الجمعة، 26 أبريل 2013

الفشخة


الفشخة

جزى الله خيراً الاستاذ محمد أبو قديري الذي أوحي لي بفكرة المقال هذا؛ فقد قالي لي عندما رآني متجهماً لتسجيل الهدف الاول بمرمى الفيصلي من مضيفه نادي ظفار بصلاله:  عاين  خير يا ابو محمد؛ إحنا ما بنصحى إلا بعد ما (ننفشخ) وكان يقصد الهدف الأول؛ وهكذا كان؛ فقد حصل الفيصلي على هدف التعادل بعد ذلك، و حقق ما يصبو اليه من تأهل و عدنا جميعا مجبوري الخاطر، و لكن بعد أن فُشخنا بالهدف الأول.  و (الفشخة) هي شج بالرأس نتيجة ارتطامه بجسم صلب، و يا حبذا لو كان حجر صوان فيسيل  دمه، و يسمى الشخص المُصاب بالمفشوخ.

 و تستعمل هذه الكلمة للدلالة على  الاستفاقة من  الغفلة،  فيعود الغافل الى صوابه في اللحظة المناسبة أو بعد فوات الأوان.  فكما جاء بالتراث الأردني أن الضبع إذا أراد افتراس الرجل فأنه يخدره ببوله و يسير أمامه، فيصبح الرجل مُخَدَّراً يتبع الضبع الى وكره (الموكرة)    و هو يظن أنه يطارده؛ و في الحقيقة فإنه يسير الى حتفه.  فإذا قيّض الله لهذا المضبوع  ( الشخص المُخدَّر) من ينبهه و يعيده إلى رشده (وغالباً ما كانت يكون ذلك بإطلاق النار من بعيد) فأنه نجا و إلا فإن هذا المضبوع سيستفيق على فشخة برأسه بباب الوكر الضيق عندما يكون الضبع يسحبه للداخل لافتراسه، و هذا يكون بعد فوات الأوان حيث لا ينفع الندم.

و هنا أطرح السؤال نفسه حول ما يجري على الساحة الأردنية على السياسيين و الحراكيين و السلطة بطرفيها المتماحكتين التنفيذية و التشريعية؛ هل من الضروري أن نُفشخ كأردنيين لنعرف أن وطننا في خطر يتهدده؟  هل نحن بحاجة الى (فشخات) لننتبه الى أن ما يجري على حدودنا الشمالية ليس في الصين و إنما هو قاب قوسين أو أدنى من كل بيت، و سيؤدي الى أكثر من مجرد فشخة؛ إنما هو شج رأس يؤدي الى الهلاك و ليس الصحيان من حالة غفلة.  ربما لن نُهجَّر باعتبار أن البقعة الوحيدة التي كتب الله عليها أن تكون بقعة الاستقطاب للهجرة و ليست طاردة لها هي الأردن، ربما لأنها تحوي أخفض منطقة في العالم، و لكننا سنُهَّجر ونحن في أوطاننا و وسيمارس علينا كل ما نراه بالمخيمات و نحن في ببيوتنا. و  الغريب أن أخفض بقعة في العالم هذه لا تنساب اليها المياه و لا البترول و لا الغاز و لا أي مواد سائلة أبداً إلا السيلان البشري المُهجَّر.

أن أول فشخة بالرأس العربي كانت بالعراق، و ها هم العراقيون باستثناء الطبقة الحاكمة  يتحسرون على أيام صدام حسين: ليس حبا بصدام كشخص و لكن بأيام صدام.   هذه الأيام نسمع عن بداية صحوة بمصر و تذكّر لأيام مبارك و ليس لمبارك نفسه، فظهرت صور مبارك مذيلة بعبارة (آسفين يا ريس) على سياراتهم و حتى بالأماكن العامة. إن زيارة بسيطة للفيس بوك و للعديد من المحطات الفضائية المصرية يجعلنا ندرك حجم المأساة هناك. و من غير المعقول أن تكون كل هذه المحطات للفلول.

في الأردن بدأنا بالإفاقة من هذا الوهم و التنبه الى أن ما عندنا أفضل من غيرنا، و لا ندعي كماله، فالجمهورية الفاضلة بقيت خيالا برأس صاحبها، و العدل الكامل هو لله تعالى بيوم الحساب. نفيق جميعا باستنثناء من يداعب خياله الحكم و السلطة و ليس الإصلاح، فهل يحتاج هذا الى فشخة براسه ليدرك أن البلد أهم بكثير من أن يصبح حضرته حاكما عاما و يدعي أنه يحكم باسم الشعب.   

 ربما لن نصل الى مرحلة الآن فهمتكم و لكننا قطعا سنصل الى مرحلة الآن فهمناكم التي كانت عنوان مقالٍ سابقٍ لي. نحتاج الى أن نفهم سياسة فن الممكن، فنحن جزء من معادلة دولية ندور في رحاها شأننا شأن باقي دول العالم بدرجات متفاوته، فإذا كان العالم القريب و البعيد لا يرحمنا و يطلب منا المزيد مستغلاً ما نحن في من ضيق، فلا داعي لأن  نقسو على أنفسنا و نحملها أكثر مما تطيق و يظلم بعضنا بعضا، و يستقوى بعضنا على بعض كذلك لغاية في نفسه.

أما إذا قرر البعض انتظار الفشخة لاعتقاده أن رأسه سيسلم منها فهو واهم فالحجارة كثيرة إن حدث مكروه لأننا آخر حبات المسبحة في البريع العبي في هذه الفترة، و ستقع على رؤوسنا جمعياً إن لم نفق قبل فوات الآوان.

فهل نفيق أم ننتظر الفشخة؟

الجمعة، 19 أبريل 2013

سوريا و الأردن


سوريا و الأردن
كم كنت أتمنى أن نبقى بعيدين عن ما يجري في سوريا و عن الشأن السوري كله، فلسنا بحاجة لأن يذكرنا الرئيس بشار الأسد في ملأه أو على تلفزيونه الرسمي، و هو عادة لا يذكرنا بخير؛  و لا زلت أذكر تهكمه على شعار "الأردن أولاً"  و الذي  صفق له قادة الحراك الأردنيون ضاحكين باجتماع في دمشق، و هم نفسهم الذين يدعون عليه الآن بأن يشتت الله شمل قواته.  كنت أتمنى أن لا نقحم أنفسنا بما يجري في سوريا حتى لو دعمنا كلا الفسطاطين المتحاربين هناك.  لقد تعرضتُ لهجمة من بعض رواد الموقع الذي كنت أرتاده من قبل عندما طرحت عبارة فكونا من سوريا، لأنهم كانوا يظنون أن الوضع سينتهي كما كان الوضع بتونس او مصر أو ربما باليمن، متناسيين أن المخرج العام لمسرحية الربيع العربي سيخرجها بسيناريوا مختلف بسوريا.
إن أسباب أمنيتي بأن لا نقحم أنفسنا بالشأن السوري كثيرة؛ فسياسيا، أن بُقعة ما يسمى بالربيع تتقاذفها الأمواج من بلد الى بلد و لا أريدها أن تصلنا، فعندما نحوم حول دائرة النار فإن نارها ستلفحنا و ربما استغوى المنظر بعضنا فوقعنا فيها باحثين عن الدفء فنحترق. كذلك فإن مبدأ التدخل بشؤون الغير سيفتح الباب أمام الآخرين للتدخل بشؤوننا.
ومن الجانب الاقتصادي، فان سوريا دولة جار لنا و نتأثر مباشرة بما يجري فيها اقتصادياً، و لقد كانت معظم وارداتنا من سوريا بأسعار في متناول الجميع و هذه تبخرت بقدرة قادر و توقفت الواردات السورية؛ لقد كانت منطقة الرمثا أشبه ما تكون بالمنطقة الحرة.  و لقد ظهرت آثار ما يجري بسوريا جلياً عندما توقفت الحركة التجارية.
أما من ناحية الديمغرافيا فما يحدث في الزعتري و المريجيب و ما سيلحق من مخيمات يتحدث عن نفسه، و يخرج كل الأمور من حساباتها؛ و هذه الديمغرافيا الجديدة التي تبشرنا فيها الحكومة بأن تصل الى مليون و ربع لا يشير الى خير.  إن ما يحدث يومياً على المناطق الحدودية يثير الحيرة، فقد لاحظتُ أن العدد الذي يدخل الى الأردن يكاد يكون نفس العدد يومياً، مما جعلني أُشبهها بحالة تفويج الحجاج الى مكة، حيث يتم السماح بأعداد معينة كل ساعة حتى لا يحدث ازدحام.  هذه الأعداد توحي بأن هناك جهة ربما تكون رسمية  تعمل على تفويج اللاجئين الى بلدنا.  لا أقتنع بأن هؤلاء سيعودون الى بلدهم بعد زوال الخطر، سيبقى على الأقل نصفهم، فمن افتتح تجارته و انخرط بسوق العمل لن يعود؛ أما من زوج ابنته زواج سترة فلربما أصبحت لهم كوته بالبرلمان لاحقاً.
سبب آخر هو أننا في هذا البلد و في كل موقف نتوقع أنه موقف العربي مع العربي أو المسلم مع المسلم لا نخرج بعده  إلا بسواد الوجه و التشكيك بالنوايا من كلا الطرفين، و لك أن تستعرض كل المواقف بدأً من القضية الفلسطينة  مروراً بالعراق و لا أدري ان كانت ستنتهي بالقضية السورية.  وهذا ما سيحصل بعد أن تضع الحرب أوزارها في سوريا بغض النظر عن النتائج؛ فإذا بقي بشار فالموقف معروف طبعا و التهمة جاهزة و هي أننا ساعدنا الجيش الحر؛ و إذا تحقق الفوز للجانب الآخر فسيكون أول أهدافه هي توجيه فوهات مدافعه للأردن ليساعد (الإخوة الأردنيين) في ربيعهم من باب رد الجميل ظاهرياً و إشغال الداخل عن الفوضى التي ستعم سوريا بعد ذلك في واقع الامر.   و هذا لن  يُرضي منا حمد  أو  حميدان.
أما السبب الأخير فهو خوفي من (هواة المقفي)، فأخشى من أخشاه أن نتعرض لهجمة صاروخية من بشار عندما يوقن بالذهاب.  طبعا هو يطلقها بنية توجيهها لإسرائيل و لكنها ستمطر في الأردن. ستزهق ارواح و تدمر منشآت. و ربما كانت بداية مواجهة بين إخوة السلاح بالجيشين.
ندرك أن نظام الحكم بسوريا ليس غبياً، و ندرك أكثر أن أجهزتنا الأمنية عيونها مفتوحة؛ فالكل يعرف أن مئات (وربما أصبحوا الافا الآن) مما اصطلح على تسميتهم شبيحة بشار ينسل ضمن الأفواج المتلاحقة باسم اللاجئين،  و هم جزء من الخلايا النائمة التي ستتحرك ان لزم الأمر.  و كذلك أُعرج على بعض القوى الداخلية الأخرى  التي هي أيضا خلايا نائمة لتعمل لصالح سوريا، و لا أتهم أحدا فقد أعلنوا هم عن ذلك صراحة بالبيان المعروف ببيان المئه الذي هددوا فيه صراحة بعدم الوقوف مكتوفي الأيدي. و هو يعلنون عن أنفسهم أنهم موجودون بكل حراك شعبي بطريقتهم الخاصة طبعا.
كنت أقول لأصدقائي على الفيس بوك أنني سأشهد للحكومة الأردنية بالحنكة السياسية إذا نجحت بالخروج من المأزق السوري بسلام و دون الانزلاق في جحيمه.  لكن ليس مصادفة أن تتوافق مقابلة بشار على تلفزيونه بخصوص دوور الأردن فيما يجري بسوريا،  مع إعلان وزير إعلامنا عن استقبال مائتين جندي امريكي في الأردن، فنحن في الأردن معروفون بالنفي الدائم، فلماذا التصريح بهذا الآن؟  لم يحدث أن صرحنا بذلك حتى أيام الحرب على العراق! هذا يعني أن هذه الحيادية لم تعد موجودة، و سنجد أنفسنا  بأتون النار شئنا أم ابينا؟ أم أنها من باب إرهاب النظام بسوريا من مغبة الدخول في مغامرة غير محسوبة. 
كم كنت اتمنى أن لا نجد أنفسنا طرفا بهذا الموضوع، و لكن العدو أمامنا و الصحراء  من ورائنا و ليس لنا إلا  نقول حسبي الله على كل ما كان له يد في تخريب سوريا و تشتيت شمل اهلها هنا و هناك.
أما إن كان الله قدّر لنا بهذا الوطن أن نكون جزءاً من هذه اللعبة القذرة بما كسبت أيدي الناس فينا فليس لنا إلا أن ندعوه بهذا الدعاء: اللهم إنا لا نسألك رد القضاء و لكن نسألك اللطف فيه.
حمى الله الأردن.

