الاثنين، 29 سبتمبر 2014

ساداتنا و كبراؤنا أضلونا السبيلَ

ساداتنا و كبراؤنا أضلونا السبيلَ
يقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم بسورة الأحزاب الأيات "  يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (66) َقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68).  صدق الله العظيم.
يطيب للناس عموماً و أسيادنا المشايخ الإشارة إلى تفسير هذه الآيات بأن المقصود فيها ساداتنا و كبراءنا السياسيين، رغم أن التفسير لها هم سادات الشرك كما جاء بتفسير القرطبي.  لهذا  تراهم يعمدون إلى قراءة هذه الآيات عندما يكون أحد المسؤولين الكبار في الصلاة ليقال بعد الصلاة أن الشيخ اليوم قال، و أشار، و ألمح، و كاد يفصح، و يخرج بعدها (معرِّشاً) كالطاووس بأنه قال كلمة حق أمام سلطان جائر. و أذكر أن شيخي قال مرة في أحد دروسه الدينية أن الشيخ محمد الغزالي استغل وجود الرئيس جمال عبد الناصر بالصلة خلفه فقرأ هذه الآيات و لم يفعل له عبد الناصر شيئاً.  رحمهم الله جميعاً.
و لا أدري لماذا يقفز ساداتنا المشايخ عن أناس آخرين ربما يكونوا مقصودين بهذه الآيات، فالمقصود بهذه الآيات هو الفعل و ليس المنصب.  و قيل بالسابق لا تنظر إلى تنظر إلى دموع عينيه بل انظر إلى فعل يديه.  نعم هو الفِعل  إذاً.  و بما أنه "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" سورة الصف:3) دعونا نبدأ بالمعنيين مباشرة بهذا الأمر وهم رجال الدين عموما  لأن كل هذا القتل و الفتن و تشريد الشعوب و سلب الأراضي بالقوة  إنما وُجد بين من يدعون أنهم الوحيدون الناجون من النار و باقي خلق الله فيها. 
فمن رجل دين فرق المؤمنين  بعضهم عن بعض، إلى رجل دين آخر شتت أتباع الدين الواحد شِيعاً، إلى آخر فتت الفئة الواحدة إلى فئات ضالة كلها الى فئته هو، إلى رجل رأى في محاربة الفئات الأخرى الأولوية على محاربة الكفار الذين لا يؤمنون بوجود الله و يعبدون البقر على سبيل المثال.
و عندما قرر رجال الدين ركوب  السياسة أصبح من كان معهم بحزبهم على حق و الآخرين على باطل. و انقسم ساداتنا  المشايخ في البلد الواحد كالأردن مثلاً على أنفسهم؛  فمن كان مع الحاكم قال بحرمة الخروج عليه؛ و من كان من الفئة الخارجة  على الحاكم قال بشهادة من يسقط قتيلاُ بالمظاهرات المطالبة بسقوط النظام أو إصلاحه.   فهذا رجل دين و ذاك رجل دين أيضاً.
و جاء الإعلام و وسائله المتنوعة و مدفوعة الثمن من تجار البزنس و تجار الأديان التفريقيين ليشعلوها حرب فتاوى على الهوى؛ فهذا يقول بشيء و تلقب المحطة إلى أخرى لتجد شيخاً آخر ليقول ما يناقض ذلك تماماً بحجة أن اختلاف العلماء رحمة؛ و هو كذلك طبعا على مبدأ السماحة لكن ما يجري  لا رحمة فيه و لا تواد نتيجة فتاواهم المتضاربة.
و يتنادى العلماء للمؤتمرات فيقولون كلاماً طيباً أمام شاشات التلفزيون، و إذا عادوا إلى منابرهم الإعلامية عادوا لما كانوا عليه؛ و ينتابني  شعور بأن الأسئلة لهذه المحطات تكون مقصودة و موجهة طائفياُ و سياسياً  لأن السياسة هي وراء كل هذه المصائب.  و من يبحث عن الشهرة فليس له إلا مثل هذا النوع من الإعلام الذي يشكّل الانترنت أهم ركائزه.
 و يبقى في كل هذه الفوضى بين ساداتنا و كبرائنا السؤال قائماً: لمن سيلتفت العامة؟ و من سيتبعون؟ هل يفترض علينا أن ندرس المذاهب كلها و الخلافات بينها لنعرف إن كان هذا الشيخ على خطأ أم  على صواب.  نحفظ الآية و نجادل بها فيقال لنا هذه قيلت في المناسبة الفلانية؛ و نحفظ الحديث الفلاني ليأتي  بعد سنوات من يقول لنا أن هذا موضوعاً أو ضعيفاً كالحديث عن خير أجناد الأرض عن المصريين الذي سمعته من كبار المشايخ و منهم من عاد ليقول بأن موضوع بعد حكم العسكر. و نستشهد بما قاله العالِم الفلاني  فيقال لنا أتحتكم إلى هذا الذي هو كذا و كذا و كذا ويقولون فيه أكثر مما قال أبو نواس في الخمر، و لا تأخذهم به رحمة.
نحتكم و إياكم أمام القاضي العدل يوم تنكشف النوايا فإن كان اجتهادكم بالدين خالصا لوجه فستأخذون أجرين إن أصبتم و أجراً واحداً إن أخطأتم؛  أما إن كانت أحكامكم و فتواكم لهواكم الشخصي أو الحزبي أو السياسي و ليس خالصاً لله عندع ستحملون وزر كل اللي يجري، و كل أخطائنا و تخبطنا لأننا أطعناكم؛ و عندها كذلك سنقول كما جاء بالآيات المذكورة بسورة الأحزاب: " "  يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (66) َقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68).  صدق الله العظيم.
لكني آمل أن لا نكون ممن أن لا نكون ممن جاء ذكرهم بالآية الأولى و تقلب وجوهنا بالنار و نقول يا ليتنا أطعنا الله و رسوله و لم نسمع لساداتنا و كبرائنا.
و ختاماً يعلم الله مقدار محبتي لديني و علمائه و لكني بصراحة أحمّل  بعضهم أحد أسباب ما يجري حولنا.




الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

داعش لم تترك لنا الخَيار

داعش لم تترك لنا الخَيار
و أخيراً جاء الخيار الصعب الذي كان الأردن يحاول تجنبه منذ بداية الصراع الدائر في المنطقة، ألا و هو المشاركة الفعلية بالتنظيم الدولي لضرب هذه الجماعات المسلحة التي تلبس لباس الدين الذي ينكره حتى الداعمين لها داخلياً باستثناء القليل.  لقد حاولت هذه الجماعات و المتعاطفون معها داخلياً أن يجرونا إلى الصراع في سوريا في بداية الأمر،  تماما كما حاول القوميون لجرنا لنفس الصراع (للوقوف بالجانب الآخر) و لما سبقه من صراعات و خاصة في العراق، حتى تصبح المنطقة المحيطة باسرائيل آمنة لعدونا المشترك فينشغل كل تيّانٍ بتينه كما يقول المثل و يتفرغ  العدول للداخل الفلسطيني يفعل فيه ما يشاء.
نعم لقد أعلنها قادتها صراحة مراراً و تكراراً بأن عينهم على الأردن، و حاولوا دخوله بطرق شرعية أو غير شرعية بعد أن فشلت محاولات خروجهم من عندنا لدعم (إخوتهم) في الشام في جر النظام السوري لحرب مع الأردن لانشغاله بالداخل عنده، فلا أعتقد طبعاً أنه كان سيسكت عن دخولهم لأراضيه لو كان الزمن غير الزمن، و الوقت غير الوقت، و ما 1970  عنا ببعيد لمن ما زال يمتلك الذاكرة لهذا.  كان دخولهم من الحدود السورية متكرراً و عندما شاءت الظروف الدولية و الداخل العراقي لهم أن يتمكنوا من العراق  كانت المحاولات أيضا من الجانب العراقي.
و لا يجب أن نغفل على دواعش الداخل الذين لهم أحلامهم أيضاً في هذا الأمر و هم على اتصال و بدأت الخيوط تتكشف عن بدايات لتحركهم داخلياً. و قد أحسن الإعلام الرسمي صُنعاً عندما أصبح يشير إلى هذه الأخبار  صراحة بعد أن كانت السياسة العامة أن لا تُنشر هذه الأخبار حفاظاً على عدم ترويع المواطنين.
إذاً فهذه التنظيمات لم تترك مجالاً للأردن إلا أن يبدأ بالدفاع عن أراضيه و شعبه لأن هناك حرباً أو تمهيداً لحرب كما يشير  لها الإيقاع السريع للأحداث مؤخراً، و من لا يرى ذلك فهي مشكلته . و أصبح دخول هذا المعترك الذي كان الأردن يرفض المشاركة الفعلية فيه بشكل مباشر و يكتفي بالمشاركة اللوجستية قراراً حتمياً يحتمه عليه واجبه تجاه شعبه و لو من باب السياسة الوقائية  التي تسعى لمحاربة الشر قبل وقوعه؛ فإذا رأيت الخطر قادماً فمن  عدم الحكمة أن لا تواجهه و هو بعقر داره للوصول إلى أقل الخسائر، و من سوء التخطيط و الغباء أن تنتظر وقوعه لأنك ستموت مرتين.  و كما قال الإمام علي كرم الله وجهه " ما غُزي قوم في عقر دارهم إلا ذلّوا". 
و هنا دعونا نسأل السؤال التالي و بكل صراحة؛ إذا كان لكل دولة في هذه المنطقة (بما فيها التنظيمات الإرهابية نفسها) حساباتها فلماذا لا يكون لنا حساباتنا أيضا.  لماذا  يُفترض أن نكون دائما متلقين للصدمات و نتحمل تبعاته؛ و نكون دائما نُصفع على خدنا الأيمن و يخرج من بين ظهرانينا من يقول أدر لهم خدَّك الأيسر؟  و هنا ربما يُثار سؤال آخر و هو  لماذا لم تتحرك الدولة منذ زمن رغم أن الجميع يعرف  حقيقة ما يجري في سوريا؛ و هذا سؤال مشروع لكن الدولة لها توقيتها للأمور.
لنا أن نقول في هذه الحرب ما نشاء و ندلي بدلائنا فيها قبولاً أو رفضاً قبل القرار و عندما يكون الحديث عنها هو السائد؛  لكن و بعد أن يُعلن الوطن قراره، و يصبح القرار إما مع الوطن أو ضده فلا بد أن نكون جميعاً في صف الوطن و أي حديث غير هذا يصنف بأن صاحبه يقف بالصف الآخر لحساباته أيضاً.  لكن لنا رجاء منهم أو يتركونا نقف مع وطننا لأننا لا نرى غيره  في هذه الدنيا و لا حسابات لنا إلا الأردن.
إن ثقتنا بالجيش عالية جداُ و أملنا بهم كبير بتوفيق من الله جل و علا، فهو الناصر و هو المعين و هو علاّم الغيوب.  و لهم نقول  قلوبنا معكم و دعاؤنا لكم و الأمل معقول بنواصي خيولكم  يا نشامى الوطن.
و تحية لجلالة قائدكم  المفدى حفظه الله و سدد على طريق الخير خطاه.



السبت، 20 سبتمبر 2014

إمبراطورية (م) الاسكتلندية

إمبراطورية (م) الاسكتلندية
إمبراطورية (م) عنوانٌ لفلمٍ قديم بطولة سيدة الشاشة العربية فاتن حمام و الفارس أحمد مظهر. و سبب التسمية طبعاً كما لا يخفى على من يعرف الفلم  أن أسماء أفراد العائلة تبدأ بحرف الميم. تدور قصة الفلم يا سادة يا كرام أن أكبر الأبناء قرر أن تجري انتخابات بالعائلة لينتخبوا رئيساً للعائلة ليديرها متأثرا بالشعارات التي كانت ترفع بالستينيات. الشعارات التي لعبت على عواطف الشباب و لم تُنفذ على أرض الواقع في بلدانهم.
نعم قرر أفراد العائلة المُضيّ قُدماً بالانتخابات و الاستعداد لها من دعاية  داخل العائلة  من حفلات و لافتات ( طبعا أزالوها بعد الانتخابات مش مثل نوابنا).  و بيوم الانتخابات تم الاقتراع، و فرز النتائج بنفس اللحظة، و كان الفرز علنياً طبعا بأن الكل انتخب ماما  رئيسة للبيت أو مديرة له.  و عندما سألتهم و هي فِرحة بالنتيجة أن تربيتها لم تذهب هدراً أكثر من فرحها بالنتيجة قائلتة:  " أمال عملتوا كل ده ليه؟". أجابوها "على شان تعرفي أننا نحبك و  اخترناكِ  لأننا عاوزينك"، ليس لأن سنة الخلق هي هكذا.
تذكرتُ هذا الفلم و أنا أتابع ما يجري في اسكتلندا باقتراعهم على الانفصال عن الأم انجلترا أو بريطانيا العظمى أو المملكة المتحدة.  كنا على الفيس (هايد بارك الأردنيين) منقسمين طبعاً كالعادة فمنا من قال بأنها ستصوِّت للانفصال ، و الصديق الإعلامي الكبير نصر المجالي كان يتمنى أن لا تنفصل، و لكننا جميعا كنا واثقين بأن الأم الكبرى بريطانيا ستقبل بالنتيجة مهما كانت، و لن تُشكك أو ترفض النتيجة أو تتهم الحكومة الاسكتلندية بالخيانة أو السطو على السلطة أو نكران الجميل، و لن تُرسل بقواتها إلى هناك لإرجاع اسكتلندا لحض الأم بالقوة باعتبار أن الاسكتلنديين غير ناضجين بعد ليحددوا مستقبل بلدهم.
 لكن كان معظمنا حياديا (neutral)  حول القضية باستثناء بعض الشامتين ببريطانيا و الذي تمنوا أن تنفصل اسكتلندا كمقدمة على انفاصل ويلز ربما، و السبب أنهم لم ينسوا نتائج سياسة بريطانيا في المنطقة العربية التي كان من نتائجها تقسيم منطقة الشرق العربي و (السلبطة) على أرض لم تكن لهم يوما لتكون نتيجتها اسرائيل.   سياسة كانت عواقبها هذا الفلتان على مستوى العالم باسره.
و مع هذا كانت كل الأطراف تبدي إعجابها بالسياسة البريطانية و ينظرون بعين الغبطة أو الحسد أو التمني أن تكون بلداننا و أنظمتنا تتمتع بهذا البُعد الديمقراطي الكبير الذي يضع البلد و ليس الكرسي نصب عينينا. و نتساءل كلنا  لماذا  لا يقدمون النصيحة لرؤسائنا عندما يقول لهم مستشاروهم  إياكم و فلان أو علان.  و الحديث هنا عن كل أطياف الأنظمة بالشرق العربي؛ فهي كلها ( و إن ظهرت متناقضة) ما زالت تَحُج للغرب للنصيحة و المشورة أو تطلب البركة من سفاراتها عندنا.   لماذا لعبوا على وتر التفرقة؛  لماذا لا يريدون لنا أن نكون ديمقراطيين في بلادنا.  ألا يعرف الغرب أن علاقاته مع  الأنظمة الديمقراطية  هي أفضل ألف مرة من أنظمة تستولي على السلطة بطريقة أو بأخرى.  لماذا نجد هذه البركات (التفرقة و الشرذمة و الوصاية) فقط في الدول التي استعمرتها بريطانيا و لا نجد نفس الشيء بالدول التي استعمرتها فرنسا، باستثناء بلد المليون شهيد.
و بالعودة إلى ما جرى ببريطانيا  للمرة الثانية فإنني أعتبره مؤشراً على أن الانفصال قادم و بقاء هذه المقاطعة مع الأم مرهون بمدى رعاية الأم لهذه المقاطعة.  لكن هذا أيضاً لن يدوم طويلاً و هذا سببه سنة الكون طبعاً، فلم تسلم كل الإمبراطوريات من الانفصال و التفكك لتعود الأمور كما بدأت، و ثانيها هو أن دعوات المظلومين للاقتصاص من الظلاّم ربما ستتحقق يوماً.   
 ورغم الفقرة الأخيرة من هذا المقال إلا أنني و بكل انتصار  للديمقراطية  أبارك لبريطانيا و اسكتلندا هذا العرس الديمقراطي الصحيح ، و لكني أعترف لكم و بصراحة أن سياسة هذه الدولة (قلبت مخي) عن جد بموازنتها بين ديمقراطيتها  الخاصة بها هي و إنكارها لديمقراطيتنا نحن.

لا أدري  سبب هذه الكِتبة علينا، هل هي حصرية  لنا فقط؟ إذا كان الأمر كذلك حق لنا أن نقول  يا حصرتي. 

الأحد، 14 سبتمبر 2014

مجلسنا الكريم أوي : هاظا طلع بي مصاري

مجلسنا الكريم أوي : هاظا طلع بي مصاري
هذه هي المرة الأولى التي لا أشعر فيها بالحرج أبداً من الكتابة عن موضوع سبقني فيه غيري و ربما الكثير. و الكتابة في هذا الموضوع  فيما يخص مجلس النواب و سقوط آخر ورقة من ورق التوت عنه  شرف يجب أن لا يتوقف.  بالسابق كنا نقول هذه سياسات، و ربما نختلف أو نتفق معهم و ربما كانوا على صواب من وجهة نظر أقاربهم على الأقل.  نعم كنا نقول (يصطفلوا) داخل المجلس بكيفية التعامل مع بعضهم، فقد أسقطنا من حساباتنا مدونة السلوك التي تطرقت لكل شيء الا السلوك نفسه؛ فلم تتحدث عن تهريب النصاب و لم تتحدث عن سلوكيات النواب داخل المجلس و خارجه.  قال الكثير منا لا علاقة لنا بسلوكهم داخل المجلس و خارجة فهناك من ما زال يفزع معهم من اقاربهم رغم سوء ما يفعلوه بكثير من المواقف، و لا علاقة لنا بنقاشش مواقفهم و شدهم مع الحكومة لغايات المصلحة الخاصة.  لكن عندما يصل الأمر الى قوننة السطو على مصريات البلد عندها يجب أن لايتوقف الحديث و الكتابة إلى أن يصل الأمر لصاحب القرار برد هذا السطو العلني على مصارينا.
نعم هي مصارينا نحن أبناء الشعب و ليست مصاريهم؛ فنحن دافعو الضرائب و هم المعفيون منها؛ و نحن دافعو ضرائب المسقفات و لا أدري عدد النواب الدافعين لهذه الضريبة، و نحن دافعو فواتير  الماء و مطالعة لقوائم وزارة المياة بالمتهربين من الدفع يتبين الخيط الأسود من الأشد سوادا، و نحن دافعو فواتير الكهرباء.  هذه مصارينا و سندافع عنها بما أوتينا من أقلام و بما تسمح به القوانين.
في المرة السابقة كانت نفس الحكاية، و  و صل القانون  لديوان صاحب الجلالة فردّه طالباً أن يتم دراسة موضوع التقاعد المدني بشكل أشمل، و لا أظن جلالته قصد أن يعدّل القانون من 1500 دينار ل 3000 دينار.  أظنه قصد أن ينظر بقانون التقاعد  بدءاً من  صاحب تقاعد 200  دينار  أو اقل  للوزير مروراً بسعادتهم.   لا أدري إن كان حضراتهم  وصلتهم الرسالة أم لا.  لقد كان أمر جلالته واضحا عندما قال: ” فإنني أوجّه الحكومة لمباشرة إعداد دراسة شاملة لموضوع التقاعد المدني بأبعاده المختلفة، تتوخى فيه العدالة والشفافية والموضوعية، وتؤدي إلى تقديم مشروع قانون جديد ينظم جميع المسائل المتعلقة بتقاعد أعضاء السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويعالج التشوهات والإرباكات التي نتجت عن التعديلات المتكررة التي أُدخلت على القانون الحالي."  و أشار جلالته أيضاً " انطلاقاً من رؤيتنا الراسخة والحريصة على إرساء مبادئ العدالة بين سائر فئات مجتمعنا العزيز، وتحقيقا للمصلحة العامة لأجيال الحاضر والمستقبل، من خلال عدم تحميل خزينة الدولة أعباءً مالية إضافية، خاصة في ظل ظرف اقتصادي صعب يستوجب منا جميعا ترشيد النفقات والحفاظ على المال العام،"  كيف يمكن لهم أن يقفزوا عن أوامر جلالته الواضحة و يحملون الخزية أعباء  إضافية  و هدر للمال العام في هذه الظروف الصعبة بالذات.  
 نحن  يا سادة نشعر بالحيف  و الظلم من قانون التقاعد عموماً لهذا نحن وراء جلالته بالبحث القانون  كله و ليس الخاص بسعادتهم فقط.   فإذا كان القانون قد أعطى الوزير راتبه كاملاً لحكمة لا نستطيع تبين معالمها أو سبر غورها لغاية الآن فإن قانون أصحاب السعادة يجب أن لا يمر بهذه السهولة؛ و في الحقيقة أعتقد أن وجود قانون تقاعد رواتب الوزراء هو أساس البلاء.  
نعم هم (أصحاب السعادة) سيحاولون و سيعيدون المحاولة مثى و ثلاث و رباع و سيخالفون الشرع بأن يخمّسوا و يسدّسوا المطالبات بهذا الأمر إلى أن ينالوه.  و أشك أن جهودنا ستنجح و لكن علينا الاستمرار  بهذا.  و الغريب بالأمر أن هذا القانون لا يظهر على السطح إلا بالأزمات؛ هل هذا هو ثمن مواقف اتخذت مثلاً بموضوع إضراب المعلمين مثلاً أو ثمنا مسبقاً لموقف سياسي قادم.  
لا أدري بأي وجه سيقابل سعادة النائب الذي كان يصرخ بوجه المعلمين بأن البلد في ضائقة مالية و يغنّي على مسامعهم بالوطنية و التحمل و إنكار الذات! لا أدري بما نواجه المعلمين نحن الذين نأخذ على المعلمين أنهم لا يراعون وضع البلد المالي!  نعم كنا ضد استخدام الطلبة كدرع بشري  للحصول على هذا المطلب، و لكن الآن لا أدري كيف نقول لهم. أو سيقول  لهم سعادته أو سعادتهم.  لقد غنيّنا لهم و عليهم  مدة طويلة، لكن هذه المرة لن تجدوا من يقف معكم في وجه المعلمين إن انتفضوا انتصارا لحقهم الشرعي؛ لكن طبعا بدون تسريح الطلبة بالشوارع. 
كذب من قال أن الزيادة في التقاعد إنما هي بضعة ملايين فقط لأننا القادم  سيكون أكثر منها؛ فالقانون للحالي و للقادم  من أبناء و أحفاد السادة النواب، و لو افترضنا صدق المقولة فإن هذه البضعة ملايين  هي حق مشروع لرواد صندوق التنمية الاجتماعية  الذين تنشدون أو ربما تشترون أصواتهم بطرد غذائي عندما تأتي الانتخابات.  و هي أيضا كافية لبناء مدرسة أو مركز صحي أو إسكان لمن لا يملكون البيت.  هناك أولويات كثيرة بالنسبة لنا لا يقع تقاعد السادة النواب بآخرها.
حضرات النواب: ما نقوله ليس حسداً أو ضيقة عين و إنما هي حقوق يجب أن نحافظ عليها لأن ما يربطنا بهذا الوطن أقوى مما يربط بعض خلق الله به. نحن لا نملك إلا جواز سفر واحد و هو الأردني، و لا نملك من المال إلا ما يستر بعض عوراتنا الاقتصادية و الاجتماعية، لهذا لن نغادر هذا الوطن إلا إليه هو أو للدار الآخرة.  و لن نخون العهد معه.
كان الله في عونك  يا وطني،  يا جمل المحامل.



