الخميس، 29 مايو 2014

أسبوع الاستقلال أسبوع السيادة

أسبوع الاستقلال أسبوع السيادة
نعم حق لنا كأردنيين أن نفخر أن أسبوع الاستقلال هذا العام كانت له نكهة أردنية خالصة. فهو أسبوع شهد زيارة قداسة البابا لهذا البلد الطيب، تلاها الاحتفال باليوم الثاني بعيد الإستقلال بقصر رغدان العامر، و في اليوم التالي كان الإعلان عن طرد السفير السوري من الأردن الذي يحتضن ما يزيد عن المليون و ربع من اللاجئين السوريين ثم احتفلنا بذكرى الاسراء و المعراج؛ على صاحب الذكرى الصلاة و السلام.  نعم هي النكهة الأردنية التي تعكس مهارة الدولة الأردنية لتقوم  كل جهة بواجبها دون تشابك مع الجهات الأخرى، و كذلك مهارة أجهزتها بإدارة الأزمات.
و تصدر موضوع السفير السوري المشهد لدرجة أنه طغى على باقي الأحداث بمواقع التواصل الاجتماعية. و مصدر  هذا هو الاستغراب من توقيته كما قال معظمهم حتى ممن كانوا ينادون بطرده منذ زمن طويل، و نسي هؤلاء الأسلوب الأردني بالتعامل مع الحالات التي تشبه حالة السفير السوري.  إن السؤال حول التوقيت كان سيثار  حتى لو تم طرده من بداية الأزمة السورية التي تزامنت مع بداية صلف السفير و تجاوزاته.  لهذا لا داعي لإعطاء موضوع التوقيت هذا الأهمية.
إن موضوع  الإدارة الأردنية للازمات كان يغيب على ما يبدو حتى عن السفير نفسه. فتوهم (سعادته) أنه يستطيع أن يفعل ما يريد دون أن يثير هذا غضب أحد. فكانت تصريحاته النارية للدفاع عن نظامه، و عذَرَه الكثيرون بمن فيهم كاتب هذه السطور لأنه استطاع أن يعبّر عن نظامه و يدافع عنه في وقت كانت المظاهرات تدق باب سفارته. و هذا هو من أهم واجبات السفير؛ فلا يُفترض في السفير أن يكون بروتوكولياً شرفياً فقط.
لم يقدّر  سعادته وقوف قوات الأمن و الدرك أمام سفارته لحمايتها و حمايته شخصياً من غضب الجماهير المتعاطفة مع الثورة السورية.  فأخذته العزة في الاثم و دَفْعُ شبيحته ( الذين ظهروا فقط عندما شاهدوا تواجد قوات الأمن الأردنية تحمي السفارة) و زوار بيته و سفارته من الأردنيين للاعتقاد بأن الليث الأردني في سبات عميق فتمادى في غيّه ليلمز و يهمز في سياسة الدولة الأردنية نفسها بعد أن كان تخصصه فقط مهاجمة الإخوان المسلمين،  فأصبح يدس أنفه بالشأن الأردني نفسه الداخلي.  و تطور الأمر ليتمادى أكثر و ينتقل من مرحلة الصلف تجاه البلد المضيف شعباً و دولة ليورط بلده نفسها في أزمة دبلوماسية مع بلد شقيق جار يحاول جاهداً على ضبط حدوده معه و لو شاء لفتح الباب على مصراعيه و كانت النتيجة أكثر خطورة على النظام نفسه. 
للأسف كان نظام السفير أكثر رعونة من السفير نفسه، فلم يشأ أن يحافظ على الصديق العربي الوحيد  له في المنطقة، فبادر بمنع القائم بالأعمال الأردني في الدخول لسوريا و لا أدري أي ذنب اقترفه سفيرنا أو القائم بالأعمال هناك.  لقد كان بوسع سوريا أن تحل الأزمة كما هو الحال بالعرف الدبلوماسي و ينتهي الأمر بأن تسمي سفيراً آخر و دمتم.
أما المتخوفون على الأردن من نتيجة مثل هذا التصرف أذكرهم أنه عندما يتعلق بالسيادة لا مجال أبدا للتردد؛ و أذكرهم أن الأردن و في عام 1970 و عندما كان الأردن  في وضع لا يحسد عليه داخلياً و عربياً و دولياً قام بطرد السفير الأمريكي فوراً عندما نصح السفير وزير الخارجية الامريكي بعدم زيارة الأردن لأسباب أمنية؛ عندها طلب جلالة المرحوم الملك الحسين طرد السفير الأمريكي لأنه يشوه صورة الأردن بعدم قدرته على حماية ضيوفه. و الحادثة موثقة على لسان دولة السيد زيد الرفاعي بمقابلته مع ياسر أبو هلاله على الجزيرة ردّاً على تخرصات هيكل المزعومة على الأردن.  و لن تكون سوريا بحجم أمريكا طبعاً.   
أما من سأل عن التوقيت أذكرهم بالقصة السورية (فنحن لا نستغني عن سوريا من قصصها  لعقال الشايب) : يقال أنهم سألوا شهر رمضان لماذا لم يأتِ بشعبان ؟؟  فقال لهم  "  كل شي بوقته  حلو".
لقد صبر الأردن على طيش هذا السفير بما فيه الكثير و لكنه أعطاه الحبل لشنق نفسه بنفسه ليلقى حتفه عندما يأتي الوقت المعلوم لأنه  " كل شي بوقته حلو".
حمى الله الأردن من كل شر يا رب. 


