فضفضة متقاعد
في حديثٍ عابرٍ
مع أحد الأصدقاء قلت له أنني ومنذ عشرة سنوات أدخلت نفسي في مرحلة زهايمر
اختياري فاستغرب من التعبير وقال هل هناك
اختيار بالموضوع. عندها قلت له كتقييم لمرحلة معينة كانت الخاتمة من عملي بالخليج
أنني قضيتُ ما يقارب الخمسة عشر عاماً قبل الزهايرم الاختياري فاعلاً في القسم
مناقشاً لكل ما يطرح على طاولة المفاوضات متطوعاً في الكثير من الأعمال ذاكراً
لدقائق الأمور بالقسم إلى أن وصلتُ لمرحلةٍ اكتشفتها متأخراً أن من كان يقود القسم
آنذاك كان يفضلني نائماً في كل اجتماع ربما
لأنه رآني ( I know too much.)
فقررتُ وأنا على أبواب التقاعد وهذا من باب البحث عن رضى الرئيس لغايات التمديد
بالخدمة أن لا أهتم إلا بجدولي فقط في المحاضرات:
فقط المحاضرات ولا شيء غيرها حيث لم يكن يوجد طلبات أخرى أقوم بها؛ ويبدو أن
هذا راق للرئاسة العليا بالقسم.
قاد عدم الاهتمام
هذا إلى ( تطنيش ) معرفة أسماء من يلتحقون بالقسم من محاضرين جدد ولا أحفل بمن ذهب
ولم أعد أذكر منهم أحداً لدرجة أنني كنت أستغرب إن رأيت أحداً لاحقاً وكنت أظنه استقال
خدمته لاكتشف أن مكتبه قد نُقل فقط لمبنى آخر. لكن والحمد لله لم يمتد هذا النسيان
أو الزهايمر الجديد لجوانب أخرى من الحياة فقد كان تحت السيطرة.
بعد أن التقاعد
الفعلي ومع العائلة وجدتني لا شعورياً ( وقد استدركت هذا لاحقاً) بدأت ألجأ لنفس
السياسية لأن أعضاء العائلة قد كبروا وأصبحت لهم قراراتهم فيما يخص الأسرة والتي
أجد فيها الصواب في الكثير من الأمور مما جعلني أميلُ لموضوع إراحة الدماغ متمشياً
مع مقولة تهكمية لزميل بالعمل بالخليج ( لماذا نتعب أنفسنا بالتفكير بما أن هناك
ما لا يقل عن عشرة يفكرون نيابة عنا ولأجلنا من عميد ورئيس قسم ومساعدين ومنسقين ومواطنين). هذه الحالة تظهر للمتقاعد حديثاً سيكون لها
أثرها القوي إن لم يتم تداركها.
قرأت قبل لحظات
مقالاً أو تقريراً على إيلاف يبشر بقرب علاج أو الوقاية من الخرف لم يعمم بعد
ولكنه ما زال في طور الدراسات, وربط التقرير
بين الخرف والزهايمر الذي عرَّفوه
بأنه نتيجة تراكم خلايا بروتينية على الدماغ وهذا برأيي المتواضع ناتج عن عدم
تنشيط الدماغ بالتفكير الذي قد نلجأ اليه اختيارياً في بعض الأحيان كحالتي التي
أشرت اليها.
فهل يمكن أن
يصاب المتقاعد بالتوحد مع الكبر في السن؟ ولا أدري إن كان التوحد يصيب الكبار أو
ربما يكون على شكل الانطواء عندما يرى أنه لم يعد يستشر بأي شي.
لقد قيض لنا
الله عملاً كعملي بعد التقاعد لهذا بدأتُ
إستراتيجيةً جديدةً وهي تنشيط الخلايا
الدماغية بحضور المحاضرات والنشاطات الأكاديمية والاجتماعية لكن ضمن حدود معينة
فأنا الآن بخبرة تختلف عن زمان ولا يجب أن نكرر نفس الأخطاء الوظيفية، لهذا آمل أن لا يتوصل المحيطون بنا إلى نفس فكرة رئيس قسمنا زمان بأن أحسن حالة الموظف عندما
يكون نائماً.
بالمناسبة عندما
جاء وقت إكرام الموظفين بعد التقاعد فاز النائمون،
ربما تمشياً مع رأي الشاعر
ناموا ولا
تستيقظوا ما فاز إلا النوّم
كانت هذه كما
جاء بالعنوان مجرد فضفضة لنخرج من أجواء السياسية ودهاليزها وتناقضاتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق