الأحد، 27 سبتمبر 2015

من عادات الشعوب بالأضحى المعجين في ظفار


من عادات الشعوب بالأضحى  المعجين في ظفار

يمارس الظفاريون في سلطنة عمان شأنهم شأن باقي مناطق السلطنة شعائر ذبح الأضاحي؛ وهي عادة يحرص الجميع على القيام بها.  وبعد الذبح وإطعام القانع والمعتر منها يتم الانتقال الى مراحل الاستفادة من اللحم على مستوى العائلة. ورغم الكميات التي تستهلك إلا أن الباقي منها كثير وكثير جداً في العادة.  ولهذا يلجأ الظفاريون إلى تخزين هذه اللحوم لأشهر قادمة. ورغم وجود وسائل التخزين الحديثة كالثلاجات إلا أن الظفارين يجدون المتعة في الإبقاء على طرقهم التقليدية التراثية  لحفظ اللحوم ومن هذه الطرق ما يعرف بالمعجين.   فما هو المعجين يا رعاكم الله.
عند قدومي لأرض السلطنة بنهاية القرن الماضي  ( يــــــاه كم كبرنا) سمعت بالمعجين ولم أره؛ وحرت في أمره إلى أن استقر أمره عندي من تقطيع الكلمة الى مقطعين شأن اللغوين  عندما يعجزون عن فهم معنى مفردة حديثة.  فقلت ربما تعني (مع عجين)  أي أنه لحم مع العجين على طريقة الفطائر عندنا.
لكن عندما قدر لي مشاهدته اختلف الأمر علي ولم تعد الصورة كما فهمت، بل وجدته قطع لحم دهنية  كاملة الدسم لذيذة الطعم تجعل من لا يهتم بأمور الكوليسترول يأكل منها دون هوادة كما كنت أفعل أيام الشباب.  لكن بقي  لغزر طريقة إعدادها يحيرني، حيث كنت أعتقد أن اللحم نفسه  كثير الدهن؛ فسألت عنه فقيل لي عن المعجين ما يلي:
 إن الهدف من المعجين ذو شقين الأول تخزينه وهذا الشق طبعاً ربما يُدحض بالثلاجات، والشق الثاني هو أنه عادة تراثية ورثها الظفاريون عن الأجداد ويحرصون على القيام بها وتقديمها بالعيد  كجزء احتفالي من العيد نفسه، رغم أن الظفاريين أصبحوا يهتمون بالوعي الصحي ويدركون أثاره الجانبية الكوليسترولية؛ فهم يقولون هذا كان يناسب الأجداد الذين كانوا يكدون ويكدحون وبحاجة للطاقة. إنما شباب هذه الأيام فهم كباقي شباب العالم في قلة حركة ولهذا لا يناسبهم المعجين هذا.
وتشكل طريقة تحضير المعجين احتفالا في العائلة كما علمت، إذ يقوم به الخبراء من العائلة.  فتبدأ العملية بتقطيع اللحم إلى قطع صغيرة نسبياً بحجم أصغر من القطع التي تقطع للشوي. ويحضرون كمية كبيرة من الشحم من البقرة التي ذبحت أو غيرها طبعاً ولا يهم الأصل والفصل هنا، فالمهم هو الشحم.  ويطبخ هذا اللحم بالشحم  فيغلي الشحم باللحم إلى أن ينضج تماماً.  بعدها يترك اللحم إلى أن يبرد كلياً ويتجمد فيصبح قطعاً شحمية يبرز فيها اللحم على استحياء. ويتم تفريغها في أوان المطبخ وتركها ولا يهم إن كان في ثلاجة أو غيرها  ليؤكل لاحقاً من العائلة أو الضيوف.
وكما لاحظت (فلم يخبرني أحد بهذه المعلومة) أن كمية المعجين المقدمة بالمناسبات قليلة وينطبق عليها المثل الأردني عن المناسف، حيث يقال أن " المناسف تشريف وليست لحشو البطن".  لهذا يكتفي الضيف وهو من أهل المنطقة بحبة أو حبتين.  لكن الذي يرى الأمر لأول مرة ربما يعجبه الأمر فيأتي على الصحن بما فيه  فيكون قد أخذ حق غيره  ليدرك لاحقا أن كليستروله ارتفع.
فهذا هو المعجين  كما عرفته، وسأرسل هذه المعلومة  الى ذوي الشأن للتصحيح لكني سأبقي على الجزء الأول منها وسيتم إضافة التصحيح مع ذكر أصحاب التصحيح. 

