الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018

لندرس الفلسفة


للفلسفة جزء مهم في ذاكرتي بالمدرسة, فقد درستها في الصفين الثاني والثالث الثانوي في مدرسة دير أبي سعيد الثانوية عام 72 - 73 و 73 - 74 على يدي أستاذين كريمين الأول كان الاستاذ الفاضل خالد الفاضل الذي درسني أيضا اللغة الانجليزية وفي التوجيهي كان الاستاذ حمد ولا أعرف اسم عائلته مع الاعتذار.

اكشفنا لاحقاً أن الأستاذ خالد الفاضل لم يكن متخصاً في الفلسفة وإنما هاوياً لها أو لنقل أنه كان محباً لها ومن محبي الخروج عن المنهج وقد تعلمت منه الكثير ومنه عرفت المعنى الحقيقي لتعبير انفعالات الدهماء والمعنى الحقيقي للإمعة بطريقة طريفة وربما بعض مما أفكر فيه حالياً يعود الى تلك الفترة وأهمها الخروج عن القوالب الجاهزة.

لكن للأسف لم يرسخ في ذهني من فلسفة التوجيهي إلا أن الغزالي ولد في طوس وغيرها صفر رغم أننا نجحنا بها بالتوجيهي مع العلم أن الأستاذ حمد كان يحمل البكالوريوس في الفلسفة ولكن وزارة التربية وتوزيع المعلمين كتب عليه خدمة سنوات طويلة في المرحلة الابتدائية رغم حاجة المدرسة التي تقع في نفس البلد الى تخصصه ولم يتذكروه إلا عندما شغر مكان استاذ عندنا ونقلوه رغماً عن ارادته فقد كان يرفض لأسباب خاصة لديه لتدريس التوجيهي. أو ربما كان قد عُين بشهادة التوجيهي بالمدرسة الابتدائية  وأكمل دراسته بالجامعة عن طريق الانتساب.

وفي الجامعة درسنا مادة تاريخ الفكر الإسلامي على يدي العلامة الدكتور فهمي جدعان أمد الله في عمره ولا أدري كيف يمكن لطالب جامعة أن يتخرج دون المرور بمواد من قسم الفلسفة في الجامعة.

المهم ما وددت الخلاص اليه من موضوع المدرسين أن حب المادة قد يغلب التخصص اذا دُفن هذا التخصص بغير مكانه كما حصل معنا. لهذا والحديث هنا عن حراك فلسفي قادم كما سمعت يهدف إلى  المطالبة بإعادة تدريس مادة الفلسفة في المدارس. أنا مع هذا المطلب الحق ولكن بشرط توفير المتخصصين العاشقين لهذه المادة الفكرية التي شكلت ركناً مضيئاً من تاريخنا الاسلامي الذي نفاخر به الأمم بوقت ازدهار هذه الحضارة.

كذلك يجب الانتباه لنقطة توفير الفضاء العقلي الواسع لمدرس الفلسفة ليخرج من دفتي لكتاب، فقد أثبتت تجارب السبعينيات أن معلم الفلسفة الأردني لم ينجح كثيراً في النقاش لأنه لم يدرس إلا كتب الجامعة لشهادة البكالوريوس والتي كان معظمها عن طريق الانتساب وهذا يعني أن هذا الشخص لم يشهد أي نقاش فكري. وقد ظهر هذا جلياً عندما استعانت وزارة التربية والتعليم في المملكة المغربية بالمدرسين الأردنيين لتدريس مادة الفلسفة والتاريخ واللغة العربية ولم يُكتب لهذه التجربة النجاح ولم تتكرر؛ ومن قُدّر له العمل مع الأشقاء من المغرب العربي عموما سيعرف لماذا لم تنجح لأن سقف فكرهم عالٍ جداً ولا يتقولب بقالب هذا يجوز وهذا يجوز حتى بالسمائل الدينية فقد تعاملنا مع زملاء يحملون شهادة الدكتوراه بالشريعة ولهم منهجهم العقلي المستقل.

وبما أن القرار سيكون حكومياً بإعادة الفلسفة للمدارس فيجب أن يواكب الإعلام هذه النقلة فيوفر لها الفرصة للظهور فلن يكون دخولها المجال التربوي في المدارس أمرا سهلاً. يجب أن يعود إعلامنا للندوات الفكرية التي اختفت منذ مطلع هذا القرن لوم نعد نرى ندوات إلا السياسية أو الاقتصادية منها؛  لنستذكر مثلاً حلقات المفكر ظافر القاسمي على شاشة التلفزيون مع كوكبة من المفكرين الذين كانوا يثروا عقل المشاهد بما يتم تداوله وطرحه من قضايا فكرية.

أنا أؤيد بقوة مثل هذا الطرح وأدعو الجميع للتوقيع على تلك العريضة إن عرضت عليهم؛ فهذا الإرهاب لا يحارب إلا بالفكر والذي تشكل مادة الفلسفة ميدانه الواسع.



الأحد، 16 سبتمبر 2018

فضفضة متقاعد

فضفضة متقاعد
في حديثٍ عابرٍ مع أحد الأصدقاء قلت له أنني ومنذ عشرة سنوات أدخلت نفسي في مرحلة زهايمر اختياري  فاستغرب من التعبير وقال هل هناك اختيار بالموضوع. عندها قلت له كتقييم لمرحلة معينة كانت الخاتمة من عملي بالخليج أنني قضيتُ ما يقارب الخمسة عشر عاماً قبل الزهايرم الاختياري فاعلاً في القسم مناقشاً لكل ما يطرح على طاولة المفاوضات متطوعاً في الكثير من الأعمال ذاكراً لدقائق الأمور بالقسم إلى أن وصلتُ لمرحلةٍ اكتشفتها متأخراً أن من كان يقود القسم آنذاك  كان يفضلني نائماً في كل اجتماع ربما لأنه رآني  ( I know too much.) فقررتُ  وأنا على أبواب التقاعد  وهذا من باب البحث عن رضى الرئيس لغايات التمديد بالخدمة أن لا أهتم إلا بجدولي فقط في المحاضرات:  فقط المحاضرات ولا شيء غيرها حيث لم يكن يوجد طلبات أخرى أقوم بها؛ ويبدو أن هذا راق للرئاسة العليا بالقسم.
قاد عدم الاهتمام هذا إلى ( تطنيش ) معرفة أسماء من يلتحقون بالقسم من محاضرين جدد ولا أحفل بمن ذهب ولم أعد أذكر منهم أحداً لدرجة أنني كنت أستغرب إن رأيت أحداً لاحقاً وكنت أظنه استقال خدمته لاكتشف أن مكتبه قد نُقل فقط لمبنى آخر. لكن والحمد لله لم يمتد هذا النسيان أو الزهايمر الجديد لجوانب أخرى من الحياة فقد كان تحت السيطرة.
بعد أن التقاعد الفعلي ومع العائلة وجدتني لا شعورياً ( وقد استدركت هذا لاحقاً) بدأت ألجأ لنفس السياسية لأن أعضاء العائلة قد كبروا وأصبحت لهم قراراتهم فيما يخص الأسرة والتي أجد فيها الصواب في الكثير من الأمور مما جعلني أميلُ لموضوع إراحة الدماغ متمشياً مع مقولة تهكمية لزميل بالعمل بالخليج ( لماذا نتعب أنفسنا بالتفكير بما أن هناك ما لا يقل عن عشرة يفكرون نيابة عنا ولأجلنا من عميد ورئيس قسم ومساعدين ومنسقين ومواطنين).  هذه الحالة تظهر للمتقاعد حديثاً سيكون لها أثرها القوي إن لم يتم تداركها.
قرأت قبل لحظات مقالاً أو تقريراً على إيلاف يبشر بقرب علاج أو الوقاية من الخرف لم يعمم بعد ولكنه ما زال في طور الدراسات, وربط التقرير  بين الخرف والزهايمر  الذي عرَّفوه بأنه نتيجة تراكم خلايا بروتينية على الدماغ وهذا برأيي المتواضع ناتج عن عدم تنشيط الدماغ بالتفكير الذي قد نلجأ اليه اختيارياً في بعض الأحيان كحالتي التي أشرت اليها.
فهل يمكن أن يصاب المتقاعد بالتوحد مع الكبر في السن؟ ولا أدري إن كان التوحد يصيب الكبار أو ربما يكون على شكل الانطواء عندما يرى أنه لم يعد يستشر بأي شي.
لقد قيض لنا الله  عملاً كعملي بعد التقاعد لهذا بدأتُ إستراتيجيةً  جديدةً وهي تنشيط الخلايا الدماغية بحضور المحاضرات والنشاطات الأكاديمية والاجتماعية لكن ضمن حدود معينة فأنا الآن بخبرة تختلف عن زمان ولا يجب أن نكرر نفس الأخطاء الوظيفية، لهذا  آمل أن لا يتوصل المحيطون بنا إلى نفس فكرة  رئيس قسمنا زمان بأن أحسن حالة الموظف عندما يكون نائماً. 
بالمناسبة عندما جاء وقت إكرام  الموظفين بعد التقاعد فاز النائمون، ربما تمشياً مع  رأي الشاعر
ناموا ولا تستيقظوا    ما فاز إلا النوّم
كانت هذه كما جاء بالعنوان مجرد فضفضة لنخرج من أجواء السياسية ودهاليزها وتناقضاتها.


الاثنين، 3 سبتمبر 2018

دقة الطيران

أحيانا كثيرة اتابع على اليوتيوب عملية اقلاع الطائرات التجارية لدرجة أنني بِتُّ على قناعة بأنه لا يوجد عمل منظم ودقيق ولا مكان فيه للخطأ مثل الطيران. أذكر أن جلالة الملك الحسين سألوه مرة لماذا يصر على أن يقود طائرته بنفسه فقال أن الطيران هو أصدق طبيب يخبرني بانني still fit.  ما في مجاملة بالطيران.
يا ريت كل أعمالنا تكون بدقة لحظة الإقلاع بالطيران.