من أقاربه لا يهم، فيحصل على الترخيص، ثم تجتمع الجمعية على (منسف) صاحبها و ينتخبون بقدرة قادر سعادته رئيساً لها و هذا هو المهم. فيدلي بتصريح بموقع الكتروني معين و تنتهي الأمور.
أشعر بكثير من الشفقة على بعض الأسماء و هي تتنقل من هذه الجمعية الى تلك الرابطة إلى ذلك الاتحاد بحثاً عن موقع في هيئتها الإدارية، أو للحصول على صورة له هنا أو هناك توضع له على الفيس بوك. لست ضد الصور و لكني ضد أن تكون هي الهدف.
لماذا لا يجلس هؤلاء (رؤساء هذه التجمعات المتشابهة) و يندمجوا فيعطوا لأنفسهم القوة و الحضور المؤثر و يكونوا القدوة لغيرهم؛ سنوقّع لهم تعهداً رسمياً بأن الرئاسة دورية بينهم مدى الحياة. لا نريد رئاسة؛ نريد حضوراً قوياً و عملاً مفيداً و تطبيقاً فعلياً لما يقولونه.
إن من واجب الجهة المعنية من الحكومة أن تضع قانوناً يمنع ازدواجية المضامين في هذه التجمعات، فلا يجوز أن يكون هناك ثلاثة تجمعات لشيء واحد. كذلك لا بد من متابعة نشاطات الجمعيات لنرى هل هي فاعلة أم أنها فقط تجدد اشتراكها السنوي و لا شيء غير هذا. و ينطبق الأمر نفسه على الكتل النيابية حيث تنخرط هذه الكتل في ثلاث مسارات يمين و وسط و يسار فقط. فلا يجوز أن تبقى الامور عائمة هكذا لأننا سنعاني مستقبلا من شُحٍ للأسماء لهذه التجمعات إلا إذا كان لدى جهة ترخيص الجمعيات بنكاً للأسماء تختار منه ما تشاء.
يكفينا هذا العدد المهول من الأحزاب و الكتل النيابية و اللجان و الروابط و الجمعيات؛ إن العالم كله يتجه للدمج فلماذا نتخلف نحن عنه.
ترى ما جبت سيرة لمسميات الحراكات العديدة التي نرى لوحاتها على المواقع الالكترونية و لا نرى عدد المشاركين بها.

جاء بالأمثال الاردنية " الكثرة بتطيّر البركة". اندمجوا أفضل.

الاثنين، 17 يونيو 2013

إضاءآت هاشمية في جامعة مؤتة | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية

إضاءآت هاشمية في جامعة مؤتة | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية

إضاءآت هاشمية في جامعة مؤتة
المكان هو المدينة المنورة و الزمان هو السنة الخامسة للهجرة و الحدث هو غزوة الخندق. ففي الوقت الذي كان المسلمون لا يدرون ما ينتظرهم و قد تجمعت الأحزاب عليهم و لا يدرون من أين سيدخلون عليهم تأتيهم البشرى من الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم، فيبشرهم و هو يكسر صخرة عصيت عليهم أثناء حفرهم الخندق بفتح بلاد الروم و بلاد فارس و بلاد اليمن.  و لم يكن من سبب لتصديق هذه البشرى إلا الإيمان بالله و رسوله،  فأي فتح يمكن الحديث عنه  وأي نصر قادم وهم كما قال الله عنهم" إذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا" الأحزاب اية 10.  إنه الأيمان بالقيادة؛ و هنا يأتي دور القائد عندما تدلهم الأمور.
لا أدري لماذا و كيف تذكرت هذا الموقف و أنا أستمع لخطاب جلالة الملك و هو يخاطب الخريجين و الوطن بأكمله  يطمئنهم أن الدولة قادرة  على اتخاذ إجراءات لحماية الوطن و المواطن، إذا شعرت بالخطر يتهددها. و قد كنت كباقي المواطنين تنتابني أحياناً المخاوف و الشكوك مما أسمع و أقرأ للإخوة على الفيس بوك أو في مقالاتهم التي يكتبونها فأتصور القادم مظلماً.  هذا اليوم انتابني شعور بالارتياح و الطمأنينة عندما سمعت خطاب جلالته بمناسبة تخريج الجناح العسكري بجامعة مؤتة.
لقد كان خطاب جلالته خطاباً شاملاً جامعاً لكل الأمور ، و بدا لي أن جلالته مطلع على كل ما يُكتب و يقال بالأردن حول كافة المسائل الوطنية، فكان خطابه إجابة لهذه التساؤلات، تماماً كما فعل بخطابه الشهير  بالديوان الملكي الأردني قبل فترة. و لكن و كالعادة و للأسف ينال هذه الأفكار من التشكيك مباشرة من كل أعداء البلد أو ممن ينتابهم الخوف من القادم من منطلق أنه من المستحيل أن ننجو بسلام من هذا الدم و الخراب العربي.  لهذا جاء الخطاب الملكي مؤكداً على هذه الأفكار التفاؤلية.
و لم ينس جلالته أن يركز تركيزاً كبيراً على أكثر المواضيع حساسية و هو موضوع العنف الذي شهدته و تشهده المملكة في بعض المناطق، فاستنكرها و حلل أسبابها و برأ العشيرة من تهمة افتعالها أو المشاركة فيها، و أشار إلى فئة معينه هي التي تستغل هذا الجو الديمقراطي وتصطاد بالماء العكر فيشعلون نار الفتنة في بعض الأماكن.  ولا يجب أن يدور بخلدهم أن هذا ضعف للدولة فقد قال جلالته كذلك " ما في حدا أقوى من الدولة", لكن الاردن دولة حضارية تحترم الانسان و لهذا يتم التعامل مع هذه الأحداث من هذا المنطلق.
"سننتصر على كل التحديات كما انتصرنا على تحديات أكبر منها"  عبارة ختم بها جلالته خطابه الشامل. هذه حقيقة مؤكدة. فقد كانت التحديات و الأردن توأمان؛ و لو اطلعنا على كتاب "مهنتي كملك" للمرحوم بإذن الله جلالة الملك الحسين سيقرأ الكثير عن هذه التحديات، و ربما كان ما نواجهه اليوم أقل بكثير مما واجه الأردن بالخمسينيات أو السبعينيات.
لقد كانت احدى مشكلات هذا الوطن عندما يتعرض لتحدٍ معين هو أن صوت الوطن فيه ضعيفاً، و يقابله أصوات التشكيك التي يهيئ لها بعض وسائل الإعلام مجالاُ للحديث، فتشكك بالأصوات الوطنية و تنعتها بعدة صفات فهذا مسحج و هذا موالٍ ... الخ. لهذا أصبحنا نرى المناسبات الوطنية تمر دن أن يتعرض لها أحد. و لا نسمع صوتا يدافع عن الأردن إذا تعرض لهجوم إعلامي كما حدث بأحاديث هيكل على الجزيرة. و للتذكير فقد كان عدد من حصل على شهادة الدكتوراه بتاريخ الأردن كثيراُ و لم نسمع لهم اعتراضاً أو تفنيداً لما يُقال من افتراءات؛ و هنا استثني الأستاذ الدكتور سعد أبو دية من هذه الإشارة.  
لقد شعرت بالارتياح في هذا اليوم المبارك و كلي أمل أن تأتي البشرى بأن ينقذ الله هذا الوطن مما يراد له من بعض الفئات. إنه الأمل بمستقبل مشرق ان شاء الله و أرجو الله أن يكون القادم هو كبشرى سيدنا محمد لأصحابه و هم يحفرون الخندق، و تنتهي الغمة بإذن الله.
كل عام و نشامى مؤتة، أحفاد عبد الله و زيد و جعفر بخير.
كل عام و نشامى الجيش و الأمن بفروعهم  بخير.
كل عام و قائد الوطن بخير.
كل عام و الوطن بخير.


السبت، 8 يونيو 2013

الخامس من حزيران حلقة من حلقات المؤامرة | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية

الخامس من حزيران حلقة من حلقات المؤامرة | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية


الخامس من حزيران حلقة من حلقات المؤامرة

و نحن ما زلنا نحاول استبيان معالم الطريق من خلال مثار النقع الذي ما زال فوق رؤوسنا من أيام حزيران أو ساعاته الست، نستذكر أننا  كنا ببداية حسنا السياسي نأخذ على الاتجاه الاسلامي حديثه المتكرر عن المؤامرة على هذه المنطقة و خصصتُ التيار الإسلامي بالذكر لأنه لم يكن على الحِجر الحكومي غيره في تلك الأيام . و كنا نقول بحقهم كما يقول الشباب بحقنا هذه الأيام، أنهم أضاعوا البلاد و العباد. و كنا نعتبر هذا الاصطلاح دليل عجز،  و تبرير فشل ذريع . و كنا كذلك نُصنّفه تحب باب "قصر ذيل".
هذه الأيام و نحن نستذكر الخامس من حزيران و هزيمته أتطلع حولي لأجد أن حزيران لم يكن البداية و لا الأخير و لا أظنه نهاية المطاف، إنما هي سلسلة مترابطة من مؤامرة مدروسة، فالبداية كانت بتفتيت الدولة العثمانية (أتحدث عن العصر الحديث) ثم قيام الدولة اليهودية الصهيونية، ثم بدأت حلقات مسلسل الهزائم الواحدة تلو الاخرى. و من شرخ الى شرخ و هزيمة إلى هزيمة، و الأمثلة كثيرة: فمن 67 إلى كامب ديفيد إلى الحرب العراقية الإيرانية الى إحتلال الكويت الى هزيمة العراق الى مؤتمر مدريد، و أوسلو، فوادي عربة فاحتلال العراق و إسقاط نظامه و تفكيك جيشه، ثم تقوقعت الدول العربية على بعضها تحت شعار " اللهم نفسي"، الى أن حط بنا قطار الخيبات في مهب رياح خماسينية ناشفة أسموها الربيع العربي حتى لا يواجهوا الحقيقة المرة وهي الخراب العربي.
و يتسم من يمسك بخيوط هذه المؤامرة على طريقة عرائس العاب الدُمى بالذكاء الشديد، فهم (طبعا ليسوا فردا) يهيئون مطالب مشروعة لا يختلف عليها إثنان لبداية كل ربيع فيقودها الأشراف من أمة العرب، أما النهاية فهم يرسمونها و ليس الشعوب الثائرة؛ فهي مؤامرة ذكية تبدأ بالحق و  تنتهي بالباطل.  ولك أن تستعرض الشريط منذ أن أمسكت جمعية الاتحاد و الترقي بزمام الأمور بتركيا، و هي كما يشير المؤرخون حركة صهيونية شرخت الدولة العثمانية بالقضاء على كل أطياف الدولة العثمانية من كل الأعراق و منها العرب حتى يسود العنصر التركي فقط، مما أثار حركات الاستقلال عنها.
أما المخرج لهذا المسرحية فهو يلعب بكلا الطرفين ( فالممثلون بهذه المسرحية فئتان) سواء بالحرب أو بحركات الربيع. فتقرب النصر من فئة ثم تنقل الشعور بالنصر الى الطرف  الآخر حتى يستمر القتل و سيلان الدم، فلم نشهد حسماً عسكريا لأي معركة أو حراك بتاريخنا المعاصر، و لكم أن تأخذوا الحرب العراقية الايرانية مثلاً حيث أعاد الرئيس صدام حسين لملمة أوراق اتفاقية الجزائر التي مزقها بيده معلناً أنه يقبل بها طائعاً بعد أن قال أن العراق قبلها مرغماً عام 1975 و لم يهمه عدد القتلى و الجرحى  و الدمار و المديونية بعد ذلك، فالمهم سلامة الثورة ممثلة بشخص الرئيس، و هو نفس الشِعار الذي سمعناه بعد الخامس من حزيران ليشرح لنا أنها ليست هزيمة.
 أما إن كان هناك نصر معين بتاريخ الأمة، فيتبعه زلزال سياسي مدمر، فبعد معركة الكرامة كانت أحداث أيلول التي ما زالت آثارها ماثلة للعيان و تبرز بين الفينة و الأخرى عندما تسمح الفرصة بذلك. و بعد حرب أكتوبر المجيد حدث كامب ديفيد الذي شرخ الأمة و أعاد تقسيمها الى خائن و وطني و مطبّع.
و لا يغرم المنتج لهذه الصراعات من جيبه شيئاً بل هو المستفيد الوحيد؛ فهو يهيئ لهذه الحروب و الحراكات من يدعمها مالياً طمعاً أو خوفاً أو  تجنباً لشر أحد الأطرف ، و كذلك إعلامياً كإذاعات الستينات و محطات التلفزة حديثاً، و أتاحت القدرات الفنية للبشر أن يفبركوا ما شاءوا من أكاذيب  على اليوتيوب لتُكوّن رأياً عاماً يتداوله الناس على صفحات التواصل الاجتماعي؛ فيستمر النفخ بنار الفتنة بين الأطراف إلى أن يقرر المخرج الانتقال الى ساحة أخرى.  فهو من الذكاء بأن لا يشعل نار الفتنة على أكثر من ساحة حتى يكون التركيز على من يشاء هو.  و هنا لا بد من الإشارة أن الاحتجاجات التركية هذه الأيام هي من هذا الباب. 
و كالعادة في منطقتنا من العالم فإن رجال الدين لهم دورٌ بارزٌ في صب النار على هذه الفتنة لأنهم ( لا يخشون في الله لومة لائم، طبعا لا يخشونها خارج أوطانهم، لأن اوطانهم أمن و أمان و الحمد لله)، فتكثر الفتاوى المتضاربة استكمالاً للتضارب السياسي فيذكون نار الفتنة دينياً و مذهبياً و طائفياً و ربما فئوياً لاحقاً. فهذا يعلنها حربا مقدسة و ذاك يسميها جهاداً في سبيل الله و ينسون حديث رسول الله  صلى الله عليه و سلم " إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل و المقتول في النار"؛ لم أسمع ببداية الحراكات و حتى بالحرب العراقية الإيرانية من يدعو لوقف القتال و حقن الدماء أبداً.
نعم  أيها السادة، إنها المؤامرة؛ فإذا لم تكن مؤامرة فماذا تكون إذاَ؟  هل هو الغباء مثلا فلا تتعظ الحكومات و الشعوب على حد سواء بما يجري حولها و تصر على المضي في ما يسمى الربيع العربي؟  لماذا لم يتعظ القذافي بما حصل بتونس؟ و لماذا لم يتعظ مبارك؟  ... الخ الخ؟  و لماذا لم تتعظ الشعوب؟ . أم أن الوقت قد فات، و لم يعد هناك وقت للاتعاظ ؟ هل انقطع خيط المسبحة و كرّت حباتها هنا و هناك و لم يعد هناك متسع من الوقت لتدارك هذا؟
كل ما جرى و يجري هو خدمة  للصهوينة العالمية ممثلة بإسرائيل و نتحمل مسؤوليته جميعاً شعوبا و حكّومات. فالقضية ليست حقوق شعوب و لا فساداً و لا تسلّطاً، و إلا فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل الدول التي لم يشملها هذا الخراب أفضل حالاً من الدول التي تهاوت؟ الجواب يؤكد أن الهدف أبعد ما يكون عن الشعارات التي ترفع بالشارع.

هناك إصرار  يا سادة و إصرار كبير جداً على مواصلة البقاء بالشارع كما هو الحال بالأردن مثلاً. أنظر الى التصعيد المتبادل بين الحكومة و الشعب فالطرفان مسئولان عن بقاء الناس في الشارع و الكل يحرص على أن يحقق أكبر قدر ممكن من المكاسب بهذه الجمعة المشمشية!!

لا يوجد لدينا خيار إلا الإقتناع بأن ما يجري هو مؤامرة، و هذا أفضل ألف مرة برأيي أن (نمشيها) مؤامرة، فهو (أبيض) وجه لنا، لأن البديل لتفسير كل ما يجري هو الغباء أو الخيانة أو كلاهما، و هما  كما رُوِي عن الشهيد وصفي التل سيان  عندما يتعلق الأمر بالوطن لأن النتيجة واحدة.

alkhatatbeh@hotmail.com

السبت، 1 يونيو 2013

الضبع و البريئة | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية

الضبع و البريئة | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية

الضبع و البريئة
تداول الأصدقاء صورة على موقع الفيس بوك  لضبعِ مجندلِ على فرشة في غرفة متواضعة كما تبين من الصورة في بيت صياد ضباع،  و قد ذُبح هذا الضبع ذبح الشاة، و لا ندري هل أطلق عليه النار ثم ذبحة أم خلاف ذلك. كذلك ظهرت في الصورة إبنة الصياد الي لم تتجاوز السنتين أو الثلاث واضعة يديها على الضبع؛ أُخفيت ملامح الصورة فلم نتبين تعبير وجهها.  لقد كانت الصورة موضع استغراب و استنكار، و نالت الكثير من التعليقات.  و قد دارت التعليقات من المعلقين بمختلف خلفياتهم الثقافية حول محورين أساسيين : الصيد الجائر و العبث ببراءة  الطفلة.
و بغض النظر عن صورة الضبع بحد ذاتها، إلا أنها فتحت الباب لمناقشة موضوع مهم و هو  الحفاظ على تلك الحيوانات، و خاصة تلك المهددة بالانقراض؛ الى أي مدى يجوز لنا العبث بهذا التوازن الطبيعي لهذه الحيوانات؛ لقد أصبح من الضروري  وضع القوانين الناظمة لهذه المسألة. و مهما كان الحيوان مفترساً أم مسالماً فإن من حقه علينا أن نحافظ عليه و نحن حملة الأمانة الربّانية التي كلفنا بها الخالق، و خليفته في الأرض.إلا إذا  أصبح وجوده خطراً على من حوله من بني البشر، عندئذٍ يجوز التعامل معه بالوسيلة المناسبة.
و للتوضيح فلم يثبت أن الحيوانات عموماً تفترس أو تهاجم غيرها إلا في حالتين و هما الجوع أو دفع الهجوم عليها؛ فإذا جاعت هاجمت لتحافظ على حياتها و لا تأكل أكثر من حاجتها كما سمعت من الشيخ الشعراوي رحمه الله؛ و كذلك إذا شعرت بخطر يهاجمها فتدفع عن نفسها الخطر.  و هي بهذه تختلف  عن بني البشر الذي يقتلون لأسباب ليس من بينها الجوع و الخوف من الخطر كما نعلم و نرى و نسمع، فقط أنظر حولك.   
لست على دراية كبيرة بالشريعة الاسلامية، و لكني لم أسمع بحِلّيِة استباحة دم هذه الحيوانات من أجل منفعة مادية كالمتاجرة بجلودها أو ما يمكن الانتفاع به منها. إنما على ما أعتقد جاء الذبح للحيوانات التي ننتفع بلحومها مثلا و كذلك بشرط الحفاظ على نوعها و عدم المساعدة بانقراضها. و حتى في حالة الذبح فقد نص الحديث عن أن نحد الشفرة  و نريح الذبيحة فلا نعذبها و لا نتلذذ بذبحها. و هذا القانون الربّاني الرحيم ينطبق كذلك على الحيوانات الأخرى و منها سعادة الضبع، فإذا دعت الحاجة لقتله دفعاً لخطرٍ يتهددنا فلتكن قتلة خفيفة مريحة. 
يجب أن تنهض الدولة بمسؤولياتها و تسن القانون الذي يردع هذا الجور في اجتثاث هذه الحيوانات التي ستختفي يوماً من الأيام إذا استمرينا بهذا القتل البشع لها. و لا يجوز أن يبقى الباب مفتوحاً على مصراعيه في هذا المجال. نسمع كثيراً عن صيد الضباع كما شاهدنا على التلفزيون الأردني في العام الماضي لرجل محترف يدخل أوكار الضبع فيخرجه سليماً، و سألت نفسي عندها أين يذهب هذا الرجل بهذه الضباع؟ و لم أعثر على جواب. كنت أتوقع أن تكون هناك محميات لهذه الحيوانات  لتتكاثر فيها، ويشاهدها الناس. 
بقيت الصورة الثانية للحدث و هو رؤية الأطفال لمنظر الدم و القتل. و بغض النظر عن رأي والد الطفلة بالموضوع الذي كان فخوراً بما فعله، و يريد بتصويره لها إلى جانب الضبع أن يقوي قلبها لتصبح صائدة ضباع كوالدها. هنا أنقل رأي الدكتور محمد نوح القضاة كما سمعته على التلفاز عندما تحدث عن ذبح الأضحية، و شتان بين الحالتين، قال أنه من الأفضل أن لا ترى الأطفال منظر الدم عند ذبح الأضاحي إذا كانوا يخافون من ذلك؛ فإذا كان هذا هو الوضع من التحفظ على مشاهدة الدم بخصوص دم الأضاحي، فإن الحالة الثانية تصل فيها عدم الأفضلية الى درجة الكراهية و الله أعلم.
لا أدري أي جيل قادم  ننتظره و قد عاش على منظر دم البشر، و دم الضباع كما شاهدنا،  أو حتى حريق الاطارات و الحجارة ، و استنشق الغاز المسيل للدموع.  نحن بانتظار أجيال نزعت من قلوبها الرحمة ليصبح القتل عندها هواية و ربما مهنة لاحقاً و العياذ بالله.
و إذا عدنا الى الموضوع الأصلي و هو الثروة الحيوانية و الحفاظ عليها و منها الضبع. فإن للضبع حكايات كثيرة في تراثنا الأردني، و كثيراً ما كانت ترتعد فرائصنا عندما نسمع قصصها من الأهل  عن مغامراتهم مع الضباع على الطريق و لا ندري مدى صحتها.  لهذا أشعر بأننا يجب أن ننصف هذا المخلوق المفترس الذي شاركنا معظم سهراتنا أيام زمان.