بنطونا .. ما
بنطونا .. بنطونا ... ما بنطونا تعكس حالة نفسية يمر بها العريس و أهله عندما يخطبون عروسا و يقال لهم الخبر بعد
أسبوع أو شهر على الأطول حتى يسألوا عن
العريس. و غالباً ما تكون هذه الفترة شكلية: لا تقدم و لا تؤخر، فالموافقة حاصلة
طبعا. و لكن هذا لا يمنع أن يسأل أحد أفراد عائلة الخاطب الآخر إن كان أهل العروس بنطوهم (يعطونهم) العروس أم لا.
هنا لا نتحدث عن عريس طالب عروساً،
و لكننا نتحدث عن ثقة مجلس النواب لحكومة دولة الرئيس الأسبوع القادم. و ربما كان دولته و باقي الوزراء كحالة العريس
هذا. و ربما كان المعنيون بالأمر يمسكون بأزهار الأقحوان ينتفون أطرافها ورقة ورقة مكررين عبارة بعطونا ما بعطونا بعطونا ما بعطونا و يقصدون ثقة
البرلمان.
أحب أن أطمئن دولة الرئيس أن الثقة هي أيضا تحصيل حاصل، فهي
تماما كخطبة العروس. لا داعي لأن يقلق و
لا ينتف أوراق الدحنون. فالسيناريو معروف
و لا يختلف عن باقي السيناريوهات المشابهة؛
ستشهد جلسة الثقة ماراثوناً
طويلا للخطابة؛ سيخطب السادة النواب من خلال كُتلهم، ثم سيخطبون منفردين من أجل
إعادة انتخابهم لولد الولد. ستكون جلسة ساخنة
لا تقل عن تلك الجلسة التي شهدتها حكومة دولة السيد مضر بدران عندما عاد المجلس
الذي يتحسر الناس على أيامه؛ فمن شاهد خطابات النواب بتلك الجلسة توقع من دولة أبو
عماد و هو يسمع للعديد من الاتهامات و القصص النيابية أن يحمل أوراقه و يتجه صوب
الديوان الملكي ملتمساً من جلالة الملك إعفائه من تشكيل الحكومة. عند التصويت فازت حكومة دولة ابو عماد بثمان وستين صوتا على ما أظن بدون الكوتا
النسائية و بدون القوائم الوطنية.
في المرحلة اللاحقة للخطابات الساخنة سيبدأ التصويت على
الثقة للحكومة و ستبدأ بالثقة أو الحجب لا
يهم، لكننا سنسمع عبارات ثقة ؛ ثقة و نص فيتدخل رئيس المجلس مذكراً بأن هذا مخالف
للنظام الداخلي ( ويا حسرتي على النظام الداخلي)، و يعود آخر بثقة و طبشة فيتدخل
الرئيس مرة أخرى و ينتهي التصويت و تُجمع
الأصوات ليحصد دولة ابو زهير الثقة و لا يهم العدد.
إن مصدر توقعي لهذه النتيجة هي ليست ما أعلن عنه أحد
النواب عن موضوع (الألو) الذي كان هو رئيسه كما قال، و لكن اتضح لي أن سلوكنا كشعب
و نواب تحدد، و لن يتغير فستُمنح الثقة ربما خوفاً من أن يكون سعادة النائب رئيس
الألو ما زال يمارس عمله أو استبدل برئيس آخر من نفس المجلس. لكني أجزم هذه المرة أن لن يكون هناك ألو أو
مسج أو حتى رنة، فأصحاب السعادة سيمنحون الثقة و جاهزون لها بدون هذه الألو.
هناك سبب آخر لتوقعاتي و هي أن من أختار دولة الرئيس
بالمشاورات النيابية هو موافق على برنامجه حُكماً و إن أظهر خلاف ذلك، فبرنامج
دولته معروف للجميع مسبقاً. كذلك فالرئيس
استبقهم بالإعلان عن وزارات النواب مما جعلهم ينتظرون هذه الجزرة بفارغ الصبر عند
البعض، و هذا لا يخفى على أحد. و قد قابل
النواب هذا الطرح بمقولة الحكم و الثقة بعد البيان لإعطاء الفرصة للمفاوضات من
جديد، بانتظار أن ينفذ الرئيس وعوده مرة
أخرى بتوزيرهم.
طبعا لا بد من الإشارة أن هناك من هو متفق مع دولة الرئيس منذ البداية
و هذه لا شك بثقته. لهذا فالثقة مضمونة
كما يرى الكثير من المراقبين. لكن إن حدث
و حجب النواب الثقة فهذا مؤشر على أن اتفاق دولته معهم قد تم نقضه، و عليه البحث
عن السبب.
لست مع إعطاء
الثقة أو حجبها فهذا قرار المجلس و أعضائه الكرام، و لكني أريد للمجلس أن يكون صوت
نفسه فقط و ليس صدى للخارج أو للإعلام
الذي دخل عليه رجال الاعمال الخارجيين. لكني أوصيهم بأن يكون الوطن و
المواطن همهم الاول و الأخير. و ليس بالضرورة أن نحصل على كل شيء و خاصة أن الأردن
هو جزء من معادلة دولية صعبة لا يملك إلا ان يكون بوسطها و يتعرض لضغوطات تحتاج
الى الربان الماهر للوصول الى شاطئ السلامة بأقل الخسائر أو التكاليف. لهذا يجب أن نكون عونا للحكومة لا عليها. إن عدم إعطاء الثقة لمجرد المناكفة السياسية هو
العودة بالوطن إلى المربع الأول و لا خروج
منه.
ختاما و استكمالاً لمشد العرس الذي بدأت فيه المقال، أقول
أنه و بعد أن يفوز العريس بالعروس و هما بالصمدة (الكوشة) على اللوج، كانت تنبري
إحدى قريبات العريس تهاهي و تقول :
...... حطوا الحصيرة بينهم
...... و تغامزوا
بعينهم
.....و قالوا فلان ما بوخذ فلانه
...... أخذها و قلع عينهم
نريد أن نقلع
عين من يتربص بهذا الوطن ليراه كغيره ممن هدم بنيانه ما يسمى يالربيع ليأتي حضرته ليشتري البلد بفلوسه، و ها هي خيراته
بدأت تهل علينا إعلامياً و استثمارياً.
دام الوطن و دمتم جميعا أحراراً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق