"اشكي مثل ما تريد ونحن لنا نقابة تحمينا"
بصراحة لخَّصت مديرة المعلمة التي سحجت وجه طالبها الصغير
بالمقعد الدراسي مفهوم أعضاء النقابة
للهدف من إيجاد نقاباتهم. نعم كان تعبيرها
عن الموضوع بهذا العبارة البسيطة كافياً للدلالة على مستوى الوعي النقابي لدينا جميعاً؛ حيث يتركز اهتمامنا بها على الفائدة الشخصية و
جُلّها مادي صرف أو الوقوف و الترقيع وراءهم إن وقعوا في
مصيبة، لا لشيء إلا أنهم أكثر عدداً. و هذا
هو الشرح الفعلي لما يفهمه معظمنا بفهمه للحديث النبوي " أنصر أخاك ظالماً أو
مظلوماً" بمعناه السطحي. و لهذا تقع مثل هذه التجمعات فريسة سهلة لأي حزب قوي
يمكن أن يحقق (الفائدة) الشخصية لهم.
مفهوم "اشكي مثل ما تريد ونحن لنا نقابة تحمينا"
أصبح شعار الجميع. نعم إن المهندس يرى في النقابة بالدرجة الأولى سنداً له إن وقع
في مشكلة معينة و يدعمه بشتى السبل حتى لو كان مخطئاً؛ و الطبيب يرى فيها حماية له
من أخطائه الطبيّة؛ و المحامي يرى فيها حماية له إن اشتكى عليه موكله لأنه ضيَّع قضيته نتيجة إهماله على أحسن الظنون؛ و كذلك
الحال بالنسبة للمعلمين كما جاء بتصريح المعلمة إياها. لهذا اشترطوا في النقابات أن تكون هي المرجع
الأول للحكم على العضو، و إذا اختار المتضرر اللجوء للقضاء يتم الرجوع لرأي
النقابة. فمن ضمن نزاهة الحكم النقابي و
الكل يعرف أن مبدأ " حك لي تا حكلك" هو السائد بمجتمعاتنا.
تثبت الأيام
يوماً بعد يوم أن فهمنا النقابي لا يختلف عن فهمنا الحزبي أبداً. و كذلك الحال في التجمعات الأخرى التي تقع تحت
مسميات مثل جمعيات، روابط، أو إتحادات.
نحن نرى هذه التجمعات فرصة للظهور الشخصي فقط. و من أجل ذلك يسرف منشئوها بالوعود للأعضاء
بالخير الوفير عند تجميعهم بالمرحلة الأولى للتأسيس و قبل كل انتخابات. نعم هي كلها كما يقول الهنود بالخليج (
سيم سيم)؛ و حتى الحزب الكبير الذي يدَّعي
أصحابه العمل المؤسسي ظهر بالانتخابات الأخيرة أنه لا يختلف عن غيره عندما غضب
(الكبار) منهم عندما تم انتخاب غيرهم فغادروا القاعة على الفور.
و بالعودة
لموضوع النقابات فإنني أود أن أشير أن ما يحدث من فقاعات هنا أو هناك عندما تحدث أزمة بين الحكومة و النقابات يثبت يوم بعد يوم أن هذه النقابات إنما هي ذراع
لأحد الأحزاب يوجهها حيث تشاء، و لهذا لم
يكن مستغرباً أن نسمع في حالة نقابة المعلمين أن الأمر جاء من هذا الحزب فانفض
الإضراب الذي لم يكن له ما يبرره منذ البداية، مما أثار غضب المعلمين. و أعتقد
أنهم غضبوا لأنهم اكتشفوا أن لحاهم لم تكن بيدهم؛ حيث كان الإضراب و انفض دون أن
يكون المعلم من أولوياته.
اقترح لهذا
الوضع أن تلجأ السلطة التشريعية ( التي هي أيضاً بحاجة لقانون) إلى التدخل بشكل
سريع لإجراء تعديل تشريعي على قانون
النقابات بحيث ترفع يد النقابة عن التدخل بالقضايا المرفوعة على أعضائها، و يتم
التوجه فوراً للقضاء. عضوية النقابة ليست
ريشة على رأس العضو لتميزه عن غير النقابي ليكون له مسرب خاص و ربما قانون خاص
يحميه أثناء محاكمته. و بالمناسبة؛ هناك سؤال بهذا الخصوص و هو ماذا يفعل من لا
نقابة له؟
ثانياً، إذا كان
لابد من النقابة فيجب إعطاء دورات تدريبية ( سمعت أنها موجودة بنقابة المهندسين)
لتوعية الأعضاء نقابياً بواجبات النقابة، و لو أنني أخاف أن تكون هذه الدورة أيضا لتوطيد مفهوم الفزعة للعضو
إن وقع بمشكلة. أو توجيهه حزبياً. و هذا يقودنا للاقتراح الثالث.
أقترح أن تمنع
النقابات من أي دور سياسي حزبي، و هذا التشريع لو حصل سينتج عنه فائدتان: الأولى أن
يتم توجيه النقابات للارتقاء بالعمل المهني للأعضاء، و الثانية هي تقوية الأحزاب
برفدها بالأعضاء الجدد الذين يرغبون بأن يمارسوا العمل السياسي. و بهذا لا تبقى النقابات و خاصة الكبيرة منها
عصا تلوح بها الأحزاب للحكومة بإضراب أو مسيرة كلما أرادت ذلك.
عندما تتوجه
النقابات للعمل المهني فقط عندها يمكن القول أن عندنا نقابات
مهنية تتقدم المهنة فيها على أي اعتبار،
عندها فقط يمكن أن أصدق أنها يمكن أن تنصف المظلوم منا ممن لا نقابة له إن وقع
بمشكلة مع عضو بنقابة معينة.
كل نقابة و أنتم
بخير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق