الأحد، 26 يوليو 2015

الانتساب للجامعات الأردنية: عطلة الخميس البداية

الانتساب للجامعات الأردنية: عطلة الخميس البداية
تناقلت الأخبار إشاعات حول نية الجامعات الأردنية تعطيل الطلبة يوم الخميس. وقد ظننت الخبر في بداية الأمر فقاعة من فقاعات الفيس بوك كالعادة ولم أشارك بالتعليق على الخبر لاستحالة حدوثه طبعا.  ثم قرأت الخبر بأكثر من موقع وقرأت عن تحليلات بعض الأكاديميين لهذا الخبر مما يعني أن الخبر قيد الدراسة فعلاً.
لن أدخل في حيثيات الموضوع حتى لا أكرر ما قاله من سبقني بهذا ولكني أريد أن أذكِّر القائمين على هذا الخبر إذا كانوا من المنتمين لجيلينا الذي أصبح قديماً بأن ما كنا نباهي في الجامعات الأخرى خارج الأردن هو أنه لا يوجد في جامعاتنا الأردنية ما يسمى بالانتساب، ونفتخر بأن طالبنا يجلس في الجامعة أطول وقت ممكن متنقلاً بين المكتبة والأستاذة مناقشاً دارساً وباحثاً ومستفيداً من مرافق الجامعة المختلفة كالمكتبة والمختبرات ولقاءات أساتذته. ولا أبالغ إن قلت أن الجامعة كلها بما فيها الكافتيريا حتى شارع الاقتصاد بالجامعة الأردنية تشكل تجارب مفيدة للطلبة.
وكان معيار ساعات الدراسة في الجامعات الأردنية أيضاً سبباً لعدم الاعتراف بالدراسة عبر الانترنت لمختلف المراحل بما يُعرف(on - line learning) لأن التعليم لا يعني كُتُباً  فقط وكان هذا عائقاً رئيساً لعدم تمكن الدارسين من إكمال دراساتهم  العليا لارتفاع الإقامة بالدول الأخرى.
فما الذي جرى حتى يصبح هناك من يفكر بصوت عال عن ضرورة عطلة الطلبة يوماً إضافياً ليصبح تواجد طلبتنا في جامعاتهم وبين مُدَرِسيهم أربعة أيام فقط؛ وإذا كان الطالب من المبحرين بعلم الجداول الدراسية فإنه يمكن أن يكسب يوماً إضافياً إن أحسن ترتيب جدوله. 
لا أدري سبب التفكير بهذا اليوم الإضافي؛ هل هو اقتصادي توفيراً للنفقات أو اجتماعي تقليلاً للطوشات أو تخفيفاً لحركة المواصلات!!!  لكن قطعاً لن يكون هناك سبب أكاديمي خلف هذا القرار إن تم؛ لأنه إن تفذلك أحدهم واخترع سبباً أكاديمياً لهذا، فإنه يكون بذلك قد نقض عرى كل معايير الاعتماد للعملية التعليمية الأردنية التي كانت تميز التعليم في المملكة عن غيرها خارج الأردن.
فهل نحن نسير باتجاه إقرار نظام الانتساب في الجامعات الأردنية على مراحل مثلاً؟؟ لم لا؟ ومن يضمن لنا أن لا يخرج غداً مَنْ ينادي بعطلة يوم الأربعاء أيضا بعد أن نبلع طُعُم عطلة الخميس؟ إذا كان الأمر كذلك فلا بأس من اتخاذ قرار جريء جداً بالإعلان عن عدم اشتراط الدوام  في الجامعات حتى نُخَلِص أنفسنا من حيرة عطلة يوم الخميس وبعده الأربعاء أو الأحد.  نعلنها صريحة بأننا مع نظام الدراسة عن بعد "وكفى الله المؤمنين القتال".

لست ضد تطوير كل نُظُم التعليم في الجامعات ولكن بشرط المحافظة على تاريخ هذا التعليم المشرق الذي كان لي وللكثيرين شرف الانضواء تحت لوائه؛ أما نقطة الدوام والعطلة ليوم إضافي فإن في النفس منها شيئاً. 

الجمعة، 17 يوليو 2015

المعايدة

المعايدة
كل عام وأنتم بخير. لا أقصد بالمعايدة المبلغ الذي ينفحه البعض للأطفال الصغار بمناسبة العيد ولكني سأتحدث عن المعايدة وهي الزيارة التي يقوم بها الأهل من الأب والإخوة الذكور للعنايا أو الرِحِم من أهلهم بمناسبة الأعياد؛ والعنايا هُن البنات والأخوات المتزوجات. وسيكون حديثي عن مشاهداتي في بلدتي الرائعة جديتا ومن تاريخ الستينيات. وبالمناسبة يقع المؤرخون للتراث في مطب تعميم الخصوص؛ فيعممون ما هو خاص بمنطقتهم كما لو كان شأنناً أردنياً خالصاً؛ وقد لا يكون كذلك.  لهذا وجب التنبيه أن الحديث هو عن المنطقة الفلانية بالتاريخ الفلاني حتى لا يحدث الجدل حول صحة المعلومة.  تماماً كما يحدث بموضوع الفتاوى التي يفتي به البعض حسب مذهبه فيقع الاختلاف الذي فسروه بأنه رحمة؛ فلا يوضح المفتي أنه يفتي على المذهب الفلاني وليس العلاني.
أما عن المعايدة فكانت كما أذكرها بجديتا عبارة عن رطل سكر ورطل رز بأكياس ورقية صفراء وعليها لزقة صفراء أيضاً، وقد أضيف لها لاحقاً باكيت (سفط) سلفانا ذو اللون الوردي أو (سفط) ناشد إخوان.  وكانت توضع العناصر الثلاث في منديل مربع (مِحْرَمَة) تضم أطرافه بربطة ليسهل حمله. وكان من الملاحظ أن هذه المهمة يتوكل بها شخص معين؛ وكان هذا الشخص يرى في ذلك تكريماً له من قبل الآخرين. وكانت تكبر المِحْرَمَة حسب الإضافات فمن الموسرين من كان يضيف لها بعض الإضافات، ربما مضاعفة الكمية. والمهم في أمر المِحْرَمَة هذه أن الشخص الموكل بها يحرص على استردادها  معه حتى يتم إعادة تدويرها لاحقاً عند باقي العنايا. وبالمناسبة  كانت المِحْرَمَة بما فيها باستثناء السلفانا أو الناشد هي ذات المِحْرَمَة التي يحملها المُعَزًّون عند زيارتهم لبيوت العزاء، وأيضاً يكون ذات الحِرص على استردادها.
وبعد أن ينتهي موسم العيد تتجه العنايا بما عندها من سكر ورز للدكانة لبيعها للتاجر وعلى الأغلب يكون هو نفسه التاجر الذي باع العيدية لذويها؛ فيأخذها بنصف القيمة.  بتلك الفترة كثر الحديث عن جدوى السكر والرز كمعايدة، والسؤال عن إمكانية استبدالها بالنقد. وكان هذا الحديث يُقابل بالرفض الظاهري بالبداية وبالبحث عن من يعلق الجرس باطيناً. وكان لدى الجميع وخاصة من (يُشرَّف) بحمل المحرمة الرغبة بالانتقال إلى موضوع النقد بديلاً لها.
كان موضوع النقد يقابل بالرفض الظاهري أيضاً من قبل العنايا لسببين اجتماعيين وهما أنهن لا يردن أن يوصفن بالنظرة المادية؛ فالمهم عندهن زيارة الأهل فهي أهم من كل المصاري. وكان المظهر الاجتماعي باحتفالية زيارة الأهل بمحرمتهم الكبيرة السبب الثاني، وقد كانت العنايا تتباهى بكبر محرمة  أهلها. وقد سمعت مرة انتقاد بعضهم لعائلة أخرى جاءت لزيارة ابنتهم وهي (ترط) بأيديها؛ وترط بأيديها لمن لا يعرفها هي حركة اليدين عندما لا تحمل شيئاً.   يعني كانت الزيارة بدون محرمة واكتفى أصحابها بالنقد بقيمة محتوى المحرمة.
وكان السبب الثاني مخرجاً مفيداً للانتقال لمرحلة النقد؛ فكان الخروج سلساً تدريجياً للمرحلة الثانية؛ فقد حرص الأهل على المِحْرَمَة مضاف إليها مبلغ من المال وكان حوالي النصف دينار عند الغالبية (نص ليرة) والحديث ما زال عن الستينيات.  ثم بدأت المِحْرَمَة تختفي تدريجياً إلى أن اختفت، ويقابل ذلك ارتفاع بقيمة التعويض النقدي الذي استقر لفترة طويلة عند الخمس دنانير ( مخَمَّسة).  وكان هناك ارتياح لهذا؛ ثم طبعاً كان الارتفاع للعشر دنانير أو أعلى من ذلك حسب الإمكانيات.  
وقد كانت المِحْرَمَة أو التعويض النقدي للمعايدة أشبه ما يكون بالتعويض النقدي للخبز بأيام دولة الرئيس الكباريتي أو التعويض النقدي للمحروقات بعهد دولة الرئيس النسور؛ بمعنى أن العنايا كانت تتكلف لاستقبال أهلها أكثر من محتويات المِحْرَمَة أو التعويض.  فكيف كان ذلك.
لقد كان العُرف السائد عند غالبية العنايا أن تعد الطعام للزوار في العيد والذي غالباً ما يكون منسفاً طبعاً؛ ولأن الأهل من الذكور عادة ما كانوا مُعَايدين أو مُعَايَدين فإنه كان من المتعذر عليهم أن يكونوا متواجدين؛  لهذا كان الأكل مقتصراً على العَنِيّة وأهلها. وإذا كان الأهل عندهم من العنايا الكثير فلك أن تتصور حجم الأكل الذي كان يُطبخ والكمية التي يتبقى لأن هناك مناسف أخرى على الطريق.  فكان التذمر يرتفع للخلاص من هذه العادة التي استمرت لفترة إلى أن اختفت.  وبقي موضوع الحلو الآن هو السائد. هناك ملاحظات كثيرة حول الحلو إذ يتوجب عليك أن لا ترفض الحلو حتى لو كان معك سكري.
لا أدري كم من الوقت يلزم للقفز عن موضوع الحلو في العيد خاصة بعد تفشي أمراض العصر بين الناس كالسمنة والسكري.  لكن يجب أن يكون هناك البدائل له، فليس من المعقول أن يُلغى الحلو  فهو آخر ما تبقى من طقوس العيد؛ وليس من المعقول أيضا الغاء الزيارة لأنها هي الخيط الرفيع الذي ما زال يربط العائلات ببعضها. فما الحل؟  أرجو أن لا يخرج علينا أحدهم بفكرة استبدال العيدية بفكرة تحويل رصيد عن طريق زين مثلاً واستبدال الزيارة الى مكالمة جماعية على الكاميرا.  إلى أين تسير حركة المعايدة بين الأرحام؟

المهم  كل عام وأنتم بخير وبصحة وسلامة. 

الأربعاء، 15 يوليو 2015

أمثال تبريرية

أمثال تبريربة
الأمثال عموما جاءت بعد تجارب مر بها الإنسان بمواقف معينة منها ابحث على كريم الخصال أو الحذر ومنها كما أراه وقع تبريرا لخطأ أو العجز عن تحقيق هدف أو خيبة أمل من مواقف معينة فنغلف هذه الخيبة بغلاف الحكمة. هناك العديد من اﻷمثلة مثل
1)     رافق السبع ولو أكلك. وهذا تبرير لخيبة أمل في صديق رافقته لفترة فخاب أملك به. هنا تبرر عجزك لعدم اختيارك الصديق الحق فوضع عليه اللوم أنه ليس سبعا أو أسدا. وهنا انت تخرج نفسك من اللوم وتعتقد انك سلمت بينما لا تدرك أنك وضعت نفسك ضحية للأكل في الحالتين ولا أدري الفرق بين الحالتين سواء أكلك أسدا أو ضبعا بما أن النتيجة واحدة.
2)     مثل آخر وهو العزومة اللي ما فيها شق هدوم مش عزومة. وهنا حضرتك تندم لتلبية عزومة راحت عليك وتشعر بالندم وتضع الحق على العزام ﻷن عزومته مش كربة أي مش شد ايدك. المرة الجاي روح بس يحرك براطمه بكلمة تفضل دون اللجوء الأمثال.
3)     أكل الرجال على الرجال دين وعلى النذل حسنة. وهذا تبرير لخيبة أملك بعزومة شخص لم يكلف نفسه رد العزومة. لا يا سيدي كلنا ندرك لمن تذهب الحسنات والصدقات ولا يوجد باب لها للأنذال. فالنذل نزل ولا يجوز أن يكون من أصحاب الصدقات ولا يجوز له أن يجالس الإشراف.
4)    الخير بيقول وبغير. هذا المثل رغم ظاهره الطيب وهو حمل الشخص على تغير موقفه بقضية خير إلا أنه أيضا يمكن أن يكون تبريرا لتغير الأمر للأسوأ كذلك.
5)     مية 100 قلبة ولا غلبة وهذا مرتبط بالمثل السابق وهو تبرير لتغير الرأي في حالة الاستفادة الشخصية رقم انه قد أعطى أغلظ المواثيق.
6)     التالي الغالي ... من قال هذا ؟ لو كان غاليا فعلا لانتظرته. وهذا يمثل تبريرا لقلة إدارة لعزومة عندك ولم تنتظر صديقا فتصفه بأنه غالي.
7)     الخير معه ثنتين وثلاث وهذا تبرير لرجل كثير الزيجات فنصفه بالخيرة. فإذا كنت صادقا بذلك فلماذا لا تكون خيرا وتعدد الزوجات.
8)     أكل الرجال على قد افعالها ؛ وهذا ايضا تبرير لرجل جشع قضى على ما أمامه من منسف وجعله قاعا صفصفا.  فنصفه بأنه رجل مغوار ولازمه تغذيه.
9)    المناسف تشريف وليست حشو بطن. نعم هذ كذلك ولكنها أيضا تبرر قلة الزاد المعروض أمام الضيوف لضيق يد المعزب.  لكني بصراحة لا أقبل بمثل هذا من شخص موسر.