صحتين وعافية

السبت، 26 سبتمبر 2015

ثقافة الحج

ثقافة الحج
بداية نترحم على أرواح من قضوا نتيجة التدافع بمنى بموسم الحج هذه السنة، ونتقدم  من ذويهم بأصدق التعازي بهذا المصاب الجلل.  وفي الحقيقة إن هذا التدافع لم يكن الأول وأتمنى أن يكون الأخير لأن السنوات القليلة الماضية شهدت حالات قليلة من هذا النوع. ولا  بد من الإشادة هنا  بجهود المملكة العربية السعودية  من أجل تسهيل مهمة الحجاج في كل مرة رغم وجود بعض الأخطاء فالكمال لله وحده.  فمن يشهد موسم الحج على الطبيعة كما قُدِّر لي بعام 2001 لا يستغرب مثل هذه الحوادث.  لا أحاول تبرئة أحد من مسؤولياته طبعاً، ولكني أحاول تفسير (لا تبرير) ما حصل. 
ما يحدث دائماً بمثل هذه الأزمات يكشف أننا بحاجة لثقافة الحج ولا أقصد معرفة أركانه من كُتَيب صغير. وهذه الثقافة التي أعنيها تتمثل في  ضرورة  إخضاع الحجاج لدورات فعليه ليوم أو يومين في كيفية الحج بمراكز مختصة يمارس فيها الحجاج شعائر الحج تمثيلياً وليس مجرد نشرات أو أشرطة أو مرشدٍ لا يعرف شيئاً من شعائر الحج؛ إنما جاء فقط بفيزاء حج ليحج وربما كان ذلك مقابل مبلغ مالي لصاحب الشركة تماما كمسمى " مساعد سائق". 
 ومن الضروري  جداً في هذه الدورات عدم نبش  الاختلافات المذهبية  بخصوص شعائر الحج والالتزام بما هو بالسعودية حتى لو خالفه أصحاب البلد؛ لإن في اتباع التوجيه السعودي جزءاً من التنظيم  للحج؛ وأهم هذه الاختلافات يتمثل بموعد الرمي للجمار، إذ ما زال بين المسلمين من يُصر على الرمي بعد الزوال رغم الفتاوى بأن الرمي  طيلة اليوم جائز.  ولا ضير بالالتزام بمذهب الشخص إذا بقي في خيمته إلى ما بعد الزوال  ليرمي، ولكن ما يحدث أنك تجد أتباع هذا الاتجاه وقد تجمعوا قريباً من مدخل مسار الرمي منتظرين الزوال، وعند الزوال يندفعوا كسيل العرم موجات ليرموا؛ وهذه يشهدها كل من يذهب للحج. ولك أن تتصور أن تكون سائراً بيمن الله ورعايته وفجأة تجد نفسك عائماً بين الأمواج البشرية التي لا تفهم إلا لغتها. 
لا أدري لماذا لا يتبع هؤلاء  نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما حج وكان جوابه (إفعل ولاحرج) عند كل سؤال وجه له صلوات الله عليه وسلم.  ولا يمكن أن يقال هذه فقط خاصة بموقف معين. إن ذات الموقف يفرض نفسه في كل موسم فلماذا التضييق على الناس بموقف معين وبوقت معين.
ومن ثقافة الحج أيضاً احترام قوانين وإرشادات البلد المضيف المملكة العربية السعودية؛ ولا يجوز مخالفتها من باب أننا كلنا مسلمين وهذه بلاد المسلمين ولنا أن نحج بالطريقة التي نريد.  ولا يختلف معهم أحد طبعاً بقضية أننا جميعاً مسلمون، ولكن في اتباع القوانين والإرشادات السعودية نضمن حياة الآخرين من الدول الأخرى وهم أيضاً مسلمون جاؤوا لبلاد الإسلام. من حُسْنِ حج المرء أن لا يؤذي غيره  لفظاً ومسلكاً؛ فحياة الجميع هي مسؤولية إدارة الحج.
إن أدارة موسم الحج هي مسؤولية المملكة العربية السعودية وحدها والتي لا تنتظر الشكر إلا من صاحب الحج رب العباد؛ و لا يجب التشويش عليها قبل الحج وخلاله وبعده من خلال الفضائيات الكثيرة أو المواقع العديدة التي تعيش على السلبيات.  نعم لقد وصلت خيرات ما يسمى بالربيع العربي إلى موسم الحج، فأصبحنا نسمع التنظير على القنوات من كل ما هب ودب.  وللأسف كان حادث التدافع هذا فرصة للنيل من المملكة وموسم الحج نفسه ونفذ بعضهم حتى إلى الدين نفسه خاصة أن هذا الابتلاء الرباني كان عظيماً هذا العام لأنه سُبق بحادثة الرافعة إياها؛ فكثرت التعليقات والسخريات والصور من كل شيء؛ فلم يوفر أصحابها أي شيء للتسلية بمآسي البشر.
لا أدافع عن أحد ولا ألتمس العذر فنحن بانتظار نتائج التحقيق طبعاً بالحادثين؛ ولكني فقط أطالب بتفهم الموقف السعودي؛ فمن ذهب للحج يرى حجم الجهود المبذولة لتسهيل مهمة زوار بيت الله الحرام؛  لكن هناك مشكلة رغم كل هذا وهي ثقافة القادمين للحج التي أشرت اليها بكيفية التعامل مع هذه الاجراءات ومدى جديتهم  في احترامها.
ومن العبث الإعلامي المقابل في هذا المجال أن هناك من يحاول ومن فرط حبه للسعودية أن لا يكون متوازناً فأصبح يطلق الدعايات بأن هناك من دبر هذا (نظرية المؤامرة)؛ في حيين أن هناك من لا يرى السعودية قادرة على إدارة موسم الحج وضرورة تشكيل لجنة لهذا الأمر وهذا ما أضحكني كثيراً.  فإذا كانت دولة بحجم السعودية إدارة وخبرة ومالاً يحدث فيها ما يحدث فكيف سيكون الحال إن استلمت لجنة من الدول المشار إليها بالإشاعات إدارة أمور الحج وهي البعيدة عنه؟  هل ستديره بالريموت كنترول مثلاً؟
لقد طرح بعض الأصدقاء النموذج الماليزي أو الإندونيسي من الحجاج وكيفية إدارتهم لحملات حجاجهم كل عام وأعجبوا بتجربتهم وأنا معهم؛ هم يأتوا لهدف معين، منظمين، وتحت قيادة واحدة؛ ليس كحجاجنا الذي تنقطع علاقتهم مع منظمي حملاتهم بمجرد الوصول، وتعود عند العودة.  أذكر أنني ومعي بعض الإخوة سألنا عن منظم حملتنا ولمناه لأنه لا يتواجد معنا؛ فقال وماذا تريدون مني ( آدي السكن وآدي الحرم)  فماذا تريدون مني بعد  هذا؟  وهنا أسأل عن سبب التزام الماليزيين: هل هو عدم معرفتهم باللغة وخوفاً من الضياع؟ أم هي طبائع الشعوب!  وكفى. 
إلى جانب ثقافة الحج كذلك هناك أمر إداري مهم برأيي ألا وهو كوتات الحج.  لماذا أراها في تزايد؟  لماذا لا يتم تقنينها وخاصة للدول التي تورد التقارير  مخالفاتهم الكثيرة للحج كنوع من العقوبة لهم؛ لماذا تمر كل هذه التجاوزات بدون حساب. نعم سيقول هذا حرمان  للناس من الحج، ويحتج آخرون بأن لا تزر وازرة وزر أخرى؛ احتجاجات كثيرة ربما نسمعها، ولكن مواسم الحج والفيزا أصبح تجارة رائجة جداً هذه الأيام ربما من باب  ليشهدوا منافع لهم.
وقبل أن أختم أود الإشارة إلى خطبة عرفات لسماحة مفتي المملكة العربية السعودية أطال الله في عمره في طاعة الله وشفاه يا رب.  لكن خطر ببالي سؤال  يراودني من زمان وأجدها فرصة لطرحه هنا وهو دورية خطبة عرفات بين علماء مسلمين من كافة الدول الإسلامية؛ لماذا لا نرى علماء ممن يحتلون منصب المفتي في بلدانهم وهم علماء أجلاء؟ و لا نزكي على الله أحداً، لكني أريد لموسم الحج أن يكون موسماً إسلامياً  قولاُ وفعلاً,  وأتمنى أن لا يُغضب اقتراحي  أحداً.

رحم الله الشهداء وعجل في شفاء المصابين، وبارك في جهود المملكة العربية السعودية الطيبة في خدمة الحج والحجاج وجعل هذا في ميزان حسناتهم.   

الاثنين، 21 سبتمبر 2015

فطور يوم الجمعة عند الأردنيين

صباح الخير. من طقوس يوم الجمعة عند اﻷردنيين صحن الحمص والفول والفلافل يحضرها اﻷب من المحل ويخرج لها رفالي. فما هو الرفالي. 
الرفالي قديما هو لبس الثوب المزنوك أو الدشداش بدون حزام أو قشاط. لأن القشاط رمز الضبط والربط كالقايش عند الجيش. لهذا فالخروج رفالي طقس من طقوس الجمعة. 
دشداشة بتخايل ومشي رهدلة و ﻻ بأس إن كان بالمشي نوع من المفاحجة دليل على أن الزلمة قايم من النوم تعبان . 
العودة للبيت ليجد أن المدام محضرة الشاي باﻷبريق إياه ولا أريد أن أثير شجونكم بموضوع الخبز الساخن الذي نحضره من المخبز بعد اختفاء الطابون.
وين الأولاد؟ يصرخ الغضنفر فيقابله صوت ﻻ يخل من دلع من المدام أولادك نايمين . يصيح الزلمة مهو ليش ما صحيتيهم أي هاظا بصير .... وين الانضباط وين ..... يختفي الدلع وتطير الفرحة عند المرة بقولها هاظا هم عندك فوت صحيهم ch ان منت عليهم. 
الحجي قدرته محدودة بموضوع المونة. يصرخ هاظا الفطور اللي بده يفطر ما بده هو حر. ناوليني زر بندورة. يجغمه مع كاسة شاي . والمرة قامت على الشغل بدون فطور. 
بداية المنشور تراثية وآخره عصري. الزلمة قام يتبادل التهاني بجمعة طيبة على الواتس.

