الخميس، 15 فبراير 2018

معضلة الشقق السكنية في إربد


معضلة الشقق السكنية في إربد
تُعتبر مهنة البواب للعمارات السكنية من المهن الدخيلة على مجتمعنا الأردني، فلم يكن الوضع أردنياً يحتاج لمثل هذه المهنة؛ ربما كان السبب كذلك أن موضوع الشقق أيضا جديدٌ حتى نهايات القرن الماضي وحديثي عن نسبة كبيرة من الوطن باستثناء بعض المناطق في عمان العاصمة.  فقد كان الناس في المناطق الأردنية يسكنون بيوتهم ويغلقون أبوابها عليهم وينامون نوماً عميقاً؛ كذلك كان الناس أكثر ترابطاً ويعرفون بعضهم بعضاً ويسألون عن بعضهم ويتوادون ويتواصلون.
بدخول القرن الحادي والعشرين غزت موجة الشقق المدن خارج العاصمة وراج سوقها باعتبارها حلاً لمشكلة السكن بعد غلاء أسعار الأراضي وكذلك مجالاً مفيداً للاستثمار بالشقق؛ وقام الكثير ممن فتح الله عليهم ببعض المال باستثماره بالشقق لتدر عليهم بعض المال بنهاية الشهر. وتضخمت هذه الموجة داخل العاصمة وخارجها لتصبح الكثير من الشقق فارغة ويزاد سوقها تنافساً مما جعل الكثير يؤجر شقته لأي فرد دون أي اعتبار (أحياناً) لكيفية إدارة هذه الشقق. فأصبحت العمارات عبارة عن كيانات متضادة الأطياف أحياناً ولا تتوفر أي معلومات عنها إلا ما يتناقله الناس من الجيران عنها بمعلومات تبدأ بكلمة (بيقولوا .........) .
وعلى صعيد العناية البيئية أصبحت هذه العمارات أو بعضها باستثناء العمارات التي يسكنها أصحابها فيها وتدار من قبل لجنة من السكان مكاره صحية لا أثر للنظافة فيها وتشوه منظرها الخارجي، ويلقي أصحابها باللوم على بعضهم بأن هذا المالك يؤجر من هب ودب وينسى نفسه. وكنتُ أتساءل كثيراً عن دور البلدية أو المحافظة فيما يجري من تشويه قاسٍ لمنظر إربد؛ تأتي البلدية فتسجل مخالفة يدفع المعنيون فيها المبلغ المطلوب ويبقى الحال على ما هو عليه. ناهيك عن ما يشاع عن أمور أخلاقية أخرى.
ومع مظاهر هذا الفلتان الاجتماعي في الشقق هو أنه يمكن لمن شاء أن (يتسلبط) على جزء من العمارة فيديره كأمر تجاري له، وعندما يسأله أحد السكان ماذا يفعل يقال له أن المالك الفلاني قاله اقعد هون؛  لقد شهدت صاحب مطبعة استولى على الطابق الثاني من موقف السيارات في العمارة سنوات ولا يعرف أحد لمن كان يدفع (إن دفع شيئاً) إلى أن رحل بنفسه لأنه ضجر من كثرة النفايات حوله؛ أو يتبرع أحد أصحاب الشقق بأن يدير العمارة ولا يجوز لك أن تسأله ماذا يفعل عندما يؤجر غرفة الحارس مثلا من أجل الخدمات ولا ترى خدمات ولا ما يحزنون.
باختصار شديد أرى الوضع في غاية (الفلتان) ويتطلب إجراء حازماً وصارماً  من عطوفة المحافظ؛ واقترح أن يتم ذلك بتشكيل لجنة صارمة وتكون بحالة اجتماع دائم لمعالجة هذا الوضع بالطرق التالية:
أول هذه الطرق هو تعيين بوابين بشكل إلزامي لمثل هذه العمارات براتب شهري يتمثل بمبلغ عشرين دينارا له من كل شقة يلتزم بها صاحب الشقة سواء كانت مؤجرة أو لا. وتكون مهمته تنظيف العمارة والعناية بمظهرها الخارجي ويصبح نقطة استعلام عن أي شأن يخص العمارة. وتكون أيضاً من مهماته ربما بالتنسيق مع من تواجد من اصحاب الشقق بتشكيل لجنة للعمارة لدفع نفقات ما يسمى بخدمات العمارة من ماء وكهرباء للدرج والمصعد وصيانته. والتركيز على الزامية سكان العمارة بهذا الأمر ولا يترك كنوع من التبرع الكريم. ولا بأس من استخدام البوابين من الجنسية الأردنية إن وجدوا فهذا مجالٌ واسعٌ لتشغيل الأردنيين. ويعتبر تعيين البواب إنهاء لحالة التسيب في بعض العمارات.
ثانياً: العمل بشكل فوري على إزالة كل مظاهر النفايات المتراكمة بالأطنان أمام بعض العمارات على نفقة السكان بأمر إداري. لا أدري كيف يمر مسؤول من أمام عمارة عبارة عن مكرهةٍ صحية ويكتفي بتسجيل مخالفة فقط.  وإذا تعذر هذا فليطلب أصحاب الشقق لاجتماع مع الإداري المعني ويتعهدوا بذلك خطياً مع تحديد وقت زمني يتم متابعتهم فيه.
لقد أصبح الوضع مزرياً جداً بهذا المجال لاختلاط الحابل بالنابل وتهاوت أسعار الشقق ببعض المناطق رغم حيوية المنطقة التي توجد بها.
فهل هناك إجراء لهذا الموضع أم أنه سيستمر؟؟   
يوم الأحد تحدثت مع برنامج البث المباشر حول هذه القضية ووعدوا بأن يتابعوها مع المعنيين ولا أدري إن كانوا سيفعلون أم لا.


الثلاثاء، 13 فبراير 2018

الوجه الآخر للربيع العربي


الوجه الآخر للربيع العربي
بما أن العرب كلهم يجمعون أن ما حدث في فترة ما يسمى بالربيع العربي لم يكن ربيعاً على الإطلاق باستثناء من استفادوا منه مباشرة على مبدأ مصائب قوم عند قوم فوائد فأصبحوا رؤساء تؤدى لهم التحيات ويعزف لهم السلام الوطني بعد أن كانوا من عامة الشعب. لهذا من الغباء الاعتقاد بأن اليباب العربي انتهى فهو في أوله أو على أعلى درجات التفاؤل في أوسطه؛ فأنا أعتقد أن له مراحل ثلاث يقع هذا الهياج الاقتصادي الذي يعم العالم العربي هذه الأيام في مرحلته الثانية.  ومن يدري فلا نعرف ماذا في جراب الحاوي بعد من فنون.
لقد دلت المرحلة الأولى بأن كل العالم العربي من محيطه إلى خليجه مهيأ بشكل أو بآخر لمرحلة من مراحل الربيع العربي؛ فقد ظهرت المظاهرات في كل الدول العربية  باستثناء الجزائر والسودان بعام 2011: ربما لأن هاتين الدولتي دفعتا الثمن مقدماً منذ زمان.  لقد تم النفخ في بعض المظاهرات إعلامياً فأدت إلى سقوط الأنظمة كسقوط حبات المسبحة نظاماً بعد آخر وتم إهمال بعض المظاهرات في دول أخرى فتعاملت معها قوات الأمن فيها وأسكتتها بنعومة أو هكذا ظهر.  ولو أن الحاوي أعطى الضوء الأخضر للرئيس التونسي المخلوع بن علي أو من تبعه من الرؤساء للتعامل مع المظاهرات بالطرق التقليدية لكانت النتيجة كما حصل بالبلدان التي توهمت أنها تجاوزت هذا اليباب القوي.  فما الذي جرى؟
أذكر أن إعلامياً أردنياً ( نسيت اسمه) سأل شمعون بيرز في فندق على البحر الميت في زيارة رسمية للأردن بعد توقيع اتفاقية وادي عربة ربما معتقداً أنه سيحرج السيد بيرز ومعازيبه عن مقولة إسرائيل الكبرى والعبارة الشهيرة حدودك يا اسرائيل من النيل إلى الفرات، فأجابه بيرز بكل هدوء اليوم اسرائيل لا تؤمن بنظرية الاحتلال العسكري واستبدلتها بالتكامل الاقتصادي ويسعى إلى ما هو أبعد مما جاء في المقولة إياها. وبهذا نلاحظ أن الغاية بقيت وربما تطورت ولكن طريقة تحقيقها اختلفت.  وقفزت هذه الحادثة إلى شاشة مخيلتي فور بزوغ اليباب العربي وما اعتقدتُ يوماً أنه انتهى ولكن كنت دائماً أردد مع مقولة أهل الشام بالمسلسلات الشامية "الله يجيرنا من شي أعظم".
ما يجري الآن على ساحة البلدان وخاصة التي (لم تتأثر بالربيع العربي) هو الشكل الجديد للربيع العربي بحلته الجديدة وهي الاقتصاد؛ والطريقة ذاتها. يضغط البنك الدولي والدول الدائنة على الدول المعنية مطالبة إياها بتغيير سياساتها الاقتصادية من أجل اقراضها (إغراقها) من جديد؛ فيحتار المخططون فيوحي اليهم المستشارون برفع الدعم عن المواد الأساسية، فتثور الناس؛ فيصرح أحد المستشارين بأنه لم يطلب من الدولة رفع السعر فيكشف ظهر الحكومات للشعوب؛ وفي الحقيقة لا أدري كيف سيرفع الدعم دون رفع السلع وخاصة الأساسية.  ولو استعرضنا خارطة الدول لوجدنا أنها تقريبا بنفس المركب.  هنا تضطر الدولة للجوء إلى الدول الداعمة التقليدية فتدير هذه الدول ظهرها طالبة من الدول أن تعتمد على ذاتها لأن لديها ما يكفيها.
إذاً فالعالم العربي يعيش الآن مرحلة اليباب العربي من جديد بغض النظر عن رأي الآخرين فيه.  أعرف ربما ليس من أولويات الحاوي تغيير القيادات ولكني أعتقد أن التغيير سيكون في المجتمعات بحيث تبقى في حالة فوضى ربما تتطور لمظاهر عنف مجتمعي وتيه.  يريد الحاوي أن تبقى الشعوب في حالة لهاث دائم ولا يهم متى ستنتهي. الشعوب في حيرة ولا تدري إن كان ما تفعله صحيحاً أم لا؛ فالشعوب منقسمة على نفسها فمنها من يرى أن المحافظة على كيانات الأوطان مهم وهو من أولى المطالب، وآخر يتفق مع القسم الأول ولكنه يصيح قائلاً نريد أمنا وأماناً مغمساً بالخبز؛ إن القائل "ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان" لم ينكر أهمية الخبز طبعاً.
ولا أتفق مع القائلين بأن ما يجري الآن إنما هو تمهيد لتغيرات سياسية جذرية بالمنطقة ويتحدثون عن صفقات لكنها تستعمل كحقن تخدير فقط تماماً كما روج عرابو السلام منذ السبعينات من أن السلام سيجلب الخيرات والانتعاش؛ فلا السلام اكتمل ولا الانتعاش هل هلاله على المنطقة.  فهل سيقى الربيع الجديد بوجهه الاقتصادي أم سيعود للشكل  الأول؟؟
أما الربيع العربي بمرحلته الثالثة فهذا سيكون ربيع المال وربما يأخذ شكل الوصاية المالية لاحقاً.  المهم لنبقى في ربيعنا الحالي دون استباق للأمور لكني أعيد ما بدأت به وهو أن لكل مرحلة ربيعها.
والله أعلم.    

الأحد، 11 فبراير 2018

فقه الرغيف



في فقه الرغيف.
إعلم يا رعاك الله أن الرغيف من الكماليات وكل ما جاء به السلف عن اهميته على مائدة الأردني ما هو إلا بدعة وكل بدعة ضلالة.
وقد جاء بالأثر أن قوما من السائقين مروا باستراحة على الطريق وطلبوا قلاية بندورة فطهاها الرجل وأحسن طهيها وزينها بقرنين من الفلفل اخضرين جميلين. فتلفت السائقون يمنة ويسرة فلم يجدوا والعياذ بالله الخبز فأيقنوا بالهلاك أن تجرأ وطلب الخبز ففهم صاحب المطعم وضحك
 فقال لا عليكم فنحن جماعة وسطيون نتفهم حاجة بعض القوم للخبز إلا أنه اعتذر عن تلبية طلبهم لاختلاف الفقهاء بضرورة الخبز فهم ممن لا يرون الخبز من الضرورات. وبعدها حار القوم في كيفية أكل القلاية فابتسم صاحب المطعم واقترح عليهم أكلها بالخواشيق التي يسميها بعض المستشرقين ملاعق. ففعلوا وغادروا بعد أن أصبحوا على مذهب عدم حاجتهم للخبز . 
لكن ولأن في الأمر سعة وتعميما للفائدة لمن يتناولون الخبز لا بد من التذكير بأن للرغيف وجهين أو طبقتين لهذا يجب فصل الطبقتين فيصبح لديك رغيفين وحتى تعم الفائدة فيجب الاستفادة من وجهي الطبقة الواحدة وبهذا تعم الفائدة. 
وبعد هذا لا بد من الرجوع لأصحاب العلم للسؤال عن الدعم النقدي للخبز فنسأل هل يجوز لمن قرر التوقف عن تناولة هذه البدعة (الخبز) أن يحتفظ بالدعم النقدي الذي هو للخبز أصلا؟ لهذا نرى وخروجا من الخلاف وعلى مبدأ دع ما يريبك الى ما لا يريبك نرى بعد التوكل على الله أن نعيد الدعم لأصحابه خروجا من الخلاف. والله أعلم.