السبت، 25 مايو 2013

قنديل الاستقلال | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية

قنديل الاستقلال

قنديل الاستقلال
رغم ما يحيط بالمنطقة من بؤر متوترة، و رغم اشتداد الضيق على هذا البلد الطيب، و مهما يُثار من تساؤلات كثيرة بغض النظر عن مصدرها؛ تشكيكاً أم شفقةَ على جسم هذا الوطن الصغير مساحة، الكبير حجماً، إلا أنني أجد في كل هذا التلاطم ضوءاً من قنديل صغير بوسط هذا الركام اسمه الاستقلال، يتوهج بريقاً، و يستمد زَيته من تاريخ مجيد طوال المئة العام الماضية من عمر الدولة الأردنية.
نعم يجب أن نحتفل بهذا اليوم أو نعظِّمه أو نلقي الضوء عليه، و لا نمر عليه المرور مرور الكرام لسبب رئيس برأيي ألا وهو إعطاء دفعة أمل لمواطن قابضٍ على ما تبقى من مواطنته بأن البلد بخير، أو لمغترب تسوّد الدنيا بوجهه و هو يتابع قنوات البزنس الفضائية و هي تنهش بما تبقى من لحم نكسو به هيكل الوطن العظمي، و يراه متماسكاً لا ينحني، بأن بلده ما زال متماسكاً.  نريد أن نعطي الأمل لأطفالنا في ديار الاغتراب الذين يحتفلون بأي شأن أردني كحضور نادٍ أردني لعندهم و يحقق فوزاً: يخطّون لوحاتِ الترحيب بأناملهم الصغيرة و يزينوها ( بنحبك يا أردن) و يطوقون أعناقهم بالشماغ الأحمر و يباهون باقي الأطفال من الجنسيات الأخرى و يقولون نحن أردنية. نحتفل به و نحن نرى الأخ العربي يلوح لنا بمساعدة و معها ورقة بشروطٍ أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها لا تتناسب مع مبادئ هذا البلد، و يجد هذا البلد من الكرامة ما يدفعه لرفض هذه المساعدة مع الشكر للصديق.
لا أستسيغ أي مبرر لإلغاء الاحتفال بهذا اليوم  سواء بالوطن أو بالتجمعات الوطنية بالخارج إلا سبباً واحداً فقط ألا و هو قلة الحيلة المالية و ضيق ذات اليد، عندها يكون الخبز للوطن يتقدم على الإحتفال. 
لا أدعي أني أكثر وطنية ممن يجتهد بخلاف رأيي هذا، و لكني أريد أن أقول لهم أن هذا احتفال وطني و مناسبة سيادية لا يجب التفريط فيها لأي سبب آخر.  نعم، هناك من يقول كيف نحتفل و كل هذا القتل حولنا، و لهؤلاء أقول أن هذا الأمر بالذات هو سبب كافٍ لأن نحتفل، لا أن نلغي الحفل. فإذا قدّر الله لنا أن يبقى الدم الأردني محفوظاً لهذه اللحظة فهذا أدعى لأن نحتفل مع الدعاء للأشقاء بأن يكشف الله الغمة عن إخوتنا.  لا يجوز البحث عن أسباب الإلغاء، إنما يجب البحث عن أسباب الاحتفال.
لكن هناك فئة حذرة و لا أريد أن أقول عنها تشاؤمية، و هي تتخوف من المستقبل المجهول. و هؤلاء لهم عذرهم طبعاً و لا أريد أن أقول كلاما إنشائياً حول هذا الموضوع؛ لكني أريد أن أسوق لهم قصة تراثية مفادها أنه و في أثناء احتفال العائلة بعيد الفطر السعيد بعد صوم شهر شاق بشهر حار جداً، شوهد (ختيار) لا تظهر عليه آثار الفرح مطلقاً، بل على العكس كان ملتفاً بعباءته و عبوس الوجه. عندما سألوه عن سبب تشاؤمه و عدم الفرح، قال : (ولكوا) و الله إني (هكلان) هم رمضان الجاي.  فلا ضرورة  لاستباق الأحدث أبداً.
أعود لموضوع القنديل الذي ارتبط اسمه بالشهيد وصفي التل و قد جاء ذكره بأكثر من مقال. يجب أن نحرص على ان يبقى هذا القنديل (ضاوي)  إذا توفرت نقطة زيت فيه. عندما ينفذ الزيت نقول هذه حكمة الله و قدره و لا راد لقدره. 

كل عام و الوطن بكل خير   

الثلاثاء، 21 مايو 2013

مسحولون على الطريقة العراقية في المركز الثقافي الأردني


مسحولون على الطريقة العراقية في المركز الثقافي الأردني
دعونا نتوقف عند حادثة السفارة العراقية وقفة مراجعة لكل شيء حكومة و شعباً. و لا يجب إعتبارها (هوشة) فقط، فالقضية أكبر من ذلك.  ربما كان هذا نتيجة لسياسة السياسة الناعمة منذ زمن بعيد. فلنبدأ بمراجعة أنفسنا داخلياً أولاً.
بداية أريد أن أرى أن كانت الغُمّة ما زالت على عيون بعض من يسخر من مقولة الأمن و الأمان.  مواطنون أردنيون يذهبون للتعبير عن رأيهم باحتفال سفارة دولة عربية شقيقة، فيعود أحدهم مسحولاً محمولاً على الأكتاف كما شاهدنا بالفلم؛ ضُرب الحراكيُّ الأردني (وفقت بغداد و عمان بخندق واحد، لمن ما زال يذكر هذه الأغنية) باحتفال السفارة العراقية؛ أشبعوه ركلاً و ضرباً و أمام من كان معه من زملائه الذين لم أشاهد منهم أحداً يفزع له؛ لا أدري، لا أظنه ذهب وحيداً، فهل ذهب هذا وحيداً حقاً، أم أن الأبطال البعثيين شمّعوا الخيط و هربوا ليعودا لنا بالفيس و الانترنت بعنترياتهم.

للأسف، يظن البعض أن كل الشعوب كشعبنا، و كل الدول كدولتنا، و كل قوى الأمن كقوى أمننا، ربما ظن المركولون (و انا لا أشمت و لكني أتميز عيظاً و عضباً على ما وصل اليه حالنا مما نجلبه لأنفسنا بأيدينا) أنهم سيذهبون، و يشتمون المحتفلين ثم يعودون بقنينة ماي أو عصير و موقع الكتروني يصورهم وقد فتحوه أفواههم و هم يهتفون.
 
للأسف أيضاً، نحن من(نجيب الدب لكرمنا). نشتم السفارة السورية و نريدها أن ترمينا بالورود، نشتم العراقيين و نريد أن نعود بأكاليل الغار، نشتم السعودية ونتظاهر أمام سفارتها  و نذهب للعمل هناك و نتوقع أن نُستقبل بالمطار إستقبال الفاتحين. 

أما على الصعيد الرسمي فهذا الموقف يجب أن لا يمر مرور الكرام، فالقضية هي إستهتار بكل الدولة و ليس بالبعثيين فقط.  فلو كان هذا البلطجي يقيم للدولة وزناً لما فعل ما فعل؛ يجب أن لا نقبل بالاعتذار فقط، يجب ان يحالوا جميعاً للقضاء قبل أن يغادروا خارج الأردن، هذا إذا شعروا بأن عليهم أن يُغادروا.  هذه القضية إنما هي بلطجة برعاية رسمية من السفارة.  يجب أن يفهم السفير و بلطجيته أن هذا البلد ليس (سايب) و له قوانينه.  و الله لو مرت هذه الحادثة بدون حساب لوجدنا السفير السيرلانكي  غداً يهاجم الأردنيين أمام المسجد الحسيني.  نعم لنا أمننا الناعم و لكن لنا كرامتنا كذلك.
هنا أتخيل وضعاً معيناً. فلو كانت سفارتنا ببغداد تقيم إحتفالاً مشابهاً، فهل كان حراس سفاراتنا سيستعملون  نفس الأسلوب لفض احتجاج عراقي على تلك الفعالية؟ السؤال الأهم هل حراسنا قادرون، أو هل هم مؤهلون للرد بهذا الطريقة؟  لا أظن ذلك و لكم أن تجيبوا لماذا.

 ترببينا على البُعد العروبي الذي اختفى من كل القواميس العربية الفعلية إذا تعارض مع الشأن الوطني لبلد معين إلا من قاموسنا نحن الأردنيين.  و لهذا نرى لأنفسنا الحق بأن نتظاهر أمام هذه السفارة أو تلك و نقول ما نقول من عبارات استفزازية لتلك السفارة، في حين أن هذه السفارة تعتبره انتهاكاً للعلاقات الدولية.

أما أنتم (ياللي) ببالي أهمس بأذنكم فأقول " و الله ما في مثل البلد"  فحافظوا عليه، و لتحافظوا على قنديله ضاوي كما قال الشهيد وصفي التل. لا تطفئوه.

حماك الله يا وطني.

السبت، 18 مايو 2013

الأجندات الخارجية في الأردن | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية

الأجندات الخارجية في الأردن | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية


الأجندات الخارجية في  الأردن
ربما يذكر البعض ببداية ما يُطلق عليه الربيع العربي أن مجرد ورود هذه العبارة ( الأجندات الخارجية) في مقال لكاتب كان كافياً لأن تنهال عليه السخريات و الإنتقادات وربما طاله بعض الشتائم كذلك.  و كان الجميع من هؤلاء باستثناء أصحاب الأجندات أنفسهم يتوهمون  أن هذا الربيع سيُنتِج أشجاراً دانية ثمارها و حدائق إصلاحية تسر الناظرين.  لم يكن يُتَوقّع أن من خطط لهذا الربيع لم يضع أمنيات الشعوب على سلم أولوياته، و كانت له أجندته التي نفذها البعض عن حُسن نية أو سوئها.  فمن كان حسن النية تدارك الامر و سلم أمره لله بعد أن اتضحت له الأمور، في حين أن أصحاب الأجندات بقوا في الساحة مناكفين للدولة، يسعون كلما سنحت الظروف في المناطق المحيطة إلى محاولة جر البلد الى الدم حتى تبقى في حالة فلتان أمني يسمح لهم بتنفيذ ما يسعون اليه.
نعم هذه الأيام لم تعد هذه العبارة خطاً أحمر لا يجوز ذكرها، بل أصبحت واضحة للعيان،  فليس من الصعب معرفة أصحاب الأجندات فهم يعلنون عن أنفسهم في كل مناسبة بصراحة و أمام الملأ من الناس؛ فمنهم من يريد البلد معبراً للأسلحة للإخوة المجاهدين، و يذهب نائبٌ عن حزبه ليتفقد أحوال المجاهدين بسوريا و يعود؛ و الحزبيون ذوو القواعد الخارجية يريدون الأردن كذلك أيضاً للتخفيف عن النظام  بسوريا و التي كانت هي الهدف منذ بداية الربيع، و حزبيون آخرون يريدون أن يقيموا مجداً لم يعد له مكانٌ إلا في عقولهم؛ و آخرون يضغطون لتنفيذ مخططات التوطين و الوطن البديل.  هذه كلها تتقاطع مع بعضها لتحقق أهدافها التي لا يشكل الإصلاح الحقيقي أحد ركائزها، و من أجل هذا التقاطع تحسبهم جميعاً عندما تراهم بالمظاهرات، و قلوبهم شتى، و هذا ما يخيفنا منهم ؛ أن ينقلبوا على بعض لاحقاً كما حدث بكل دول الربيع سيء الذكر.
و لا ترى هذه الأطراف أو بعضها حرجاً من التعامل مع أطراف خارجية  يرون بها مساعدة على تحقيق أهدافها؛ فهناك أجندات خارجية كذلك في الأردن، فهم يريدوننا بدون كيان أو بدون هوية لتنفيذ مخططاتهم و مشاريعهم في الدولة الجارة سوريا, فيضغطون علينا اقتصادياً و سياسياً  للرضوخ لهم.  و لا ننسى طبعا الأجندة السورية نفسها المتمثلة بشبيحة  النظام و أفراد حزبه.
نعم تطل الفتنة برأسها كالأفعى كلما سنحت لها الفرصة: فبالأمس القريب استعرضوا  عسكريا و أمس حملوا السلاح الأبيض، و لا يألون جهدا بالاحتكاك برجال الامن  و يقتنصون الفرصة لذلك، كما حدث باربد؛ و لا ننسى كذلك فبركة الأحداث كحادثة طعن الفتاة و حادثة طعن الحراكي صاحب السحجات بظهره. و يغتنمون كل حنق و ضيق اجتماعي نتيجة رفع الاسعار فيحرقون  مؤسسات البلد و يهاجمون مراكزها الأمنية.  و هذه الأيام يبدو أنهم يريدون أن يصلوا إلى أقصى درجات الاستفزاز، فهم يقفزون قفزة نوعية بالتظاهر أمام دائرة المخابرات العامة.

هنا لا بد من التركيز على أن هذا لا يعني أن من بين أبناء البلد من يسعون لإصلاح حقيقي و من أجل هذا ربما يشاركون باقي الأطراف مظاهراتهم و احتجاجاتهم، إلا ان الفرق طبعا أن هؤلاء هم كالذين ينطبق عليهم قول الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز " إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ

" الأعراف 201.  لهذا ما أن يروا أن هدف الحراك تغير حتى يهبوا لشجب هذا، و الانسحاب من كل مظاهرة لا يكون الإصلاح بوصلتها. فيشجبون و يستنكرون و يصدرون البيانات؛ و هذا يُظهر معدن الأردني الأصيل.   
لكن من باب النصيحة، أقول لهؤلاء من أصحاب الأجندات : لا يخلو بيت أردني من عسكري سواء كان بالأمن العام أو الجيش أو الدفاع المدني أو المخابرات، فحذار حذار من الاقتراب من بيت الأردنيين. لأنهم لن يقبلوا بذلك. و لا تمتحنوا صبر الأردنيين كثيراً.
تظاهروا أنى شئتم و لكن لا تقتربوا من هذه الخطوط الأردنية الحمراء.
تحية إكبار لكل فرد من أفراد قواتنا المسلحة سياج الوطن و حاميته داخلياً و خارجياً.


الأربعاء، 15 مايو 2013

أمنيات إصلاحية



أمنيات إصلاحية

ما الحياة إلا مجموعة من الأمنيات نسعى لتحقيقها على مختلف الصُعُد الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية. هذه الأيام ينشغل الناس بالأمنيات السياسية للبلد و يسعون لإصلاحها و تحقيقها. و هم على اختلاف مشاربهم السياسية يسعون ظاهرياً لذات الهدف. للأسف نلقي دائماً الكرة بمرمى الغير و هنا أقصد الحكومة لتحقيق هذا الإصلاح و لكننا ننسى أو نتناسى جميعا دورنا نحن في هذا، و نحصره في التظاهر و الاعتصام و نقفز عن موضوع إصلاح النفس، ربما لأنه أصعب الأمور.

و لهذا فإن إصلاح النفس لا يلقى مؤيدين،  و نصبُّ  جام غضبنا على من يقدم هذا النوع من الإصلاح على باقي الإصلاحات، أو عندما يطلب أن يكون هذا النوع الأساس من الإصلاح متازمناً و مواكباً للإصلاح السياسي. أما إذا تجرأ  أحد الخطباء بالمساجد أو مشارك بمقال أو على  الفيس بوك على الحديث عنه فإن التهمة جاهزة طبعاً وهي أنه موالي أو غافل و لا يعرف شيئاً بالإصلاح.

إن الاصلاح الذاتي لا يحتاج مسيرات و لا اعتصامات. إنما يحتاج  لاعتصام  مع النفس مرتين في اليوم: مساءً لاستعراض سلوكنا اليومي السابق لتقيمه،  و صباحاً للوعد بأن يكون سلوكنا مختلفاً في هذا اليوم عن اليوم السابق.  لكن المختلف في هذا النوع من الإصلاح أنه يحتاج الى الشجاعة أمام النفس، و هي شجاعة تفوق تلك المطلوبة للمشاركة حتى بثورة يعود بها صاحبها إما محمولاً على الأكتاف (شهيدا) أو مشجوج الرأس أو مفقوء العين أو بملف أمني عند المخابرات وذلك أضعف النتائج.  لهذا سماه الرسول صلى الله عليه و سلم الجهاد الأكبر.

لا نطلب من الإنسان أن ينقلب على ذاته، و نؤمن أيمانا قطعيا بمقولة الشاعر الانجليزي شكسبير الذي قال أن العالم مسرح كبير و منا نحن إلا ممثلون، فالإنسان يمارس أدواراً معينة بحكم عمره و خبرته و مكان تواجده، و هذا لا فساد فيه و لا يحتاج إلى إصلاح.  نحن نقصد الإصلاح في تلك المسائل التي يكون الإنسان فيها ضد نفسه و ضد طبيعته البشرية؛ نحن نتحدث عن الشخص الذي يحمل بداخله ضده.

لهذا وضعتُ أمام مجموعة من الأصدقاء على الفيس بوك ذات بوست عدداً من الأمنيات، فقلت :  لو أننا  فقط نكون كما نكتب هنا و ننظّر على الغير؛ لو  أننا نقبل الآخر كما نريده أن يقبلنا؛ لو أننا نُبطن كما نُظهر، و ليس العكس، ففي العادة يُظهر البعض شيئاً و يبطنون الأسوأ؛ لو أننا جميعاً لا نبحث عن وساطة عندما يتقدم أبناؤنا للتوظيف؛ لو أننا لم نقدم  الأصلع على الأصلح و انتخبنا  الأصلح أو وضعنا ورقة بيضاء إن لم يكن الأصلح موجوداُ؛ لو أننا حافظنا على ممتلكات الدائرة التي نعمل بها (المال العام) كما نحافظ على ممتلكاتنا الشخصية ببيوتنا؛ لو أن أصحاب أصحاب السعادة النواب تذكروا دوائرهم الانتخابية و ناخبيهم بعد النجاح؛ لو أننا نصلي في بيوتنا بنفس الخشوع كما نصلي أمام الناس في المسجد ؛ لو؛ لو .... و القائمة تطول.  لو أننا أصلحنا أنفسنا جميعاً هل كنا سنحتاج إلى ربيع  أو خريف؛ هذا مع اعتقادي أن معظم أصناف الربيع التي شهدنا لغاية هذه اللحظة لا علاقة لها بالإصلاح، و لم ينتج عنها إلا القتل و التشريد و الدم  الذي يصبغ خرائط الوطن العربي من شرقه الى غربه.      

نحن بحاجة إلى إصلاح داخلي  بدرجة أكبر من حاجتنا إلى الإصلاح الخارجي بالذات، حتى يكون إصلاحنا إسماً على مسمى، و حتى لا يذهب فرعون فيأتينا من هو أشد فرعنة. فالإصلاح الحقيقي  هو ما ينعكس على سلوكنا الشخصي قبل الحكومي. نريده إصلاحاً بكل الجوانب  في البيت  و الشارع  و الجامعة. نريد أن نخرج من التنظير الى الواقع.

دعونا نخرج من حالة الضدّ بداخل أنفسنا ونقف أمام مرآة أنفسنا و لو مرة واحدة فقط.

دمتم بخير

alkhatatbeh@hotmail.com


الخميس، 2 مايو 2013

الحصانة النيابية و شليل الحق


ألحصانة النيابية و شليل الحق
انتفض مجلس النواب غضباً لما جاء في تقرير جريدة الغد و نقلته "عمون" حول المطالبات القضائية  بحق العديد من السادة النواب.  و ما يدهش السامع  في مثل هذه المواقف هو أننا لا نسمع نفياً لما جاء بمحتوى التقرير، و لا نسمع أن أحدهم هدد برفع قضية تشهير ضد الجريدة، و لكن ثورتهم كانت حول كيف تجرؤ الصحف على تناول مثل هذه المواضيع.
هنا نقول لهم لم يعد هناك محرمات بهذا الربيع بحيث لا  يطالها النقد، فقد بدأت عجلة الاستفسارات و الانتقادات و الملاحظات و المراقبات على أداء المسؤولين منذ زمن، و لا يوجد سبب لاستثناء أصحاب السعادة النواب من هذا. و بالعودة للدستور فإنه نصَّ على حصانة جلالة الملك فقط، و لا حصانة لأحدٍ دون ذلك.
و نذكّرهم كذلك بأن قانون الحصانة إنما وُضِع كحصانةٍ سياسيةٍ لتُعين صاحب السعادة على أن يقول رأيه بالحدث سياسياً و يصدع برأيه و لا يخشى المحاسبة. و لا أظنه وُضِع للتستر على أصحاب المال السياسي و لا على أصحاب الشيكات المرتجعة و على الحاجزين للبطاقات الانتخابية و مختلف القضايا الحقوقية للبشر عند أصحاب السعادة و المعالي و كل أصحاب الالقاب دون جلالة الملك. ربما لم يخطر ببال واضع النص أن يمثل الشعبَ يوماً من يلاحقه القضاء.
و لا أدري كيف يعتبون و يغضبون لمجرد أن الصحافة تعرضت لهم؛ فهل اعتقد أصحاب السعادة أنهم أصبحوا خارج المنظومة البشرية العادية، و ارتقوا ليكونوا من عالم آخر؟ و هل أصبح ذكرهم من المحرمات إلا إذا كان معطراً بآيات التبجيل و الثناء؟  كيف يمكن لنا أن ننسى أن بعض الإخوة النواب  قد خرج من الحجز بكفالة قبل الانتخابات و دخل المجلس  قبل الحكم بقضيته؟ أي أنه لم يكن موضع شكٍ، بل في موقف اتهام و هناك قضية بشأنه لم يبت فيها القضاء بعد، فهل هذا من أصحاب الحصانة؟  هل يستريح ضمير أصحاب السعادة و قد امتلأت ملفاتهم بقضايا الفساد (كما جاء بالتقرير) و هم يحدثوننا عن النزاهة؟ هل يستطيعون حقاً إخراج قانون من أين لك هذا مثلاً؟ و هل سيطبقونه على أنفسهم مثلاً؟  أم أنهم سيتحصنون أيضاً وراء الحصانة؟ و لعلنا نذكر هنا مطالبة المجالس السابقة استثناءهم من قانون مشابه سابق.  و أين هم من رد الحقوق لأصحابها ؟ أين هم من رد الحق العام و رد هيبة الدولة التي أصبحت مطلباً لرجل الشارع عندما يعتدي نائب (بأحد المجالس السابقة ) على شرطيٍ و يضربه و يحدثنا الآن عن الاصلاح و يقود المسيرات عند المسجد الحسيني؟
يحق لنا أن نسأل سؤالا جدّياً: ألم يُطلب من أصحاب السعادة إحضار براءة ذمة أو شهادة حسن سلوك مثلاً ليتبين أن كانت هناك قضايا بحقهم أم لا؟ أم أن هذه  الشهادات كانت شكلية؟ و هذا يفتح باباً آخر للحديث عن الوثائق المطلوبة للترشح بما فيها وثائق الاستقالة من الوظيفة بحيث تشمل قضايا الملاحقة و ليس فقط عدم المحكومية.
إذا أردتمونا أن نُصدّق أن هذا البرلمان يختلف عن غيره، و نشعر نحن دعاة الأمل بغدٍ مشرق، فليقف أصحاب السعادة أمام القانون كباقي خلق الله، فليس من المعقول أنهم بيوم وليله أصبحوا و بقدرة قادر فوق القانون لمجرد أنهم ينتمون الى تجمعات سكانية كبيرة أو يملكون المال لهذا.
أصحاب السعادة:  أنتم بشرُ كبقية خلق الله، و من سيحكم عليكم أخيراً هو الله فقط و لا أقول الشعب؛ فالشعب ربما سيعيد انتخابكم  لو قررتم الترشح ثانية بغض النظر عن أي قانون انتخاب سيتم انتاجه كما قال أحد الإخوة النواب في المجلس الخامس عشر.
ختاماً، لا أدري كيف سيكون تفسير المجلس العالي الذي طلب رأيه معالي رئيس المجلس بموضوع الحصانة،  و لكني كنت أتوقع من مجلسنا الكريم أن يقول كما نقول بالعامية ( هاظا شليلنا للحق) من له عندنا حق فليطلبه، و يكونوا قدوة بالوقوف أمام القضاء، لا أن يتمترسوا وراء حصانة قانونية لا تحميهم إلا أمام القانون فقط، و ليس يوم الموقف العظيم أو أمام بعض ناخبيهم.
إذا كان  هذا المجلس جاداً بالإصلاح فليبدأ بنفسه و بنظامه الداخلي، و إذا كان القانون  قد أعطاه حق مراقبة الحكومة فإن نفس القانون أعطى الشعب الحق بمراقبة المجلس الكريم، فمهمة الشعب لم تنتهِ عند الإدلاء بالصوت بصندوق الانتخابات.
لا صوت يعلو فوق صوت الحق و القانون.
alkhatatbeh@hotmail.com