قراءة في مقال
الدكتور إرحيل غرايبة
تابعت كما تابع
الكثيرون التعليقات الفرحة على رد الدكتور إرحيل غرايبة على قرار فصله مع إثنين آخرين من حركة الإخوان المسلمين . لكل
الإخوة الفرحين بهذا الرد أو الانشقاق
عن الإخوان على شكل "زمزم"
أقول على رسلكم أو على هونكم يالربع، فحركة زمزم كما أراها إنما هي حراك إخواني داخلي فقط و ليست
انشقاقاً عن الحركة بمعنى الإنفصال. و لي أسبابي
طبعا للوصول إلى هذه النتيجة.
إن حركة الإخوان
المسلمين تابعة لتنظيم دولي كما هو معروف و يُخطط له دولياً بشكل جيد لا يقبل
الخطأ على مستوى القيادات فيما يتعلق بتصرفاتها الفردية؛ قد يكون الخطأ مقبولاً
تنظيمياً طبعاً و يتحملوا نتيجة كما حدث في بعض قراراتهم بخصوص المشاركة أو عدمها بالانتخابات النيابية
أو البلدية أو حتى المشاركة بالحكومة على
سبيل المثال. لكن لم أسمع بأن صدرهم اتسع
ليغفر خطيئة انسحاب قيادي من الحركة بمعنى الاستقالة، و إذا أضفنا أن الامر تعدى ذلك الانسحاب لتشكيل حركة
جديدة ك"زمزم" تنافس و تناكف و تتحرش بالحركة الأم عندها يكون الفصل من
الحركة هو أهون العقوبات و يقع برأيي ضمن بند الاستتابة لإعطائهم فرصة للرجوع عن
خطيئتهم هذه. و أعتقد طبعاً أن الدكتور إرحيل و صحبه الكرام يعرفون هذا جيداً.
كذلك إذا تابعنا
نشاط الدكتور إرحيل غرايبة في السنوات
التي سبقت الإعلان عن زمزم و حتى قبل فترة الربيع العربي و تحديداً منذ 2009
لوجدنا أنه كان الصوت الشرق أردني الجريء الذي علا بالمطالبة بالمَلَكية الدُستورية،
و كان ذلك بالولايات المتحدة الأمريكية، و قيل يومها في تنصل الإخوان المسلمين
منها و تبريرهم لها بتلك المرحلة أنها كانت اجتهاداً شخصياً لا يعكس توجه الحركة،
و كانت في محاضرة و بلغ التبرير أوجه عندما قيل أن فكرة الملكية الدستورية بالأردن
إنما جاءت نتيجة سؤال طرحه أحد الحضور.
لهذا من يحمل على عاتقة ليكون صوت هذا التوجه لا يمكن أن يدير ظهره
لحركته الأم.
لكن و بعد تلك
المرحلة ظهر تصنيف لجناحين جديدين في الحركة الاسلامية و هما جناح الصقور و جناح
الحمائم، و لا أدري كيف تم تصنيف الدكتور إرحيل ضمن جناح الحمائم فهو كان أجرأهم (و
أعني ما أقول) على التحدث في أكثر الأمور حساسية.
و نتيجة لهذا التصنيف كان هناك استقواء من الصقور على الحمائم، و ضيّقوا
عليهم و جعلوا منهم دائماً مدافعين عن أنفسهم كمتهمين دائما عندما يتم تسريب
خبر للصحافة عن شأن داخلي إخواني؛ و ما
أكثر الشؤون بتلك الأيام. و اختفت أصوات الحمائم جميعاً و لزموا بيوتهم و لم نسمع
لهم صوتا باستثناء الدكتور إرحيل فكان كما أسلفت صقورياً بطروحاته أكثر من الصقور
أنفسهم.
إن من يقرأ
مقالة الدكتور إرحيل الأخيرة جيدا يعي تماما أن الرجل ما خرج من عباءة الإخوان
عندما شكل زمزم، و لكنه شكلها احتجاجا على طريقة إدارة الإخوان لحراك الربيع
العربي و كأنه يقول إن "
الصقور" لم يعرفوا من أين تؤكل الكتف.
فاختلافه معهم هو اختلاف أسلوب لا اختلاف انشقاق عنهم؛ تماما كما نسمع بالاختلافات
الظاهرية في مناطق أخرى عندما يكون هناك تيارين رئيسين متنافسين: هو اختلاف على
الأسلوب لا على الهدف؛ و من يرى تصدر أسماء
الإخوانيين الصورة في زمزم يدرك جيداً هذه الرسالة؛ و شخصياً عندما رأيت
الدكتور نبيل الكوفحي على منصة زمزم بأول
ظهور علني له أدركت أن مبدأ "خياركم في الإخوان خياركم في زمزم" معمول
به أيضا في الوجه الجديد للإخوان؛ و ما ظهور باقي فئات الشعب في زمزم إلا تمويه
حتى لا تظهر أنها وجه آخر للإخوان أي (تقية)، و لا أستغرب أن قرارات
الفصل ربما تكون أيضا من هذا الباب التمويهي. و الدليل قولهم أن قرار الفصل قابل للاستئناف طبعا بعد
أن يؤدي المطلوب.
و في الحقيقة في
كل مرة كنت أقرأ للدكتور إرحيل أو أسمعه على محطة فضائية أتساءل أي جديد أتى به
الدكتور يختلف عن الذي يقوله الشيخ حمزة أو يتوعدنا به الشيخ زكي بني أرشيد؟ أو يطلبه الشيخ الفلاحات؟ و ما الذي يغضب
الإخوان المسلمين منه حتى يقع هذا الإنشقاق؟
لهذا تزداد
قناعتي يوما بعد يوم أن حركة الإخوان و
حركة زمزم تقترب مع بعضها كلما ظهر خلافها
للسطح؛ هي الإخوان و الإخوان هم زمزم. هي حركة
تجميلية فقط لصورة الاخوان تجعلهم أكثر
قرباً من الشارع الذي لا تعجبه تصريحات
قيادي الاخوان في كل حراك و تجعله متخوفاً على مستقبل الأردن
إن تولوا السلطة بسبب تصريحاتهم النارية. لهذا جاءت زمزم حركة تسويقية للإخوان و لكن بحلة جديدة.
لا أريد أن أقطع فرحة الإخوة برد الدكتور إرحيل
على الإخوان و لكن أقول لهم عاينوا خير
فالأمور بخواتيمها. فإن فرحتم بالقطيعة
فهذه بعيدة المنال؛ و إن فرحتم
بتغير الأسلوب فلكم العذر في ذلك.
و عموما
الصلح خير يا دكتور إرحيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق