الاثنين، 29 يونيو 2015

اللحية في الأمثال


اللحية في الأمثال
نعم الحديث عن اللحية في الأمثال والتراث وليس الجانب الديني؛ فقد ثبت بالمشاهدة أن الأديان كلها يتمسك المتدينون فيها باللحية كمؤشر على الإيمان الصادق. هنا سيكون حديثنا مختلفاً؛ إنه البعد التراثي بالموضوع.
1) لقد كانت اللحية في القدم مؤشر الوصول إلى مرحلة الرجولة؛ فعندما ينبت الشعر في الوجه يكون الشاب قد دخل مرحلة الرجولة. فقالوا في الأمثال " إذا طلعت لحية ابنك زين لحيتك؛ أي احلقها". والمعنى كما أفهمه لا يعني التنازل عن الرجولة أو اللحية لصالح الإبن ولكنه يعني أن نعطيه المجال ليمارس رجولته؛ لا أن نقمعه والاستمرار في جعله ظِلاً لأبيه.
2) ويقال " عرفت اللحى بعضها" دلالة أن الزلم عرفوا بعض أخيراً
3) واتصالا بالمعنى الأول فقد ورد لفظ اللحية كتحدٍ لرجولة الشخص. فيقال أخذناها غصباً عن لحيته؛ أو من لحيته
4) واللحية أيضا دلالة الخبرة والتجارب فيقال "وهاي ؛ هه (ويمسك عليها) مثل السولافة ما مر علي".
5) واللحية أيضا دلالة المشورة والحكم أو عدمه. فيقال عن فاقد الحكم على الأمور أو السيطرة عليها " ليحته مش بيدة" أي أنه أمره موكول لغيره.
6) وزمان أيام شح الصابون كان يقال صابون العرب لحاها. حيث كانوا يغسلون بالقليل من الماء بعد الأكل ثم يمسح بلحيته. ولكم أن تتصورا الوضع.
7) ويقال بأنها المدخل الى عقل الانسان من خلال ما يسمى ببوس اللحى ضحك على الذقون أو العقول.
8) كذلك يقال عن فلان " ما عندوش  لحية ممشطة" كناية انه لا يجامل أحد ابدا. الطايح رايح 
شو ظل في أمثال بموضوع اللحية

الثلاثاء، 23 يونيو 2015

توظيف الدراما في الدعوة الإسلامية

توظيف الدراما في الدعوة الإسلامية
لا أدري لماذا يُغفل الدعاة الدراما في مجالات الدعوة الإسلامية،  ويصرون على الطرق والوسائل التقليدية دون مواكبة المُحدثات التواصلية مع المتلقين لأفكارهم؛ وأرجو أن لا يحاججني أحد بحديث "شر الأمور محدثاتها"؛ فحديثي عن المحدثات التكنولوجية. فما زالت العشرات من المحطات الفضائية تُظهر نفس الوجوه أو من سار على نهجهم، فيقولون نفس الكلام الذي يحفظه أو جله كما أفترض من أنهى الصف الثاني عشر،  إلا من بعض الأحكام الشرعية التخصصية التي غالباً ما تكون نتيجة الخلاف بين أصحاب المذاهب وكنا لا نعرف عنها شيئاً إلا بعد ظهور الفضائيات.
لقد أصبحت الدراما شئنا أم أبينا إحدى الوسائل الحديثة في الكثير من المجالات خاصة الإنسانية منها كالتربية وأساليب التدريس والتقديم أو الترويج لشيء جديد. وعند الحديث عن مجالات الدعوة الإسلامية أتذكر أننا تعلمنا أو رسخ في أذهاننا من فلم الرسالة أكثر من كل الكتب التي مررنا بها أو حتى نكون أكثر إنصافا فإنه (فلم الرسالة) وضَّح مفاهيم كنا نرسمها في عقولنا ربما بطريقة مشوهة.
من منا لم يشعر بالفخر عندما شاهد عمر المختار (فلماً آخر) أسد ليبيا وهو يقول للمستعمر نحن لا ننهزم؛ نحن ننتصر او نستشهد (إحدى الحُسنيين).  هل استطاعت كل الكتب الدراسية أن ترسم لنا غزوة بدر أو أحد أو حتى مدى معاناة المسلمين في بدايات الدعوة الإسلامية كما فعل فلم الرسالة؟  أو عندما خُتِم الفلم بهذا الشريط السينمائي الذي عُرض بصوت محمود ياسين المؤثر مفتتحاً ذلك بالآية الكريمة (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، بعد أن رُفِع الأذان على ظهر الكعبة والذي غطى كل المناطق التي وصل إليها الإسلام؟
هل استطاع كل المؤلفين أن يوصلونا إلى حقيقة الدعوة الإسلامية أو الثورة الليبية بلغة العصر كما فعل المخرج مصطفى العقاد رحمه الله. ومن مفارقات القدر أن يكون العقاد نفسه ضحية دعاة العصر المحدثين بتفجيرات عمان المشئومة. 
وفي العصر الحديث كان التوثيق لإمام الدعاة في القرن العشرين الشيخ الشعراوي رحمه الله بالمسلسل الذي يحمل اسمه من بطولة الفنان حسن يوسف.  وإن كان لي عليه مأخذ  هو أنه لم يوف الشيخ حقه كما يجب لأنه على ما يبدو كان محكوماً بعدد الحلقات وتسارع الاحداث.  وربما كان خلفه أيضا أبعاد سياسية كان المؤلف يحاول نفيها عن الشيخ كعدم تأييده لثورة 23يوليو المصرية.  فأصبح المسلسل عبارة عن شريط أحداث لمواقف معينة.
وبما أننا في معرض الحديث عن المسلسلات فيجب أن نذكر مسلسل يوسف الصديق ومسلسل عمر بن الخطاب كذلك. وربما وقع المسلسلان بنفس أخطاء مسلسل الشعراوي الفنية. لهذا أرى أنه حتى ينجح العمل الدعوي يجب أن يتوفر له الإمكانيات التي توفرت لفلم الرسالة و عمر المختار من إمكانيات مادية وفنية وقبل كل هذا طاقم إخراجي بقيادة مخرج بحجم الأستاذ مصطفى العقاد رحمه الله.
كذلك يمكن استعمال الدراما في الدعوة المضادة ضد هذه التيارات التي تدّعي الإسلام وهي تشوهه جهاراً؛ وينكر أفعالها كل الدعاة كما يقولون على وسائل الاعلام ومنها هذه التيارات الإرهابية التي كانت بداياتها من نهايات القرن الماضي مما جعلت المسلم وخاصة العربي محط شك كسبب لكل تفجير أو قتل في محيط إقامته بالبلاد غير الإسلامية.  هنا أذكر مسلسل دعاة على أبواب جهنم.  وآخر هذه الأعمال الفنية برنامج سيلفي لناصر القصبي بالحلقتين الثانية والثالثة حول داعش. ولا أدري سبب ثورة من يقولون بإرهاب داعش وتجييشهم وتحريضهم ضد السيد ناصر القصبي. ألم يقل في الحلقتين ما يقولوه هم على وسائل الإعلام؟ أم أنهم كانوا يمارسون التُقينة على الطريقة الشيعية؟ فيكفرون أعمال داعش على التلفزيون وبنفس الوقت يحاربون من يعرض لإعمالهم منتقداً لهم!!
وبالعودة لدور الدراما يحق لنا أن نسأل لماذا لا تضع الدول الإسلامية والعربية بصفتها رائدة حماية العمل الدعوي ميزانية مستقلة للدراما من أجل الدعوة الإسلامية أو الدعوة المضادة.   لماذا لا تُنشئ تحالفاً ثقافياً درامياً لهذا المجال بموازاة التحالفات العسكرية كرديف لها.  لماذا نُبقي هذا المجال (الدرامي) بعيداً عن خططنا، ورهن خلافات في وجهات النظر بين المذاهب أو علماء الدين بأن هذا يجوز وذاك لا يجوز عندما يكون الأمر خِلافياً؛ فهناك من أقر هذه المسلسلات وهذا التشخيص لشخصيات يعتبرها الطرف الاخر لا تجوز وهم علماء دين أيضاً. لماذا نبقي هذه الخلافات سداً أمام الإبداع الدرامي في مجال الدعوة؟
يجب التفكير جدياً في هذا الأمر فهو يستحق ذلك. لأننا إذا اتفقنا سيتغير الكثير من المفاهيم التي لم تنجح الكتب التقليدية في إنارة دياجيرها. أهو الخوف مثلاً من تقويض صلاحيات شخصيات معينة أو اتجاهات مذهبية يشكل الحديث عنها خطاً أحمراً لا يجوز الاقتراب منه هو وراء عدم القبول بالتوجه للدراما؟

وكل عام وأنتم بخير.  

الجمعة، 19 يونيو 2015

في حضرة رمضان تراثياً

في حضرة رمضان تراثياً
لرمضان رونقٌ خاص عندما يكون الحديث عنه عن أيام زمان أي كجانب تراثي. وتكمن روعته إضافة لبُعْدِه التعبدي كأحد أركان الإسلام فإنه يجمعنا بالأحباب ممن اختارهم الله ليكونوا إلى جواره فنترحم عليهم وعلى أموات مَن مر بهذه الكلمات ونطلب لهم المغفرة فنكون حققنا سُنّة نبوية "ولد صالح يدعو له"؛ ثم نتذكر أيام زمان بقسوة عيشها الذي نَحِن إليه أحيانا لما للحداثة من رعب أشد من شظف العيش لتلك الفترة.  وما سأتحدث عنه رغم ظاهره الشخصي إلا أن له بعد اجتماعي كذلك فهو يصف مرحلة معينة من تاريخ أهلنا وجدودنا.
لا أذكر بالضبط السنة التي بدأت فيها الصيام. لكني استرجع تلك اللحظات التي بدأت أسمع فيها الوالدة وجدتي لأبي رحمهن الله تتحدثان عن شيء اسمه السحور برمضان (كانت تُلفظ السَحور)، فأخذني حب الاستطلاع لأعرف ما هو هذا السَحور. ولأن الصيام شرط لاستحقاق السحور اعلنت عن رغبتي بالصيام فضحكت الوالدة رحمها الله ولا أدري أكان فرحاً بصيامي أو رغبتي فيه أو لأنها كانت أعرف في من نفسي فعرفت أنها رغبتي بالتسحر معهن (هي وجدتي).  المهم أفقت معهن على السحور لأكتشف أن هذا السحور السري جداً ما كان إلا صحن سلطة ورغيف خبز طابون.  ولا أدري أكان هناك صحن زيت وزعتر احتفالاً بانضمامي لفئة الصائمين (المتسحرين) أم لا.
أثناء السحور أو قبله سمعت صوتاً هاتفاً بالسحر على طبل، وكان الصوت خلف البيت؛ فتملكني شعور بالخوف الشديد لأن خلف البيت تقع المقبرة، فتهيأ لي أن أحدهم قام من قبره.  وإذا عرفنا أن هذا كما أذكر كان بفصل الشتاء وفي ظلمة الليل لعدم وجود الكهرباء فيمكن لمن تبسم من خوفي أن يتصور حجم الخوف. ضحكت جدتي وقالت: يا جدة، هذا المطبل فلم تكن كلمة مسحر أو مسحراتي معروفة.   وبالمناسبة شكلت هذه لدي عقدة من هذا الصوت للآن.  فقد قدر لي أن أسمع بمسحراتي يطبل على سطل أعرفه بالحقيقة وبوجود الكهرباء فوقف يطبل تحت البيت فنظرت من النافذة مع من حضر ولكني لم أره رغم أن من معي رأوه طبعا.. هم لم يعرفوا هذا للان أنني لم أرى أبا محمد.
نعود لموضوع صيام عندي وبعد هذا السحور المميز (سلطة) وتطبيلا كنت في قمة الجوع عند الظهر، ولكن أذكر أنني استغليت فرصة مروري قرب الخابية (الزير) فشربتُ بسرعة حتى لا تراني الوالدة فإذا بها رحمها الله تضحك خلفي.  وبسرعة زفت الخبر لجدتي فضحكت هي الاخرى وقالت: أي مليح يا جدة غد صوم للظهريات بصير يوم.  أعجبتُ بالفكرة ولا  أدري إن صمت للظهريات ثاني يوم أم لا.  رحم الله جدتي فقد كانت كوالدتي حناناً علي.
أما الفطور  فكان لا يختلف رفاهية عن السحور ربما كان هناك بعض المرق بندورة أو بطاطا.  لكن ما يهم في الفطور أمران الاول تذكرته وأنا اكتب هذه الكلمات.  لقد كنت ألاحظ أن الوالدة رحمها الله كانت تفطر على لقيمات وتنشغل بأي أمر لتأكل ما يتبقى من الأكل. وعادة لا يكون المتبقي كثيراً.
أما الأمر الثاني فهو طقوس ما قبل الافطار وهو انتظار الأذان. فعندما يقرب قرص الشمس المغيب ننتشر (الصِبيّة) خارج البيت لتسمع الأذان ونسمع طلقة الجفت.  لقد كان يصاحب المؤذن شخص يحمل جفتا فعندما يحين الموعد يرتفع صوت المؤذن بالأذان وينطلق معه صوت الجفت  الذي هو بمثابة مدفع الإفطار عندنا، وكنا نفرح عندما نرى دخان الجفت قبل أن نسمع الصوت.  فنصيح جميعاً كل من فوق ظهر بيتهم بصوت عال (افطروا يا صايمين) وطبعا بما أننا منتشرون بالخارج فهذا يعني أننا لم نكن من فئة الصائمين.
وحتى لا يكون الأمر قاتما جدا لا بد من التعريج على بعض الأيام التي يدخل فيها الزفر (اللحم يعني)  موائد الإفطار عندما يحضر الوالد أطال الله في عمره في إجازة والتي غالبا ما تكون قصيرة كحال باقي رجال الجيش والشرطة أيام زمان، فقط كانت الاجازات شحيحة وإن حدثت تكون قصيرة  لا تكفي مشوار الطريق إن كانت خدمة الشرطي بمكان بعيد.
ربما من المفيد الإشارة هنا أن الحال من بعضه بمعظم البيوت في قُرانا الوادعة وريفنا الطيب لأنها لا ارتباط لها بالعالم الخارجي إلا من خلال الراديو الذي يتواجد عند عدد قليل و لا مجال للمقارنة مع الاخرين فانتفى عامل التقليد الذي غزا بيوتنا مع التلفزيون واقتحم عقولنا وخصوصياتنا بالفضائيات التي هدمت كل القيم طلبا للربح كما شردت الشعوب لاحقا لركوبها السياسية.


المهم لا نريد ان نخرج من أجواء رمضان، كل عام وأنتم جميعا بخير؛ ونحمده تعالى ما أنعم علينا " وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ".  صدق الله العظيم. 

الاثنين، 15 يونيو 2015

رأي المغتربين مُهم

رأي المغتربين مُهم
نعم، هكذا جاءنا النص بكتاب السفارة نقلاً عن وزارة الخارجية الأردنية عندما أخبرونا بالاستبيان لدراسة رأي المغتربين حول مؤتمر الأردنيين بالخارج القادم.  صدعنا بالأمر وتوجهنا لموقع الوزارة على الانترنت؛  لقد كان استبياناً مهنياً بحق، يهدف إلى وضع سياسات عامة تؤدي بالنهاية إلى خطوات إجرائية(كما أتوقع) قد تكون (أو،لا) بمستوى طموحات المغترب. فالمغترب له توقعاته المادية التي يكررها في كل لقاء مع المسؤولين.  والحكومة لها أيضاً مطالب من المغتربين قد تظهر جلياً بالاجتماع؛ وقد يكون الاجتماع من أجلها.  وهذه المعادلة تُذكرني بالقصة التراثية التي ذهب فيه الفتى اليتيم ليحصد عند أخواله دون اتفاق على الأجرة، وكل منهم يأمل من الآخر الإنصاف. الفتى قال "لا يمكن لأخوالي أن يأكلوا تعبي ويجوروا عليَّ بالأجرة"؛ وقال الأخوال "لا يمكن لابن أختنا أن يطمع فينا ونحن الذين ربيناه"...وكانت النتيجة معروفة.   
لا أعتقد يا سادة أن ما ينقص العلاقة بين الحكومات والمغتربين هو المؤتمرات؛ إن من ينقص الطرفين هو التأخر دائماً من قبل الحكومة عن اللحاق بأحدث طرق التواصل بينهما. فقد كانت السفارات رغم الشعارات العالية مُقَصرة في الوصول إلى المغتربين في أماكن عملهم أو إقامتهم باستثناء بعض حالات المستشارين التربويين؛ فأنا لا أحب تعبير مستشار ثقافي، فلم أسمع بأي نشاط للثقافة ترعاه السفارة ممثلة بسعادة المستشار؛ لهذا أقترح تغيير المسمى إلى مستشار تربوي، والحديث هنا عن المناطق التي يتواجد بها المعلمون. حيث يقتصر دور المستشار فقط على الالتقاء بالمعلمين ويمسك ورقة وقلم ليكتب مطالب المعلمين المعروفة التي يكررونها ونكررها معهم في كل لقاء حتى لو مع نفس المستشار وبنفس الفصل الدراسي.
كذلك شكل عدم حصول المغترب على إجابات وافية شافية على أسئلته في السفارة دافعاً رئيساً لعدم مراجعتها. لهذا كان التوجه (والحديث عن السفارة) لتشجيع الاردنيين معنوياً على تشكيل النوادي الاجتماعية الأردنية أو الجاليات حسب قوانين البلدان المضيفة في مقار تواجد الأردنيين ليسهل التواصل فيما بينهم. ولكنها للأسف بقيت تتخذ موقف المتفرج أو لجأت لاحتضان بعض الشخصيات لتبدو بالظاهر أنها ذراع السفارة وهي في الحقيقة ليست كذلك فتبرز وجوهاً أشبه ما تكون بالمخاتير أيام زمان.  ورغم حُسن الفكرة إلا أن هذه الاندية هي الأخرى وقعت بنفس مطب البرلمانيين بالأردن من حيث التمحور حول نفس الوجوه أو فرض وجوه معينة بطريقة أو بأخرى فجعل أعداد النافرين منها في تزايد حتى ممن كان يدعم فكرة إنشاء هذه النوادي.  فقد كانت الآمال فيها كبيرة، لكن أصبح العرف هو الالتفاف حول الشخص أكثر من النادي. لقد كنتُ من المتابعين لجهود بعض الإخوة الأردنيين في إحدى دول الخليج لتشكيل جالية أو نادي منذ عام 2008 وتوقفت الجهود  ولم تنجح الفكرة وضلوا في مكانهم لأن الفريقين انقسموا مع هذا المرشح أو ذاك وكلهم طامع في الرئاسة. لهذا أرى خيبة أمل المغتربين حتى في الموجود كما نتابع على الإنترنت.  لقد اقتصر عمل هذه الأندية على المعايدات والعزاء واحتفال متواضع بعيد الاستقلال يدبكون فيه ويغنون قبل العَشاء، ودمتم. 
ولهذا وحتى لا نبتعد عن محور المؤتمر أقول يجب أن تواكب للحكومة ممثلة بالسفارات العَصْرَ في التواصل مع المغتربين.  هل يعقل مثلاً أن لا يكون للسفارة موقع الكتروني يتواصل فيه المغتربون معها خاصة من هم بعيدون عن العاصمة.  إلى متى سنبقى نتبع المندوب لمتابعة أمورنا بالسفارة.  والمندوب لمن لا يعرف الكلمة هو أحد أصحاب مكاتب تخليص المعاملات الخاصة، فينجز المعاملة مقابل مبلغ من المال ويتحكم هو بوقت إنجاز المعاملة، ولا يهمه إن كنتَ في عجلةٍ من أمرك أم لا.  
أيعقل ونحن نفاخر العالم ونتحدث عن أن  75% من مستخدمي الانترنت العرب أردنيون أن لا يكون لها صفحةٌ على الفيس بوك مثلاً؟ أيعقل أن يكون الشعب كله الكترونياً إلا الحكومة.  وبالمناسبة حتى المواقع الرسمية الحكومة غير محدثة ومنها ما هو مغلق كموقع الجمارك للاستفسار عن جمرك السيارات مثلاً.  وإن وجد الموقع لا تستفيد منه شيئاً ولا يجيب عن تساؤلات الزائر كلها، إذ لا بد من الزيارة الشخصية للوزارة أو الدائرة؛ يا سيدي نزور (ليش لا) لكن نريد أن نعرف ماذا نحضر من وثائق.
 هناك رجاء من المغتربين للحكومة أن تتوقف آلتها الإعلامية عن (تلبيس) المغتربين كل أسباب المشاكل بالبلد وخاصة بالصيف. فعندما تحدث أزمة ماء يقول المسئول (بتعرفوا: المغتربون وصلوا)... والخبز.. برضه المغتربون... والطرق...... برضه المغتربون والكهرباء  نفس السبب.  مما يجعل المغترب في موقع اتهام دائماً؛ فيسمع المغترب  وهو في سيارته عبارات مثل (يا سقى والله وانتو راجعين) أو كلمة ألطف من راجعين. فقط مدير دائرة الاراضي لا يحضر ليتحدث عن نسبة دخل الدائرة من رسوم شراء الأراضي والشقق عندما يحضر المغتربون.  وهنا يخطر بالبال سؤال لمعالي / عطوفة / سعادة المسؤول وهو هل يتم عادة استثناء المغتربين من خطط الحكومات بحيث يصبح وصولهم إلى بلدهم بالصيف مفاجئاً فيربك واضع الخطط.
تصوري للمؤتمر الذي عاد بعد انقطاع هو أنه مهرجان خطابي، وسينتج عنه قرارات باتجاه واحد فقط وهو واجب الولد نحو خواله.. ولا أريد ان أفصل حتى لا يقال أني (فَطَّنت) الحكومة عليها ولو أنها ليس بحاجة لمن يُذَكّرها بذلك.
يا سادة حتى يكون (رأينا مهماً) حقاً يجب أن لا يكون طلبه موسمياً؛ بل يكون من خلال تواصل دائم من خلال موقع وزارة الخارجية ممثلا بالسفارة؛ يجب أن يكون هناك رابطاً لمواقع السفارات الأردنية جميعها من خلال وزارة الخارجية لتكون الوزارة على علم بما يصل السفارة من ملاحظات. وبالمناسبة  فإن من أهم فوائد هذا الاجراء أنه لا يستدعي زيارة معالي الوزير أو سعادة السفير أو حتى رئيس لجنة المغتربين بمجلس النواب الذي وعد قبل سنتين بزيارة المغتربين ليتعرف إلى مشاكلهم.  سيصلهم كل شيء وهم في مكاتبهم من خلال موقع الوزارة/السفارة. 

كل عام وأنتم مغتربين ومقيمين بألف خير 

الأحد، 14 يونيو 2015

إلى السيد باسل الرفايعة مع الإحترام

إلى السيد باسل الرفايعة مع الإحترام
تابعت على عمون ما جاء على لسان السيد باسل رفاعية بخصوص  المرحوم  طارق عزيز. وعملا بحرية الرأي الذي أحترمه أرجو أن ابين وجهة نظري إن سمح بها سقف حرية الرأي الأخر عنده الأخ الكريم.
أنا من الذين كتبوا الأسبوع الماضي عن استقبال جثمان طارق عزيز رحمه الله وأيدت فكرة استقباله في الأردن لعدة أسباب أولها البعد الانساني تلبية لدعوة عائلته التي تشردت كما تشردت عائلة صدام وغيره من أبناء الآخرين. ثانيا أعجابا بطارق عزيز ورفاق صدام لأنهم عاشوا على مبدأ وماتوا عليه فلم نسمع بمليارات وجدت بعدهم،وهذه قلما نجدها في غيرهم. هم أصحاب مبدأ رغم دكتاتوريتهم التي لا ترضي الله ولا عباده؛  وثالت الأمور أنهم حتى بدكتاتوريتهم كانوا سنداً لأمتهم العربية، وبهم كان العرب ينتخون فيحصلون على فزعتهم ونخوتهم ويخذلونهم بعد ذلك.   لهذا نَحِن للزمن الجميل الذي كان يقارع فيه العربي الأجنبي مقارعة الند للند، رغم عدم التكافؤ بينهم؛ ويزداد حنينا إليهم كلما ازداد تشتتنا وضياعنا وكلما ازدادت رايات وكالة الغوث فوق الجديد من ةمخيمات اللاجئين.
لكني اتفق مع الكاتب بشأننا نحن الأردنيين في شأن تناولنا أو تفاعلنا مع بعض الأمور وهي أننا دائما ما نكون ملكيين أكثر من الملك، ونحرق بِنْها كثيراً حتى ينظر إلينا أصحاب الأمر الحقيقي أننا منافقون.  هل لي أن أستذكر وإياكم  صور الحراكيين من شيوخ وغير شيوخ وهو يرقصون أمام السفارة التونسية؟؟ هل رأيت وجههم كيف تشع نوراً  أكثر من التونسيين أنفسهم؟ هل رأيت هتافاتنا أمام السفارة السورية  مثلاً؟   هل رأيت كيف كانت الطلبات أن ننتفض لنصرة الإخوة في سوريا عسكرياُ وهم يدركون أن هذا يعني الحرب  دوان إدراك لتبعات ذلك الأمر علينا؟ و من يدري لعلهم يدركون؟ وهل رأيت كيف يهدد المقابل لهم من أبتاع حزب البعث بالويل والثبور إن حدث هذا؟ لمن الويل والثبور؟؟؟  
نعم هذه مشكلتنا يا سيدي واتفق معك بها وهي أن ما حدث بمرافقة مراسم تشييع طارق عزيز لا أظنه يرضي حتى عائلة طارق عزيز نفسه. ما هذا ؟ هو توريط للبلد مع نظام لا ينسى. و على فكرة شخصياً لا أنسى ما حدث باحتفال السفارة العراقية  وكيف عاد الشباب مضروبين من حرس السفارة.  على ما أعتقد أن هناك اتفاق بين الحكومتين الأردنية والعراقية بهذا الخصوص؛ فهل حافظنا على هذا الاتفاق؟؟ 
بمقالي الذي كتبته الأسبوع الماضي عن طارق عزيز قلت بالفقرات الأخيرة   : يوم أمس -والأحداث لا تأتي عبثاً أو مصادفة- سلَّم جلالة الملك الراية الهاشمية لقواتنا المسلحة؛ درع الوطن وحامية حماه. ومن تابع المنشور حول دلالة الراية وألوانها وما ترمز إليه يدرك البعد العربي والإسلامي العام لهذه المملكة التي هي بحجم بعض الورد.  ما زالت الراية تحمل ذات الأهداف التي توارثها الأباء عن الأجداد وسيورثوها للأبناء. نعم جاءت هذه المناسبة لتؤكد أننا ما زلنا والحمد لله نملك ما يمكن أن نقري فيه ضيوفنا ونغيث الملهوف و(ننتخي) لمن يطلب فزعتنا.  نعم والحمد لله ما زلنا أردنيين المظهر والجوهر، ولا نتوقف عند مفاهيم الربح والخسارة التي تحكم السياسات هذه الأيام.  
وحتى نتمكن في الأردن من فعل كل هذا يجب علينا نحن الأردنيين أن نعين بلدنا على ذلك الأمر سواء كان ذلك بجنازة المرحوم أو أي أمور أخرى لها علاقة بالدول العربية الأخرى؛ فليست كل الدول العربية كالأردن فهناك من الأشقاء من يتعكر خاطره سريعاً وإذا تعكر الخاطر نسي كل أيادي الأردن البيضاء سابقاً؛ ولا يحتاج الأمر إلى مزيد من الشرح.
المشكلة فينا نحن وأخص بالذكر بقايا الأحزاب الخارجية جميعا دون استثناء وهي الرقص على جراحات الوطن إرضاء لأصولهم الخارجية.   إن دفن طارق عزيز لا يحتاج إلى مظاهرة كالتي  سمعنا عنها.
ورحم الله طارق عزيز
وهدانا جميعا لما فيه مصلحة وطننا الذي نصر على أن أمنه خطٌ أحمر.

وتحياتي  للكاتب الكريم 

الأربعاء، 10 يونيو 2015

طارق عزيز من آخر الرجال المحترمين

طارق عزيز من آخر الرجال المحترمين
ها هو فارس من فرسان السياسة العراقية العربية الدولية يترجل عن صهوة مجد تليد تركه خلفه للتاريخ ليذكره بما يليق به، ويحط رحاله في الأردن موئل الأحرار أحياءً وأمواتاً بعد أن تضيق بهم جنبات بلادهم.  رحم الله الشاعر عمرو بن الأهتم التميمي إذ قال:
 لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها **** ولكن أحلام الرجال تضيق. 
نعم لم تضق أرض العراق أبداً بأهلها إلا عندما ضاقت أحلام الرجال فيها.  لقد كانت أحلام الرجال في العراق بزمن الإباء العربي تتسع لكل العرب ضيوفاً وطلاب علم؛ ولن ينسى العرب للعراق سعة أحلام رجاله؛ ولن ننسى لهم قِدْرَهم (الجِدِر) الذي جادوا به وهم أحوج الناس إليه عندما فزع العرب للأردن.  نعم، ومن غير عمّان يمكن أن تكون محط رحال هذا الفارس الشهم طارق حنا عزيز وهي التي احتضنت من سبقه من أبناء الرافدين فأقاموا فيها معززين مكرمين. 
بترجل طارق حنا عزيز فإننا نودع رجلاً من آخر الرجال المحترمين الذين ما خذلوا بلدهم ولا قائدهم يوماً وقد كانت الدنيا تفتح ذراعيها له بإشارة منه؛ حيث كان بإمكانه اختيار عدم الرجوع إلى العراق وسيلقى كل ترحاب بتلك الدول ولكن طبعا لن يذكره أحد بعد ذلك. اختار رحمه الله حضن العراق وهو يعلم ما ينتظره هناك. 
إننا عندما ننعى طارق عزيز فإننا ننعى به رجلاً لم يتنكر لتاريخه ولم يدر ظهر لقائده؛ رجلاً كان عندما تختفي الرجال.  لم يحاول تبرير أي شيء وتحمل مسؤولياته كاملة ولم يتنصل منها؛ وهو قطعاً قد تعرض لضغوطات وإغراءات وهو في سجنه ولكنه بقي صلباً ورفض أن يغادر الدنيا إلا كما عرفناه. كيف بنا نسيان مقارعته لجلاده ولا أقول القاضي وهو يطلب منه عدم الإشادة بصدام حسين.
إننا عندما ننعى طارق عزيز فإننا ننعى زمن عز وكرامة ما زال جرحها ينزف في كل ببيت عربي في هذا الجزء من العالم.  وهنا استدرك بأن النظام العراقي بتلك الفترة عليه من المآخذ الكثير ولكني عندما أنظر إلى ما آل اليه الوضع العربي أكتشف أنه كان واسطة العقد العربي بلا منازع، وبانقطاعها انفرط العقد وتناثرت حباته فوق صفيح ساخن لا نستطيع إعادة الوصل بينها.
قبل لحظات كنت في حديث مع زميل يمني عن الوضع اليمني ولكن بصيغة العربي فأنا لا أفصل بين الحالات العربية فكلها نسخ كربونية مكررة.  وجدتني استذكر معه مقولة بيكر وزير خارجية أمريكيا عندما قال للمرحوم طارق عزيز سنعيد العراق مائة عام إلى الوراء. قلت لصديقي إنهم بإعادتهم للعراق مائة عام فقد أعادوا العرب كلهم إلى الوراء أكثر من مائة عام. أي مليارات يمكن أن تصلح حال الأمة العربية لتعود كما كانت قبل 1990.  لا نريدها مُواكِبة للعالم بالقرن الحادي والعشرين؛ نريدها فقط أن تعود كما كانت بنهاية القرن العشرين عندما اختطفوها منا؛ فقد بدأ منحنى السقوط العربي منذ ذلك الزمن البعيد. إننا عندما ننعى طارق عزيز فإننا ننعى معه زمان الوصل ببغداد حيث كانت فزعة لكل العرب.
إننا عندما ننعى طارق عزيز فإننا ننعى معه آخر أيام الوحدة العربية التي اختفت فيها حتى الشعارات الوحدوية وبرزت فينا نزعة التشرذم والتقوقع كل أمة حول نفسها. وأصبح جل همها أن تحافظ على كيانها واقفاً حتى لا يسقط؛ فسقطت الأنظمة ولا أتحدث عن الحاكم نظاماً إثر نظام ولا يبدو لها فرج في القريب العاجل.
وحده أردن العرب كان إسماً على مسمى.  فبدأ عروبي النشأة، إسلامي الهوى والثقافة واستمر كذلك. لهذا ليس بمستغرب على هذا الحضن العربي الدافئ أن يستضيف أشبال العراق وحرائره عندما ضاقت بهم السبل. وليس غريباً أن تكون وصية الراحل الكبير أن يوسد الثرى الأردني بين أسرته التي سبقته وأهله وعزوته الأردنيين بالأردن.  ليس المهم أن يدفن في الفحيص أو الكرك أو غيرها فكلها الأردن؛ كلها تسقى من مزن واحدة وتتنفس هوى عربياً عرفه كل من مر بهذا الحمى الطيب. 
يوم أمس -والأحداث لا تأتي عبثاً أو مصادفة- سلَّم جلالة الملك الراية الهاشمية لقواتنا المسلحة؛ درع الوطن وحامية حماه. ومن تابع المنشور حول دلالة الراية وألوانها وما ترمز إليه يدرك البعد العربي والإسلامي العام لهذه المملكة التي هي بحجم بعض الورد.  ما زالت الراية تحمل ذات الأهداف التي توارثها الأباء عن الأجداد وسيورثوها للأبناء. نعم جاءت هذه المناسبة لتؤكد أننا ما زلنا والحمد لله نملك ما يمكن أن نقري فيه ضيوفنا ونغيث الملهوف و(ننتخي) لمن يطلب فزعتنا.  نعم والحمد لله ما زلنا أردنيين المظهر والجوهر، ولا نتوقف عند مفاهيم الربح والخسارة التي تحكم السياسات هذه الأيام.  
وحتى نتمكن في الأردن من فعل كل هذا يجب علينا نحن الأردنيين أن نعين بلدنا على ذلك الأمر سواء كان ذلك بجنازة المرحوم أو أي أمور أخرى لها علاقة بالدول العربية الأخرى؛ فليست كل الدول العربية كالأردن فهناك من الأشقاء من يتعكر خاطره سريعاً وإذا تعكر الخاطر نسي كل أيادي الأردن البيضاء سابقاً؛ ولا يحتاج الأمر إلى مزيد من الشرح.
مرحبا بطارق عزيز عزيزاً حياً وميتاً في الأردن ولترقد روحه بسلام وطمأنينة في هذا البلد الآمن دائماً بعون الله. 
عزاؤنا لعائلة المرحوم ولكل أحرار الأمة العربية بوفاة فارس من فرسان الزمن الجميل ورجلٍ من آخر الرجال المحترمين؛ فما زال الخير موجوداً بمن هم على الدرب سائرون.