الخميس، 22 مايو 2014

التعايش أم العيش الإسلامي المسيحي الأردني؟


التعايش أم العيش الإسلامي المسيحي الأردني؟
تتصاعد وتيرة الحديث عن ما يسمى بالتعايش الإسلامي المسيحي بالأردن كلما حدث هناك أمر مسيحي كما هو الحال هذه الايام و الأردن يستعد لزيارة قداسة البابا له، أو بالمؤتمرات الدينية.  و في الحقيقة أنني ما ارتحت يوماً لكلمة التعايش هذه، فهي لغوياً و إن كان ظاهرها يحمل الخير إلا أن تركيبتها تعني الفصل بين مكونات المجتمع الأردني الذي طالما تغنينا بوحدته.  و حتى أستوضح الأمر بحثت عنها بالقواميس فوجدت نفس المعنى تقريباً إلا أنني فهمت بعداً آخر لها و هو التشارك بين فئتين أو حزبين أو مذهبين أو دينين يُفترض أنهما على طرفي نقيض، إلا أنهما و حرصاً على مصلحة المجتمع فإنهما يتعايشان، و لا أدري طبعاً إلى مدى سيتعايشان هذا التعايش المبني على القسمة و التقسيم.
أريد أن أستذكر مقولة للمرحوم جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه عندما قيل أمامه في أحد المؤتمرات الدينية لمؤسسة أل البيت أننا نريد الرجوع للإسلام، فقال جلالته  نحن نريد أن نتقدم للإسلام لا الرجوع إليه، فالإسلام سبقنا بقرون و نحن تأخرنا عنه.  و هنا أقول نريد أن نتقدم لبدايات تكوين هذه الدولة أو ربما  قبلها لأسأل هل منا من سمع من أجداده عن مثل هذا التقسيم الذي نسمع عنه هذه الأيام؟ 
لقد كان الإخوة المسيحيون منتشرين في معظم قرانا الأردنية مزارعين وتجاراً و أصحاب حرف، و لم تكن تميز هذا عن ذاك فالكل يسعى في مناكب الأرض بحثاً عن لقمة عيشه، و يعبد ربه آخر اليوم  بمسجد أو بكنيسة و باقي الأوقات أخوة متحابين يتقاسمون الماء و الهواء و شظف العيش و يسهرون (يتعللون) سوية على سطوح بيوتهم على ضوء القمر.  فما الذي حصل ؟ و كيف أصبحنا نسمع عن هذا مسيحي و هذا مسلم؟
و عند البحث عن سبب مصائب الأمم  تجد أن السياسية هي وراء كل همومنا. و قد بدأت قضيتنا هذه بضرب العيش الواحد الإسلامي المسيحي  في هذه المنطقة عند بداية نشوء دولة الكيان الصهيوني بوعد من بريطانيا. و للأسف كان يشار إلى بريطانيا بالدولة النصرانية؛  و من المحزن أنه تم توظيف البعد الديني في هذا المجال لإلهاب عواطف الناس من أجل الجهاد في فلسطين. و هذا كان أول الطريق المظلم.  لقد نسي الجميع أن بريطانيا عندما وعدت الصهاينة  و أنشأتها لم تكن بريطانيا النصرانية و إنما كانت بريطانيا الإستعمارية. و من ذلك الوقت نشأت الحراكات الدينية و المذهبية و كل حركات التحرر في هذه المنطقة و لعبت على كل شي بما فيها التقسيم الديني هذا.   
هنا يطيب لي أن أستذكر بعض الإخوة المسيحيين الذين عرفتهم ببداية ظهور النت و على موقع البالتوك، و أستذكر معهم و هم المغتربون عن وطنهم كيف أنهم كانوا ينتفضون غضباً إن سمعوا أن هناك غرفة  معينة يشتم بها الأردن و قيادته، فكانوا يرسلون لنا الرسائل لنتوجه هناك من قبيل النخوة و الواجب بصيحة ( عليهم يا شباب) فنذهب و نعلمهم أن الأردن له من يدافع عنه في هذا الفضاء الالكتروني.  كانت أغانيهم تراثية أردنية و لهجتهم من قراهم ما غيرتها أمريكا؛ و عندما ينوون الزواج يممون وجههم شطر الأردن؛  هل يخلو بيت من بيوتهم من الجميد؛ و هل منهم من نسي المنسف؛ و هل نسوا الأردن يوماً فلم يحتفلوا بأعياده الوطنية التي كان يغطيها التلفزيون الأردني أيام العز.  و الحديث يطول كثيراً لو تركنا للقلم العنان، مع الاعتذار طبعا للأصدقاء المسيحيين غير المغتربين.

بالعودة إلى الموضوع أتمنى فعلا أن نتقدم الى الماضي و نلغي من قاموسنا كلمة التعايش و نستبدلها بكلمة لا تحمل معنى التقسيم و التشرذم لتصبح العيش بدلا من التعايش؛ فنحن أصلا كنت نعيش  قبل أن نتعايش.  

السبت، 17 مايو 2014

محمد يرث و محمد يرث و محمد لا يرث

<p> فتحت الأساذة غادة المعايطة باب الذكريات بحديثها عن الراديو، فعلقت هناك و لكني تذكرت أن من إذاعة لندن و من مسلسل بدوي</p><p>عرفت قصة محمد يرث و محمد يريث و مححمد لا يرث .  و اختصارا  للوقت بحثت عنها على النترنت فوجدتها باحد المنتديات</p><p>نقلت القصة من هناك و طبعا وجدت فيها اختلافاً بالرواية و للكن الفكرة واحدة.  ساضيف  الاختلاف بالتعليق.
</p><p> <كان شيخ القبيلة كبير السن واسع الثراء  , اعتاد ان يسمي  كل طفل يرزق به محمدا , فهذا محمدخالد وهذا محمد عمر .. وهكذا , وعندما حانت وفاته واحس بقرب اجله ساوره الشك في أمانه احدى  نسائه  ثم تاكد انها تخونه وبينما  كان مستلقيا على فراشه استدعى اخوته واقاربه واخبرهم كيف يوزعون امواله قائلا لهم : (محمد يرث ومحمد يرث ومحمد لا يرث ) وفي الحال فارق الحياة .</p><p> وعندما اصبح الابناء رجالا اتفقوا على تطبيق وصية ابيهم , ولكنهم احتاروا في تعيين محمد الذي اراد والدهم حرمانه من الميراث ثم تراضوا على ان يقصدوا قاضي العرب ليحكم بينهم مع انهم صمموا الا يحرموا احد منهم ولو عرفوا المقصود بالحرمان .</p><p>وفي اثناء طريقهم نحو منازل القاضي قابلهم بدوي وسألهم أيها الاخوان هل رايتم جملا شاردا ؟ فقال محمد الاكبر : هل جملك اعور ؟ قال نعم هو اعور وقال الاوسط هل جملك ازعر بلا ذيل قال نعم وقال الاصغر هل هو يحمل السكر قال نعم فقالو له جملك ليس عندنا قال لهم البدوي مندهشا عرفتم علامات البعير ثم تنكرونه والله لقد سرقتموه .. ثم اتفق معهم ان يصحبهم الى القاضي . </p><p>وعندما وصلوا الى خيامه رحب بهم وامر باعداد العشاء لهم وبعد فترة احضرت الخادمة الطعام وقعدوا الاربعة لياكلوا ولكن القاضي لم يقعد لياكل معهم بل وقف يتنصت على كلامهم وهم لا يرونه ولما تطلع الاخوة نحو الطعام امتنعوا عن تناوله بينما كان البدوي جائعا فاخد يلتهم منه بلا وعي .</p><p> قال الاخ الاكبر : القاضي ابن حرام وقال الاوسط هذا اللحم اصله لحم كلب وقال الاصغير هذا الخبزه خبزته امرأة ليست طاهرة، .. بعد برهة دخل عليهم القاضي وقال ما الذي قلتموه قال الا الاكبر قلت انك ابن حرام وقال الاوسط قلت ان هذا اللحم اصله كلب وقال الاصغرقلت ان المراة التي خبزت هذا الخبز هي في الدورة الشهرية , قال لهم ما الادلة على ادعاءاتكم</p><p>قال الاكبر ابحث عن الادلة في بيتك عند اهلك وسوف تكتشف صحة كلامنا وفي الحال ذهب القاضي الى امه وقال لها : يا اماه اخبريني الحقيقة في ولادتي هل انا ابن حرام ؟ وحملق فيها بعينيه وهو ممسك بسيفه يهددها ولكنها قالت له بهدوء ورزانة يا بني اقسم لك بالله انه لم يمسني بشر الا والدك ولكن ذات ليلة اتاني ابوك واعترف لي انه اكل تمرا من نخيل جارنا دون اذنه فكان التمر حراما ثم نام ليلتها معي واظنني حملت بك في تلك الليلة نفسها , فانت ابن حلال وابوك هو الذي اكل احرام . </p><p>اقتنع القاضي بكلامها , ثم نادى الراعي وساله عن ذلك الجدي الذي ذبحه وقدم لحمه للضيوف فاعترف الراعي ان الجدي كان يرضع من كلبة بعد ولادته لان امه كانت قد ماتت , فقربه منها فارضعته حتى لا يموت قال القاضي : اذن التقط الجدي رائحة الكلبة .. وعندما سأل القاضي امراته عمن عجن عجين الخبز اخبرته انها الجارية مرجانه ثم عرف منها انها في ايام الدورة الشهرية , فلامها القاضي لانها تركتها تخبز وهي ليست طاهرة . وبذلك تاكد من صدقهم وذكائهم . </p><p>دخل القاضي على ضيوفه ثم سال اكبر الاخوة : محمد كيف عرفت اني ابن حرام ؟ فاجابه لقد اكرمتنا وكلفت نفسك كثيرا ولكنك ارسلت الطعام مع الجارية وتركتنا ناكل وحدنا وجعلت تتنصت على ما نقول والواجب ان تاتي وتعتذر مثلا بانك تناولت عشائك من قبل وقد جرت عادة العرب ان يجالس صاحب البيت ضيفه ويؤانسه مرحبا به وبما انك لم تقم بذلك اعتقدت انك ابن حرام.</p><p> ثم التفت القاضي الى الاخ الاوسط وقال وانت كيف عرفت اللحم أجابه عندما وصل الطعام صدمت انفي رائحة الكلب ثم سال الاصغر كيف عرفت عن المراة التي اعدت الخبز فاجابه لاحظت عدة شعرات في الخبز ودهي دليل على ان المراة كانت في دورتها وهي لم تهتم بربط راسها بمنديل لتمنع تساقط شعرها . </p><p>قال القاضي والله انكم على حق وقد تاكدت انكم صادقون والان ما هي طلبة هذا الرجل منكم؟قال الاخ الاكبر سالنا هذا الرجل هل رايتم جملي فاجبته هل هو اعور وساله اخي الاوسط هل هو ازعر وساله الاصغر هل يحمل جملك سكر  , ثم قلنا له اننا لم نره وهو الان يتهمنا بسرقته قال القاضي خبرني كيف حدث انكم وصفتموه  ولم تروه اجاب محمد الاكبر حقا لم نره فقد كنا في طريقنا ولاحظنا آثاره وقد اكتشفت انه كان يسير وياكل عن يمينه فقط ولو لم يكن اعور لاكل عن يمينه وشماله اثناء سيره</p><p>فالتفت القاضي الى محمد الاوسط الذي قال له لاحظت ان قذارة الجمل ملقاة على خط مستقيم على الارض ةهذا دليل على انه بلا ذيل ولو كان له ذيل فان قذارته تكون مبعثرة في الطريق قال القاضي كلام سليم والتفت الى الثالث وانت كيف عرفت انه كان يحمل السكر ؟ اجاب في اخر الطريق يظهر ان الجمل كان قد تعب قتساقطت كمية من السكر على الارض لاحظتها وعرفت منها انه كان  يحمل السكر.</p><p> فقال القاضي للبدوي اذهب وابحث عن جملك لأنهم لم يسرقوه اذهب ولا تكثر من الكلام والا اعتبروك ابن حرام .فذهب الرجل في حال سبيله ثم التفت القاضي نحوهم وقال مذا اتريدون مني ؟ لماذا جئتم الي ؟ فقال الاخ الاكبر : توفي والدنا رجمه الله وقد قال في وصيته محمد يرث ومحمد يرث  ومحمد لا يرث ونحن ثلاثة كلنا محمد فماذا ترى ؟ نريد ان نعرف محمد الذي لايرث قال القاضي لاباس سوف نرى ، </p><p>ثم استدعى اكبر الاخوة وصحبه الى غرفة اخرى وقال له بالطبع انت تعرف اين قبر والدك ؟ اجابه نعم. ثم ساله اذهب واحضر لي علامة من رفاته : فاجاب محمد لا والله ابونا ربانا وترك لنا خيرا كثيرا حتى اذا مات لا نتركه يستريح في قبره اهذا يجوز ؟قال له القاضي ارجع ولا تقل شيئا.</p><p>ثم استدعى محمدالاوسط وطلب منه الطلب نفسه فرد عليه مثل اخيه الكبير , فاستدعى الاصغر وكرر له الطلب فاجابه بالطبع استطيع لكن حدد لي القطعة التي تريدها منه وسآتيك بها.</p><p> فقال له القاضي عرفنا الان انك الذي لا يرث وبعدها مباشرة عرف الاخوان الحكم ثم دفعوا للقاضي هدية ثمينة ورجعوا الى ديارهم </p><p>وعاشوا متحابين اسرة واحدة .</p><p> </p>

الثلاثاء، 13 مايو 2014

الرعاية الأجنبية للهيئات الأردنية الخاصة

الرعاية الأجنبية للهيئات الأردنية الخاصة
تطالعنا الأخبار بين الفينة و الأخرى بنبأ عن نشاط معين تقوم به الجهة الفلانية و هي من ضمن المؤسسات أو الهيئات الأردنية الخاصة.  و عند البحث عن الراعي لهذه الاجتماعات أو الندوات تجدها سفارة دولة أجنبية أو جهة تدعي الديمقراطية و لكنها أيضا من خارج البلد.  و تشمل طبعاً الرعاية الرسمية مكان الندوة و تكاليفها و من يدري  ربما شملت كذلك كلفة سفر المتميزين بهذه الندوات لبلد السفارة  الأصلي حتى يرتشف الشُطّار الحكمة من رأس النبع هناك.   و هذه طبعاً ليست وليدة اللحظة و لكنها أصبحت عيني عينك  أثناء الربيع العربي، بعد أن كان تسريب خبر حول تواجد بعض الأحزاب أو الإعلاميين بمثل هذه الندوات مأخذاً كبيراً عليه يرقى الى تهمة التواصل مع جهة خارجية تستدعي التحقيق.  و يتساءل الكثيرون من باب السؤال محاولين فهم سبب هذا الكرم الحاتمي من جهة، و التطنيش الرسمي من جهة أخرى.  لكن لنبق في الكرم الحاتمي باعتبار أن الجهات الرسمية باتت تطنش الكثير و منها هذه الندوات و الدورات التدريبية المدفوعة التكاليف.
يقال بالأمثال الشعبية الأردنية ( ما حدا بقول كيف حال أبوك) هذه الأيام؛  فما الذي يجعل سفارات الدول الأجنبية لرعاية أكثر الامور حساسية بالبلد و في هذه الفترة بالذات.  لم نسمع أبدا بأي جهد  من هذه الجهات للتبرع إن كانت تبحث على الأجر و الثواب لجيوب الفقر الأردنية مثلاً؛ و لكنها تتجه إلى جهات كان المجتمع الأردني يرفضها في السابق كأمور خاصة بالأسرة مثلاً و الإعلام  على سبيل المثال؛ فنرى الحديث عن هذا الفضاء بالحريات بخصوص المرأة و نفذوا منه لتجنيس أبناء الأردنيات و الناس تنظر لهذا الأمر بعين الريبة و الشك.  و إذا أخذنا دورهم في الإعلام نجدهم عملوا بجد في هذا المجال ليتحول الإعلام الحالي و هذا الفيض الكبير من المواقع الذي اجتمع أخيرا تحت بند الدفاع على الحريات يتحول و منذ بداية الربيع العربي  من منافح عن أهم قضية تمس الاردن و الأردنيين  ألا وهي قضية فلسطين إلى مقارعة الحكومة و النظام بدأ من رغيف الخبز ببداية الربيع مرورا بالتعديلات بالدستور و حط رحاله الآن بموضوع الفساد و الفاسدين و ذهبت القضية الأهم أمرا ثانوياً.
و إذا رجعنا للأمثال بأنه هذا العالم ( ما برمي كسرته إلا حتى تحصل على الرغيف)  يكون الهدف من هذه الحريات التي يدافع عنها طلاب الأجر في العالم هو أن تتغير البنية الديمغرافية الاردنية و الناس في غفلة يلاحقون أخبار الفساد و الفاسدين دون أن يلحظوا أن البلد بقي منها اسمها فقط.
و هناك نقطة أخرى تخيفني  شخصياً من موضوع التمويل الأجنبي أن وجه الأجنبي العدو قد تغير و أصبح يتدثر بدثار الدول الاوروبية التي ليس لها تاريخ أسود مع العالم العربي.  فلم يعد مقبولاً عند غالبية الأردنيين مثلا أن تكون الرعاية من الدول التي كانت سبب شقائنا في هذا الجزء من العالم، و لكنهم لا يمانعون بالرعاية من دولة كالسويد أو النرويج مثلا.  و كما تعلمون  فإن كل النشاطات السياسية التي يراد لها أن تكون في الكتمان تكون عادة في هذه الدول.  
هذا الأسبوع كانت ندوة الدفاع عن الحريات الصحفية أو الإعلامية برعاية السفارة النرويجية و أول سؤال ثار عند قراءة الخبر هو إلى متى سنبقى نلهث وراء فتات الموائد الأجنبية؟ و يرتبط به سؤال آخر: ألم يكن بالإمكان تنظيم المؤتمر  أردنيا مثلا؟ ما الذي سيمنع ؟  هل كانت الحكومة ستعارض ذلك مثلا بينما وافقت على رعاية السفارة؟  أم أنه المكان و التمويل و الرعاية و ما تبع ذلك هو المطلوب؟
هناك طبعا من سيقول أن الأمر لم يصل لدرجة التمويل إنما هي رعاية فقط تتكفل بمصاريف المؤتمر؛ ربما كان الأمر صحيحاً و لكن لا أظن بعض الوجوه التي نراها حاضرة في كل ندوة أو نشاط  تتواجد هناك مصادفة فقط.  نسمع عن جمعيات تتشكل معتمدة على رسوم اشتراك أعضائها و نصيبها من وزارة الثقافة  ثم نسمع عن قضية فساد يقال أن حجم المفقود بالآلاف من الدنانير عندما تُفتح دفاترها. القضية بنظري  قد تتجاوز الرعاية في بعض الأحيان.
شارك بالنقاش حول الموضوع صديق عزيز قال في توضيحه للأمر أنه عادي و لا شيء فيه و الدليل أنه هو و الصديق الفلاني و الفلاني و الفلاني  قد حضروا الندوة.  فقلت له يا صديقي حضوركم ياصديقي  لا يضفي الشرعية على مثل هذه الندوات.
نسأل الله أن يجعل كلامنا خفيفاً على الراعيين و الحاضرين و المؤيدين.  

  

الثلاثاء، 6 مايو 2014

الأرقام و الإستطلاعات و الحقيقة عند الشعب



الأرقام  و الإستطلاعات  و الحقيقة  عند الشعب

 

تطالعنا الأخبار بين الفينة و الأخرى  باستطلاعات أجراها المركز الفلاني  أو العلاني  حول مسألة معينة، فتأتينا بأرقام يشعر الناظر لها بالدهشة لأن الواقع يشير إلى خلاف ذلك، و لا يدري القارئ  هل يصدّق الإحصائيات أم الواقع الذي يراه رأي العين. و لنأخذ بعض الحالات كأمثلة.

هذا الأسبوع و بمناسبة يوم الصحافة و الإعلام العالمي جاء في بيانه أن مركز الأردن تراجع لمراكز متأخرة ليضعه قريباً من مصاف الدول الدكتاتورية إعلامياً؛ و طبعا ما أن ينتشر خبر كهذا حتى تنتشر الصور إياها على الفيس: فهذه صورة لشخص تم خياطة (براطمه) و أخر وُضع  لفمه سحاب فأغلق فاه عن الكلام؛ وصورة ثالثة لسلك شائك يغرز في الشفاه بمنظر مقزز. 

عند قراءة هذا الخبر تساءلنا على الفيس هل يمكن لمثل هذا الاستطلاع أن يكون صحيحاً أردنياً؟  هل هذا العدد الهائل لهذه المواقع الإلكترونية  في بلد بحجم الأردن يدل فعلا على تراجع مركز الأردن بخصوص الحريات الصحفية؟ إن هذا الإقبال الأردني على الكتابة في هذه المواقع لكتّاب يقدر عددهم بالألاف  و معلقين على ما يُكتب يقدروا بالملايين  لا يدل على أن شفاه الأردنيين قد خيطت بمسلة؟ و إذا أضفنا  أعداد الأردنيين المتواصلين على مواقع التواصل الاجتماعي تصبح النتيجة مذهلة. هذا الوضع يجلس الأردن بالمركز الذي يستحق بخصوص الحريات الإعلامية في مراكز متقدمة و ليس العكس، و لنا الفخر.

هنا ربما يقفز بعض الناس ليذكرنا بقضية مرفوعة ضد الصحفي الفلاني مثلا، أو عدد القضايا المنظورة أمام المحاكم على الصحفيين و لا أدري عددها؛ و هنا أسأل من يقول بهذه المقولة هل هذه القضايا مرفوعة من الحكومة على الصحفيين أم من أشخاص معينين ارتأووا أنهم اغتيلت شخصيتهم أو تم التعريض بهم فرفعوها؟  و لو أرادت الحكومة اتهام بعض الصحفيين أو الكتاب بتهمة التحريض مثلا لكان الكثيرون بالمحاكم. هل الصحفي منزه عن الخطأ فلا تجب محسابته؟ هل نطالب بحصانة للصحفي كما هي للنائب؟  لهذا أرى أن هذا التصنيف إنما هو تصنيف مجحف بحق الأردن من ناحية الإعلام.

و قبل شهر  نذكر الاستطلاع الي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية حول مدى ثقة الناس بحكومة دولة الدكتور عبد الله النسور فأشار الاستطلاع إلى ارتفاع ثقة المواطن بحكومة دولته.   و من سمع بالخبر طبعا تمنى ذلك و لكن بنفس الوقت ننظر حولنا فلا نرى لها مادحاً إلا بعض منا ( و أنا منهم)، وهؤلاء يصنفهم المعارضون ظلماً بالسحيجة و لكنهم  طبعا الآملون بغد مشرق و الناظرون إلى النصف الممتلىء من الكأس فيسأل نفسه عن أي ثقة يتحدثون عنها و يثيرون شكوكا حول اختيار العينات للاستطلاع.

و ينطبق الحال كذلك عن عن خبر الستين ألفاً من الأردنيين الذي قضوا عطلة عيد العمال و نهاية الأسبوع بالعقبة. فالمتفحص للخبر يستغرب طبعا أن يكون مثل هذا البذخ بالأردن في حين أن المتابع يرى الناس بوضع لا يسمح لها بالتنزهة بالعقبة و لا غيرها.

  ومثلها الأرخبار التي تشير إلى تعافي الاقتصاد الأردني.  لكن تبقى هذه الأرقام لغة مبهمة لا يفهمها إلا الراسخون بها  و المواطنون طبعا ليحكموا على مصداقيتها أو خلاف ذلك.

 في رواية الكاتب جورج أورول (Animal Farm )  كان صاحب الأرقام الشهير (Squealer )  يحدث مستمعيه عن التقدم و الازدهار في المزرعة و ينظر المستعمون في وجوه بعضهم فلا يرون الا هزالاً و جوعاً و بؤساً مقابل ساعات عمل تزيد يوماً بعد يوم.

ما وددت قوله أننا يجب أن لا نحكم على الأشياء بما نسمع أو نقرأ من أرقام و استطلاعات، إنما ننظر على واقع الحال لنرى  إن كانت الأرقام تعكس الحال  أم العكس.  لكن من عندي أنا أرى في هذه الاستطلاعات أنها أيضا يتم توظيفها لتدعم أو تحارب نهجا معيناً.

 ليس دائما  واحد زائد واحد يساوي أثنين.  
 

السبت، 3 مايو 2014

بتول حداد ضحية الفوضى الدعوية

بتول حداد ضحية الفوضى الدعوية
عندما سمعت بنبأ مقتل المرحومة بتول حداد  تذكرتُ هذه الحوارات التي نعقدها من حين الى آخر في الأردن تحت عنوان حوار الأديان، و قلت في نفسي أننا كعادتنا نهتم بكل الأمور الخارجية و نغفل أو نقفز عن الشأن الداخلي مكتفيين بترديد المقولة المعروفة وهي أننا أخوة نعيش في وطن واحد (ونحن كذلك شاء من شاء و أبى من أبى)؛ نعم يجب عدم إغفال الحقيقة أن لنا وضعاً خاصاً يجب أن يوضع على بساط البحث ألا و هو طريقة تغيير الدين؛ فقضية بتول لم تكن الأولى (تغيير الدين و ليس القتل)، و يجب أن لا يُنظر إلى هذا الأمر على أنه أمر إسلامي فقط و ننكر أو نغفل  عن شعور الطرف الآخر: المسيحيين الأردنيين.
إن أول موضوع  يجب أن يتم بحثه و بصراحة هو الخطوات القانونية التي تسبق أو ترافق إشهار الشخص لدينه الجديد : فلا يجب أن تترك بحالة الفوضى كتلك التي نسمع عنها؛  و قد سمعت أن هناك خطوات موجودة بدائرة قاضي القضاة و عند القضاة يوقع عليها الشخص المعني، و يُعلَم ذووه بالتغيير الجديد.  إن موضوع تغيير الدين عبارة عن حالات فردية بالعالم العربي عموماً لأن الحرية الشخصية سقفها عالي أكثر من اللازم و لكن مع ذلك فإنه ينتج عنه أحيانا إزهاق لروح بريئة كما حصل أخيراً بموضوع المرحومة  بتول حداد أو انقطاع الشخص عن أسرته.
 و أما بالنسبة لموضوع المغدورة بتول حداد عليها رحمات الله فقد اهتممنا إعلامياً بالنتيجة و هي قتلها، و ركزنا حول أين تدفن و حجم الفوضى التي صاحبت ذلك،  و لم يتوقف  الإعلام عند أسبابها؛ و الأسباب كما جاء بالأخبار هو أنها أعلنت إسلامها أمام سماحة الشيخ بهي الطلّة و حلو المبسم العريفي.  هكذا ببساطة تعلن إسلامها و يتناقله الإعلام و من ثم تتوجه إلى خربة الوهادنة لتجد أهلها و عشيرتها المسيحيين  و قد نصبوا لها أقواس النصر احتفالا بالهدي العريفي.  أي عقل هذا الذي سمح لها بالذهاب بدون حماية أو ترتيب مثلاً إن صحت هذه الرواية!
و أثناء النقاش حول قضيتها برزت رواية أخرى بالموضوع و هي أنها لم تعلن إسلامها و لكنها أشهرته؛ و هذا الأمر يغير مسار القضية من الغباء بتوقع النتائج  (بالحالة الأولى) إلى المشاركة بالجريمة بالرواية الثانية؛ فمن دفع بها إلى هذا وهي قد أسلمت من زمان على يقين بهذه النتيجة و مع ذلك تركوها لمصيرها. إن المشاركة بالجريمة قد تكون أخطر من فعلها أحيانا؛ فإذا كان والدها قد هشم رأسها لفورة الدم و غيرة منه على دينه فإن المُخطط لها قد قام بفعلته عن قصد و سبق إصرار.  فماذا كان قصده إلا افتعال الفتنة بين نسيج الوطن الواحد، و إلا ما الذي  دفعه ليكشف سر هذه الفتاة لتعود إلى أسرتها لتلقى حتفها.
و عند النقاش مع بعض الاخوة ظهر في منشور على الفيس بوك  على صفحة الدكتور سليمان دقور و هو على ما يبدو أحد كبار المنظمين للحفلة أشار  على صفحته على الفيس بوك أن التي أعلنت إسلامها أمام سماحة الشيخ لم تكن بتول إنما هي فتاة أخرى. حلو كثير. هذا يضعنا أمام سيناريو آخر و هو أن المرحومة قد قضت نحبها جراء وشاية و من مغرض سواء كانت أسلمت أم لم تسلم، و ربما صاحب ذلك بعض الشحن مما جعل والدها في حالة هيجان فلم يسمع صرخات استغاثة بتول و هي تصيح يا يابا.  ألم يرق قلبه لها ؟ ألم تسيل منه عبرة ندم بعد أن رآها مضرجة بدمائها الزكية. و لا أدري شعور الواشي في هذه اللحظة.
إن القصص كثيرة و الروايات متعددة حولها، لكن ما حدث للمرحومة بتول جريمة تستوجب التحقيق لينكشف المستور خلف هذه القضية و لوضع اليد إن كان هناك حالات مشابهة لحالة بتول، فلا نريد أن نرى بتولاً  أخرى مضرجة بدمائها نتيجة لهذا الأمر. لقد نجانا الله في هذا البلد من الفتنة الإقليمية و الاقتصادية و السياسية فلم يبقى أمام بعضهم إلا الفتنة الدينية لينفخ بكير أتونها.
يجب أن لا يترك هذا الأمر مفتوحاً لكل من شاء ليعلن أن فلانا أسلم لمجرد  أنه جلس معه بمسجد و قال له ردد الشهادتين. لماذا وجدت دائرة المحاكم الشرعية، فليذهب به إلى هناك و يوثق إسلامه ليكون تحت حماية القانون.  
أما الشيخ العريفي فإنني  سابقى أذكر له أن دماً أردنياً سال يوم زيارته لنا، و أتمنى أن تكون زياراته القادمة  للأردن إن تمت  تحمل الحياة لا  الموت لهذا البلد الطيب.
أترحم على بتول و أطلب لها المغفرة سواء أسلمت أم لم تسلم  فهي أولاً و أخيراً نفسٌ بشرية نشمية أردنية عجلونية لو وقفتُ على سطح بيتنا في جديتا و نظرت بمنظار  لربما رأيت  بيتهم في خربة الوهادنة مقابلنا.

و حمى الله الأردن من كل شر 

قراءة في مقال الدكتور إرحيل غرايبة

قراءة في مقال الدكتور إرحيل غرايبة
تابعت كما تابع الكثيرون التعليقات الفرحة على رد الدكتور إرحيل غرايبة على قرار فصله مع إثنين  آخرين من حركة الإخوان المسلمين .  لكل  الإخوة الفرحين بهذا الرد أو الانشقاق  عن الإخوان على شكل "زمزم"  أقول على رسلكم أو على هونكم يالربع، فحركة زمزم كما  أراها إنما هي حراك إخواني داخلي فقط و ليست انشقاقاً عن الحركة بمعنى الإنفصال. و لي أسبابي  طبعا للوصول إلى هذه النتيجة.
إن حركة الإخوان المسلمين تابعة لتنظيم دولي كما هو معروف و يُخطط له دولياً بشكل جيد لا يقبل الخطأ على مستوى القيادات فيما يتعلق بتصرفاتها الفردية؛ قد يكون الخطأ مقبولاً تنظيمياً  طبعاً  و يتحملوا نتيجة كما حدث في بعض قراراتهم  بخصوص المشاركة أو عدمها بالانتخابات النيابية أو البلدية  أو حتى المشاركة بالحكومة على سبيل المثال.  لكن لم أسمع بأن صدرهم اتسع ليغفر خطيئة انسحاب قيادي من الحركة بمعنى الاستقالة، و إذا  أضفنا أن الامر تعدى ذلك الانسحاب لتشكيل حركة جديدة ك"زمزم" تنافس و تناكف و تتحرش بالحركة الأم عندها يكون الفصل من الحركة هو أهون العقوبات و يقع برأيي ضمن بند الاستتابة لإعطائهم فرصة للرجوع عن خطيئتهم هذه. و أعتقد طبعاً أن الدكتور إرحيل و صحبه الكرام يعرفون هذا جيداً.
كذلك إذا تابعنا نشاط الدكتور إرحيل غرايبة  في السنوات التي سبقت الإعلان عن زمزم و حتى قبل فترة الربيع العربي و تحديداً منذ 2009 لوجدنا أنه كان الصوت الشرق أردني الجريء الذي علا بالمطالبة بالمَلَكية الدُستورية، و كان ذلك بالولايات المتحدة الأمريكية، و قيل يومها في تنصل الإخوان المسلمين منها و تبريرهم لها بتلك المرحلة أنها كانت اجتهاداً شخصياً لا يعكس توجه الحركة، و كانت في محاضرة و بلغ التبرير أوجه عندما قيل أن فكرة الملكية الدستورية بالأردن إنما جاءت نتيجة سؤال طرحه أحد الحضور.  لهذا من يحمل على عاتقة ليكون صوت هذا التوجه لا يمكن أن يدير  ظهره  لحركته الأم.
لكن و بعد تلك المرحلة ظهر تصنيف لجناحين جديدين في الحركة الاسلامية و هما جناح الصقور و جناح الحمائم، و لا أدري كيف تم تصنيف الدكتور إرحيل ضمن جناح الحمائم فهو كان أجرأهم (و أعني ما أقول) على التحدث في أكثر الأمور حساسية.  و نتيجة لهذا التصنيف كان هناك استقواء من الصقور على الحمائم، و ضيّقوا عليهم و جعلوا منهم دائماً مدافعين عن أنفسهم كمتهمين دائما عندما يتم تسريب خبر  للصحافة عن شأن داخلي إخواني؛ و ما أكثر الشؤون بتلك الأيام. و اختفت أصوات الحمائم جميعاً و لزموا بيوتهم و لم نسمع لهم صوتا باستثناء الدكتور إرحيل فكان كما أسلفت صقورياً بطروحاته أكثر من الصقور أنفسهم.
إن من يقرأ مقالة الدكتور إرحيل الأخيرة جيدا يعي تماما أن الرجل ما خرج من عباءة الإخوان عندما شكل زمزم، و لكنه شكلها احتجاجا على طريقة إدارة الإخوان لحراك الربيع العربي و كأنه يقول  إن " الصقور" لم يعرفوا من أين تؤكل الكتف.  فاختلافه معهم هو اختلاف أسلوب لا اختلاف انشقاق عنهم؛ تماما كما نسمع بالاختلافات الظاهرية في مناطق أخرى عندما يكون هناك تيارين رئيسين متنافسين: هو اختلاف على الأسلوب  لا على الهدف؛ و من يرى تصدر أسماء الإخوانيين  الصورة في زمزم  يدرك جيداً هذه الرسالة؛ و شخصياً عندما رأيت الدكتور نبيل الكوفحي  على منصة زمزم بأول ظهور علني له أدركت أن مبدأ "خياركم في الإخوان خياركم في زمزم" معمول به أيضا في الوجه الجديد للإخوان؛ و ما ظهور باقي فئات الشعب في زمزم إلا تمويه حتى لا تظهر  أنها وجه آخر  للإخوان أي (تقية)، و لا أستغرب أن قرارات الفصل ربما تكون أيضا من هذا الباب التمويهي. و الدليل  قولهم أن قرار الفصل قابل للاستئناف طبعا بعد أن يؤدي المطلوب.
و في الحقيقة في كل مرة كنت أقرأ للدكتور إرحيل أو أسمعه على محطة فضائية أتساءل أي جديد أتى به الدكتور يختلف عن الذي يقوله الشيخ حمزة أو يتوعدنا به الشيخ زكي بني أرشيد؟  أو يطلبه الشيخ الفلاحات؟ و ما الذي يغضب الإخوان المسلمين منه حتى يقع هذا الإنشقاق؟
لهذا تزداد قناعتي يوما بعد يوم  أن حركة الإخوان و حركة زمزم  تقترب مع بعضها كلما ظهر خلافها للسطح؛  هي  الإخوان و الإخوان هم زمزم.  هي  حركة تجميلية فقط لصورة الاخوان  تجعلهم أكثر قرباً  من الشارع الذي لا تعجبه تصريحات قيادي  الاخوان  في كل حراك و تجعله متخوفاً على مستقبل الأردن إن تولوا  السلطة بسبب تصريحاتهم النارية.  لهذا جاءت زمزم  حركة تسويقية للإخوان و لكن بحلة جديدة.
لا  أريد أن أقطع فرحة الإخوة برد الدكتور إرحيل على الإخوان و لكن أقول لهم عاينوا خير  فالأمور بخواتيمها. فإن فرحتم بالقطيعة  فهذه  بعيدة المنال؛ و إن فرحتم بتغير الأسلوب فلكم العذر في ذلك.
و عموما الصلح  خير  يا دكتور إرحيل.