الأربعاء، 27 ديسمبر 2017

الدعم للمواطَنة نفسها وليس للمواطن

الدعم للمواطَنة نفسها وليس للمواطن
منذ القرن الماضي وكلما دق الكوز بالجرة يطلع علينا المنظرون لقرارات الحكومة بالرفع بتصريح مسبق من شاكلة " لا نية للحكومة لرفع سعر الخبز" وبسبب الخبرة بأن هذا يعني الرفع يضع المواطنون أيديهم على قلوبهم خوفاً من رفع قادم؛ فيخرج عليينا إياهم بتصريح أن الخبز " خط أحمر" فيزداد خوف المواطن ويقول على طريقة باب الحارة أرررربت.  وعندما تتأكد حكوماتنا بأن الفكرة وصلتنا يخرج إياهم أيضاً بتصريحات من قبيل أن دعم الخبز يذهب لغير مستحقيه وهذا العام ازداد الأمر خطورة بأن الخبز يتم تهريبه، فما العمل؟ كل شي ولا تهريب الخبز.  كنت أتوقع أن تقف دوريات الجمارك مثلا لتعلن أنها صادرت بك أب خبز قبل تهريبه لدولة جارة.  ويرتفع صراح الاعتراض يقابله (طولة) بال الحكومة لطمأنة المواطن بأنه لا مساس بالطبقة الوسطى وهي بصدد البحث عن وسيلة الدعم المناسبة وتحديد قيمة الدعم لإيصاله لمستحقيه.
هذا العام كانت شروط استحقاق الدعم قاسية جداً بحيث حمدت الله أنها لم تشترط الموت للحصول على الدعم؛ انتفض النواب وصرخوا وشجبوا وهم يعلمون مثلنا تماما أنهم يتجهون إلى شروط وضعتها الحكومة مسبقاً ولكنها أرادت الوصول لها بشكل شرعي ونزولاً عند رغبة ممثلي الشعب.  وربما سيحصل هذا قريبا.  ويعرف المواطنون بأنه لا يحصل إلا الذي تريده الحكومة.
المهم برأيي الشخصي أن هذا كله نوع من الفنتازيا. فإذا كان تذرع الحكومة بأن الدعم هو لحماية خبز المواطن ( كل مواطن) فمن الإجحاف وضع الأسس لتحديد من يستحق ممن لا يستحق. فالقانون لم يميز بين مواطن معه مصاري يشتري خبز أو معهوش بغض النظر عن نوع الخبز. كنت سأكون شاكراً للحكومة لو أعطت الدعم لكل المواطنين من الغفير للوزير مع وافر الاحترام للجميع وأنا جاد في طرحي هذا؛ عندها سأصدق أن الهدف هو حماية المواطن. لماذا الاستمرار بشرخ فئات المجتمع بين فئة غنية وفئة غير غنية؛ نحن هنا نتحدث عن حقوق مواطَنة للجميع.
وسبب الطرح السابق بالإضافة إلى أن المواطنين متساوون بكل شيء هو أن لنا تجربة أو تجارب سابقة بموضوع الدعم وأخرها دعم المحروقات.  فالمحللون الاقتصاديون لهم طريقتهم في تقرير ما إذا كنت أستحق الدعم أو لا. فمثلاً على ما أذكر أنني عندما ذهبت للمطالبة بدعم المحروقات زمان قيل لي أنت لا تستحق بعد أن طلب مني مراجعة دائرة أخرى نسيت اسمها.  هناك تبين لي أنني مليونير تقريباً من حيث لا أدري؛ فحسبوا لي الضمان الاجتماعي كدخل في حين أنني كنت أدفع (ولا أقبض) الضمان لي ولزوجتي. وعندما قلنا للموظف يا عمي نحن ندفع ضمان ولا نقبض؛ قال أحضر لي ورقة من الضمان بهذا وراجعنا بشهر ايلول وكنا في حزيران. فلم أرجع وسمعت أن الدعم اختفى عند الجميع.
لذلك يجهز الأردنيون أنفسهم من الان لطابور طويل حتى يعرفوا إن كانوا يستحقون ذلك أم لا وهنا تكمن مطالبتي بأن يشمل الدعم الإخوة من الطبقات العليا معنا فربما يكون القرار واحداً كما يفترض ونخلص من مسالة يستحق أو لا يستحق.
فما رأيكم؟ ألسنا كلنا مواطنين! لهذا أنا احتشد للمطالبة بحق جماعة الكروسان بالحصول على الدعم تماما كالمعتمد على الخبز المدعوم والشاي؛ أما غير الأردنيين فيتحملوا الفروقات فهم لا يدفعون ضرائب للدولة.  يجب أن يشعر الأردني أنه مواطن.
بصراحة أنا مقتنع جداً بهذا الطلب وأرجو أن يجد آذانا صاغية لكن بشرط أن يكون الدعم واحداً للجميع ولا نجد أن دعم الفئة (أ) يختلف عن دعم الفئة (ب).

بالمناسبة شو أخبار جرة الغاز. 

الاثنين، 25 ديسمبر 2017

الأردن وقبلان والقدس والقرار الأمريكي

الأردن وقبلان والقدس والقرار الأمريكي
رغم كل الأجواء التي سبقت ورافقت وتبعت قرار الرئيس الأمريكي المتغطرس بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل والتي ظهر فيها عدة جهاتٍ عربية وإسلامية تحاول الوصول للأضواء مجدداً إلا أن الكل يدرك أنه لولا التحرك الأردني منذ البداية لمر هذا القرار مروراً هادئا كالتي سبقته من قرارات.  هذه الانتفاضة الأردنية الرسمية أولاً والشعبية ثانياً كانت قاعدة ارتكزت عليها كل الحراكات التي تلتها من عربية وإسلامية وعالمية.  ورغم جمال هذا المشهد إلا أن الجميع لم يسأل السؤال التالي وهو من شقين الأول حول هذا السر في العلاقة الأردنية المقدسية (وأريد أن أتجنب السياسة بعض الشيء فلم أذكر الأردنية الفلسطينية)؛ والشق الثاني هو عن سر هذه القوة الأردنية التي جعلت من بلد صغير قال عنه الشاعر اللبناني سعيد عقل أنه "في حجم بعض الورد" يقف وحيداً في مواجهة القوة الأعظم في العالم وهي أمريكا.  وما هذه المهارة السياسية الأردنية التي جيَّشت كل العالم ليقف صفاً واحداً بوجه أمريكا ويعزلها عن كل دول العالم بما فيها أصدقائها التقليديين!
بداية وقبل مناقشة هذه الأسئلة أود الإشارة أن سبب غضبنا الأردني والعالمي لاحقاً ليس من أجل القرار نفسه بل من أجل مصدر القرار وهو البيت الأبيض الذي طالما تبجح برعايته لعملية السلام، وراهن عليه الكثيرون من أيام السادات أن كل أوراق اللعبة في يد أمريكا؛ لهذا كان الافتراض أن هذا القابض على خيوط اللعبة سيكون حيادياً على أقل تعديل ولو من باب الحفاظ على وجه أصدقائه في المنطقة.
ترتبط العلاقة الأردنية مع القدس بما هو أكثر من السياسية  أو المصالح المشتركة أو مقولة شعبٌ واحدٌ لا شعبين أو أي شعار آخر؛ إنها علاقة وجدانية عاطفية ارتبطت بالجزء الثاني لفريضة الحج وهي رحلة التقديس إلى المسجد الأقصى ؛ وكان العرف عند الأردنيين بعد رجوعهم من الحج أن يذهبوا إلى المسجد الأقصى فيقال أن فلان (بيقدّس: الفعل من القدس) وهو بهذا يترجم الحديث النبوي حول المساجد التي يشد لها الرحال؛ والأقصى هنا هو ثالثها. هل سمعتم بمسلم كغالبية كانوا يُقَدِّسون بعد حجهم؟ الأردنيون فعلوها.  وحتى ألخص للقارىء الكريم الفكرة  لابد من المرور  على قبلان رحمه الله الذي جاء ذكره بعنوان المقالة.
قبلان يا سادة يا كرام هو رجل كبير السن من قرية أردنية بمحافظة عجلون اسمها أوصره سمعت به بعد هزيمة حزيران 1967 وفقدان الأقصى.  هذا الرجل سمع بالهزيمة فلم يأبه أو يعرف ما الأمر وما الهزيمة إلا عندما سمعهم بالدكان (وكانت الدكاكين في القرى كالمقاهي) يقولون أن القدس احتلها اليهود فلم يكون اسم اسرائيل مشهوراً أو سهل  النطق.  فقال بلهجته الأردنية المعروفة ( القُدِس بترقيق القاف) راحت!!   ثم شهق ومات: ونقلت القصة أيضا باللهجة الأردنية فقيل " قبلان  طق ومات عالقُدِس)  وتعني كلمة طق أصابته جلطة.  وسؤالي هنا للقارىء الكريم " هل سمعت بمسلم انجلط ومات من القهر حزناً على القدس؟ الأردني قبلان فعلها. أي عاطفة هذه! إنها أكبر من كل الشعارات السياسية.
وقبلان حالة أردنية عامة بخصوص الأقصى ربما تتقدم على من يبكون أمام الشاشات على القدس.  كيف يُستغرب من بلدٍ جُلُ هَمِّ أبنائه ومنهم كاتب هذه السطور أن يصلوا بالأقصى؛ إن غاية المنى لدي وأنا الأردني منبتاَ وأصلاً أن أصلي في الأقصى وأزور القدس التي بدأ وعي طفولتي في جبل الطور فيها مرافقين لوالدي رحمه الله عندما كان شرطياً هناك.   لهذا كان التناغم الكبير بين كافة فئات الشعب مع القرار الرسمي يقع عند الكثير في باب هذا العشق للأقصى؛ إنه عشق ندر وجوده، ولن يتوقف هذا الحراك في الشارع إلا بقرار، أما الوجدان فلا يحكمه الا القلب؛ والقلب دائماً صوب الأقصى.
أما الشق الثاني من التساؤل حول قدرة من في حجم بعض الورد (الأردن) على الوقوف في وجه القوة رقم واحد في هذا العالم. وللتذكير فقط أسرد قصةً على لسان دولة زيد الرفاعي (دماغ) السياسة الأردني في عهد جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه حول موقفٍ سياسيٍ مع أمريكا أيضا؛ وكان الوضع الداخلي في الأردن لا يختلف كثيراً عن وضع الأردن الآن. الزمن كان في 1970  وقبل انفجار أحداث أيلول المعروفة، حيث كانت في البلد حالةُ انفلات أمني كبيرة قادت لأيلول.  ذكر دولته أنه كان هناك ترتيب لزيارة مجدولة لوزير الخارجية الأمريكي للمنطقة، فأرسل السفير الأمريكي في عمَّان للخارجية الأمريكية رسالة قال بها أن الوضع بالأردن غير آمن ولا يُنصح الوزير بزيارة الأردن من ضمن جولته الشرق أوسطية.  فلم علم جلالة الملك المرحوم بهذا حتى استشاط غضباً وأمر الحكومة بتوجيه رسالة عن طريق الخارجية للسفير الأمريكي باعتباره شخصاً غير مرغوب فيه وعليه مغادرة البلاد.  ولم يستجب جلالته لنصيحة دولة الرفاعي بأن الوضع بالأردن لا يحتمل هذه المغامرة خاصة أن سوريا من الشمال والعراق من الشرق والفدائيون يتأهبون للقفز على البلد يساندهم المتعاطفون داخلياً؛ فقال جلالته رحمه الله من يقل عن الأردن أنه لا يستطيع حماية ضيفه لا مكان له بيننا؛ وهكذا كان. وختم دولته بأن سأل المحاور ياسر أبو هلالة " هل سمعت بدولة في العالم طردت السفير الأمريكي  خاصة عندما تكون الدولة بوضع غير مريح سياسياً واقتصادياً كالأردن.  الحادثة مسجلة ببرنامج للجزيرة مع ياسر أبو هلالة  يرد فيها دولة الرفاعي على ترهات هيكل رحمه الله وافتراءاته عن الأردن وعلى جلالة الملك رحمه الله. يمكن البحث عن المقابلة على الانترنت.
 إذا فهذه ليست المرة الأولى التي تقول دولة كالأردن لدولة كأمريكا " كفى".  وجاء هذا الموقف الأخير بعد سلسلة مواقف اقتصادية في الأردن وشروخات سياسية في المنطقة كان للأردن مواقف لم تَرقَ لطموحات الفرقاء واتخذوا موقفاً فاتراً مما يجري بالأردن اقتصاديا وغاب عنهم أن الأردن لا يقايض اقتصاده بكرامته.  في خضم هذا كله جاء قرار ترامب بنقل سفارته ولا أدري هل كان هذا القرار نتيجة اعتقاد الرئيس ترامب أن ظروف الأردن لن تسمح له بأن يقول لا، أو أن يكتفي ببيان استهجان وكان الله بالسر عليماً.  أخطأ من نصح الرئيس بهذا إلا إذا أراد للرئيس أن يحرف كل سفنه ويبقى وحيداً بمواجهة العالم.
قوة (من في حجم بعض الورد) أبهرت العالم جميعاً؛ فبعد انتظار لم يدم طويلاً بعد الموقف الأردني واتضح للعالم أن الأردن يصرخ في وجه هذا المارد وما زال واقفاً صلباً فحذا حذوه الأقربون على خجل وببيان يحمل معاني النصح أكثر من السياسية جاء بعدها المؤتمر الإسلامي في تركيا وكان الموقف الإسلامي أكثر تبلوراً ووضوحاً جعل الموقف الدولي أكثر صلابة في وجه أمريكا في مجلس الأمن وتبعه الموقف الأممي بالتصويت ليجعل من العالم نصفين العالم من جهة وأمريكا لوحدها في الجانب الآخر.  والملفت أن في النصف الأول من كان يوقع لأمريكا على بياض كبريطانيا مثلاً.
لم تُقنع الأردن العالمَ لا بقوتها ولا ببترولها إنما بالسياسة وصوت العقل. ولهذا يفخر الأردنيون بقيادتهم وسيبقون.  وبانتظار عودة الرئيس الأمريكي عن قرار وإن كنت أشك بهذا سيبقى الأردن يخاطب العالم بالحجة والمنطق وباللغة التي يفهمون. وبهذا تعود فلسطين إلى الواجهة السياسية بتوهج جديد مدعومة بموقف عالمي لم يسبق أن توحد حول هذه القضية قبل هذه الفترة كما يفعل الآن. فرب ضارة نافعة.
إن كان للباطل جولة فللحق جولات وإلى لقاء قريب بالقدس عاصمة فلسطين لنصلي سوياً فيها إن شاء الله.

alkhatatbeh@hotmail.com

الثلاثاء، 19 ديسمبر 2017

زواج البدل

زواج البدل
كنت قد نسيت هذه الظاهرة التي كانت سائدة لمنتصف القرن الماضي، أقصد زواج البدائل  لولا أن ذكرتني بها أغنية لعبده موسى رحمه الله عن الموضوع. سأذكرها لكم بعد قليل.
تقوم فكرة زواج البدائل أن يتم الاتفاق بين عائلتين وعلى الأغلب من الأقارب على أن يزوجوا بناتهم لأبنائهم أي البنت لابن عمها فلان وأخت علان لأخ العروس الأولى فلان بدون تكلفة مادية تذكر رغم قلتها إلا مما يلزم من احتفالية العرس.  ولا أدري إن كان يتم الاتفاق على مهر معين أو لا، لكن لا أعرف أن أحداً قبض شيئاً فعليه منه.   وبهذا كانت تنتقل العروس من الغرفة الفلانية إلى الغرفة العلانية وكذلك الطرف الثاني ويفيق الجميع ثاني يوم وإلا في عندهم بنفس (الحوش) عروسان  وعروستان. ودمتم.
ولكن هذه الظاهرة التي بدأت بالاختفاء تدريجيا بمنتصف القرن الماضي قد امتدت لمن هم خارج العائلة ليشمل عائلات من عشيرة ثانية وقد كان من العيب أن يتكبر أخو العروس على أخت العريس الأخر ان كان يوجد عندهم بنات على وجه جيزة. فيتم البدل ايضا بنفس الطريقة. وكانت طبعا أن تقوم كل أسرة بتجهيز عروسها للطرف الأخر.
كما اسلفت قلت الظاهرة واختفت لاحقا لما فيها من مثالب أهمها أيضا تبادل الزعل فإذا غضبت أحداها تزعل أخت العريس على زعل أخيها وتذهب  لبيت أهلها.
نعود لأغنية عبده موسى وهي  على لحن  بس ارفع ايدك ؛ سلم سلام احباب  بس ارفع ايدك"  تقول كلمات الأغنية كما حفظتها
هبت خاشيته
هبت خاشيته
لما نزل من اطرمبيله
هبت خشيته.
واخذ هويته
واخذ هويته
دفع خواته الثنتين 
واخذ هويته.
الخاشية هي العباءة أو البشت.
اطرمبيل  السيارة.
هويته يعني معشوقته أو حبيبته
هي تتحدث عن ابو خاشية ومعه سيارة ومطقم تجوز هويته  (معشوقته) ولم يدفع مهر بل دفع خواته الثنتين  كبدل. هذا النوع من البدل لم أسمع به؛ أنا كنت أعرف بنت ببنت أما بنت بثنتين  ما سمعته. 
ورغم طربي للأغنية ومحاولتي لتسجيلها إلا أنني لم يعجبني هذا النوع من البدل ؟ هو بيع بنات كالرقيق؛ ومن يدري  فربما كان فيد (مهر) العروس الحلوة بنات ثنتين أو ربما ثلاث.  وأبو خاشية روح معنقر عقاله بعد هذا البدل النخس.
تواصلت مع الأستاذة نبيلة غيشان لتسجيلها من الاذاعة فقال بصعوبة ذلك ولكنها وعدت ببثها ذات مرة ببرنامجها لأسجلها على التلفون. بحثت عنها على اليوتيوب  ما لقيتها.
ما رأيكم ؟ بمثل هذا النوع من الزواج القديم.


الأربعاء، 13 ديسمبر 2017

الأسئلة الموضوعية

فكرة الأسئلة الموضوعية ( الدواوير، وحلقلي تحلقلك) أقصد التوسع فيها بدأ بنهايات الثمانيات من القرن الماضي؛ وتفتق عقلية وزير التربية ب 1978 الى فكرة الأسئلة المقترحة كمان حتى تزيل الرهبة من التوجيهي عند الطلاب.
واذكر ببداية ب 1978 وكنت بتللك الفترة بمدرسة بنات كفرسوم أن جاءت أسئلة القواعد 30 سؤالا بحيث يختار منها 20 سؤالا للامتحان. وكان هذا فرجا للطلاب فقد ضمنوا النجاح اذا ما جمعناها مه قطعة القراءة بالسؤال الأول؛ وتراجع الاقبال على سؤال الكتابة ؛ وكنا نجد اثناء التصحيح الدفتر فارغا من سؤال الأنشاء وتنجح الشباب ويمشي الحال. والحديث هنا عن من يبحث عن النجاح. لاحقا تطور الأمر لييصبح عدد اسئلة القواعد الموضوعية الى 80 ثم زادت الى أكثر من ذلك مع بقاء الاختيار واردا. وتطور الأمر ليشمل باقي المواد.
المهم أذكر أننا كنا نتداول نكتة أنه على هالحالة سيصيبح سؤال الإنشاء (الكتابة) ايضا موضوعيا واعتبرناها نكتة لاستحالتها. الان والحمد لله بالشامل اصبح السؤال موضوعيا بالكتابة. ولا أدري إن كان الانشاء ايضا موضوعيا بالتوجيهي مثل الشامل.
ولسا نتساءل لماذا الالعلم في تراجع. طلبة لا تكتب شيئا باللغة فكيف يكون الحال؟ الامتحانات كلها اصبحت حلقلي تحلقلك.
قبل فترة سمعت عن استبيان لوزراة التربية تحشد فيه مؤيدين للموضوعي (الدواوير) في التوجيهي وهذا يعني أنه كان توقف لفترة والنية تتجه لإرجاعه.


