السبت، 18 أبريل 2015

أبناء الأردنيات والتجنيس والمواطنة وللحديث شجون

أبناء الأردنيات والتجنيس والمواطنة وللحديث شجون
 يطلع عليها في الأردن بين الفينة والأخرى بعض الأصوات النسائية المنادية بحقوق الأردنيات المتزوجات من غير اﻷردنيين للمطالبة بتجنيس أزواجهن وأولادهن كذلك باعتباره حقاً دستورياً وليس مِنة من أحد (وهذه موضة جديدة هذه الأيام بخصوص قضية حقوق وليست مكارم ). وينبري المدافعون ضد هذه الفكرة بالحديث عن المخاوف الديموغرافية؛ وهم محقون من وجهة النظر الداخلية للبلد.  ومنهم من يثير قضية المواطن والمواطنة؛ و هذا مواطن أصيل وهذا غير أصيل  إلى آخره من التصنيفات مما يجعل للحديث شجوناً كثيرة. 
وبغض النظر عن مدى أحقية كل طرف بتبني الموقف الذي يريد فإنني أرى الموضوع جزءاً من حالة عربية عامة وليست تخص الأردن وحدة؛ وأقصد بها تواجد غير المواطن (وأعني العربي طبعاً) في البلدان العربية الأخرى، وأسأل عن نقطة التخوف من موضوع المواطنة لأطرح هذا التساؤل: هل يوجد بلدٌ في العالم يتخوف من موضوع المواطنة إلا الدول العربية بحجة الخوف على تغيير الخارطة الديموغرافية لبلدانهم فتراهم يتحفظون على تواجد غير المواطن ويُنظر إليه كحالة استثنائية رغم أن هذا ( غير المواطن ) ﻻ يشكل عالة أبداً على سكان البلد اﻷصليين من حيث المعيشة.  ﻻ بل أنه شكل تمازج كامل مع أبناء البلد اﻷصليين برغبة مشتركة من الجانبين في حالات كثيرة.   فلماذا الخوف منهم؟
تدخل البلد العربي اﻵخر مهاجراً لظروف قهرية لها علاقة بالوضع العربي العام أو اختيارية للعمل أو الدراسة فلا تجد القبول إلا على سبيل المجاملة، ولكن يبقى الشعور مشتركاً بأنك طير غريب واﻵخر هو البلبل صاحب الدوح مهما بلغتَ من العمر أو سنوات الخدمة في هذا البلد أو ذاك، في كل حين تسمع دائماً ( أحرام على بلابله الدوح / حلال للطير من كل جنس).  في حين أنك تذهب لبلد آخر غير عربي فتستحق فيه جنسية هذا البلد قانونياً ودستورياً وليس منحة تُمنحها بعد مضي عدد من السنين تحدده قوانين تلك البلد، وﻻ تشترط عليك أن تتخلى عن جنسيتك الأصلية، لا بل تبقى تُجلها وتحميك من جميع الجنسيات ما عدا جنسيتك الأم.  فقط في البلاد التي يقول إعلامها صباحاً و مساء أن اللغة والدين والعادات والتقاليد تربطها و تنادي ببلاد العرب أوطاني ﻻ تجد هذه الميزة؛ تدخلها مغترب وتخرج منها كما دخلت إلا من بعض الذكريات الجميلة أو المرة.
نعود للسؤال اﻷول لماذا الخوف من غير المواطنين في الأردن إذا افترضنا أن هناك أصلي وآخر تايواني؟  أهو الخوف على مستقبل البلد سياسياً مثلا؟  أم اقتصادياً أم ماذا؟ ألا يجب علينا أن ننظر إلى من يتحكم في اقتصاد البلد مثلا فنكسب ودهم لأننا يجب أن نعترف بأن من يَملك الاقتصاد مَلك السياسة أيضا شئنا أم أبينا. لماذا إذاً ﻻ نعطي بين قوسين (غير المواطن) الشعور بالأمان حتى ﻻ يبقى يشعر أنه طارئ على هذا البلد وينتظر قرار ترحيله بأي لحظة مثلاً. 
وبالعودة لموضوع أبناء اﻷردنيات فإنني أدرك أبعاد السياسية التي تسوقها الحكومة دائماً وربما أزيد عليها؛ لكني أرى أيضا أن اﻷردن هو جزء من هذه المنظومة العربية التي تنادي بكل مبررات الوحدة  بالعلن إلا أنها تسير كباقي الدول العربية في هذا المجال ففيها من يتحدث عن أصلي وتقليد؛ ومع كل هذا ستنتصر الحركات النسائية وستحصل الأردنيات صاحبات القضية على ما يتمنين لأن هناك من الجمعيات متعددة الأغراض تدعمهن داخلياً وخارجياً. 
هنا أرى من المناسب الإشارة لمقولة " يا ضيف ما كنت معزب!". فالمواطن الأردني (الأصلي) شأنه شأن العربي هو مواطن أصلي في بلده وضيف في مكان آخر.  وﻻ يبدو أن بارقة ﻹمل قريب بأن يركب العربي سيارته من المشرق إلى المغرب أو العكس ﻻ يخشى على غنمه إلا الذئب تلوح بالأفق.  فالمواطن العربي مواطن في بلده وغير المواطن غريب على اختلاف مسمياته  في البلدان.  لكن أشد أنواع الغُربة هو ذلك الشعور الذي تشعر فيه بوطنك وبعد عودتك إليه بعد اغتراب طويل؛ ففي بلاد الضيافة كنت غريباً وفي بلدك تمارس الغربة إحساساً وربما أكثر من ذلك ممن حولك.  فيصلح أن تحمل لقب صاحب الغربتين.  لهذا يفترض فينا أن نضع أنفسنا في الجهة المقابلة دائماً لنحكم على الأشياء بشكل دقيق. 
فالأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين لهن كل الاحترام والتقدير و لأولادهن صدر البيت؛ فأبناء النشميات نشامى أيضاً. ومن المناسب أن أشارككم معلومة عندي عن المملكة المغربية وهي أن المرأة المغربية واحتراماً لها لأنها مغربية فإنها تُعطِي الجنسية لأبنائها إكراماً لها. وإذا كان قدرنا الذي اخترناه بإرادتنا أن يكون في بلدنا هذا التنوع السكاني فمرحباً به؛ لأننا إذا أردنا الانتظار ليكون هناك سياسة عربية عامة بخصوص العرب المتواجدين على أراضي عربية أخرى فإن انتظارنا سيطول؛ وسنبقى نحلم؛ أما في الحقيقة فهي كما قالها الأخ السوداني في النكتة التي تحضرني عن السوداني الذي شارك في مظاهرةٍ في مصر على أيام عبد الناصر إيماناً منه بالوحدة؛ فكان هذا السوداني الحالم يهتف ويقول مصر والسودان حتة وحدة؛ مصر والسودان حتة وحدة.  وأثناء المظاهرة تم نشل محفظته فحاول النزول عن أكتاف المتظاهرين للحاق بالنشال فلم يستطع فصار يهتف "مصر والسودان ستوميت حِتة".
لا بد من الحديث وبصراحة كبيرة بين السادة وزراء الداخلية العرب وهم الجهة الوحيدة في الدول العربية التي لم تختلف يوما كما نسمع عن موضوع ازدواجية الجنسية العربية، فالقضية أشمل وأعم من موضوع اللاجئين العرب في الأردن أو أبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين.
بلاد العُرب أوطاني من الشام لبغدان

.