الثلاثاء، 19 يناير 2021

مسلسل دهشة والملك لير

 من درس مسرحية الملك لير في مساق منفصل شكسبير 1 خاصة مع الدكتور ابراهيم مهوي قبل عقود من الزمن لا بد أن يتوقف عن التجربة الانسانية فيها كثيرا وتبقى بالذاكرة تعليقات الدكتور ابراهيم عند هذه التجربة بالاضافة طبعا الى الاشارة الى البلاط الملكي في المسرحية وفي مسرح شكسبير عموما وأهمية بقاء الملك كرمز لقوة ووحدة البلاد.

وكان لمشاهدة الفلم الروسي بنفس عنوان المسرحية أكبر الأثر بالابقاء على هذه المسرحية. كما فعلت الدراما بمسرحية مكبث.
يبدو أن ألق الملك لير قد شد الكاتب عبد الرحيم كمال والمخرج شادي الفخراني ليعالج الأول فكرة المسرحية بعمل درامي كبير عهدا فيه للعبقري الدكتور يحيى الفخراني ببطولته فحلق فيه وأبدع فكان مسلسل دهشة.
خلال الاسبوع الماضي كنت اسهر مع حلقات المسلسل فكنت (أنفض) كل يوم 5 حلقات من المسلسل حتى كانت حلقته الأخير قبل لحظات.
عندما تكون عندك فكرة عن النص تكون مشاهدتك للعمل الفني أكثر متعة أما إذا كنت أصلا معجبا بالعمل فإن تضيف سعادة لمن يشاركك المشاهدة.
ملخص المسلسل (وإن كان أكثر أهمية من الفكرة) أن الملك لير لاحظ أنه قد تقدم به السن فقرر توزيع مملكته بين بناته الثلاثة ويرتاح من الحكم ويتمتع بما بقي له من عمر؛ وأحب أن يخرج الفكررة إخراجا بعاطفة الأب وليس سياسة الملك فقرر أن يعطي كل بنت بحسب حبها له وباقي القصة معروفة.
كانت المعاناة التي نتجت عن تسليته أنه دمر البلد لفترة من الزمن وكان هو الخاسر الأول بعد أن تم طرده من ممتلكاته. المسلسل كانت له معالجة محلية حت تناسب الجو الصعيدي والعربي .
أنصح بمشاهدة المسلسل.

الاثنين، 18 يناير 2021

الهجرة واللجوء


لا اعتقد أن الكلمتين مختلفتان بالمعنى، وأنا أستعملهما هنا كمترادفتين. عالعموم دعوني استذكر بمعيتكم أول شرح سمعته بالمعنى الاكاديمي لمفهوم الهجرة الذي كان يأخذ عندي  المنحى الديني قبل ذلك.

درست الهجرة وأسبابها وأنواعها بمادة الجغرافيا السكانية بالجامعة الأردنية بالسنة الأولى 1974 كمادة كمتطلب كلية على يد الأستاذ (الدكتور لاحقا) موسى سمحة؛ بدأها بالتعريف بها ثم أنواعها من هجرة قسرية واختيارية حسب سببها؛ فكانت الاجبارية بسبب الحروب والقحط والمجاعات والاختيارية بسبب العمل والتعليم وربما السياحة.

ما خرجتُ به من ذلك الوقت أن الهجرة ليس عيبًا ولا سُبّة ولا عارًا بوجه المهاجرين حتى يخجل منه؛ وما اكتشفته لاحقا أنها على البلد المضيف ليست حملا ثقيلا كما يدعي أصحابه أحيانا ولكن الحديث عنها يأتي من باب أن من بدأ المأساة ينهيها كما قال نزار قباني؛ دعوة لمن تسبب بالحرب أو مولها أو غرر بأصحابها وأغراهم بالحرب بتحمل المسؤولية. أما على الصعيد الداخلي فقد جاء المهاجرون وجاء معهم البزنس وتجارتهم وزراعتهم والأيدي العاملة؛ فتحوا المحلات واستأجروا البيوت وفلحوا الأرض وتعلم أهل الدار منهم الكثير من الفنون من باب تبادل الخبرات.

وحتى نثبت أن الهجرة ليس عارا على المهاجرين سنلبسها لبوس الدين والتقوى ونضرب الأمثال من وحي الهجرة النبوية الى الحبشة ولا ندري كم عاد منهم لمكة لاحقا، والهجرة الكبرى ليثرب (المدينة المنورة) ورغم المآخاة بينهم لا أدري كم منهم مال على أخيه الأنصاري وأخذ منه جزءا من أرضه لكنا قرأنا على الكثيرين من " دلني على السوق". تاجروا وانتعش حال الناس بالمدينة. واعتقد أن هذه أيضا نوع من اللجوء.لا نقول بالمثالية طبعا قال منهم " لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل" فلم يكترث أحد لما قال بل ردوا عليه بأن استمر كل واحد بعمله تحت مظلة قانون المدينة الجديد. كذلك لم يذكّر المهاجرون الأنصار  في كل حين بأنهم علموهم ونجّروهم وجعلوهم من البشر.

إذا أكاديميا وحسب التعريف كل ما غادر أرضه ليستقر بأرض أخرى هو مهاجر أو لاجئ أو نازح سمه ما شئت؛ وهذا وصف لحركة الشعوب فقط سواء كان هذا اختياريا أو قسريا.

عندنا بالأردن عبارة "من شتى الأصول والمنابت" قالها جلالة المرحوم الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه ليقطع الكلام في هذه القضية التي تهدد النسيج السكاني الأردني ولكن للأسف أصبحت عبارة متداولها يحرص كل خطيب وبكل مناسبة من خطبة الجمعة إلى خطبة العرس أن يخترع لها مناسبة ويدحشها في خطبته. لا أذكر أنني أرتحت لمثل هذه المقولة وأرى أن كل من يقول بها أكبر مفرق ومفتت لصف الأردنيين ويجب أن نتوقف عنها.

أقول كما قال رجل الدولة دولة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة في مقابلة معه حول حماس " لا يوجد على أرض المملكة الأردنية فلسطيني واحد" وعندما استغرب المذيع من العبارة قال نعم هم أردنيون يحملون جواز السفر الأردني ولا يهم من أين جاؤوا زمان. أنا أضيف على عبارة دولته إذا سمح لي أنه لا يوجد على أرض المملكة الأردنية شركسي واحد ولا شيشاني واحد ولا شامي واحد ..... إلى آخر السلسلة.

ما قاله سعادة النائب الذي لا أعرف حى صورته كان ربما لكسب ثقة المستمعين ولكن انقلب السحر على الساحر وأعتقد أنه لا يميز بين هذه الفئة أو تلك ولا أرى ضرورة لسلسلة بيانات الشجب المطالبة بالاعتذار. إن كان النائب أخطأ عن جهل فمن يحرك بمحراكه لتبقى تغلي هو من يتوجب عليه الكف عن هذا.

اكثر ما يخيفني هم هؤلاء المتصيدون بكلمة هنا وكلمة هناك وهات منشورات. 

 وأختم بما قاله جلالة الملك عبد الله الثاني في كلمته بافتتاح دورة البرلمان "سلام على الأردن وشعبه العظيم".