الثلاثاء، 17 أكتوبر 2017

العشائرية والعشائر

أعتقد والعلم عند الله أن هناك فرق كبير بين العشائر والعشائرية. فالعشائر مكون اجتماعي لا يخلو منه أي تجمع سكاني. كل خلق الله عشائر
العشائرية كما أفهمها هي التمترس حول أحقية ابن العشيرة لكل مناصب الدولة ان قدر لأحد أبنائها ان يتبوأ منصبا معينا في جهاز الدولة سواء استحقوا ذلك او ركبوه في لحظة استقواء على الدولة
ومن العشائرية ايضا هي الفزعة لابن العشيرة على مبدأ وهل انا الا من غزية
هذه الأنماط العشائرية هي من تقف في وجه اي جهد إصلاحي الا اذا مر من بوتقتها هي فقط أو تمثل في نسبة معينة من أبنائها في جهاز الدولة. و يا ما قرأنا عن تساؤلات حول نسبة العشيرة الفلانية في التشكيل الحكومي الجديد ونسمع عن زعل العشيرة الفلانية نتيجة التهميش او لان نسبة العشيرة الفلانية اكثر منها
قرأت ما نسب لدولة الفايز في مؤتمر الشفافية فوجدتني التقي معه بموضوع العشائرية ان كنا حقا نريد الإصلاح الفعلي . ولم أقرأ انه تطرق للعشائر كمكونات ابدا فهو ابن عشيرة وشيخ مشايخ. وقرأت قبل قليل على شريط الأخبار تأكيد دولته على اعتزازه بالعشائر
السؤال لماذا هذه الحساسية من اي اقتراب للعشائر ولو بعيد؟ هل أصبحت منطقة ممنوع الاقتراب او التصوير حولها؟ هل أصبحت مثلها مثل باقي الممنوعات اردنيا وهي كثيرة ؟ 

الاثنين، 31 يوليو 2017

البُقجِة


البُقجِة كلمة ظهرت مع فترة اللاجئين وهي صرة ممن القماش فيها ما هب ودب من الألبسة المستعملة وكذلك الأحذية وطبعا كله مستعمل. لكن الملفت للنظر هي أن هذه الألبسة بقياسات مختلفة وقد لا تستفيد منها الأسرة فيتم مبادلتها مع عائلات أخرى,
هذه الأيام دخلت البقجة على التجارة ولكن على شكل حاويات.
عندما تشتري قطعة المفروض أنها شاحن تلفون ب 5 ليرات ولما توصل البيت تجدها لا تعمل توقن بأن هذا الشاحن إنما جاء بحاوية من الصين بثمن أقل من البخس. وكنت دائما أسأل نفسي عن ثمن هذه القطعة من الصين لتباع ببيادر وادي السير ب 5 ليرات ولو فاصلته بوخذها ب 3 ليرات؟ مثل هذه القطع إنما تكون بوكالة كوكالة عبد الغفور البرعي بالمسلسل.

حتى تكون ال 5 دنانير ثمنا مربحا فيجب أن يكون ثمنها بلاش الا ربع.

الأحد، 18 يونيو 2017

ابن معاليه


دروس من قصة ابن معاليه المظلوم
لم تكن قصة ابن معاليه الأخيرة أول القصص ولن تكون الأخيرة؛ فمنذ أن وعيينا على هذه الدنيا ونحن نعرف أن دولة /معالي/ سعادة فلان هو ابن دولة/ معالي/ سعادة فلان رحمه الله أو أطال عمره. ربما كان في الأحداث الأخيرة وبعد الانفجار الالكتروني فرصة أكبر للتعرف على أبعاد أخرى للقضية غير التعيين الوراثي.  
أول هذه الأبعاد هو على ما يبدو أن لهذه الطبقة فَهمٌ آخر للآية الكريمة "وأمرهم شورى بينهم" فتم التركيز على (بينهم) لتنحصر البينية بينهم هم فقط، فتجدهم يبدون استغراباً واستهجاناً كبيرين عندما تتناول العامة قضية تخصهم هم، أي خارج بينهم. ولأن الأمر بينهم فإنه يتم حل هذه المسألة بينهم أيضاً وينتهي الأمر بينهم بأن يتم أثناء تبادل بوسات اللحى عبارات مثل أن الأمر ليس كما ظهر وكما قيل أو كما فهمه العامة  من الناس؛ والله يلعن الشيطان وساعته.
ثاني هذه الأبعاد هو أنه وبعد قبول  العامة بتبرير جماعة بينهم بأنه ليس من الإنصاف أن يتم تجاهل ابناءهم بالوظائف بسبب آبائهم فابن السياسي  سياسي؛ إلا أن الجديد بالأمر على ما يبدو هو عدم اشتراط الدوام لابن معاليه ولأول مرة نسمع بمنصب لا يشترط فيه الدوام إلا آخر الشهر؛ فغبطناهم، فهم لهم نظام خدمة مختلف عن باقي شرائح الموظفين. لقد كان لقب مستشار يعطى لموظف قديم سنة أو سنتين قبل أن يحال للتقاعد ؛ ولهذا كان يحرص على الدوام قبل كل الموظفين حتى يثبت أنه حي يرزق؛ أما الدوام عن بعد فهذه بدعة جديدة.
ويأتي تسريب مثل هذه الأخبار  ليؤشر إلى قضيتين أراهما مهمتين الأولى أن هذه الطبقة (جماعة بينهم) لم تعد تتمتع بخصوصية ممنوع الاقتراب أوالتصوير فأخبارهم أصبحت تُسرب للصحافة ويجب عليهم الانتباه لهذا. والأمر الثاني يطرح تساؤلاً عن الهدف من تسريب مثل هذه الأخبار القديمة في وقت معين؟ فهل من سرب أو أغمض عينيه عن هذا الأمر واحد منهم لم ينله نصيب من الكعكة فأراد أن يقول أنا هنا أيضا؟ وهذا يدل على أنه ليس أفضل ممن سبقه؛ هو فقد يريد نصيبه.
ومهما يكن من أمر إلا أن هذا يدل على أن جماعة (بينهم) أصبحت تكبر بحيث أن من المستحيل إرضاءهم في نفس الوقت ويجب تدوير أو تقصير عقد الاستشارية أو استحداث منصب مستشار مستشار عندها يمكن حل مشكلة الكثيرين من هذه الطبقة.
بعد هذا التناول ازددت قناعة بأن الأمر بينهم هم فقط ونحن (كثار غلبة).  أي إحنا شو دخلنا.