الخميس، 11 أبريل 2013

بنطونا .. ما بنطونا .. بنطونا ... ما بنطونا






 بنطونا .. ما بنطونا .. بنطونا ... ما بنطونا تعكس حالة نفسية يمر بها العريس و أهله  عندما يخطبون عروسا و يقال لهم الخبر بعد أسبوع  أو شهر على الأطول حتى يسألوا عن العريس. و غالباً ما تكون هذه الفترة شكلية: لا تقدم و لا تؤخر، فالموافقة حاصلة طبعا. و لكن هذا لا يمنع أن يسأل أحد أفراد عائلة الخاطب الآخر إن كان أهل العروس  بنطوهم (يعطونهم) العروس  أم لا.  هنا لا نتحدث عن عريس  طالب عروساً، و لكننا نتحدث عن ثقة مجلس النواب لحكومة دولة الرئيس  الأسبوع القادم.  و ربما كان دولته و باقي الوزراء كحالة العريس هذا. و ربما كان المعنيون بالأمر يمسكون بأزهار الأقحوان ينتفون  أطرافها ورقة ورقة مكررين عبارة بعطونا  ما بعطونا بعطونا ما بعطونا و يقصدون ثقة البرلمان. 
أحب أن أطمئن دولة الرئيس أن الثقة هي أيضا تحصيل حاصل، فهي تماما كخطبة العروس.  لا داعي لأن يقلق و لا ينتف أوراق الدحنون.  فالسيناريو معروف و لا يختلف عن باقي السيناريوهات المشابهة؛  ستشهد جلسة الثقة ماراثوناً طويلا للخطابة؛ سيخطب السادة النواب من خلال كُتلهم، ثم سيخطبون منفردين من أجل إعادة انتخابهم لولد الولد.  ستكون جلسة ساخنة لا تقل عن تلك الجلسة التي شهدتها حكومة دولة السيد مضر بدران عندما عاد المجلس الذي يتحسر الناس على أيامه؛ فمن شاهد خطابات النواب بتلك الجلسة توقع من دولة أبو عماد و هو يسمع للعديد من الاتهامات و القصص النيابية أن يحمل أوراقه و يتجه صوب الديوان الملكي ملتمساً من جلالة الملك إعفائه من تشكيل الحكومة.  عند التصويت فازت حكومة دولة ابو عماد  بثمان وستين صوتا على ما أظن بدون الكوتا النسائية و بدون القوائم الوطنية.
في المرحلة اللاحقة للخطابات الساخنة سيبدأ التصويت على الثقة للحكومة و ستبدأ بالثقة  أو الحجب لا يهم، لكننا سنسمع عبارات ثقة ؛ ثقة و نص فيتدخل رئيس المجلس مذكراً بأن هذا مخالف للنظام الداخلي ( ويا حسرتي على النظام الداخلي)، و يعود آخر بثقة و طبشة فيتدخل الرئيس مرة أخرى و ينتهي التصويت  و تُجمع الأصوات ليحصد دولة ابو زهير الثقة و لا يهم العدد. 
إن مصدر توقعي لهذه النتيجة هي ليست ما أعلن عنه أحد النواب عن موضوع (الألو) الذي كان هو رئيسه كما قال، و لكن اتضح لي أن سلوكنا كشعب و نواب تحدد، و لن يتغير فستُمنح الثقة ربما خوفاً من أن يكون سعادة النائب رئيس الألو ما زال يمارس عمله أو استبدل برئيس آخر من نفس المجلس.  لكني أجزم هذه المرة أن لن يكون هناك ألو أو مسج أو حتى رنة، فأصحاب السعادة سيمنحون الثقة و جاهزون لها بدون هذه الألو.
هناك سبب آخر لتوقعاتي و هي أن من أختار دولة الرئيس بالمشاورات النيابية هو موافق على برنامجه حُكماً و إن أظهر خلاف ذلك، فبرنامج دولته معروف للجميع مسبقاً.  كذلك فالرئيس استبقهم بالإعلان عن وزارات النواب مما جعلهم ينتظرون هذه الجزرة بفارغ الصبر عند البعض، و هذا لا يخفى على أحد.   و قد قابل النواب هذا الطرح بمقولة الحكم و الثقة بعد البيان لإعطاء الفرصة للمفاوضات من جديد،  بانتظار أن ينفذ الرئيس وعوده مرة أخرى بتوزيرهم.
طبعا لا بد من الإشارة  أن هناك من هو متفق مع دولة الرئيس منذ البداية و هذه لا شك بثقته.  لهذا فالثقة مضمونة كما يرى الكثير من المراقبين.  لكن إن حدث و حجب النواب الثقة فهذا مؤشر على أن اتفاق دولته معهم قد تم نقضه، و عليه البحث عن السبب.
 لست مع إعطاء الثقة أو حجبها فهذا قرار المجلس و أعضائه الكرام، و لكني أريد للمجلس أن يكون صوت نفسه فقط و ليس صدى للخارج أو للإعلام  الذي دخل عليه رجال الاعمال الخارجيين. لكني أوصيهم بأن يكون الوطن و المواطن همهم الاول و الأخير. و ليس بالضرورة أن نحصل على كل شيء و خاصة أن الأردن هو جزء من معادلة دولية صعبة لا يملك إلا ان يكون بوسطها و يتعرض لضغوطات تحتاج الى الربان الماهر للوصول الى شاطئ السلامة بأقل الخسائر أو التكاليف.  لهذا يجب أن نكون عونا للحكومة لا عليها.  إن عدم إعطاء الثقة لمجرد المناكفة السياسية هو العودة بالوطن إلى المربع الأول و  لا خروج منه.
ختاما و استكمالاً لمشد العرس الذي بدأت فيه المقال، أقول أنه و بعد أن يفوز العريس بالعروس و هما بالصمدة (الكوشة) على اللوج، كانت تنبري إحدى قريبات العريس تهاهي و تقول : 
...... حطوا الحصيرة بينهم
...... و تغامزوا  بعينهم
.....و قالوا فلان ما بوخذ فلانه
...... أخذها و قلع عينهم
 نريد أن نقلع عين من يتربص بهذا الوطن ليراه كغيره ممن هدم بنيانه ما يسمى يالربيع ليأتي  حضرته ليشتري البلد بفلوسه، و ها هي خيراته بدأت تهل علينا إعلامياً و استثمارياً.
دام الوطن و دمتم جميعا أحراراً .