السبت، 6 سبتمبر 2014

"اشكي مثل ما تريد ونحن لنا نقابة تحمينا"

"اشكي مثل ما تريد ونحن لنا نقابة تحمينا"
بصراحة لخَّصت  مديرة المعلمة التي سحجت وجه طالبها الصغير بالمقعد الدراسي  مفهوم أعضاء النقابة للهدف من إيجاد نقاباتهم.  نعم كان تعبيرها عن الموضوع بهذا العبارة البسيطة كافياً للدلالة على مستوى الوعي النقابي لدينا جميعاً؛  حيث يتركز اهتمامنا بها على الفائدة الشخصية و جُلّها  مادي  صرف أو الوقوف و الترقيع وراءهم إن وقعوا في مصيبة، لا لشيء إلا أنهم أكثر عدداً.  و هذا هو الشرح الفعلي لما يفهمه معظمنا بفهمه للحديث النبوي " أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" بمعناه السطحي. و لهذا تقع مثل هذه التجمعات فريسة سهلة لأي حزب قوي يمكن أن يحقق (الفائدة) الشخصية لهم. 
مفهوم "اشكي مثل ما تريد ونحن لنا نقابة تحمينا" أصبح شعار الجميع. نعم إن المهندس يرى في النقابة بالدرجة الأولى سنداً له إن وقع في مشكلة معينة و يدعمه بشتى السبل حتى لو كان مخطئاً؛ و الطبيب يرى فيها حماية له من أخطائه الطبيّة؛ و المحامي يرى فيها حماية له إن اشتكى عليه موكله لأنه ضيَّع  قضيته نتيجة إهماله على أحسن الظنون؛ و كذلك الحال بالنسبة للمعلمين كما جاء بتصريح المعلمة إياها.   لهذا اشترطوا في النقابات أن تكون هي المرجع الأول للحكم على العضو، و إذا اختار المتضرر اللجوء للقضاء يتم الرجوع لرأي النقابة.  فمن ضمن نزاهة الحكم النقابي و الكل يعرف أن مبدأ " حك لي تا حكلك" هو السائد بمجتمعاتنا.
تثبت الأيام يوماً بعد يوم أن فهمنا النقابي لا يختلف عن فهمنا الحزبي أبداً.  و كذلك الحال في التجمعات الأخرى التي تقع تحت مسميات مثل جمعيات، روابط، أو إتحادات.  نحن نرى هذه التجمعات فرصة للظهور الشخصي فقط.  و من أجل ذلك يسرف منشئوها بالوعود للأعضاء بالخير الوفير عند تجميعهم بالمرحلة الأولى للتأسيس و قبل كل انتخابات.  نعم هي كلها كما يقول الهنود بالخليج ( سيم  سيم)؛ و حتى الحزب الكبير الذي يدَّعي أصحابه العمل المؤسسي ظهر بالانتخابات الأخيرة أنه لا يختلف عن غيره عندما غضب (الكبار) منهم عندما تم انتخاب غيرهم فغادروا القاعة على الفور.
و بالعودة لموضوع النقابات فإنني أود أن أشير أن ما يحدث من فقاعات هنا أو هناك  عندما تحدث أزمة بين الحكومة و النقابات  يثبت يوم بعد يوم أن هذه النقابات إنما هي ذراع لأحد الأحزاب  يوجهها حيث تشاء، و لهذا لم يكن مستغرباً أن نسمع في حالة نقابة المعلمين أن الأمر جاء من هذا الحزب فانفض الإضراب الذي لم يكن له ما يبرره منذ البداية، مما أثار غضب المعلمين. و أعتقد أنهم غضبوا لأنهم اكتشفوا أن لحاهم لم تكن بيدهم؛ حيث كان الإضراب و انفض دون أن يكون المعلم من أولوياته.
اقترح لهذا الوضع أن تلجأ السلطة التشريعية ( التي هي أيضاً بحاجة لقانون) إلى التدخل بشكل سريع لإجراء تعديل تشريعي على  قانون النقابات بحيث ترفع يد النقابة عن التدخل بالقضايا المرفوعة على أعضائها، و يتم التوجه فوراً للقضاء.  عضوية النقابة ليست ريشة على رأس العضو لتميزه عن غير النقابي ليكون له مسرب خاص و ربما قانون خاص يحميه أثناء محاكمته. و بالمناسبة؛ هناك سؤال بهذا الخصوص و هو ماذا يفعل من لا نقابة له؟
ثانياً، إذا كان لابد من النقابة فيجب إعطاء دورات تدريبية ( سمعت أنها موجودة بنقابة المهندسين) لتوعية الأعضاء نقابياً بواجبات النقابة، و لو أنني أخاف أن  تكون هذه الدورة أيضا لتوطيد مفهوم الفزعة للعضو إن وقع بمشكلة.  أو توجيهه حزبياً.  و هذا يقودنا للاقتراح الثالث.
أقترح أن تمنع النقابات من أي دور سياسي حزبي، و هذا التشريع لو حصل سينتج عنه فائدتان: الأولى أن يتم توجيه النقابات للارتقاء بالعمل المهني للأعضاء، و الثانية هي تقوية الأحزاب برفدها بالأعضاء الجدد الذين يرغبون بأن يمارسوا العمل السياسي.  و بهذا لا تبقى النقابات و خاصة الكبيرة منها عصا تلوح بها الأحزاب للحكومة بإضراب أو مسيرة كلما أرادت ذلك.
عندما تتوجه النقابات  للعمل المهني  فقط عندها يمكن القول أن عندنا نقابات مهنية  تتقدم المهنة فيها على أي اعتبار، عندها فقط يمكن أن أصدق أنها يمكن أن تنصف المظلوم منا ممن لا نقابة له إن وقع بمشكلة مع عضو بنقابة معينة.
كل نقابة و أنتم بخير.