الأحد، 27 أكتوبر 2013

http://www.ammonnews.net/article.aspx?articleno=171067

سعادة رئيسة مجلس النواب
حلمٌ يراودني منذ بداية الإدراك السياسي و هو أن أرى في الحكومة سيدة أردنية نشمية بوزارة سيادية من الوزارات إياها؛ فإذا استثنينا معالي سهير العلي كوزيرة للتخطيط فإن كل الوزارات التي أعطيت للسيدات يغلب عليها النعومة و طابع الرقة الأنثوي كالشؤون الاجتماعية أو التنمية أو شؤون المرأة أو السياحة و الأثار و وزراة الثقافة. لا أقلل من قيمة هذه الوزارات، و لكني لا أقتنع بمقولة "هذه تناسب المرأة أكثر".  أحلم بأن أرى المرأة وزيرة للخارجية مثلاً أو الداخلية أو الإقتصاد، و لا أريد أن أرفع من سقف أحلامي لأحلم بأن أراها تحمل لقب دولة رئيسة الوزراء. و لا أدري إن كان يوجد بدستور المملكة الأردنية الهاشمية ما يجعل هذه المناصب حصرياً ذكورية.
و بما أن موضوع المرأة قد أخذ جانباً كبيراً من بيانات السادة النواب أثناء حملاتهم  الإنتخابية، فقد آن الأوان ليترجموا ذلك للحقيقة بإيصال إحدى الفاضلات لرئاسة مجلس النواب ليكونوا بذلك قدوة للسلطة التنفيذية.  فالمتابع لنشاطات العضوات الفاضلات يجد أن لهن من المواقف التي تقدمت على مواقف الرجال من أعضاء المجلس لدرجة نالت إعجاب المجتمع بما فيهم أصحاب الحراكات الكثير الكثير، و أقصد موقفهن من حكومة دولة السيد سمير الرفاعي.  و يتمتع الكثيرُ منهن بفكر ثاقب تلمسه من مداخلاتهن بالمجلس.
كذلك لا يوجد بينهن متهمة بمال سياسي أو أي تهمة أخرى تمس شخص النائب و ذمته فيتمترس وراء الحصانة ليماطل بالمثول أمام القضاء، و لم نسمع بحادثة عنف لفظي قامت بها أي عضوة من أعضاء المجلس الكريم تجاه زميل أو تجاه الحكومة رغم حدة طروحاتهن في بعض الحالات. 
لا أرتاح إلى هذا الوضع الذي ما زالت فيه المرأة تمارس دور المقترع فقط أو المنتظر لبعض المعادلات لتكون رئيسة للجنة برلمانية أو مقررة لها، أو ربما بمجلس الرئاسة في المجلس الكريم. و لا أرتاح أبداً للمقياس السائد بأن هذا يناسب طبيعة المرأة أكثر كما اسلفت، فلا يأخذ رأيها  أحد لتكون مرشحة للرئاسة. و هنا أنتظر منهن أن لا يتوقعن كوتا لتحمل إحداهن للرئاسة، فعليهن واجب المبادرة حتى لو لم تنجح المحاولة. 
أستعرض أسماء السيدات عضوات المجلس، و هنّ جميعاً أهل للمنصب و لهن كل التقدير و الاحترام،  و لكني أتوقف مثلاً عند سعادة النائب وفاء بني مصطفى، فاسأل نفسي ماذا ينقصها لتكون رئيسة للمجلس، فقد شهدناها على القنوات الفضائية حكيمة عالمة ببواطن أمور المجلس و صاحبة حجة قوية.  
ستبقى كل الشعارات حبراً على ورق و يبقى المقياس ذكوري صرف إذا لم نجد أخواتنا بمناصب سيادية قوية سواء كان ذلك بالسلطة التشريعية أو التنفيذية.  فهل سنسمع يوماً دولة رئيس الوزراء ببيانه الوزاري  يقول سعادة الاستاذة  رئيسة المجلس، أو يخاطب النواب دولة الرئيس بدولة رئيسة الوزراء؟ 
تتقدم المجتمعات بكل مكوناتها من ذكور و إناث، و لا يوجد بسيداتنا ما يجعلهن أقل شأننا من غيرهن من سيدات العالم.  لقد جربت الدولة الذكور كثيراً بالوزارات المفصلية، و الحال يغني عن السؤال،  فلماذا لا تجرب السيدات فعسى أن تكون خبراتهن أفضل، و يكون القادم خيراً.  لماذا لا نبادر بذلك فنكون قد تقدمنا على باقي الدول العربية و حققنا إصلاحاً سياسياً بنكهة أردنية مميزة. و لو قُدّر لرئاسة المجلس أن تكون نسائية لكانت مدونة السلوك النيابي الصارمة على سلم أولوياتها.
هذه الأيام يكثر الهرج و المرج بخصوص الرئيس القادم  للمجلس الكريم، و نستعرض أسماء الذين ينوون ترشيح أنفسهم للرئاسة، و بالمناسبة هم نفس الأشخاص الذين شغلوا المنصب أو ترشحوا له من قبل باستثناء الدكتور مصطفى العماوي، فهل نتوقع أن نرى سيدة بين الأسماء لتنافس على سدة الرئاسة قريباً؟  آمل ذلك.
كل عام و الوطن بخير.



الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

الحراك المفقود حراك سيادة القانون

الحراك المفقود حراك سيادة القانون
منذ بداية فترة الربيع العربي  و الحراكات بأنواعها المختلفة و أعدادها الغفيرة بعرض الأردن و طوله تركز على موضوعٍ واحدٍ كشفت عنه بالفترة الأخيرة من الحراك ألا و هو سلطة الشعب، و عودة السلطة لصاحبها ألا و هو الشعب. و كان يصاحب كل هذه الحراكات (بغفلة أو تراخٍ من الحكومة و الحراكات) تراجع اقتصادي و ارتفاع في المديونية و تراجع بتطبيق القانون، و هذا تطور إلى فلتانات أمنية، و انتشار للأسلحة و تنوعها بين الناس، فأصبحنا نسمع بأنواع لم نألفها من قبل،  و لوحظ عدم التردد باستعمالها إلى درجة وصلت الى بيت السلطة التشريعية ممثلة الشعب، و لم يجد الناس حرجاً باستعمالها بوجه أقاربهم بالنسب و الدم؛ حالةُ تردي أمنية غير مسبوقة إذا استثنينا الفترة بين 1967 – 1970.  لم يعد هناك كبيرٌ يسمع الناس قوله و يمتثلون بأوامره إذا صاح المنادي  حي على السلاح.
كل هذا و أصحاب الحراكات مشغولون بالمطالبة باسترجاع سلطة الشعب متناسيين الشعب نفسه. فالشعب الذي يسعون لقيادته ( فهم طبعا يرون أنفسهم فقط قادة للشعب) يجب أن يكون آمنا أولاً، فالأمثلة كثير عند من حولنا بموضوع الأمن. لم نسمع أو نشاهد أي شعار يُرفع أثناء الحراكات ينادي بالأمن الاجتماعي  للناس، بل على العكس ربما رأى البعض في هذا الفلتان فرصة لرفع الشعارات العالية بما أن السقف لم يعد موجوداً.
تنتفض الحراكات كلها و تعتصم و تتظاهر إذا أعتقل شخصٌ من الحراكيين و يهددون بالويل و الثبور و عظائم الأمور إن لم يُطلق سراحه، و تساندهم العشيرة بذلك  فزعة لزلمتها، و لكنهم لا يقيمون اعتباراً و لا يحركون ساكناً إن قُتل شخص و اشتعلت الفوضى بين منطقتين، و كأن  الأمر لا يعنيهم إلا بالقدر  الذي يمررون فيها بعض أجنداتهم فقط بالتحريض على الدولة؛ و من المفارقات أنه و رغم كل هذا الذي نسمع من استقواء على القانون و الدولة من قبل البعض، ما زالت هناك شعارات تُرفع ضد الدولة و يتهمونها بالقبضة الأمنية و يطالبون برفعها!!!! و لا أدري ماذا سيبقى إن رفعوها.
و حتى نكون متوازنين بالطرح يجب عدم إغفال دور الدولة بهذا الوضع عندما سعت لاسترضاء الحراكات و خطب ودهم و ربما التباهي إعلامياً و عالمياً  بالأمن الناعم الذي بالغ في نعومته حتى وصل الأمر للهجوم على الشرطة ممثلة القانون. و إذا كان للدولة عذرها بهذا النوع من الأمن ببداية وهج الربيع لامتصاصه، فلا عذر لها  بعد مرحلة النزول من نقطة الذروة (climax ) لهذا الحراك ليتستمر الأمن الناعم و تستمر معه مظاهر العنف الاجتماعي في كل الأردن.
تتجه عيون كل الأردنيين من شماله إلى جنوبه إلى الحكومة لإصدار قانون يمنع حمل السلاح و اقتنائه؛ هناك شغف كبير لاقتناء الأسلحة كنوع من الدفاع عن أنفسهم كما يبررون ذلك، و لهذا فهم يتهمون الحكومة ضمنياً بالتقصير في هذا المجال.  و بصراحة أجد أننا نقترب شيئا فشيئا من النموذج اليمني في هذا المجال و لا أستغرب إن سمعت أن بعض المناطق تمتلك سيارات مصفحة، و لا أدري فربما تكون موجودة فعلا.
نقدّر للدولة حفاظها على أرواح المواطنين بالحراكات حيث لم تزهق روح أردنيٍ حراكيٍ طيلة فترة الربيع، و لكن هناك أرواحٌ أخرى أزهقت لرجال الأمن العام حماة الحراكيين، و هم مأمورون بعدم إطلاق النار، و هناك أرواح ذهبت قتلا بالمشاجرات نتيجة التراخي الأمني؛ فمن لهؤلاء الأبرياء؟  ألا يُعتبر هؤلاء الأبرياء موطنون أردنيون أيضاً، لهم الحق بأن نحافظ على أرواحهم بنفس القدر الذي نحافظ فيه على أرواح أصحاب الفضيلة أو الرفاق.
تتجه عيون الأردنيين إلى الدولة لحمايتهم من عواقب اقتناء الأسلحة، و إصدار القوانين اللازمة لتحقيق هذا الهدف، يجب أن يحظى هذا القانون باهتمام أصحاب السعادة النواب ليقروه؛ فهذا القانون يتقدم على كل القوانين بما فيه قانون التقاعد النيابي و ليس المدني.
نريد الحرية، و نريد اقتصاداً مزدهراً، و نريد التخفف من أعباء المديونية،  و لكننا قبل هذا نريد الوجه الآخر للأمن و الأمان وهو  أن نكون آمنين  في سربنا على أقل تعديل بما أن موضوع قوت يومنا  فيه قولان هذه الأيام.  نريد لهذا الوطن أن يكون وطن الأمن و الآمان و سيادة القانون.
كل عام و الوطن بأمن و آمان من كل الجوانب.
كل عام و أنتم بخير


الخميس، 3 أكتوبر 2013

هل نفذنا من عنق الزجاجة؟




ألجواب و ببساطة شديدة (لا) لم ننفذ بعد، و أخشى أن يطول بقاؤنا فيها. و الحديث هنا عن ما يُسمى "الربيع العربي" الذي تلفح وجوهنا رياحه كل يوم؛ أي ربيعٍ هذا الذي جلب لنا ريح السموم فأهلكت الحرث و النسل! نعم إن كان الحديث عن الألوان فإنني أتفق مع من يقولون أن ربيعنا ليس أحمرا ؛ و لا أقلل من شأن هذا الأمر طبعاً؛ فالإصلاح الذي لا يحافظ على أرواح البشر ليس بإصلاح أبداً، و أكرر ما قلته دائماً: لأن يتأخر الاصلاح مائة عامٍ أفضل عندي من أن تُزهق روح واحدة.
 لكن السؤال الأهم و الحديث عن الألوان هو: هل كان ربيعنا أخضرا و دون مضاعفات؟؟  أشك بهذا. و لمزيد من التوضيح ربما كان من الأفضل النظر  كمقدمة إلى حالات الربيع العربي من المحيط إلى الخليج؛ فمخطىء من يظن أن تسونامي هذا الربيع إنما ضرب الدول الظاهرة للعيان فقط، فقد كانت له فقاعات في كل العالم العربي، و ربما كان تسليط الضوء هنا أو هناك هو سبب ظهورها و تضخمها بقوة هنا و ضعفها هناك.  و يبرز السؤال المهم هل كان الهدف من الربيع العربي إسقاط الأنظمة أي الرؤساء ؟ فإذا كان الجواب بنعم، فما بال هذا الخراب الذي يطالعنا في كل يوم في الدول التي سقط رؤساؤها؟  هنا تتضح النظرة الثاقبة و التفسير المنطقي لجلالة الملك عبد الله الثاني بخصوص مفهموم النظام و هو شمولية الدولة و ليس الأشخاص، فالمطلوب هو الدول ذاتها و ليس الأشخاص.
نتوقف عند الشأن الأردني لنطالع الصورة المحليه من بدايات هذا الربيع؛ إنبهار بكل ما يجري حولنا فرقصنا له و عيون الراقصين و المسحجين له (و لا أتحدث عن السحيجة الذين أشار إليهم مراراً الدكتور أمجد قورشة، فالربيع له سحيجته أيضاً) متلهفة ليكون لها نفس الربيع. مظاهرات و مطالبات و استجابة فورية لكل طلبات الحراكات ( و أول طلباتهم و أهمها كان العودة لدستور 52) ثم ارتفاع سقف المطالب، فأمنٌ ناعم بالغ في نعومته إلى أن أصبح أنعم من الحرير، حالات عديدة و متزايدة لفلتان و استقواء على الدولة و على هيبة الدولة، انشتار المظاهرات و الاعتصامات إلى أن أصبحت موظة و فُرجة؛ نعم فرجة، فأصبح لها معجبوها؛ رفضٌ تام للحوار مع الدولة باعتبارها غير جادة بالإصلاح، و بنفس الوقت لهاثٌ مسموع و قبولٌ سريع لأي منصب يُعرض عليهم أو على أقاربهم، و ينقلب الحال من المطالبة بالإصلاح إلى ضرورة التروي و أخذ العبرة مما يجري مع غيرنا و حولنا.
و بين كل هذه المظاهر يبقى المواطن الأردني الذي لا أجندة لديه يتابع العلاقة بين السلطتين التنفيذية و التشريعية و هما محور الإصلاح الذي ينشد بعين الدهشة.  فهو تفهّمَ الضغوط على الحكومة بالرفع الاول للمحروقات و وضع يده على قلبه خوفاً من إنهيار الدينار، و طمعاً في أن نضع قطار الإصلاح الاقتصادي الشامل على السكة الصحيحة، و لغاية اليوم ما زال هذا القطار لم يجد السكة الصحيحة ليكون عليها، و الخوف على الدينار ما زال قائماً رغم رفع الدعم و رغم الضرائب التي أصبح ينتظرها المواطن كل يوم. و أصبحت جملة " لا نية لدى الحكومة لرفع الدعم عن المادة الفلانية إشعاراً بقرب الرفع، و جملة لا ضرائب هذا العام تهيئة لضرائب لا تنقطع بشهر يناير من العام الذي يليه. و الغريب أنه و رغم كل هذه الإجراءات القاسية فإننا لا نرى أثراً ملموساً لها إلا ارتفاعاً مرعباً للمديونية التي ترتفع على البلد بشكل مضطرد مع كل رفع حكومي للأسعار؛ وكان آخر الأخبار وصولها الى سبعة عشر مليار دينار أردني بدون الفراطة.    
يتابع المواطن كل هذا و يُنفّذ تعليمات الحكومة بشد الأحزمة و توجيهات خطباء المساجد بالتقشف و الإقتداء بسنة النبي المصطفى بوضع حجرٍ على بطنه الشريف، و النصائح الطبية بضرورة المشي و تخفيف الأكل؛ لكنه مع هذا لا يرى التقشف بالحكومة نفسها؛ فسياراتها الفاخرة بازدياد، و مصاريفها كما لو كنّا دولة خليجية، و لم نعد نسمع بقرارات حكومة دولة السيد سمير الرفاعي باقتطاع 20% من رواتب الوزراء لصالح صندوق الفقير، بل لم نعد نسمع بالصندوق نفسه.  لم نسمع بقرار _ رغم لهفتنا لذلك _ يلزم الوزراء بالسفر على الدرجة السياحية مثلاً كما فعل الدكتور محمد نوح القضاة مثلاً.  لا نجد أي أثر لهذا كله على أصحاب المعالي أبداً، إلا إذا كانوا يعملون بالخفاء طمعاً في الأجر و الثواب.  لماذا لا يشاركنا أصحاب المعالي مثلا شد الحزام؟
 شارك المواطن الغلبان بالعملية الديمقراطية الانتخابية النيابية، و لم يستمع لكل الدعوات المناهضة بمقاطعتها، و لم يأخذ بنصائح بعض الكتاب بأن يشتري دلو لبن و لحم و يذهب ليهش و ينش و ينسى الإنتخابات؛ ذهبَ و انتخبَ رغبة منه في الوصول لبرلمان الشعب ليمثله، و لم يكن هدفه أن يكون مجلساً مناكفاً للحكومة و لنفسه. يشعر كل مشارك بالانتخابات  بالخجل و يتكور على نفسه عندما يشاهد على التلفزيون مظاهر العنف اللفظي و الحركي من أصحاب السعادة، و لا يقتنع بالتبريرات النيابية أن هذا يحصل بكل برلمانات الدنيا. برلمان يلحق بعضه بعضاً بما طالته الأيدي و لا يحرك نظامه الداخلي ساكناً لتبييض وجهه أمام ناخبيه إلى أن وصل الأمر لإطلاق النار. و هنا أقول حيا الله جلالة الملك، فلولا تدخل جلالته لما حدث شيء و لمرت الحادثة كما مر غيرها و تم لفلفة الأمر بجاهة كما جرت العادة.
يعُضّ المواطن على شفتيه حزناً و ألماً عندما يرى المجلس يمرر الرفع تلو الرفع و الضريبة تلو الضريبة التي تُقتطع من لقمة عيش أبنائه ثم يراهم أسوداً في الدفاع عن رواتب تقاعدهم، و هنا لا بد من الإشارة إلى أن جلالته رد قانون التقاعد المدني لهم ليناقشوا كل القانون لكل الموظفين من الآذن بمدرسة الرويشد إلى أكبر منصب. و لم يكن ببال جلالته أن يرجعوا لتقاعد النواب؛ و الأمل معقود أن يُرد هذا القانون مرة أخرى.  إن أسوأ ما في هذا الأمر أن أصحاب السعادة يتهموننا بعدم فهم ما كان ببالهم و هو تخفيض راتب الوزير و ليس رفع رواتب النواب. كيف يريدوننا أن نصدق هذا و هم يحدثوننا عن الحقوق المكتسبة لبعض النواب  بالجمع بين الراتبين فلا يقربوها و بنفس الوقت يريدون أن ينقضّوا على الحقوق المكتسبة للوزراء.   
نتيجة لهذا الوضع أصبح عندنا في الاردن حالة عدم ثقة مبررة بين الأطراف كلها و هذه لا تطمئن المتابع للربيع الأردني: فالحكومة لا يعجبها  الشعب لأنه كثير الشكوى و التذمر، والشعب لا تعجبه الحكومة لأنها لا ترحمه؛ و كلاهما غير معجب بمجلس النواب، و النواب لا يعجبهم  الإعلام لأنه يبرز أخطاءهم و يُغفل إيجابياتهم .....  الخ. الخ. فالقائمة تطول و تتجه خطوطها باتجاهات متفرقة و لا تتقاطع أبداً، و محورها تبادل الاتهامات بأن الأطراف الأخرى هي من تعطل الإصلاح المنشود.
و إذا أضفنا الى كل ذلك هذه الموجات المتلاحقة من اللاجئين فإننا سنخلص إلى أن رياح الربيع ما زالت تضربنا في الأردن بقوة رغم كل محاولات الدولة الصمود بوجه هذا الإعصار؛ تهزنا بعنف، متأثرة بكل ما يجري؛ و العدو ينتظر تهاوينا لتمرير مخططاته، و القريب ينتظر ضعفنا لنأتيه راكعين ساجدين مسبحين بفضله الدائم كما ورد بتراثنا واضعين عُقُلنا (جمع عقال) برقابنا معترفين بذنوب لم نرتكبها راجيين السموحة و طامعين بوصّلِهِ القادم.
لست متشائماً، و أشعر بالفخر لعدم سقوط أي قتيل أردني بهذا الربيع، و أفاخر الدنيا ببلد الأمن و الآمان،و سأفاخر الدنيا أيضاً إن استطعنا الخروج من عنق الزجاجة إياه؛  و لكني أيضاً أرى أننا ما زلنا في فيها و لم نخرج منها بعد، و الوطن كله أمانه في أعناقنا جميعا.
 وفي الختام لا نملك نحن المواطنين إلا الدعاء لله بأن يحمي هذا البلد من كل سوء و يحبط كيد أعدائه داخلياً و خارجياً إنه سميع مجيب الدعاء.