الخميس، 4 أبريل 2013

شهيد جامعة مؤته | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية

شهيد جامعة مؤته



"لا تهمني تحليلاتكم ولا إتهاماتكم ..ولا آبه بنتائج تخميناتكم، يهمني فقط أن أسألكم بأي ذنبٍ تفجع أم أسامة الثكلى بابنها الذي هو كالنقطة بالمصحف؟ بأي ذنب تزهق نفس طاهرة بريئة ؟ أسامة يا وجع أمك وكل الأمهات!!". هكذا لخصت الاستاذة زهرية الصعوب على صفحتها بالفيس بوك  الوضع  الناتج عن الاحداث في جامعة مؤتة العزيزة على القلب.  لخصته بحزن الأم، فلا يعرف شعور الأم إلا الأم.

نعم سينبري الجميع من مسئولين و دكاترة علم اجتماع و شيوخ ليناقشوا الامر و يطرقون كل السبل للحد من الأزمة و عدم تكرارها في جامعة مؤتة أو غيرها فيقولون كل شيء إلا شيئاً واحداً و هو أننا جميعاً مسئولون عن ما جرى و ما  سيجري إذا لم نطرق على رأس المسمار كما يُقال بالمثل الإنجليزي و ليس حوله فقط،  ألا و هو  سيادة القانون و عدم الطبطبة على الموضوع كما يحدث دائما بالقضايا المصيرية. لا نريد لهذا الحدث الذي صدع قلب أم كانت تعد ثوب الفرح لتلبسه في تخريج ابنها، و كسر خاطر أب ربما كان ينتظر ابنه ليتخرج و ليحمل  معه  عبء الاسرة الثقيل، أن يمر مرور هكذا كأي أمر عادي.

سمعنا عن لقاء السادة نواب الجنوب المحترمين  مع دولة الرئيس الأفخم،  فقدموا العديد من النقاط لحل القضية و هي لا تحمل جديداً أبداً، بل هي تكرار لما سبقها من أفكار بمناسبات مشابهة،  و لكني هذه المرة استغربت من بعض طلباتهم مثل سياسة عدم الاسترضاء، و ابتسمت عندما تمت أول عملية استرضاء  بنفس الجلسة بأن  نقض دولة الرئيس و بنفس الجلسة القرار الذي  اتخذه مجلس  التعليم العالي و الذي لم يجف حبره بعد، فوعد بفتح الجامعة يوم الأحد،  فأي استرضاء يطالب سعادة النواب بالتوقف عنه! أنا لا أطالب باغلاق الجامعة و لكن و حتى تظهر جديدة المعالجة لا بد لها من إجراء حاسم، فلا يعقل أن يدفن الشهيد يوم الأربعاء ونعود للدراسة يوم الأحد كأن شيئا لم يكن.

 كذلك طالب أصحاب السعادة  أن يكون رئيس الجامعه من أبناء المنطقة لأنه الأعرف بهمومها. أي شرخ هذا يسعى اليه النواب لمناطق الأردن!  و بماذا سيجيبون لو طلع علينا البعض الاخر من محافظات أخرى بنفس الطلب، أيريدونها محاصصة كالحقائب الوزارية و نحن نتحدث عن وطن واحد؟  ثم هل نتوقع طلبات أخرى بأن يكون نواب الرئيس و الأساتذة و الطلاب من نفس المنطقة.  أي لُحمة نسعى لتقسيمها.  و السؤال الأهم هل هذا المطلب سيوقف الأحداث؟

ثم نتناقض مع أنفسنا و نطالب بعدم التهاون، و نكون أول من نلبس العُبي للتوسط لإخراج المحجوزين لسؤالهم فقط.

لقد كانت جامعة مؤتة مقصداً للطلاب العرب ذات يوم،  لكن كلنا نذكر تلك الأحداث التي شهدت اعتداءات على الطلبة العرب في الجامعة و استقال على أثرها عميد شؤون الطلبة، و نتج عنها أن بعض الدول العربية توقفت عن إرسال طلابها لمؤتة.

أيها السادة النواب: إن جامعة مؤتة عزيزة على قلب كل أردني، و يطمح كل أردني أن يكون له شرف المرور بها طالباً أو أستاذاً أو رئيس جامعة.  لا نريد لجامعة مؤتة أن تكون كركية فقط و  إنما نريدها كركية أردنية عربية إسلامية، و يهمنا أن تبقى سمعتها اسما على مسمى. و نريدها أن تتميز كجامعة كما تميز الموقع بحمل اسم مؤتة.

لو كنت صاحب قرار لطلبت  الإذن من اهل الشهيد ان يُدفن هذا الشهيد على مدخل الجامعة أو يقام له نصب تذكاري ليتذكر مشعلو الفتنة هذا الحدث كلما حدثتهم أنفسهم بالعبث بأمن هذه الجامعة، إن كانت لهم أعين يبصرون بها.

لقد تناقشتُ مع أحد الإخوة على الفيس بوك حول الموضوع فكان تعليقه " لا تغلب حالك، فالج لا تعالج".  فهل وصلنا الى حالة الفالج؟ وخاصة في بلدة الكرك التي يعرفها كل الأردنيين بأنها بلد  زلام الهيّة. أين زلام الهيّة الذين كانت تعقد لراياتهم الصلحات؟  أين فكاكين النشب؟ هل اختفوا ؟  أم انه عصر الديجيتال في كل مكان.

أصدقائي أعتذر منكم. ألا ترون أنني أناقض نفسي أنا ايضا! فبدأت مطالباً بسيطرة القانون و ختمت مستصرخا منادياً على زلام الهيّة!  نعم نحن جميعا مصابون بداء التناقض ننشد المثالية و تقترف الواقعية عندما تدلهم الامور.  و مع ذلك لا حل إلا بسيادة القانون و القانون فقط مع الاحترام للجميع.

رحم الله الشهيد و لتكن روحه الطاهرة مشعلا ينير ليل مؤتة الذي يريد أن يطفئه بعضنا جهلا أو عمداً.

عزاؤنا لأم الشهيد و والده و آله الكرام و لأهل الكرك العزيزة جميعا.