الخميس، 3 سبتمبر 2015

الإرهاب الجامعي الأكاديمي

الإرهاب الجامعي الأكاديمي
لا أدري إن كان الإعلام سيخرج علينا قريباً بفيديو آخر عن ذلك الطالب الذي بصق والذي صفع لكنه هذه المرة راكلاً لعضو هيئة تدريس آخر في جامعته التي درس فيها أم أنه سيكتفي بما ظهر.  وبكل عبارات الإدانة والشجب التي تعودنا علينا منذ بداية السقوط العربي في القرن الماضي ندين مثل هذه التصرفات؛ لا بل أننا وتمشياً مع روح العصر نعرب عن قلقنا (على طريقة بان كي مون) حيال القادم من الفيدوات. هذه تصرفات غير مقبولة ويجب أن لا تنتهي بجاهة يُسقِط فيها عضو هيئة التدريس حقه؛ وبنفس الوقت لا تبلغ عقوبتها درجة الشطط بالمطالبة بسحب شهادة الطالب الجامعيى لاستحالة ذلك قانونياً كما أعلم؛ فالأمران غير مقبولين  بالتأكيد. 
كذلك أؤكد أنني مع هيبة عضو هيئة التدريس أينما كان في الجامعة أو المدرسة، ومع هيبة المحامي، وهيبة الدكتور وهيبة الشرطي وهيبة عامل الوطن .... الخ من مسلسل الهيبات؛ ولكني بالمقابل أطالب أصحاب كل المهن السابقة بأن يعينوا الآخرين على إعطائهم مثل هذه الهيبة؛ و لا يكونوا عوناً لأصحاب الحقوق المشروعة بالقفز عن الهيبة والقانون والتصرف بطيش لا يراعي هيبة ولا مهيوب. وسأركز على موضوع التعليم العالي عموماً وأعضائه لأستذكر بعض المواقف التي يعرفها كل من انخرط في هذه المضمار طالباً أو عضو هيئة تدريس بصفتي عشت التجربتين طالباً في الجامعة الأردنية واليرموك لاحقاً وعضو هيئة تدريس في مناطق مختلفة في مؤسسات التعليم العالي.
لنبدأ من بدايات التفكير في الجامعة كطلاب في الثانوية، إذ كثيراً ما كان يشغل بالنا كيفية الدراسة في الجامعة وننصت باهتمام لحديث من سبقنا من الطلاب لقصص اكتشفنا أن بعضاً منها ضرب من الخيال حول صعوبة المواد وهيبة الدكتور الذي لا يقبل أن يناقشه أحد، وبُرجِه العاجي وما إلى ذلك مثل أن أسهل شيء على الدكتور أن يُرسِب الطالب لمجرد أنه يرى ذلك أو لأنه لا يصحح الأوراق. وكانت تعجبنا قصصٌ مثل تلك القصة عن دكتور في جامعة دمشق ( وسمعت القصة نفسها عن دكتور مغربي، مما يعني أن القصتين غير صحيحتين) أن هذا الدكتور كان في رحلة مع العائلة وقريباً من نهر أو بحر حسب المكان فسقط منه الكثير من الأوراق في الماء فهب أحد أصدقائه للنزول للماء لإرجاع الأوراق فما كان من الدكتور إلا أن قال ( اتركهم ؛ خلص كلهم راسبين أو ساقطين) هكذا ببساطة شديدة جداً.  ولطبيعة شخصيتنا كنا نمرر مثل هذه القصص تبريراً لفشلنا أو حباً في الخنوع للقوي أو ربما لرغبتنا في تقمصها إن سنحت لنا الظروف لاحقاً وأصبحنا أساتذة في الجامعات؛ ولكن في الحقيقة ما شهدت مثل هذه الواقعات سواء بمرحلة الدراسة أو التدريس رغم أن هناك من كان يصحح بشكل سريع لكنه لا يهمل الأوراق  فهي وثيقة للمراجعة.
لكن ليست كل القصص مثلا مستحيلة كقصة (كلهم راسبين) فهناك الكثير من التصرفات التسلطية المرفوضة من قبل أعضاء هيئة التدريس وخاصة في الجامعات التي تقول عن نفسها بأنها جامعات النخبة وتخرج أفضل الطلاب.  فمهما كان علم الأستاذ فلا يجب أن تصل فيه إلى مرحلة التحكم بمصير طالب لأنه الأستاذ الوحيد الذي يدرس هذه المادة وهي  إجبارية  فيقول له لتصرف ما لم يعجبه من الطالب ( اسحب المادة احسن لك) فعبارة اسحب المادة أحسن لك سمعنا بها ومعناها أن الطالب راسب سلفاً.  ربما كان الطالب يقبل بذلك بمرحلة أن تكون رسوم المادة مدفوعة فيسحب المادة ويعيدها لاحقاً حتى يرضى الدكتور، ولكن ماذا سيفعل الطالب إن كان على الموازي على نفقة والده وعائلته؛ ففي الموازي يكون الطالب على نفقة الأسرة جميعاً؟  ألا يخشى المدرس دعوة المظلوم!.
 لهذا وجنبا إلى جنب مع المطالبة بهيبة الأستاذ  فعلينا مطالبة الاستاذ بهيبة الطالب فلا يجوز  التحكم به بهذه الطريقة أو إحراجه. وعند الحديث عن الاحراج لا أقصد أن لا يسأل المعلم الطالب سؤالاً خوفاً من إحراجه أمام الطلاب أو تمرير إهماله المتكرر  للمادة مثلا لكن ليس بدرجة تعنيف الطالب أو طرده من  القاعة لسبب أكاديمي.  فهناك القانون الذي يجب أن يطبق على الجميع.
تناقشت مع دكتور فاضل وهو عطوفة الدكتور مفيد حوامدة وهو أستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة اليرموك سابقاً وأمين عام وزارة التربية والتعليم أيضاً سابقاً وأستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة ظفار حالياً حول لماذا يُفضِّل الطلبة الأساتذة الأجانب على الأساتذة العرب في الجامعات والكليات متعددة الجنسيات؛ فأسهب عطوفته بالشرح وتناقشنا وخلصنا إلى زبدة الحديث وهي أننا (أي الأساتذة العرب) شادين على حالنا كثير و(محبكينها) أكثر من اللزوم.  وطبعا كأساتذة عرب حاولنا إيجاد العذر لهذا التحبيك ولو أننا (كلانا) لم نكن مقتنعين كلياً بهذا التبرير.  لهذا ما يمكن أن يُدرك بالتحبيك يمكن أن يدرك باللين.  وهنا أجدها مناسبة لأعتذر شخصياً من كل طالب درسته بأي مرحلة وشعر بأنه تأذى نتيجة تحبيكي لبعض الأمور. إن حجتنا كانت بأننا نريد طلبتنا عباقرة زمانهم.
الخلاصة أنني لا أجد التبرير لهذا السلوك الشائن من الطالب الذي ظهر بالشريط الأول والثاني أو آخرين قد يستهويهم المنظر فيكرروه ولكني بنفس الوقت أطالب الطرف الآخر بأن يقف وقفة مراجعة مع النفس ليعود عن سياسة الغطرسة التي يمارسها تجاه المستضعفين من الطلاب ولا يستغل ما أعطاه الله من سلطان ليتحكم بخلق الله - الطلاب. يوماً ما، سيقف الدكتور وقفة مراجعة مع النفس عندما سيتقاعد ويجلس مستعرضاً شريط الذكريات.
وأختم بنهفة جامعية على زماننا. تذكرت أستاذاً بالجامعة كثيراً ما كان يصيح بالطالب (هات هويتك واعتبر حالك مفصول من الجامعة) وكنا نضحك لأنه لم يحدث أن أعطاه أحد هويته ولم يحدث أن فُصل أحد من الجامعة بسببه؛ الله يذكره بالخير. 

وتبقى الحياة الجامعية أحلى مرحلة.