الأربعاء، 30 مارس 2016

اقلعني قبل ما تقلعه


أقلعوا الشعب قبل أن تقلعوا زلمكم
بداية وبعد السلام عليكم فضلت أن تغلب العامية على هذه الإطلالة حتى نبقيها بسياق سوالف التراث التي أعشقها لما فيها من حكم ودروس.  كذلك ربما تخرجنا العامية من حالة الجدية لحظات فنرسم على الشفاه بسمة قد ترى النور.  مقالي اليوم هو قصة بعنوان "اقلعني قبل ما تقلعه". آمل أن تنال إعجابكم.
حدثنا مديرنا الأستاذ مصطفى الدبابي وكنا في جمعٍ من المدرسين في مدرسة كفرسوم الثانوية عام 1979 نشرب الشاي في رزقة الشمس ذات يوم دافئ عن قصة ذلك الضيف الذي نزل بدار رَجلٍ (لا أدري بموعد أو بدون موعد) وقد اقترب موعد الغداء. وكان من أصول الضيافة أن قدم له دجاجة واحدة فقط ولم يشر الراوي أهو ضيق ذات اليد أم ضيق الوقت أم البخل؟  المهم أنها دجاجة واحدة فقط لا غير.  وكما ستوضح القصة لاحقاً فعلى ما يبدو لم يكن هناك توابع لها؛ نعم، كانت واحدة مجندلة على طبق بعد أن كانت قبل ساعات تسبح الرحمن بصوتها الشجي بحوش الدار.
وقبل أن يقول المعزب للضيف تفضل عالميسور، وحضرتوا وما حضر واجبكوا والمعذرة على القصور يا ضيف الرحمن أطل أحد الأولاد الصغار برأسه من باب  الغرفة ونظر إلى الدجاجة.  شعر المعزب بالحرج (المصطنع) من الضيف ولكنه لم يشأ أن يعود الولد بخفي حنين فقسم للولد فخذ الدجاجة وقال له خذ هاي وانقلع؛ وما أن انقلع الولد حتى أطل شقيقه ووقف منتظراً  بنفس المكان ففهم الوالد المغزى وقال خذ هاي وانقلع فأخذها الولد وولى منقلعاً.  وقد كانت القطع تصغر مع كثرة العدد فالرجل يعرف عدد أولاده، وعادة ما تكون القلعة الكبرى لصاحب النصيب الأول.  وكان يحضر كل مرة أحد الأولاد يأخذ قطعة وينقلع.  وكان الضيف حائراً فلم يقل له المعزب تفضل؛ هل يكتفي بالفُرجة فقط. وعندما وصل الأمر إلى آخر قطعة أطل قريد العش (آخر العنقود يعني) مد الرجل يده وقبل أن ينطق بالجملة إياها أمسك الضيف يده وقال له يا زلمة اقلعني أنا الأول قبل ما تقلعه وأخذ آخر قطعة من الدجاجة لنفسه والتهمها على عجل.
وبما أن الشيء بالشيء يُذكر ألا يخشى ولاة الأمر وهم يمارسون سياسة " خذ هاي وانقلع" كلما أطل أحد المتنفذين برأسه أو يصدح بصوته في مكان ما أن يمسك الشعب بيدهم ويصيح بأعلى صوته أقلعونا قبل أن تقلعوهم؟؟؟  
وسلامتكو ؛ فخير الكلام ما قل ودل.
توضيح : زَرقِة الشمس  لا علاقة لها باللون الأزرق طبعا ولكنها كلمة تعني سرعة الظهور من بين الغيوم وغالباً ما تقال بأيام الشتاء حيث تقل فرص ظهورها. وكانت تستعمل بمواقف مشابهة مثلا كأن نقول زرق الولد من جنبي وما شفته (لهجة اربد) فاقتضى التنويه والتفسير.
على كفرسوم ومدرستها والزملاء الكرام وطلابي الأعزاء السلام. 


الاثنين، 21 مارس 2016

دور السفير والسفارة

دور السفير والسفارة
للسفارة في أي بلد دورٌ مهمٌ جداً في توثيق العلاقة بين الدول، ولهذا جاءت جزءاً من وزارة الخارجية.  ولنفس السبب جاء تعيين العديد من الملحقين فيها. ولا أعتقد أن دورها (السفارة) يقتصر على التوقيع على الوثائق وتصديقها لأبنائها المقيمين هناك برسومٍ تزيد أضعافاً مضاعفة عن رسوم نفس المعاملة للمقيم لرفد الخزينة.
 فللسفارات دورُ دبلوماسيٌ بروتوكوليٌ بين الدول يُأطِّر للمواقف السياسية للدول ومحاولة شرحها للدول المضيفة أو تقريب وجهات النظر أو تضيق جوانب الخلاف بين البلدين إن وجد. ورغم عمومية الدور إلا أن أهميته تكمن بأن العديد من الأدوار الأخرى ينضوي تحت هذا المسمى.  فالسفارة الناجحة للبلد تسعى لتسويقه اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وسياحياً وصحياً وعمالياً وعسكرياً.  فالسفارة تحوي الأجوبة لأي سؤال من شعب الدولة المضيفة عن كل هذه المجالات.  فأين يجب أن يذهب المستثمر مثلاً أو السائح ليحصل على المعلومات التي يريد عن البلد.  ولمن يرجع الطلاب الراغبين بالدراسة في هذا البلد إن لم تكن السفارة مرجعيته الأولى؟  
كذلك وبالمقابل فهي مصدر معلومات لدولتها التي أرسلتها عن مناحي الحياة المختلفة في الدولة المضيفة ولا يتعارض هذا مع أصول العمل الدبلوماسي بين الدول. والحديث طبعاً عن طاقم سفارةٍ نشيطٍ يعرف كيف يحصل على ما يريد.  ولكل شيخ طريقة في هذا المجال.  لكن ما أقام الدنيا ولم يقعدها هذه الأيام ومن قبلها هو أن نشاط السفارة المعنية كان علناً وليس سراً، أو ربما مناكفة للدول المعنية التي تمثلها هذه السفارات.
لقد شغل السفير الأمريكي السابق الذي دبك على أنغام تيرشرش في إربد وتناول المنسف برعاية ممثلي الشعب في مضارب العشائر  شمالاً وجنوباً؛ وجاءت السفيرة بعده لتكمل المشوار وتغطي ما غفل عنه السفير السابق فلبست الثوب الفلسطيني و(برضه) بحضور ممثلي الشعب وتابعتم من حدث. وكان هناك حديث عن تشكيل مجالس شبابية للتنسيق بين  السفارة وبعض أطياف المجتمع.
 والآن الحديث عن السفارة الفرنسية التي دعت المواطنين لزيارتها للتعرف على منتجاتها التي من ضمنها النبيذ الفرنسي.  و لا أسَوِقُ للفكرة طبعاً (تناول النبيذ) ولا أشجع على تناوله ولكن تناول النبيذ الفرنسي ليس شرطاً  لدخول المعرض؛ فلا أتصور أن ساقي النبيذ يقف على باب السفارة بقِربة نبيذ أو وعاء يشبه وعاء بياع التمر هندي يعزف على صحونه ألحاناً جميلة ويلزم الداخل للسفارة بشربه. هو عرض من ضمن العروض؛ فمن شاء أن لا يقرب ذاك الجناح فلا جناح عليه.
وفي حدود معلوماتي أن هاتين السفارتين ليستا الوحيدتين اللتين تقوما بمثل هذا النشاط؛ فمعظم سفارات العالم في الأردن لها دور معين تؤديه حسب رؤيتها ولو من بباب الدور الاجتماعي ومن خلاله تحقق ما تريد؛ فهي ترعى جمعيات خريجي  تلك الدول أو المتزوجين من نساء من تلك الدول، وتتواصل معهم، وتدعوهم لاحتفالات سفاراتها؛ ولا يرى الكثيرون ضيراً في هذا الأمر.  
وهنا أطرح أمنية على شكل تساؤل: هل سمعتم مثلاً بنادي أو جمعية الدارسين بالأردن برعاية السفارات الأردنية في الخارج؟  عربياً لم أسمع بدور فاعل لسفارتها في الخارج إلا سفارات الدول الثورية  إياها ولا داعي لذكرها وهي التي تسعى لتصدير ثوراتها إلى الدول الآخرى؛ وكان لها مريدون طبعاً ولم نسمع باحتجاج شعبي حولها.
الآن نوجه الحديث لجماعتنا وخاصة ممثلي الشعب في مجلس النواب الكريم: إذا لم تستطيعوا تطوير عمل سفاراتنا الأردنية لتنمي دورها كما يجب بأن تكون واجهة فِعْلِية للأردن فتفعل كما تفعل السفارات الأخرى في بلدنا.  وبدلاً من يكون جل همكم تعيين ابن المسؤول الفلاني سفيراً والعلاني ملحقاً في سفارة كمغترب لمدة معينة مكافأة له بعد خدمة طويلة قبل تقاعده، أو إكراماً لقريبه (الكبير أوي).  ليكن دوركم تطوير مهمة السفارات الأردنية لنراها مِحجا لأبناء البلد المضيف للاستفسار عن الأردن  علميا وصحيا وسياحيا ..... الخ آخره .
كم تمنيت لو قامت السفارات الأردن بالخارج بمعرض لتسويق الأردن بالجوانب التي ذكرت سابقاً في دارة السفارة نفسها ولتقدم الشنينة (1) كمشروب وطني بعد القهوة العربية (السادة) طبعاً.  عندها هل كنا سنقبل أن يحتج علينا الآخرون بأن هذا المشروب يدوخهم مثلاً وفيه شُبهة معينة.
ربما يقول قائل: السفير ضيف والضيف  له حدود؛ نعم هذه هي حدوده كما تنص عليه البروتوكولات الدولية والأعراف بين الدول؛ ولو كان الأمر متعلقاً بالجانب الرسمي فقط لتم الاكتفاء بمكتب صغير وكان الله بالسر عليماً.  
فالسفارة الفاعلة لا يجب أن تبقى دائماً في العمارة.

(1)  فكرة الشنينة ملطوشة من منشور للأستاذ نصر المجالي الاعلامي الكبير.

السبت، 19 مارس 2016

""أنا خيرٌ منه" أصل التطرف ومنبع الإرهاب

""أنا خيرٌ منه" أصل التطرف ومنبع الإرهاب
 منذ أن سنَّ أبليس سُنّة " أنا خيرٌ منه"  في السماء وترجمها قابيل على الأرض بقتله أخاه والعالم مشطورٌ إلى فسطاطين كما قال بن لادن. هناك من يرى نفسه خيراً من الآخر وبناء عليه يبيح لنفسه استخدام كل السبل للقضاء على منافسه.  فكانت حيلة إبليس على سيدنا آدم بقصة شجرة الخلد التي انتهت كما كان مقدراً لها بالنزول إلى الأرض؛ كذلك كانت قصة قابيل مع أخيه هابيل للوصول إلى حق أخيه في زوجه. وكانت النهاية؛ فلا أبليس نال المجد ولا قابيل حصل على الزوجة التي من أجلها قتل أخاه.  وبالمناسبة لا أدري إن كان قابيل وهابيل أنبياء باعتبارهما الوارثين مباشرة لسيدنا آدم؛ كذلك لم أقرأ عن أن هناك أبناء آخرين لسيدنا آدم عليه السلام أم لا.  
وبما أن عنصر الخير والطبية المتمثل بهابيل  قد ذهب بذهابه لهذا من جاء بعد قابيل ربما كان هو قدوتهم رغم أنه أصبح من النادمين لاحقاً؛ لكني أتحدث عن جينات. فجينات " أنا خيرٌ منه" تحولت وتطورت حسب الظروف ولكنها كلها في مجملها كانت تحمل رفض الآخر بشتى السبل وتسعى للاستيلاء عليه حتى لو بالقوة والقتل أو أي الأشكال الآخرى حسب الزمن.
ثم كانت الفجوة الكبرى  بين الأمم  إلى أن وصلنا للرسالات السماوية من رب المخلوقات إلى خلقه ولا نملك من تفاصيلها إلا ما جاء به القرآن. وما عرفناه أن أصحاب هذه الديانات (وليس الديانات نفسها)  قد جعلوا أنفسهم لمجرد أنهم اتبعوها خيراً من غيرهم من إخوتهم من بني البشر فكانت مقولة "شعب الله المختار" مثلاً عند اليهود التي أعطتهم الفرصة لحرق وإبادة كل من خالفهم دينياً فاستولوا على بلدانهم.  ولا أريد أن أسهب أكثر بموضوع  الديانات حتى لا نقع في المحظور.
  لكن حتى يكون منظورنا  للأمور شاملاً لا بد من الإشارة إلى أن الأديان جميعاً دون استثناء انقسمت على نفسها إلى مدارس ومذاهب وشِيَع،  وكل شيعة تعطي لنفسها الحق أن تكون هي خيراً من غيرها حتى بين أتباع الدين الواحد فانتشر ما يسمى بالتكفير بين الدين الواحد وانتشر مفهوم الفئة الناجية و الفئة الباغية مثلاً عند المسلمين؛ لا بل قد تجد بعض الفرق ترأف بأتباع الديانات الأخرى وتستبيح دم أبناء من هم على دينها.  والشيء بالشيء يُذكر يجب التنويه بأن عند الإخوة المسيحيين من يعتبر نفسه أكثر مسيحية من غيره.
شهدت نهاية القرن  الماضي وبداية القرن الحديث ظهور التيارات  الدينية في هذه المنطقة تحديداً وكلها تحمل في أحشائها أجنة إبليس وقابيل " أنا خيرٌ منه" والنتيجة هي ما نرى من قتل وتشريد، ويفتخر أصحاب هذا الاتجاه بذلك ويتقربون إلى الله به. 
وامتدت مقولة أنا خيرٌ منه إلى السياسية حيث تم تطويع مفهوم " أنا خير منه" عند السياسة والسياسيين  منذ القدم أيضا لاحتلال الدول الأخرى والاستيلاء على مقدراتها وخيرات شعوبها، فكانت موجات الاستعمار القديم الحديث لكل بلد فيه خير. باعتبار المستعمرين شعوباً مختارة أعطت لنفسها الحق أن تأكل الآخرين وتستعبدهم وتبيدهم ثم تبني فوقهم دولاً تنادي بحرية الانسان والديمقراطية والعدالة.
كذلك تجد هذه المقولة أيضاً  في الجوانب الاجتماعية في حياتنا فانقسم أبناء المنطقة الواحدة الى أقسام وكلٌ منها ينظر للآخر على نظرية (أنا خيرٌ منه) ويتوجب عليه أن يخضع له؛ وإذا بحثت في مجتمعات البشر وخاصة العربية منها  لوجدت هذا جلياً.
و لا أبالغ كذلك إن قلت أنه الخيرية الفوقية هذه قد وصلت لمواقع التواصل الاجتماعي والثقافي فهناك أيضا من يعتقد أنه خيرٌ من الآخرين.
أعرف طبعاً " إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، ولكن حديثي كان عن البشر؛ وبناء على ما سبق فهناك إرهاب رجال دين وإرهاب سياسي واقتصادي عند من منحه الله المال وفكري وثقافي واجتماعي وربما أُسري أيضاً.  فكل من لا يسعى للتكامل مع غيره  ويرفض التعامل معه يحمل في جيناته " أنا خيرٌ منه".
دمتم بخير.
  

الأحد، 6 مارس 2016

التقاعد المدني مرة أخرى وأخرى

التقاعد المدني مرة أخرى وأخرى
يا سيدي  حتى لا نُحسب جزءاً من الحشد الحكومي ضد أصحاب السعادة النواب سنكون مباشرين جداً  بهذا الخصوص. ولن نعرض للأسباب الموجبة للبحث فيه؛ فقد كُتب الكثير فيه؛ وكان لي شرف أن أكتب في هذا ثلاثة مقالات منذ بداية الحديث عن التقاعد، وهذا هو المقال الرابع بعين العدو. ولن نضيف شيئاً لما كُتب حول أحقيتنا بأن نكون ضمن موضوع البحث هذا.
هذا المقال سيكون رسالة على شكل  ( SMS   )  مستعجلة لأصاحب السعادة فهم في شوق للبحث فيه وإقراره خاصة بعد تحويله الى اللجنة القانونية ولن يتأخر فيها كثيراً.  وليس لديهم الوقت لسماع مرافعات.
تقول المسج إما أن تُعدِّلوا مسمى القانون ليصبح (قانون التقاعد المدني النيابي) عندها سنكون نحن المتقاعدين المدنيين غير أولاد الداية خارج الدائرة، ولا يصح لنا الحديث فيه لعدم الاختصاص؛ أو أن يبقى المسمى كما هو وهنا وسنعترض مطالبين بأن أي تعديل يجب أن يشملنا أيضاً؛ فنحن أيضا متقاعدون مدنيون بحكم القانون.  ويستحق المتقاعدون المدنيون الذي قضوا في الخدمة عقوداً أن يُذكروا  في هذا القانون.  وبدون هذا البحث سيبقى القانون أعرجاً مجحفاً ظالماً.    
أصحاب السعادة النواب هل نحن محقون في طلبنا أم لا؟   لاحظوا أننا لم نشغلكم عن قضايا الوطن الأخرى بالحديث عن الأسباب لأنها أشبعت بحثاً من زمان.
المتقاعدون المدنيون الحقيقيون برأيي المتواضع أحق بالبحث عن رفع مستوى معيشتهم؛ إن كانت الموازنة  تسمح فيه لنا جميعاً؛ وإن كانت لا تسمح فهي علينا جميعاً.
وسلامتكو
سأشارك هذا المقال على صفحات أصحاب السعادة على الفيس إن سمحوا لنا بذلك.
وبالمناسبة رفاق الشهداء راشد الزيود ومعاذ الكساسبة أحق منا جميعاً


السبت، 5 مارس 2016

راشد الزيود يرقى سلم الشهادة من إربد

راشد الزيود يرقى سلم الشهادة من إربد
لا أدري أهو سوء التخطيط أو سوء الطالع الذي أوقع هذه الطغمة المُضَلَلة والمضلِلة بشر أعمالها لتحاول تعكير صفو فرحة الأردنيين بعيد تعريب جيشهم بشهر الكرامة. فسولت لهم أحلامهم بأن منظرهم وسلاحهم وسمعتهم السيئة التي تسبقهم بأنهم سينجحون في إخافة الأردنيين أو إرهابهم. على العموم كانت رسالتهم فاشلة ورسالة نشامى جيشنا العظيم وأجهزتنا الأمنية واضحة جداً وعسى أن يتعلم من أرسلهم أو من بقي في جحوره بأن الرد سيكون دائماً قاسياً جداً كما شاهدوه؛ فالمشاهدة تختلف عن ما سمعوا عنه.
لقد كان الدرس الذي لقنته أجهزتنا الأمنية لهذه الفئة أروع هدية  تقدمها للشعب الأردني العظيم.  فجيشنا هو عزوتنا وسندنا بعد الله ولن يضام شعب سنده  هؤلاء النشامى.  لقد كان في راشد رحمه الله ورفاقه الكرام أبلغ الأمثلة لهم للنوعية من الرجال التي ستواجهها هذه الفئات إن كرروا مثل هذه الحماقة ثانية.  راشد ورفاقه رجال تعشق الشهادة والعيش الكريم الحر؛ فإما عيش كريم أو شهادة. هؤلاء الشباب الغر الميامين راشد ورفاقه كانوا أبناء لذويهم عندما ولدوا ولكنهم عند التحاقهم برفاقهم من أجهزتنا الأمنية أصبحوا أبناء للوطن كافة.
 لهذا  لا غرابة إذاً أن نرى الأردن كافة يتقدمهم مليكهم المغوار تلتف حول والد الشهيد يتلقون معه العزاء بارتقائه شهيداً في إربد الخرزات فالشهيد لم يعد ابنا للباشا والده وعشيرته الطيبة؛ أصبح ابناً للأردن كله. ولن تنسى أربد لراشد صنيعه ولن تنسى للشباب كلهم فعلهم المشرف.
لكن هناك بعض الدروس التي يجب التوقف عندها عندما نقيم هذه التجربة مع هذه الفئة؛ ولا ندري هل سيتوقفون عند ضلالتهم أم سيستمرون في غيهم يعمهون.  لا بد من الإشارة إلى بعض الملاحظات العمومية.
إن ما حدث في أربد شأنٌ عسكريٌ أمني وليس زفة عرس أو مهرجاناً  انتحابياً.  يجب إفساح المجال للأجهزة والقوة الموجودة لتؤدي عملها دون وقوعها في مطب الخوف على المدنيين الموجودين؛ فشباب القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ليست كعصابات التطرف؛ قواتنا يهمها أمن مواطنيها بينما تختبئ العصابات بين المواطنين وربما تتخذهم كدروع بشرية.  لهذا يجب الاستغناء عن هواية التصوير في مثل هذه المواقف لنتسابق مع غيرنا بنشرها على صفحات التواصل الاجتماعي أو المواقع الالكترونية.  فهذا الأمر يشبه اللعب بالموت إضافة لبعده الأمني الحساس.
كذلك وفي خضم الحماس للوقوف إلى جانب الشباب  للدفاع عن أمر الوطن أبدى الكثيرون استعدادهم للبس الفوتيك والمشاركة في الحرب على الإرهاب.  لهم نوجه الشكر ونقول إن الجيش وكافة الأجهزة كفت ووفت. ولكننا يمكننا خدمتهم بأن نكون العين الواعية الحريصة المراقبة لكل حركة غريبة في المنطقة وإبلاغ الأجهزة عنها حتى تضعها تحت المراقبة العسكرية. فلنترك الفوتيك  لرجال الميدان ولنساعدهم استخباراتياً.  
إن ما حدث في إربد يدل دلالة واضحة على أننا ما زلنا في عين العاصفة في عين هذا التنظيم أو الجهات التي تديره؛ هذا الإصرار الأردني لأن يكون مستقلاً في قراره، رافضاً الانزلاق في مستنقع الحرب البرية  في الشقيقة سوريا لم يرق  لهم على ما يبدو؛ فما زال هناك من يحاول جر الأردن لهناك.  لهذا من واجب الجميع  أن يكون عوناً للبلد لا مناكفاً  لها لمجرد أنه يريد أن يثبت أنه موجود.  فلا يجب أن تنشغل الدولة خارجياً وداخلياً بمسائل يمكن تأجيلها لمن يصر على الاحتفاظ بها.  للأسف عاد بعض الإخوة الأردنيين للاسطوانة إياها  بعد أن وضحت الصورة في إربد واطمأن الجميع أن البلد في أمان.
ختاما، ونحن ما زلنا نتنسم عبق الشهادة على ثرى إربد، وقلوبنا تتوجه إلى غريسا حيث تحلق روح الشهيد الرائد راشد الزيود، نضرع إلى الله جلت قدرته أن يرحم الشهيد ويغفر له ويسكنه فسيح جنانه.  ونسأله جلت قدرته أن يمن بالشفاء العاجل على رفاق الشهيد من الأبطال الجرحى الذين ما زالوا على سرير الشفاء.
عزاؤنا لجلالة القائد الأعلى للجيش الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ولعائلة الشهيد جميعاً ولعائلته الكبير الأردن بأكمله.  ونشكر كل من وقف مع الأردن  بالكلمة أو الدعاء على مواقفهم النبيلة.
صباحكم ومساؤكم أمن وآمان دائمين؛ فوطن تحميه عناية الرحمن الرحيم جلت قدرته لن يُضام أبداً  بإذن الله.   
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
صدق الله العظيم