الخميس، 25 يونيو 2020

الرجاء عدم الوقوف أمام المنزل

إلى مدى يحق لصاحب المنزل أن يضع مثل هذه اللافتة ليطلب من الناس عدم الوقوف امام المنزل! لا اتحدث  عن مدخل جراج سيارة إنما عن سور طويل عريض.. أين ستقف اذا كانت عمان كلها لافتات من هذا القبيل.
اعترض أحدهم مرة على وقوفي فاتصلت على الشرطة فقالوا لي ولا ترد عليه. ممنوع ان تعيق حركة السير  فقط. بعدها صف وين ما بدك.
تبقى قضية العُرف مسألة أخرى.

الاثنين، 22 يونيو 2020

التعليم عن بُعد



سأخالف المعهود وأبدأ مقالي هذا بما يجب أن أختم به وهو التوصية؛ كانت لي مداخلة الاسبوع الماضي على برنامج متابعات بالإذاعة الأردنية حيث كانت الضيفة عطوفة الدكتورة نجوى قيبلات الأمين العام لوزارة التربية والتعليم وكانت الحلقة عن التعليم عن بُعد.  قلت لا اعتراض لدي على برنامج التعليم عن بعد أبدًا ولكن ستكون الفائدة الحقيقية منه لم تتحقق إن وجدنا أنفسنا العام القادم في حيص بيص وفي حيرة من أمرنا إن نفذت نقابة المعلمين تهديها وأعلنت الإضراب. وفي ردها على المداخلة أعتقد أنها لمحت لجاهزيتهم لهذا الوضع.  ارتحتُ لوصية أوصلتها وأرجو أن أكونَ فهمتُ تلميحات عطوفتها بشكل صحيح.
وبالعودة للتسلسل المنطقي للمقالات أستعرض على عجل بعبارات قليلة خلفية التعليم عن بُعد بالقول أن هذا النوع من التعليم لم يكن أبدا بِدْعًا من الأنواع بل قديمٌ ومن القرن الماضي لكنه كان باتجاه واحد ( one way) كما هو الحال بمنصة درسك حاليًا مثلاً؛ فقد درسنا ودرسّنا لاحقًا باستعمال ما كان يُعرف بالتلفزيون التربوي. وما زلت أذكر الاستاذة سعاد فركوح عليها رحمة الله وهي تطل علينا لتشرح درسا بقواعد اللغة الانجليزية مثلا. ولا أدري ما حل بهذا البرنامج لاحقًا.  المهم أن فكرة التعليم عن بُعد لم تكن مستحدثة أبدًا.
ما حدث بالتعليم عن بعد بحُلته الجديدة أن طريقته قد تطورت وانتقلت باستخدام البرامج المنتشرة Zoom  or Meet فجعل من التعليم  حواريًا أي باتجاهين وبهذا  خرج من التلقين إلى الحوار على مستوى التعليم العالي.  لكن هذه النقلة في التعليم لم ترق للبعض وقبلوا به باعتباره جاء نتيجة حالة عامة مرت بها الدولة والعالم أجمع  بسبب الكورونا، ولكن شاب هذا القبول معاراضات وربما محاولات لاستغلال الظرف حتى نضمن عدم العودة اليه بعد انقضاء حالة الطوارئ.  ومن هذه الاعتراضات ما كان مقنعًا كالاعتراض على تكلفة الانترنت فالطالب مثلا دفع رسومه للكلية لتصله المعلومة من المحاضر أو بأي طريقة، فعند الأزمة يجب أن تتوفر له المعلومة وهو في بيته، لهذا كان من المفروض توفير خدمة الانترنت المجانية للطلاب، وكنت أتوقع أن يكون أحد قوانين الدفاع لرئاسة الوزراء حول وجوب مساهمة شركات الاتصالات بمجهود البلد وتفتح الانتنرت مجانًا طيلة الفصل الدراسي.  وهذا يجب أن يكون إن اضطرت الدولة للتعليم عن بعد ثانية.
الطرف الآخر المعارض كان من شقين: الأول هو بعض الأكاديمين الذي لم يطوروا أنفسهم حاسوبيًا وبقيت معلوماتهم متقوقعة في إطار ضيق.  لقد  انقسم هذا الشق الى قسمين فمنهم من طوّر نفسه وأصبح بلبلاً صدًاحا في عالم الانترنت ومنهم ما بقي في صومعته وظل جهاز الحاسوب يشكل بعبعًا  مخيفًا فلجأ لأسلوب آخر خاصة من كان بالتعليم العالي فكان يعطي الطالب واجبًا عن طريق الايميل فينجزوه ويرسلوه للمحاضر بنفس الأسلوب؛ ومنهم من كان يسجل محاضرته ويرفعها على اليوتيوب أو على الفيس ولم يكن هناك حوارٌ أبدا بين الطالب والمحاضر.  وهذا كله دليل قصور تكنولوجي في أمور الحاسوب.  وكان من المفروض أن تكون هناك دورات تدريبية للمحاضرين وبرامج مفهومة يسهل التعامل معها، حتى يشعر المحاضر بأن مؤسسته جادة بالتعامل مع هذا الوضع.
كان بعض الطلاب هم الشق رقم اثنين المعارض للتعليم عن بُعد، ربما لأنهم كانوا يعتقدوا أن المسألة شهر زمان وتنتهي لهذا أحبوا أن يأخذوها إجازة مدفوعة العلامات وتفاعلوا كثيرًا مع هاشتاق كلنا ناجحون ولم يرتاحوا لموضوع راسب /ناجح باعتبار أن هناك فرصة للرسوب؛ ثم تطورت مطالباتهم "لنا الخمسون حقا" وما نحصل عليه طريقة عادل إمام (من جد وجد) هو زيادة على الخمسين لهذا كانت العلامات لو نجح هذا المطلب كلها تسعين فما فوق؛ تصور أن يكون التوجيهي فيه علامة 100 والطلاب بالتسعينات؛ عندها ستكون الدنيا قمرة وربيع.  وللأسف ساعد بعض الأكاديميين الطلبة بهذه المطالبات، لكن غالبية الطلاب لم تشعر بجدية التعليم عن بعد إلا بعد أن شعروا بأنه لا تراجع عن هذا، وهو الفيصل بالنتيجة فواظبوا على الدوام. 
شخصيَّا لم أرى هذا النوع من التعليم الا نقلة نوعية في عالم التعليم الأردني على كافة المستويات وربما سيكون له أبعادٌ اقتصادية كبيرة بالمستقبل. فهي أولا كانت دافعًا للمعلمين والمحاضرين  ومنهم كاتب هذه السطور لتطوير أنفسهم في هذا المجال؛ وستكون فتحًا جديداً في عالم الاتصالات  توفيرا للخدمة وطرحًا لأنواع جديدة من الهواتف أو الألواح حتى تواكب القدرة على تحميل الملفات  فما عادت التلفونات البسيطة تكفي وأصبحت الحاجة ملحة لهواتف أكثر تعقيدًا.
أما على الصعيد الطلابي ربما ينطبق هنا المثل "رب ضارة نافعة" على واقع الحال بالنسبة لهم.  فقد كان لجائحة الكورونا التي عصفت بالعالم أثرها الايجابي على الطلاب رغم اثرها المرعب على الصعيد الاقتصادي والصحي. ومن هذه الاثار الايجابية التشجيع على التحول بشكل فعلي للتكنولوجيا الحديثة وكذلك  الاعتماد على الذات في البحث على المعلومة وربما لن يكون أخرها الجانب الاقتصادي.
لقد نقل التعليم عن بُعد الطلبة من التعامل مع التكنولوجيا في مجالات التواصل الاجتماعي والبحث عن الإثارات السياسية والبث الحي لموضوع تتحطم فكرته بمجرد الانتقال لموضوع أكثر سخونه، وسيتوجه الطلاب الان إلى المجالات والاستعمالات الاكاديمية للتكنولوجيا؛ تلك السياسيات التي قرأ عنها بالكتب ولم يمارسها فعليا؛ ربما سمع أو شاهد  بأحد الأفلام كيف يتواصل الطلاب مع محاضريهم بالألواح الاكترونية وكان استعمالها بالنسبة له ضربًا من الخيال.  وهذا هو  الان يحضر محاضراته الكترونيا ويتابعها ويكتشف شيئا فشيئا أن هذا ممكنًا للطلبة العرب أيضا؛ وبعد أن كان يسمع عن مدارس بالأردن تُدرِّس عن طريق الانترنت والمخصصة للطبقة الثرية وجد أنه أصبح ينتمي لهذه الطبقة بهاتفه المتواضع.
أما الاعتماد على الذات أو تسهيل الاعتماد عليها فقد أصبحت متيسرة جدا بعد أن فقد الشروحات التفصلية من مدرس المادة في قاعة المحاضرات، لهذا أصبح شرح المحاضر غير كاف ولهذا فعليه السؤال والبحث، فيسأل زملاءه أو يبحث في المصادر عن بغيته.  لقد فقد الطالب بعدم التواصل  الصفي مع المحاضر ما جعله استاذ نفسه في تخصصه.
أما في المجال الاقتصادي فقد تأثر الطالب إيجابيا بهذا فهو يوفر مصروفه اليومي  فلا حاجة له بالذهاب للجامعة ويحصل تعليمه ويُختبر وهو في بيته فيوجه مصاريفه ربما لتطوير هاتفه أو ربما سيشتري حاسوبًا محمولا فيكون أداؤه أفضل في هذا التعليم الالكتروني.  ومن يدري ربما سيوفر للطالب فرصة الحصول عل عمل فتتغير حياته دون أن يؤثر ذلك على مستقبله العلمي.
إن كان من توصية لي بهذا المجال إضافة للتي بدأت  مقالي بالجاهزية دائما للمطبات النقابية القادمة أوصي الزملاء المحاضرين والمدرسين وأحبائي الطلبة أن يطوروا أنفسهم كثيرا بمجال تكنولوجيا المعلومات الحقيقية فهذا العلم ليس تواصل وتيك توك إنما عالم جديد يدخلك إلى أبواب المعرفة الحقة لتعرف أين تقف في هذا العالم، فالقادم كله على بُعد وليس فقط التعليم.
ملاحظتان:
 تركز معظم ما كتبتُ عنه عن التعليم العالي لكوني فيه؛ ولم أركز كثيرًا على التربية والتعليم الا إشارة خفيفة بموضوع درسك والتلفزيون التربوي حيث لم يكن التدريس تفاعليا.
هناك رافض ثالث للتعليم عن بعد تجاوزتُه قاصدًا؛ يقول أصحابه أن فئة معينة من الموظفين هم المقصودون به ولهذا يجب أن يُرفض.
أما عن نتائج هذا  الفصل فلم ألحظ اختلافًا كبيرًا بينها وبين الامتحانات التي كانت تجري بالكليات؛ فسيروا على بركة الله.

السبت، 20 يونيو 2020

همبكة المدارس

عند إخواننا المصريين يتسعمل القرع للدلالة على الهمبكة أو الفهلوة أو على شان نقول نحنا بنشتغل. الهمبكة بالمدارس عندنا هو عدد الدفاتر التي تطلب ببداية الفصل الأول والتي تشكل عبئا ثقيلا على ظهور الطلاب عند حملها هذا أولا ونوعا من أنواع الهمبكة التي تتضح بنهاية الفصل الدراسي حيث يكتشف الأهل أن بعض الدفاتر لم يكتب فيها الا صفحة أو اثنتين وذلك لإصرار المعلمات (كما هو الحال بمدرسة أولادي) على دفتر لكل مهارة ففي اللغة العربية مثلا هناك دفتر للمفردات وآخر للتعبير وثالث للاملاء ورابع للقواعدوكان بالامكان استخدام دفتر او دفترين والاجتماعيات ثلاثة دفاتر واح للوطنية وثاني للتاريخ وثالث للجغرافية وكتابة الا 5% من الدفتر من باب الاحتياط. وأكثر ما يلفت النظر وأكبر همبكة هو اللغة الانجليزي؛ فإذا جاي الكتاب من دار ابوه عفوا أبيه ومعه كتاب الطالب والتمارين لها أسطر للحل وأمكن للكتابة فاي داعي للدفاتر. ربما تكون الرياضيات أولا واللغة العربية ثانية أقل الهمباكات في حين باقي المواد كلها همبكة بالدفاتر ويا حبيبي على دفتر الحاسوب.

الجمعة، 5 يونيو 2020

العلاقة بين سلطنة عُمان ودول الخليج العربي


ينشغل هذه الأيام المهتمون بالشأن الخليجي كلٌ حسب هواه بالتسجيل الصوتي المُسرَّب حول حديث جرى بين العقيد معمر القذافي والوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان عن مستقبل الخليج العربي عمومًا والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص. وقد انقسمت الأراء حول هذا التسجيل بين مستغرب أو غاضب كما يحصل عادة بمثل هذه التسريبات، لكن القليل فقط شكك بالتسجيل، وانصب الغضب على كيفية التسريب. شخصيًا،لم استغرب ما سمعت ببداية التسجيل من كلمات (نعم) التي كان يرددها معالي الوزير واعتبرتها محاولة من معاليه وهو السياسي المُحنَّك لتجنب غضب القذافي، فلا ندري في  أي خيمة  كان الاجتماع؛ فقلت بنفسي أن معاليه لا يريد أن يكون موسى الصدر رقم اثنين بعهد القذافي ففضل مجاراة القذافي بأفكاره خاصة أنه قد فرغ من إهدائه خنجرًا عُمانيا ثمينًا. إلا أن الإسهاب في الحديث جعل معاليه يطمئن وربما فتح شهيته للحديث بموضوع البديل للسعودية فتحدث واقترح النموذج الإيراني بديلًا  عن النظام السعوي وتطور الحديث عن تقسيم المملكة، وهذه سقطة لا تُغتفر وهي ربما غلطة الشاطر.  وأقصد بالغلطة ظهورها بالعلن لكن بالنوايا ربما لم تكن غلطة؛ فالرجل يعي ويدرك ما يقول دائمًا.
ومن فوائد مثل هذا التسجيل الذي بثته قناة ظفار الحرة  للمعارض الظفاري العُماني في لندن  أنه ربما كان إنذارًا لدول الخليج لوجوب تغيير نظرتها للسلطنة بحيث يكون التعامل معها بمنطق المثل والنِد أو الانتباه أو الحذر كما جاء بمقابلة الدكتور عبد الله النفيسي عندما تعرض للسلطنة ببرنامج الصندوق الأسود لقناة القبس الكويتية. فالسلطنة كما رأيتُها عن قرب وبعد خدمتي فيها مدة ربع قرن في كلياتها الجامعية يجب أن تكون محط اهتمام الخليج من حيث سياسيتها غير المعلنة؛ فالمعلنة عبَّر عنها جلالة المرحوم بإذن الله السلطان قابوس ذات لقاء بأنه يتمنى أن ينظر إلى الكرة الأرضية فلا يجد عداوة للسطلنة مع أي بلد على وجه الأرض.  وقد صرَّح وزير الإعلام العماني الأسبق من أيام التسعينيات معالي عبد العزيز الرواس أن السلطنة لا تميل للعداوة أو التمحور مع بلد ضد بلد من أجل بلدٍ آخر.  وهنا أراهم يتناغمون سياسيًا مع ما جاء بفيديو يتداوله الناس هذه الأيام على لسان  نيلسون مانديلا  بأنه من أخطاء المحللين السياسين أنهم يعتقدون أن أعداءهم يجب أن يكونوا أعداءنا أيضًا.
من منظوري الشخصي وعند تقييم علاقة سلطنة عمان مع دول الخليج ربما لإعادة النظر فيها للوصول إلى شكل أفضل يجب أن يُنظر اليها من جوانب سياسية ومذهبية واجتماعية؛ وقبل المضي بالتحليل الشخصي أحب أن أؤكد أن عُمان رغم انتاجها النفطي إلا أنها ليست غنية لدرجة الثراء الكبير كباقي دول الخليج فهي تعتمد أو كانت على الدعم الخليجي لتنفيذ بعض المشاريع الكبرى وخاصة المتعلقة بشق الطرق  الطويلة أو الصعبة بين جبالها الشاهقة وربما كان هناك أيضًا غيرها. وسأبدأ بالحديث عن هذه المجالات بشكل تفصيلي كما شعرت به أو رأيته خلال فترة إقامتي الطويلة.
ففي الجانب السياسي أعتقد اعتقادًا قريبًا للجزم أن الأسرة البوسعيدية الحاكمة في سلطنة عُمان هي الأقدم تاريخيًا على مستوى الخليج أو ربما العالم العربي كله؛ فجذورها تمتد إلى القرن الثامن عشر وكانت تسيطر على امبراطورية شاسعة تمتد من بلوشستان بشبه القارة الهندية إلى أواسط افريقيا في زنجبار وكلها تحت العلم العُماني وهذا التفسير لوجود أصول مختلفة يحملون الجنسية العُمانية فيها وأصبحوا وزراء فيها؛ كانت الإمبراطورية العُمانية الكيان السياسي الوحيد في المنطقة الذي جاب أسطوله عرض البحار والمحيطات وطولها حاميًا للحدود وناقلاً للبضائع من الشرق لأفريقيا وبالعكس؛ كانت الأقدم بإقامة علاقات وتوقيع اتفاقيات مع أمريكا، وكانت أساطيل الدول الكبرى تعبر المحيط الهندي تحت العلم العُماني حماية لها. وهم قديمًا أساتذة في علم البحار ولا مجال هنا للإطالة في هذا المجال فهو ليس موضوعنا.  
عندما قَدِمتُ لكلية المعلمين بصلالة 1990 وقفت أمام خريطة للامبراطورية العُمانية القديمة معلقة على جدار المكتبة، فقلت كم ظلم هذا البلد نفسه إعلاميًا عندما لم نكن نسمع بمثل هذا قبل أن أحضر لعُمان. والسبب لإطالتي بعض الشيء بهذا المجال لأعرج منه إلى علاقة عمان مع غيرها خليجيًا من خلال مجلس التعاون الخليجي. أرى أن دولة بتاريخ عُمان لا يمكن أن تقبل (ولو داخليًا) أن تكون مجرد تابعة لدولة كبرى أخرى في المنطقة ولا استغرب أن يكون قد دار في خلد بعض السياسيين فيها أسئلة من قبيل متى سيشعر هؤلاء أننا امبراطوية ومتى سيدركون أننا أثبت منهم وأقدر.  وهنا أريد أن استذكر مع القرّاء على سبيل المثال موقف السلطنة من قرار السعودية (نعم قرار السعودية رغم أنه أخذ صبغة مجلس التعاون لاحقًا؛ فقد كان دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بداية الأمر) بدعوة المملكة الأردنية والمغربية للانضمام لمجلس التعاون الخليجي. لقد سمعت الدول الخليجية بهذه الدعوة من الأخبار مما جعل السلطنة تنتفض بأنها غير موافقة على هذه الدعوة ليس كرهًا بالاردن والمغرب ولكن احتجاجًا على هذا التجاهل لباقي الدول رغم التبرير الظاهري بأن هذا يخالف مبادىء مجلس التعاون، وعندما اقتُرِح بأن يتحول المجلس لاتحاد للسماح بضم الأردن وغيرها قال وزير الخارجية العُماني صراحة أنه إذا قام هذا الاتحاد فعُمان خارجه ولن تكون فيه.  فهل يمكن أن تكون دولة بهذا التاريخ مجرد تابع!! 
لهذا لم تشغل السلطنة بالها كثيرًا بما يسمى العمل العربي المشترك فهي بالآخر تنفذ سياسيتها ولها أجنداتها وتبريراتها ومصالحها، ومن هذه على سبيل على سبيل المثال عدم قطع العلاقات مع مصر 1978  كما فعلت باقي الدول العربية بعد زيارة السادات لاسرائيل؛ وكانت حجتها أن العرب بعد سنوات عادوا لمصر: أي أن سياسيتها هي الأصح؛ وهذا التبرير غير  صحيح، فالعرب عادوا لمصر بعد تغيُّر نظام الحكم واغتيال الرئيس السادات وأصبحت العلاقة مع اسرائيل ضمن معاهدة، ولا يمكن للعرب أن يبقوا على مصر في عزلة فعادوا تباعًا؛ وكان جلالة الملك الحسين رحمه الله أول من استصدر قرارًا بالقمة العربية بعَمَّان بأن العلاقة مع مصر شأن سيادي يخص الدول نفسها، وكان أول من ذهب لمصر في عهد الرئيس حسني مبارك رحمه الله وكان له استقبال حافل وألقى كلمة بمجلس الشعب المصري.  ولاحقًا حدث أن أقامت  السلطنة أو أعلنت ببداية التسعينيات من القرن الماضي عن علاقاتها مع اسرائيل على شكل مكتب تجاري كما فعلت قطر بنفس الوقت ولا أدري إن كان هذا قبل أوسلوا أو بعدها بقليل ولكنه قطعًا قبل معاهدة وادي عربة. وللحديث شجون في هذا  المجال لكن أشير الى التناغم الدائم بين عُمان وقطر بموضوع العلاقة الخليجية الداخلية وأرى الكويت في الدائرة كذلك مما قد يمهد لحلف جديد أو شكل جديد من أشكال التعاون السياسي ولا أستغرب إن ظهر لاحقًا لأيران دور فيه.  ومن يدري ربما هذا ما قصده معالي الوزير العُماني بمقابلته مع العقيد القذافي.
أما الجانب الثاني فهم جانب مذهبي يقابله مذهب مختلف بباقي دول مجلس التعاون الخليجي.  فمذهب  الدولة الرسمي هو الإباضي وفي مناطق أخرى بالسلطنة الشافعي كما كان في  صلالة التي تننشر فيها أيضا الصوفية وإن كان بنسبة تقتصر فقط على جزء من سكانها يطلقون عليهم السادة نسبة للأشراف؛ وقد كان لي حضور أحيانًا لبعض احتفالات الصوفية بالمولد ومنها احتفال برعاية معالي الوزير علوي  نفسه (وهو من السادة ايضا).  وربما قال قائل وما علاقة المذاهب بالموضوع؟ وله أقول: وهل كانت معظم مشاكلنا إلا لخلافات مذهبية فانظر حولك لترى ما يجري بالعراق واليمن وسوريا. لا تقنعني كل الادعاءات بأنه لا خلاف ولا تكتيكات سياسية في الشرق العربي لا تكون مرجعيتها مذهبية في الكثير من الأحيان، وربما تكون بعض التحالفات السياسية لو أمعنت فيها لرأيت مناكفة مذهبية بالموضوع.  لكن إذا كان الجانب السياسي يمكن أن يتم التعامل معه فإن هذا الجانب المذهبي (مُقفل) وسيطول إلا إذا تحولت هذه الدول إلى دول مدنية وهذه الأمنية ليست قريبة المنال كما تشير المعطيات ولا أريد الإفاضة في هذا الأمر حتى لا أغضبهم مني أو يتهمونني بعدم الوفاء؛ فهم قد يتغاضون عن أي انتقاد إلا إذا لمست الجانب المذهبي. وقبل أن اقفز للجانب الأخير اشير أن المذاهب أيضًا لها أجنداتها وحساباتها وهي بالأخير ستقف مع المذهب الأقرب لها مذهبيًا وهذه إشارة لا تخفى على لبيب.  
أما الجانب الاجتماعي فهو منصهر مع الجانب الاقتصادي.  كما أسلفت سابقًا لم تكن عمان يومًا دولة ثرية كثراء بعض الدول وخاصة في الحقبة التي سبقت حكم السلطان قابوس قبل 1970 لهذا كان الكثير من العمانيين ييتوجهون لدول الخليج الأحرى للعمل بمختلف المهن المتواضعة لهذا كانت نظرة تلك الدول لهم نظرة دونية كجنسيات عربية أخرى تعمل عندهم وأخشى أن هذه النظرة ما زالت موجودة. وبالمناسبة استمر العمانيون بالعمل بدول الخليج بعد النهضة مع اختلاف الحال عن ما قبل النهضة فأصبح منهم المهندسون والمعلمون مثلا في تلك البلاد، إلا أننا مثلاً لم نسمع بإماراتي أو قطري أو كويتي يعمل بعُمان. لهذا يراودهم شعور "متى سيتوقفون عن الاضطرار  وهم دولة بترولية للعمل عند الآخرين! فالعمل عند الآخرين يسلب الأشخاص بعض حريتهم وهو دليل أن حال بلادهم ليست كالبلاد الأخرى." وهذا خلق عندهم الشعور بالغيرة.
ومهما كان من أمر إن اعتبرتَ ما قلتُه سابقًا صحيحًا أو لا، فإن هذا لا يبرر أبدًا أن تصل درجة المناكفة السياسية للتآمر على شقيقة عربية.  إن ما قاله معالي الوزير واضح ولا يمكن أن يُقال عنه مجتزأ أو أخرج من سياقه.  أعرف أن السياسة مصالح لكن ليس لمرحلة الموافقة على تقسيم الشقيق واقتراح التنسيق مع أعداءه.  بالمناسبة لا يشكل دهاء القذافي نقطة في بحر السياسية العُمانية وما كان  لمعالي الوزير العُماني علوي أن يجاري القذافي لولا أن وجد الموضوع في نفسه بعض الهوى.  ولهذا يجب أن أعيدكم وأعيد مجلس التعاون الخليجي لنصيحة الدكتور  عبد الله النفيسي وهو أستاذ العلوم السياسية الجهبذ بجامعة الكويت بأن لا تغفل دول الخليج عن عُمان  فهي ليست سهلة كما يظن الغافلون، ورضاها واجب والتنسيق معها حِنكة سياسية كبرى.  لا تتجاهلوا سلطنة عُمان أو تغفلوا عنها فهي كبيرة وذات وزن سياسي عظيم. ولكم أن تأخذوا ما قاله الدكتور النفيسي على محمل النصيحة أو التحذير فهذا شأنكم.  
اختم بمقولة سمعتها من الرئيس صدام حسين حيث قال عندما عرضت سوريا التوسط بينه وبين إيران "عندما يتعرض الشقيق للاعتداء فمن العار على الشقيق الآخر الوقوف بموقف الوسيط بين شقيقه وعدوه".
دمتم بخير.