الخميس، 1 يونيو 2017

الرئيس بوتين في العراضة السورية

الرئيس بوتين في العراضة السورية
إن من أهم النتائج غير المباشرة التي نتجت عن مؤتمر القمة ثلاثي الأطراف مع الرئيس الأمريكي هي أنها فتحت الباب على مصراعيه لتحالف جديد مشروع (ربما) وهو بين الشيعة وروسيا ومن ترغب من الدول الأخرى الراغبة ذات المصالح المشتركة.  لهذا ستكون منطقتنا وقود الصراعات القادمة بين الأقطاب والتي بدأ التخطيط لها منذ زمن.  فالأقطاب لها أجنداتها طبعاً وباقي الأطراف ستنال الفتات. وبما أن اللعب أصبح عالمكشوف وأصبحت الدولارات هي الهدف فليس مستغرباً أن ترى الرئيس بوتين يرقص العراضة السورية وهي لا تختلف كثيراً عن العرضة السعودية؛ وليس مستغرباً أن نرى الرئيس الروسي بوتين يلبس شروالاً سورياً ويحمل بيده سيفاً ويهتف بعلو صوته : صلوا على محمد ؛ مكحول العين وعاليااااااااااا ؛ عريس الزين يتهنى.  ليس المهم الاتقان ولكن الدولارات تبيح المحظورات على رأي سيدنا الشيخ محمود غريب رحمه الله.
المهم خاض الكثيرون بأمر المؤتمر الأمريكي السعودي الخليجي الإسلامي ونتائجه وما هو قادم من أمور، لكني بصراحة لا أرى ما يجري يختلف عن ما جاء بقصيدة الجزية (Dane-Geld)  للشاعر (Rudyard Kipling) فهي تلخص العلاقة بين الدول القوية المتغطرسة من جهة والدول الضعيفة الغنية مالياً من جهة أخرى فهو يراها  ابتزازاً مالياً فقط.  وحتى يتحقق مراد الطرفين يبرر هذا الطرف ابتزازه والآخر يبرر خضوعه ويسوقون المسوغات لكلا الموقفين. يمكن البحث عن القصيدة وقراءتها بالانجليزية لمن يرغب.
تقول القصيدة في المقطوعة الأول بلسان حال الأمة القوية المبتزة المغرورة بقوتها "لقد غزوناكم من قبل ونحن مستعدون لهذا ثانية  إلا إذا دفعتم لنا الجزية لنذهب" والتبرير بالمقطوعة الثانية؛ فتقول الأمة المغرورة بقوتها " كل ما عليكم هو دفع المال وبالتالي تجنبوا نفسكم عناء الحرب".
أما الأمة الضعيفة الخاملة فيأخذها الغرور بثرائها فتقول في المقطوعة الثالثة " نعلم أن علينا أن نحاربكم ونهزمكم ولكننا حقيقة مشغولون بما لدينا من أمور؛ لهذا - تقولها بعنجهية- سندفع لكم الجزية لتذهبوا" ويقول الشاعر بالمقطوعة الرابعة " وهذا ما يسمى دفع الجزية؛ ولقد اثبتناها مرة بعد مرة أنه إن دفعت الجزية مرة واحدة فلن ينتهي هذا الابتزاز."
ويمهد الشاعر لنصيحته الأخيرة بالمقطوعة الخامسة بأن من الخطأ لكل الأمم وخاصة الدول الضعيفة الثرية أن يأخذها الغرور الزائف وتخضع للابتزاز والتحرش من الغير، ويجب أن يكون ردها  وهنا ينتقل للمقطوعة السادسة "  لن ندفع لكم أي مبلغ مهما كان تافها بالنسبة لنا لأن الأمم التي تدفع الجزية هي أمة منتهية وستزول."
لا أدري لماذا لم يقدم الشاعر النصيحة أيضا للدول القوية المحتلة بأن تتوقف عن الابتزاز؛ ربما لأن النصيحة ستذهب أدراج الرياح؛ فللقوة غرورها القوي. لكن ما أعرفه أن نصيحته للدول الغنية الضعيفة لم تُستجب أيضاً، وذهبت دعوته مع الريح.
وبالعودة إلى مؤتمر القمة الأخير كان تخوفنا ليس على المليارات التي تم ضخها في ميزانية الولايات المتحدة تلقاء بزنس الحماية؛ فهم أصحاب المال ولا نملك الاعتراض على قراراتهم. لكن الخوف هو من الهدف الريس منه.  فعندما وضح أن الهدف ليس حماية السعودية أو الخليج فقط ولكنه حلف لما يسمى بمحاربة الإرهاب وتحت هذا المسمى يتم قوننة التدخل في شؤون الدول الأخرى كما يتم حالياً؛  رغم ورود ببند في البيان الختامي ضد التدخل في شؤون الغير؛ فهذه الصراعات في دول ما يسمى بالربيع ما كان لها أن تكون دون تدخلات من الخارج. من السهل جداً إشعال فتيل الفتنة في أي بلد عربي ويُسمى لاحقا إرهاباً ويبدأ مسلسل تدمير هذا البلد أو ذاك.
أما الخوف الثاني كما أشرت بالبداية فهو فتح الطريق لحلف جديد أو ربما أحلاف أخرى تجد نفسها مقصودة مباشرة بهذا التحالف؛ فلماذا لا تتحالف هي أيضا تحت أي مسمى فالاسم لا يهم هنا. ويجب القبول بهذه الفرضية وإن لم تعجب  الحلف المقابل. ولا نستغرب عندها أن نرى أن بعض الدول التي انضوت تحت الحلف الاسلامي الأمريكي تقفز الى الحلف الآخر إذا كانت المكافأة أكبر هناك.  لقد حيرت تركيا مثلاً عقول العلماء منذ بداية الأزمة السورية وهي تارة مع هذا وتارة مع ذاك.

الله وحده أعلم كيف سيكون سيناريو الأحداث القادمة، والخشية أن نكون نغوص بالفوضى ونحن نظن أنفسنا على طريق النجاة.

الأربعاء، 17 مايو 2017

الباشا يريد أن يبقى باشا

الباشا يريد أن يبقى باشا
بداية يجب التأكيد على أن لفظة باشا وإن كانت تركية لغوياً إنما جاءت وبعد البحث والرجوع للويكبيديا من الكلمة الفارسية (شاه) وأعتقد أن التركية أضافت لها باش  فجاءت باشا؛ ولا أعتقد أنه لها علاقة بالأحذية أو ما شابهها فلا يُعقل أن تقبل جنرالات الجيوش التركية وغيرها من كبار البلد وكراسيها لاحقاً بهذا اللقب لو كان كما يشاع عنه من معنى.
بالتراث الأردني نعيد القارئ للمثل المعروف الذي نتداوله بيننا " فكرنا الباشا باشا: اثاري الباشا زلمة". ويبدو ونتيجة تسارع الأحداث وتغير الظروف قد طال هذا المثل أيضاً بعض التغيير بالمفهوم؛  فهناك رفض كبير من قبل الباشوات له وأدخلوا عليه بعض التعديل بحيث يبقى باشا على طول وليس فقط زلمة حاف : يعني زلمة باشا. وكذلك فقد توسعت مداركنا بأن ضممنا إليه المسؤولين الكبار كلهم وليس فقط من مُنح اللقب وظيفياً وهنا يمكن ضم أصحاب المعالي  والعطوفة والسعادة ضمن هذا التصنيف.
لا نمانع في اللقب فنحن في بلد يعشق الألقاب جداً ونحن نخلعها على من يقابلنا ربما ليس حباً فيه ولكن حتى نشعر مَن حولنا بأننا نعرف فلان باشا أو فلان بيك (أفندي  ما حدا جاب سيرتها) وهذا يعيدنا للتراث أيضاً حول الرجل الذي أراد أن يوهم الآخرين بأنه يعرف الباشا فخسر ما خسر نتيجة لذلك. وثاني الأسباب لخلعنا الألقاب على من يقابلنا هو أننا نريده أن يخلع علينا نفس اللقب  فنصبح بيك مقابل بيك أو باشا مقابل باشا.  شخصياً أخلع على معظم من يقابلني لقب باشا فأنا من هذا المجتمع وينطبق علي بيت الشعر التالي:
وهل أنا إلا من غُزية إن غوت//   غويت، وإن ترشد غُزية أرشد
وتتحمل الدولة أيضاً جزءاً من المسؤولية تجاه هذه القضية لأنها تضفي عليهم هالة كبيرة أثناء الوظيفة  وتحمل همهم حتى بعد ترك الوظيفة ؛ فبالإضافة  لكل الامتيازات التي يحصلون عليها أثناء الوظيفة تراها ( أي الدولة) تسعى  كما قال الفنان موسى حجازين لتوظيفهم بالقطاعات الأخرى بعد التقاعد  فيبقون على نفس الامتيازات الاجتماعية وهي الهم الأكبر طبعاً وتتقدم حتى على الجانب المادي.  لهذا يبقى المسؤول السابق بنفس البرج العاجي الاجتماعي.
وبالمناسبة ليس حسداً بما هم فيه حتى لو حاولنا ذلك، فالحسد كما أفهمه يكون بين أفراد الطبقة الواحدة بمعني أن يمكن لباشا أن يحسد باشا آخر أو صاحب معالي يحسد صاحب معالي أما ما نكتبه نحن فلا يقع بباب الحسد، إنما مناقشة لظاهرة منذ القدم ولا أظنها زائلة قريباً لأننا نحن عامة الشعب من نقدمهم لا بل نسعى إليهم ليتقدموا جاهاتنا ويتحدثوا باسمنا بكل مناسبة حتى لو كانت زيارة لمسؤول كبير.
أنا أعتقد وأجري على الله أن كل امتياز (بما فيه اللقب) يحصل عليه أي مسؤول أثناء الوظيفة يجب أن يكون لوظيفته وليس لشخصه الكريم (مع وافر الاحترام) بمعنى أن يكون امتيازاً وظيفياً يتركه بعد مغادرة هذا المنصب حتى لو ذهب لوظيفة أخرى ولا يجوز أبداً أن تنتقل ملكية هذه الامتيازات له وتسجل باسمه شخصياً فهي ملك للمنصب ولمن جاء بعده. وربنا يفتح عليه بمؤسسة أخرى بعد ترك المنصب يرأس مجلس إدارتها ويبدأ عهده بسيارة كأول الغيث طبعاً.
 وبمناسبة الامتيازات أستغرب مثلاً عندما أسمع بمسؤول بدأ عهده بسيارة جديدة ؛ هل جاء للمؤسسة سيراً على الأقدام أو بباص مؤسسة النقل العام بحيث يحتاج لسيارة بمجرد جلوسه على كرسي المؤسسة ؟ أو أن المؤسسة فقيرة ولا يوجد بها سيارة لتقل سيادته أو عطوفته أو معاليه لبيته؟
وأستغرب أيضاً مسألة تحسين الوضع التي أسمع بها (غير موثقة بصراحة) ولا أدري مدى صحتها؛ لكن هذا الأمر إن صح يطرح التساؤل التالي: ألا يجوز أن يصبح المرء وزيراً أو عيناً أو نائباً ويسكن بيتاً متواضعاً مثلاً أو بقرية نائية؟ لماذا يجب أن ينتقل فوراً للعاصمة !! ولماذا يتوجب على الدولة نقله لفئة أو مجتمع الباشوات بيوم وليلة؟
ربما نكون قد اعتدنا على كبار القوم ولكن مشكلتنا هذه الأيام هي بتدوير أبنائهم. وبالعودة لأصل المثل التراثي حول الباشا أسأل معالي / سعادة / عطوفة  الباشا إن كان يفضل أن يبقى باشا أو زلمة حاف  مثلنا أقصد بعد ترك المنصب.
ولأن الأمور غير خاضعة للتعميم فإنني أتقدم من كل باشا خدم بلده بصدق وهو في موقع المسؤولية وعاد بعد التقاعد إلى صفوف أهله مواطناً صالحاً كما كان وعاش معهم بدون ألقاب؛ فالألقاب بعد التقاعد يمنحها الشعب وليست الدولة.   



السبت، 13 مايو 2017

معضلة الإعلام الديني الأردني (1)

معضلة الإعلام الديني الأردني (1)
قادني نقاشٌ عابر مع أحد الأصدقاء ذات لقاء عن داعش ومن لف لفهم إلى التساؤل عن مدى نجاح الجهود الدعوية الإعلامية الأردنية لتوعية الأجيال دينياً؛ وتفرع منه أيضاً الحديث عن كثرة حوادث القتل والانتحار التي نسمع عنها في مجتمعنا. والمتابع للإذاعة يسمع البرامج الدينية يومياً.  وكان السؤال لماذا كل هذا ونحن لا يكاد يمر يوم بدون برنامج ديني؛ ومن الغريب أننا نسأل في  هذه البرامج عن كل شيء متحريين الحلال والحرام بخصوص العبادات ونغفل عن المعاملات اليومية باستثناء ما يتعلق (بالقروض) التي تشغل  بال الكثيرين.  تزدحم شوارعنا الأردنية باللافتات الروحانية التي تدعونا للاستغفار والتسبيح ومراجعة أسماء الله الحسنى بالشوارع الطويلة بالمدن ولا نرى لافتة تشير  للجانب السلوكي؛ فما الذي يجري بمجتمع لا تسمع ولا ترى فيه إلا مظاهر التدين ؟ ولماذا لا تترجم هذه المظاهر سلوكياً؟
باعتقادي وكمدخل للحديث حول هذه الظاهرة أن المجتمع و الإعلام الرسمي الأردني متأرجحان بين مصطلح الدولة المدنية والدولة الدينية؛ ورغم كل مظاهر التأكيد أن الدولة المدنية لا تمس المعتقد الديني للشخص إلا أن هناك خوفاً كبيراً من أن لا يكون هذا هو الصحيح؛  ولهذا تحرص الناس أشد الحرص على الظهور بكل مناسبة على أنها مجتمع ديني كتلك الحملة الشعواء التي قادها البعض عندما اختفت كلمة الديانة من البطاقة الذكية واعتبرت طمساً للهوية الدينية رغم توضيح الدائرة بأن الديانة موجودة بالملف وستظهر عند طلب الهوية؛ وكنتُ أتساءل دائماً هل سيكون دخول الجنة والنار (عالهوية) مثلاً!!  ناهيك عن رفض كل ما أشيع عن النية بتنظيم مهرجانات كمهرجان الألوان والبيجامات رفضاً دينياً باعتبارها أعياد الكفار وليس لسبب اجتماعي أردني صرف.  لهذا يحار المواطن أحياناً كثيرة بأمره هل هو بدولة مدينة أو دينية.
وتشكل الموسمية في الطروحات سبباً آخر لعدم نجاح الإعلام الديني بشكل كامل. لا يوجد برنامج طويل الأمد لهذا الإعلام باستثناء محاولة وزارة الأوقاف الأخيرة لتوحيد خطبة الجمعة حتى توحد الخطاب الديني؛ وهذه أيضاً تجد أحياناً معارضة حتى من الخطباء أنفسهم. وأقصد بالموسمية هو أننا إن سمعنا بحالات انتحار مثلاً نجد كل البرامج تتحدث عن الانتحار على أنه حرام شرعاً؛ وتكثر حالات القتل فنسمع البرامج تتحدث عن حرمة قتل النفس إلا بالحق. وتأتي التعليمات بمحاربة الفكر الداعشي فيصبح الحديث كله عن الوسطية. والملاحظ بالأمر أن الحديث كله شرعي وليس اجتماعياً أو نفسياً، فلا نسمع رأياً لعالم اجتماع أو عالم نفس يتحدث حول هذه القضايا باستثناء محاولة البعض لتسييس هذه القضية والقول بأن الجوع سبب رئيس في الانتحار أو حتى الالتحاق بداعش. نسأل عن رأي دائرة الإفتاء بكل صغيرة وكبيرة ولا يهم بعدها أن نعمل بالفتوى أو لا. وهذه النقطة تقود لما بعدها وهو غياب الرأي الآخر.
وفي خارج الإطار السابق يسرح الإعلام المضاد ويمرح الرأي الأخر. نعم، هناك بعض الفئات من لا يقبل بفتوى دائرة الإفتاء ولهم فتواهم الخاصة في كل الأمور وهذا ليس بخاف على أحد فلماذا لا نصل إليهم ونحاورهم أو نبين بطلان حججهم أمام جماعاتهم وليس على منابرنا نحن. لماذا تبقى بعض المساجد حكراً على خطباء معينين ولا يقربها غيرهم. لقد شكى الكثير من المصلين على البرامج الدينية من أن الشيخ فلان قال كذا أو فعل كذا بالمسجد أو امتنع عن كذا مدعياً أنه ليس من الدين. فلماذا يترك لهم الحبل على الغارب؟  وأذكر أن أحد الخطاء المشهورين نبه إلى مثل هذا ذات مرة بأن هذه الفئة لا تسمعنا ولا تصلي معنا فكيف سنحاورهم؟ والسؤال هنا هل يعمل هؤلاء بمساجد وزارة الأوقاف أم بزوايا خاصة لا تصل إليها يد الوزارة؟  أين سياستنا الوقائية من كل ما يجري.  لا يجب الاكتفاء بالدعاء بأن ينير الله قلوبهم فقط.
نقول ما قلنا ونحن نعرف صعوبة الانتقال إلى الدولة المدنية وربما سيأخذ الأمر وقتاً طويلاً ما دام يوجد بين صفوفنا من يشكك بكل ما تقوم به الدولة تجاه هذه الخطوة. ولهذا سيبقى الإعلام الديني يلهث ولا يحقق الكثير حتى إن قال منظموه أو منظروه بأنهم نجحوا بذلك.
___
(1)  لقد تحدثت عن النموذج الأردني حتى لا أتهم بالتدخل بشؤون الآخرين مع يقيني أن الحال لا يختلف كثيراً بباقي الدول العربية.




السبت، 18 مارس 2017

الراعي الرسمي للمسجد

الراعي الرسمي للمسجد
من الذكريات المفيدة بأيام الجامعة الأردنية أتذكر ما قاله معالي الدكتور عبد السلام العبادي أطال الله في عمره بإحدى محاضرات مادة نظام الإسلام عام 1975 عن موضوع خُطب الجمعة للمشايخ زمان (زمان كانت تعني بالخمسينات من القرن الماضي) أنه لم تكن للكثير من الأئمة رواتب من وزارة الأوقاف، وخاصة المعينين بالمناطق البعيدة؛ لكن قيل لهم أن الناس طيبون وما راح (يقصروا معهم)؛ لهذا  كانت معظم الخُطب تنصب بتلك المناطق على الصدقات والدعوات للولائم وخصوصاً تلك التي يُخص بها الأئمة وأهميتها للدخول للجنة من أوسع الأبواب. وقد سمعنا الكثير من القصص والنوادر حول هذه المسألة؛ وأذكر أن أحدهم قال قبل أن يتوجه لآخر المسجد لجمع ما تجود به النفس أن على الأمة أن تدفع للإمام ما يكفيه ستين عاماً؛ وكانت الأمة بالنسبة له من حضر بالمسجد بتلك اللحظة.
ما دفعني للحديث حول هذه الظاهرة أنها لم تختفي أبداً ولكنها أخذت شكلاً جديداً بعد تنظيم عمل الأئمة ودفع الرواتب لهم من قبل الدولة كموظفين. والشكل الجديد هو أن هذا التسول أو التبرع الذي يؤخذ بسيف الحياء إنما أصبح ظاهرة واضحة في العديد من المسجد باستثناء المساجد الرئيسة بالمدن الرئيسة أيضاً.  إذ لا تكاد خطبة جمعة تخلو من العبارة المشهورة (لا تنسوا هذا المسجد من فضل خيركم) ويعرض الخطيب مشاريع اللجنة المسئولة عنه بأنها ستدفع فاتورة الكهرباء أو تركب المكيفات للمسجد أو إنشاء مئذنة للمسجد وأخرها الدعوة للتبرع من أجل انظمة الطاقة البديلة (الخلايا الشمسية) لتخفيض فاتورة الكهرباء. ولا يتردد الخطيب أن يعلن مراراً عن عدم رضاه عن المبالغ المجموعة ويحث على المزيد لأن المبلغ المطلوب هو كبير جداً.
سؤالي ماذا تفعل وزارة الأوقاف حيال هذه الظاهرة التي تعم المساجد؟ هل تسير  على نفس النهج الذي أشار له معالي الدكتور عبد السلام العبادي (الذي شغل منصب وزير الأوقاف في حقبة معينة) وهو أن الناس لن تقصر بالتبرع لبناء المساجد وصيانتها للدخول إلى الجنة؟ إن كان الجواب بنعم سأقول  لها بأن هذه قسمة ضيزى!!  يدفعون رواتب الأئمة ويتركون صيانة المسجد علينا نحن المصلين! فلنتبادل الأدوار: نريد أن ندفع رواتب أسيادنا الأئمة ولتقم الوزارة بالصيانة فهي الأقدر على ذلك؛ ونسال الله العون بدفع راتب الإمام فهو أسهل وأخف كثيراً ويمكن أن يتدبر أمره المصلون.
سمعتُ قبل سنة أو سنتين على الإذاعة الأردنية بأن هناك ستة ألاف مسجداً منتشرة في الأردن وأتساءل هنا أي شعب يستطيع الإنفاق على هذا العدد الكبير منها؛ و لا نريد أن نناقش جدوى هذا العدد من المساجد إذا عرفنا بأنه وفي بعض المناطق يوجد أكثر من مسجد  لا يبعد إحداها عن الآخر إلا بعض المئات من الأمتار.
هنا أريد أن أرجع إلى فكرة الراعي الرسمي للمسجد والتي كان طرحها معالي الدكتور محمد نوح القضاة على التلفزيون ولا أدري أين ذهبت. وكانت تتلخص فكرة معاليه كما فهمتها هو أن يفتح باب الرعاية للمسجد من قِبل رجال الأعمال في المنطقة وأصحاب الشركات؛ فيؤجرون دينياً ويستفيدون دنيوياُ بتخفيض الضرائب عنهم؛ ولا بأس (وهذه من عندي أنا) بأن يكون هناك لافتة  مكتوب عليها بأن هذا المسجد تحت رعاية المحسن فلان أو الشركة الفلانية. إن هذا أفضل مرة من هذه الصناديق التي توضع قرب الباب لتجمع التبرعات.
لقد عملتُ في سلطنة عُمان وفي محافظة ظفار تحديداً محاضراً في الكلية التقنية بصلالة ربع قرن من الزمن ولم أشهد هذا المنظر الذي يحث فيه الإمام على التبرع لدفع فاتورة الكهرباء بنهاية خطبة الجمعة. وأرجو أن لا يتبادر إلى الذهن أن سبب هذا هو أن السلطنة بلد نفطي وتغطي الحكومة كافة نفقات المساجد. بالعكس، فإن المساجد التي تقع تحت إشراف وزارة الأوقاف  العُمانية في صلالة هي ثلاثة مساجد فقط لغاية 2015 فقد غادرت صلالة بعد ذلك ولا أدري إن زاد العدد عن هذا؛ وأتحدث هنا عن الإشراف المالي فقط؛ أما خُطَب الجمعة والتعليمات فهي من وزارة الأوقاف طبعاً.
تنتشر المساجد حديثة البناء والمصليات بطول صلالة وعرضها ويشرف عليها مالياً أصحابها الذين بنوها لوجه الله من مخصصات شركاتهم الكبرى ولهذا فهي  تحمل أسماء هذه الشركات أو أصحابها ولا يتهم أصحابها بالرياء؛ ويشمل الإشراف تعيين الإمام وخادم المسجد وكل ما يتعلق بالمسجد من خدمات ولا تنتهي خطب الجمعة بالعبارة المشهورة بأن لا تنسوا هذا المسجد من فضل خيركم؛ لكنها طبعا تحمل الدعاء للمحسن صاحب الشركة التي تتكفل بالمسجد فيكون الدعاء لمن أجرى الخير على هذا المسجد ويخلف عليه بالحلال ....الخ. 
لتعلم الوزارة والحكومة أن ظاهرة جمع التبرعات للمسجد أصبحت مقلقة و لا تليق بالوزارة والمساجد فما لهذا الأمر وجدت المساجد.  وإذا لم يكن بالإمكان العناية بالمساجد فلتتوقف الوزارة عن  إعطاء المزيد من الموافقات لبناء مساجد جديدة؛ فكاهل المواطن لم يعد يحتمل المزيد من النفقات المالية نتيجة الضرائب المتلاحقة. فالتبرع لم يعد لدفع فاتورة فقط لكنه يتجاوزه لمشاريع جديدة والحديث عن الخلايا الشمسية أولها ولن يكون أخرها  فالمشاريع والأفكار كثيرة بما أن المتبرع هو المواطن.   
لم أتحدث عن الصناديق المنتشرة أيضا بالمساجد للتبرعات للأسر المحتاجة أو الجمعيات التي يصرح لها بالإنشاء لمجرد حصولها على العدد المطلوب من الأعضاء المؤسسين ليطلق لها المجال لتجمع التبرعات أيضا.

الثلاثاء، 31 يناير 2017

نموذج المقاطعة بداية الوعي الشعبي الأردني

نموذج المقاطعة بداية الوعي الشعبي الأردني
بغض النظر اتفقنا أو اختلفنا مع حملة المقاطعة الحالية للبيض والبطاطا لارتفاع  السعر إلا أنها شكلت بداية منظمة لهذا الوعي الجديد الذي لم يعد يمشي بنظام الفزعة مستقبلاً حتى لو كان بعض منه الآن هو من باب الفزعة، بدليل الحديث عن مدى جدية بعض المقاطعين بالمقاطعة، أما دليل الوعي هو أن هذه الحملة قد أسست لحملة مقاطعة جديدة  للاتصالات.
ولا يجوز تثبيط عزيمة الناس بأنها ضد المزارع البسيط ومستقبلاً ضد السادة المساهمين بشركات الاتصالات ولاحقاً ضد المستثمرين المساكين؛ فمن يعمل ضد المزارع البسيط  وباقي الشرائح هو من لا يحميهم من جشع السماسرة أو الوسطاء ولا يوفر لهم البديل.  من غير المقبول أبداً أن يكون هذا المواطن المستهلك جمل المحامل، فيحمل هم المزارع والسمسار وبائع الجملة؛ فمن يحمل هَمّ المستهلك البسيط؟  وإذا أضفنا أن من مسؤوليات هذا المواطن أن يدعم خزينة الدولة فسيكون هَمّه أضعافاً مضاعفة.
إن سبب حملة المقاطعة وجيه جداً، وهي حق للشعب جماعات وأفراداً سواء كانوا منظمين أم لا عندما يحدث ما يهدد لقمة عيشهم أو حتى جانباً من جوانب رفاهيته؛ من قال إن حق مواطن القرن الحادي والعشرين هو مجرد لقمة العيش؟ من حق الجميع أن يقاطع وينظم نفسه بشرط أن لا يكون بطريقة تهدم المعبد على رؤوسهم ورؤوسنا جميعاً.   
لكن ومن باب النصيحة وحتى تؤتي هذه المقاطعات أكلها يجب الانتباه لبعض النقاط برأيي الشخصي المتواضع.
في البداية يجب أن يكون لهذه المقاطعة هدفاً تسعى لتحقيقه؛ ويبقى هذا الهدف ثابتاً لا يتغير فيطلب المزيد إن لمست الحملة استجابة معينة من الجهات المعنية.  إن سبب فشل الكثير من الحملات هو الانخداع بتحقيق الهدف فيطمع المنظمون بما هو أكثر إلى أن نصل الى طريق مسدود؛ عندها (والحديث ما زال عن البيض والبطاطا) ربما يفتح  باب التصدير على مصراعيه مثلاً أو أي أسلوب من ما في جعبة الحاوي، فيتم تصريف البضائع في أماكن أخرى فلا يعود للمقاطعة أثرها.  أذكر مثلاً أن أحد الشباب الحراكيين (أيام الحراك زمان) قال عندما سُئل عن هدف الحراك : ليس لنا هدف ثابت؛ فمطالبنا تعلوا كلما علا الحراك وكلما استجابت الحكومة لمطالبنا!  يعني بورصة مطالب؛ يوم نرفع ويوم نخفض.  سُقت هذا السبب لأنني بدأت أسمع أن هناك مطالب باستمرار المقاطعة حتى تصبح كرتونة البيض بليرة وربع!!
يجب أن لا تصبح هذه الحملات فرصة للبعض للظهور إعلامياً وإلى الاختلاف حول  من  يمثل الحملة ومن يحق له أن يُصَرِّح للإعلام أولاً.  فعندما يدب الخلاف حول من يمثل من يبدأ الجميع بالإنسحاب شيئاً فشيئاً فتضيع المسألة، وتنتهي المقاطعة أو تضعفها. إن من يتابع هذه الحملة على وسائل التواصل يجد هذا جلياً واضحاً؛ فبدأت بصفحة وانتهت بصفحات.  تتلقى من هذا دعوة ومن ذاك دعوة فتحتار أين تقف؛ وكأني بدور جديد قادم ينتظر المواطن الغلبان وهو إرضاء أصحاب الصفحات أيضا إضافة للكومسينجي بالسوق المركزي.
 لا يخفى على الجميع أن هناك فئة تحرص على الظهور بأي مناسبة حتى لو كانت لا تعنيها وهم كُثُر ونراهم على صفحات الفيس يرقصون أحياناً حتى للمتناقضات؛ وكأن الهدف أن يبقوا بالشارع لاعتقادهم أنهم ربما يقودوه ويصبحوا نشطاء ولهم صوت مسموع فيبدأ الهتاف (للبطاطا)  وينتهي  بشعار من الشعارات السياسية التي ملها الشارع من زمنا وأصبحت ممجوجة حتى عند أصحابها الأصليين. وهذا جلي جداً ولا يخفى على أحد.
من المهم جداً عدم إغلاق قنوات الاتصال مع الجهات المعنية؛ فالهدف ليس المقاطعة إنما هي لتوصيل فكرة ومطلب حق  للمستهلك المنهك.  لهذا من الحكمة الحفاظ على الخيط الرفيع بين المنظمين وتلك الجهات لأن الخاسر الوحيد في حالة فشلها هو المواطن الذي قامت المقاطعة من أجله هو فقط.   
يجب أن لا تصبح المقاطعة موضة بحيث تصبح مقاطعة لأي شيء  قبل الانتهاء من الموضوع الرئيس. إن كثرة "النطنطة" من مقاطعة لأخرى يفقد المقاطعة الأصلية زخمها؛ لا بل ربما يكون سبب فشلها.  يجب اختيار موضوع المقاطعة الجاد والذي يمس وجع المواطن (ولا أفرق بين اساسيات أو كماليات هنا) فلا يجوز أن تكون لأي موضوع.
وفي الختام أسوق هذه المعلومة سمعتها من الإذاعة من مسؤول بجمعيات البيض وهي أن مدة صلاحية البيض هي شهر ميلادي واحد فيجب الانتباه لتاريخ الانتاج عند الشراء  ولا ننساق وراء رخص الأسعار عند تجار البكمات الذين ينشطون في مثل هذه الأجواء.  احرصوا على اقتناء بيض نظيف صحي ممتاز ولا تسعوا  للبيض المدِّر أو الي صوصه فيه  جاهز.
تمنياتي  للحملة بالنجاح وتحقيق الأهداف.


الخميس، 26 يناير 2017

التخوف العربي من الديموغرافيا

التخوف العربي من الديموغرافيا
لا أعتقد في حدود معرفتي أن هناك شعوباً تخاف التنوع الديموغرافي فيها كالشعوب العربية ومؤسساتها الرسمية؛ فهي تحافظ لدرجة الموت  إن لزم الأمر  للحفاظ على النسيج السكاني العِرقي لبلدانها على أرضها. تتغنى هذه الشعوب والدول بالعروبة والأخوة الإسلامية والحضارة الإنسانية ولكنها تقف سداً منيعاً ضد الاقتراب من ديموغرافيتها.  لهذا فهي حريصة جداً على أصولها التاريخية  من أنها جاءت من المنطقة الفلانية أو العلانية.
فقط بالدول العربية تبقى الشعوب تذكر القادمين إليها بأنهم مجرد أغراب مهما اجتهد القائمون على سياستها باختراع الألفاظ الخفيفة للتلطيف من وقع هذه الكلمة على المعنيين فيها؛ ومهما بلغت مساهمة القادمين اليها ببناء حضاراتهم إلا أن النظرة إليهم  هي انهم مجرد أغراب عملوا بأجرة.  ومن المفارقة أن هذه الدول لا تمانع أن ينتقل أفرادها إلى دول أخرى ليكونوا أغراباً هناك أو سمهم ما شئت ولا ترى في ذلك غضاضة.
وهي الوحيدة أيضاً التي تضع كل العراقيل أمام من يختار أن يحصل على جنسية هذا البلد عندما تطول إقامته فيه. وإذا مُنِح هذه الجنسية فهو مواطن صنف ثاني أو ثالث إذ لا يحق له الانتخاب أو الترشح أو الحصول على منصب كبير إلا إذا كانت الحاجة ماسة إليه، ومع ذلك يبقى درجة ثانية ويحق للمواطن الذي يقل عنه درجات أن يتقدم عليه اجتماعياً أو بالاحتفالات الرسمية حتى بدائرته الوظيفية الضيقة حتى لو لبس لباسهم الرسمي.
وفي الدول العربية فقط يمكن أن تجد الكثيرين يعيشون كالأغراب وهم ما يعرفون (البدون) وهذا بحث قائم بذاته لأناس يعيشون في بلدهم الأم  ويحرمون من جنسياتها لأسباب  لا نعرفها؛ ربما بسبب تواجدهم بمناطق حدودية حيث تضيع حقوقهم بالمواطنة بين هذه الدولة أو تلك.  وطبعا قد تجد هذه الظاهرة بمعظم البلدان العربية وليست دولة بعينها.  
والسؤال الذي يطرح نفسه دائماً هو لماذا لا نجد هذا الخوف من الدول المتحضرة التي سعت  وتسعى لاستقطاب  المهاجرين  إليها لتعمير الصحراء وتمنحهم الجنسية ويصبحوا مواطنين درجة أولى وليس ثانية كأبناء البلد، فنسمع لاحقاً بأسماء من أصول خارجية وقد تبوأت أرفع المناصب تصل إلى درجة الرئاسة. ولا يوجد في تلك الدول من يذكر هؤلاء بأنهم أصلاً ليسوا من هنا وكلما (دق الكوز بالجرة) يتم تهديدهم بالترحيل وسحب الجنسية  أو تذكيرهم بأهم مجرد وافدين أو درجة ثانية.
السبب الرئيس برأيي هو سياسي بحت وهو الخوف على كرسي الحكم رغم التشدق الدائم بأن دولنا دولاً متعددة الأطياف أو المنابت؛ فهل ضر أمريكا أن يحكمها رجل كأوباما لدورتين متتاليتين. وهنا قد يسأل سائل السؤال التالي وهو محق فيه وهو هل تضمن لنا أن يكون ولاء الأغراب (القادمين الجدد) لبلدنا كولاء أوباما لأمريكا؟ أقول نعم نضمن ذلك بدول القانون. عندما يضمن القانون لهذا الوافد بمدة بسيطة ومعقولة أن يحصل على جنسية البلد الجديد ويصبح مواطناً كامل المواطنة.  هل يضمن القانون لهذا الوافد أن يحصل على حقه الاجتماعي فيتزوج ويُزَوِّج من أهل البلد دون النظرة الدونية له؟  هل سيبقى هناك من يلاحق هذا الوافد ليحصي عليه أنفاسه خوفا منه على البلد رغم أنه أصبح مواطناً فيها؟
لقد كانت العرب من قبل في طور البداوة وقبل ظهور الكيانات السياسية كلها أرضاً واحدة ينتقل فيها المرء  أنى شاء، ولهذا ظهرت امتدادات القبائل العربية من شرق العالم العربي إلى غربه؛ ومن النادر أن تبحث في أصول قبيلة في المشرق ولا تجد لها امتداداً في وسط وغرب هذا العالم العربي من المحيط إلى الخليج.  وعندما انتقلت هذه الدول من مرحلة البداوة إلى الحضارة وجدنا الخوف الكبير من هذا (البعبع) المسمى بالغريب.
لا أنادي بالرجوع الى نظام البداوة، ولا أشجع أن تكون حركة الناس بين البلدان العربية (سداح مداح) دون ضوابط؛ لكني أنادي بتنظيمها بحيث يصبح من أبسط الحقوق  لهذا الغريب أو الوافد أو الأجنبي أن ينال الجنسية في البلد الذي يقضي فيه زهرة عمره دون منية من أحد والسماح له بالبقاء فيها حسب القانون دون الحاجة لما يُسمى بالكفيل.  للدول العربية الحق أن تضع الشروط التي تريد من حيث مدة الإقامة ولكن إن حقق المقيم هذه الشروط  يصبح مستحقاً للجنسية دون معوقات إن أراد ذلك.
ويمكن التوفيق بين مختلف الآراء بهذا المجال بإعادة النظر بموضوع ازدواجية الجنسية؛ كما أعلم أن القوانين العربية جميعها أو معظمها حتى لا نقع بخطأ التعميم  ازدواجية الجنسية وبهذا يُحرم من يحاول التوفيق بين ممن  يتشبث بتراب بلده الأم ويحاول التمسك ببلده الثاني الذي قضى فيها عمره ونشأ فيه أولاده وترعرعوا ولا يعرفون بلدهم الأم إلا بالاسم.  أي عقوبة أشد من أن ينتقل المغترب لسنوات من اغتراب إلى اغتراب.
ما زال خبراؤنا الديموغرافيون غارقين بالبداوة التي تصر أن ما يلجأ اليهم هو قصيرهم أو مجاورهم لو أقام معهم ما شاء الله له أن يُقيم.



السبت، 14 يناير 2017

الفاتورة الضريبة

الفاتورة الضريبة
قادتني الظروف نتيجة حادث سير بسيط بعد وصولي للأردن من الاغتراب إلى محل ميزان ستيرنج لتعديل ميزانية السيارة ففوجئت بصاحب المحال يقول هل تريد فاتورة ضريبية؟ قلت لا؛ لا أحتاجها لأني سأدفعها من جيبي وليس من التأمين. عندها قال الأجرة ستون ديناراً.   وبعد الانتهاء دفعت له المبلغ وطلبت فاتورة فقال أنت قلت لا تريد الفاتورة.  فقلت له أنت تحدثت عن فاتورة ضريبية وأنا لا أريدها، أنا فقط أريد فاتورة عادية حتى أراجعك فيها إن جد بالسيارة جديد.  وبعد جدل طويل أعطاني فاتورة وهو يدعو علي لأني سأخسره ضريبة للدولة وأشك أنه سيدفعها لأن الفاتورة شكلها من الدفتر الاحتياط. وبصراحة كنت أعتقد أن الفاتورتين مختلفتين. بعده بفترة وعند الصناعية أيضاً تحدث صاحب المحل عن الفاتورة الضريبية والسعرين  في حالة طلب أو رفض الفاتورة، فلم أطلب الفاتورة طبعاً لأنني أصبحت أعرف المسألة.
خلصت من الموقفين أن هناك تحايل كبير وبملايين الدنانير تخسرها الدولة من جراء مثل هذا التهرب الضريبي السهل. ربما كنا نحن المواطنين أيضا شركاء بهذا، ولكن ما العمل إن كانت الضريبة ستكون من ظهورنا نحن وليس من ربح التاجر؟ فهل يوجد  لدى الحكومة طريقة لتحصيل مثل هذه الضرائب.
هذا التهرب لا يحصل بالشركات الكبرى فهي تدفع الضريبة من مبيعاتها المدونة حاسوبياً. لكن وجه الشبة بالحالتين هو أن الضريبة أيضاً ندفعها نحن الموطنين.  فلو أخذنا شركة من شركات الاتصالات  التي تبيع بطاقة الدينار بدينار وثمانين قرشاً لوجدنا أن الثمانين قرشا (كما قيل لنا ) هي الضريبة التي ندفعها نحن.  هنا تبرز عدة أسئلة حول هذه القضية :
السؤال الأول: هل تتابع الجهات المعنية القيمة الحقيقية للضريبة إن كانت حقاً ثمانين قرشاً أو أنها أقل من ذلك؟ تصوري أن شركات الاتصال أيضاً تستغل مسالة الضريبة وتبيعنا البطاقة بأكثر من قيمتها بحجة الضريبة. لا أصدق أن الضريبة هي 80% بالمائة للاتصالات. هل نعاقَب لأننا ( بنحكي). 
السؤال الثاني:  لماذا لا تجبر الحكومة هذه الشركات على دفع الضريبة من أرباحها المهولة التي تجنيها من بيع هذه الخدمة كما تفعل باقي الدول. نريد أن نشتري بطاقة الدينار بدينار وليس بدينار وثمانين قرشاً كما هو الحال بسلطنة عُمان مثلاً.  
السؤال الثالث : ألا تستطيع الحكومة كبح جماح وتغول القطاع الخاص؛ فنراها تتغاضى عن تقاضي هذه الضريبة من المواطن والربح من موضوع الضرائب.   إذا كان الجواب بنعم فليعطونا خيار (بدك فاتورة أو لا) على طريقة المدينة الصناعية. 
أخيراً سمعنا عن ضريبة السبعة قروش على بيع كل لتر من المشتقات النفطية ( أتحدث عن الضريبة المضافة ولا أتحدث عن بيعها) فلماذا لا تدفعها هذه الشركات أصلاً.  
السؤال الرابع لماذا لا تعلن الحكومة - حتى ندفع عن رضى - عن مدى مساهمة القطاع الخاص بمشاريع الحكومة والتنمية والوقوف على حقيقة مساهمتها في توفير فرص العمل للشباب الباحث عن عمل؟  نسمع دائماً الحديث عن وجوب مساهمة القطاع الخاص وهذا يعني أنه يجني الأرباح ويدفع ضريبتنا التي هي أصلا من جيوبنا ولا يساهم بدوره كما هو مطلوب.  ويعني أيضاً أن القطاع الخاص تاجر فقط يبيع ويشتري.
شخصيا لست ضد أن تجمع الحكومة الضرائب ولكن لتجمعها من أصحاب القطاع الخاص وليس من قوتنا اليومي.  أما إذا بقيت الحالة على ما هي عليه فلتشكرنا  الحكومة إذاً  لأننا نحن من يسهم بهذه التنمية وليس القطاع الخاص. 


بين الدين والتدين

بين الدين والتدين
مصطلح الدين والتدين أفهمه كما أفهم مصطلح الإسلام والأسلمة.  ولتوضيح الصورة أعود بالذاكرة  إلى عام 1974 وفي محاضرة التاريخ (متطلب كلية) للدكتور أحمد الشبول حيث كان يحدثنا عن الفتوحات الإسلامية، قال إن أول ما كان يحرص عليه الفاتحون المسلمون  للمدينة  هو أسلمة تلك المدينة.  وسأل بعدها من منكم يعرف  المقصود بالأسلمة؟ فأجاب الزميل "علي اسماعيل" مثل بناء المساجد" فقال الدكتور بالضبط.  إذاً فالمقصود هو إظهار مظاهر التواجد الإسلامي السياسي الاجتماعي بالمدينة.
تذكرت هذا المفهوم وأنا أتابع منذ نهايات القرن الماضي ظهور عبارات على الطرقات الخارجية  بين عمان وإربد على سبيل المثال " اذكروا الله"  وعبارات أخرى قصيرة ذات نفس الأسلوب، فنذكر الله مع الذاكرين. وعندما قُدِّر لي الذهاب لصلالة بسلطنة عُمان وجدت نفس الظاهرة مع أمكنة أخرى للصلاة مجهزة بالماء؛ ولطول إقامتي هناك تابعت نموها وازديادها كما هو الحال بالأردن. ولا أظن أن الوضع يختلف في باقي الدول العربية وربما الإسلامية.
  لكن عندما دخل هذا القرن ومع ظهور الحركات الإسلامية عموماً بدأت ألحظ ازدياداً كبيراً للظاهرة، ولم تعد تقتصر على الطرق الخارجية فقط ولكنها دخلت المرافق جميعاً إلى أن وصلت الإشارات الضوئية.  وبدأت تظهر بشكلٍ منظمٍ جداً وفيها استيلاء على المرافق العامة كالشوارع  الطويلة، فكتبت أسماء الله الحسنى مثلاً على شارع طويل مزدحم لا يمكن أن يقوم به أشخاص عاديون بجهد فردي؛ فلا بد من جهات معنية مهنية مصحوبة بمعداتها لتثبيت مثل هذه الصفائح المعدنية بشكل جيد. وربما احتاجت أيضا  للعمل بآخر الليل.  وهنا يبرز سؤال إن كان هذا الأمر يتم برعاية رسمية من البلديات عموماً (فالأمر لا يقتصر على العاصمة فقد رأيتها بإربد أيضا). ما أعرفه مثلاً أن كل مظاهر الانتخابات تزال بعد الانتخابات فلماذا تم الإبقاء على مثل هذه العبارات؟ هل هو الخوف من الاقتراب من كل ما يمس الجانب الديني مثلاً؟ أم هل دفع أصحابها رسوماً مالية لبقائها كباقي الإعلانات ؟ أكثر من شارع طويل تتوزع  فيه أسماء الله الحسنى التسع وتسعين اسما؛ إشارات ضوئية تحمل عبارات استغفروا الله أو اذكروا الله أو صلوا على النبي.  لا أمانع بتدريسها ضمن ملازم معينة بالمدارس فالاستفادة منها هناك أكثر من عرضها بالشوارع.
إذا أخذنا بالقول بأن هذه المظاهر  تقع في باب التدين فمن له مصلحة في ذلك ليظهر المجتمعات الاسلامية وكأنها مجتمات دراويش، وهنا أتحدث عن فرقة من الفرق الاسلامية فليس كل الفرق الأخرى توافق على مثل هذه الظواهر.  نعم هي طيف  واحد فقط ألا وهو الجانب التصوفي؛ فلم تحمل أي عبارة من العبارات أي دعوة تحث على العمل أو المعاملة إنما هي الاستغفار والذكر والجانب الروحي فقط؛ لا أدري أيهما أفضل على الإشارة الضوئية  تذكير السائق بالاستغفار أم عدم قطع الإشارة الحمراء مثلا؛ أليس الأفضل مثلاً أن نخبر السائق بغلق هاتفه  عند الضوء الأصفر  إلي جانب الاستغفار.  
إن الخطر في نمو هذه المسألة وإن كان ظاهرها الدروشة هو أن مثل هذا الطيف عندما يسود  ستقوده هذه السيادة إلى افتراض أنه الوحيد هنا وبالتالي هو الأفضل وبعدها الأقوى وبعدها محاولة التفرد بالسيطرة على باقي الأطياف الدينية وبالأخير رفضها. فهذا لا تعجبه صلاة الإمام الفلاني أو فتوى الشيخ العلاني  وتبدأ بعدها استقطاب  المريدين لها ولا أدري ماذا ستكون النتيجة.  يكفي  أن يكون أحدهم في المسجد ليعلو صوته منبها لهذه القضية أو تلك أو محتجاً لمجرد أنه يتمتع بالمظهر الديني . في حين يجلس حملة الدكتوراه في الشريعة  فلا يتحدثون في مثل هذه المواقف حرصاً على الهدوء بالمسجد. 
والنقطة الأخرى متعلقة بالجانب المالي . كما أسلفت أن عملية نشر هذه  الظاهرة هي عملية منظمة ولا يمكن أن تقوم بها أفراد فقط. ولا بد لها أيضاً من دعم مادي  فمن ينظم ومن يدفع؟ وهل يجوز مثلاً تلقي الاموال من جهة معينة بحجة نشر الاسلام وهي في الحقيقة تروج لجماعةٍ أو لمذهبٍ فتح الله عليه بخير وفير.   فهل يمكن القول أن الدول تغض النظر عن هؤلاء؟ ولماذا؟
وأخيراً هل مجتمعاتنا الإسلامية  بحاجة لمن يذكرها بذكر الله وباستغفاره بهذه الطريقة؟  القضية كما أراها  هنا هي إظهار الشيء للغير أكثر من المعنيين ذاتهم. وهنا السؤال أيضا إذا كانت الأسلمة  (المساجد والمآذن) التي تحدثت عنها بالفقرة الأولى كمدخل للموضوع إشارة لمن يدخل مدننا بأنه يدخل مجتمعاً إسلامياً فهل هذه الظاهرة التدينية هي إشارة للداخل  وليس الخارج بأن هذا المجتمع لهذه الفئة من المسلمين؟  كذلك فإن المساجد والمآذن ظواهر معروفة عالمياً ولا تحتاج لترجمة في حين أن العبارات والكتابات كلها بالعربية فهل هي للعرب فقط أم ستتم ترجمتها لاحقاً حتى يفهمها غير العرب؟ 
إن الأمر تطور جداً حتى غزا مواقع التواصل الاجتماعي والاتصال كذلك؛ فأصبح تداول المنشورات الدينية وخاصة الأدعية أو التي تحمل عبارات الوعظ والإرشاد الروحي يطوف العالم وكلها تحمل ذات الفكر ولا تحمل في ثنياها ( التي جاءتني ) أي دعوة للعمل  الفعلي. بات يشعر مناصروها أن قمة الدعوة للإسلام هي نشر هذه المواد والفيديوهات مع التذكير بضرورة نشرها لأصدقائنا هو المطلوب.
فهل هذا هو المطلوب للمرحلة القادمة في المجتمعات العربية؟
  

الدين كما اراه هو باختصار كما جاء بالحديث " الدين المعاملة" وما أراه بالطرقات هو التدين. وهناك فرق طبعا.