السبت، 12 ديسمبر 2020

عجبت له أن زار في النوم مضجعي

 ويحكى أن أمير المؤمنين الرشيد أرق ذات ليلة أرقاً شديداً، فقام من فراشه وتمشى من مقصورة إلى مقصورة، وقلقه زائد ونفسه محصورة، فلما أصبح قال: علي بالأصمعي، فخرج الطواشي إلى البوابين، فقال لهم: يقول لكم أمير المؤمنين أرسلوا أحداً خلف الأصمعي. فلما حضر أعلم الخليفة فأجلسه ورحب به وقال: يا أسمعي أريد منك أن تحدثني بأجود ما سمعت من أخبار النساء وأشعارهن؟ فقال: سمعاً وطاعة: لقد سمعت كثيراً ولم يعجبني سوى ثلاثة أبيات أنشدهن ثلاث بنات.

فقال له: حدثني حديثهن.
فقال: اعلم إذا أمير المؤمنين، أني توجهت سنة إلى البصرة فاشتد لعي الحر فطلبت مقيلاً أقيل فيه فلم أجد، فبنما أنا أتلفت يميناً وشمالاً، إذا أنا بساباط مكنوس مرشوش، وفيه دكة من خشب، وعليها شباك مفتوح تفوح منه رائحة المسك، فدخلت الساباط وجلست على الدكة وأردت الاضطجاع، فسمعت كلاماً عذباً من فم جارية حسناء، وهي تقول: يا أختي! إنا جلسنا يومنا هذا على وجه الصبوح، تعالين نطرح ثلاثمائة دينار وكل منا تقول بيتاً من الشعر، فكل من قاتل البيت الأعذب الأملح كانت الثلاثمائة دينار لها، فقلن: حباً وكرامة، فقالت الكبرى:
عجبت له أن زار في النوم مضجعي ... ولو زارني مستيقظً كان أعجبا
فقالت الوسطى:
وما زارني في النوم إلا خياله ... فقلت له: أهلاً وسهلاً ومرحبا
فقالت الصغرى:
بنفسي وأهلي من أرى كل ليلةٍ ... ضجيعي ورياه من المسك أطيبا
فقلت: إن كان لهذا المقال جمالٌ، فقد تم الأمر على كل حال. فنزلت عن الدكة وأردت الانصراف، وإذا بالباب قد فتح وخرجت منه جارية، وهي تقول: اجلس يا شيخ، فطلعت على الدكة ثانياً وجلست، فدفعت إلي ورقة فنظرت خطاً في نهاية الحسن مستقيم الألفات مجوف ألهاآت مدور الواوات مضمونه: نعلم الشيخ، أطال الله بقاءه، أننا ثلاث بنات أخواتٍ جلسنا على وجه الصبوح وطرحنا ثلاثمائة دينار، وشرطنا أن كل من قالت البيت الأعذب الأملح كان لها الثلاثمائة دينار، وقد جعلناك الحكم في ذلك، فاحكم بما تراه والسلام.
فقلت للجارية: علي بدواة وقرطاس.
فغابت قليلاً وخرجت إلي بدواة مفضضة وأقلام مذهبة، فأنشأ أقول:
أحدث عن خود تحدثن مرةً ... حديث امرئ ساس الأمور وجربا
ثلاث كبكرات الصحاري جحافل ... حللن بقلبٍ للمشوق معذبا
خلون وقد نامت عيونٌ كثيرةُ ... من الراقدين المشتهين التغيبا
فبحن بما يخفين من داخل الحشا ... نعم، واتخذن الشعر لهواً وملعبا
فقالت عروبٌ ذات عز غريرة ... وتبسم عن عذب المقالة أنسبا
عجبت له أن زار في النوم مضجعي ... ولو زارني مستيقظاً كان أعجبا
فلما انقضى ما زخرفت وتضاحكت ... تنفست الوسطى، وقالت تطربا
وما زارني في النوم إلا خياله ... فقلت له: أهلاً وسهلاً ومرحبا
وأحسنت الصغرى، وقالت مجيبة ... بلفظ لها قد كان أشهى وأعذبا
بنفسي وأهلي من رأى كل ليلة ... ضجيعي، ورياه من المسك أطيبا
فلما تدبرت الذي قلن وانبرى ... لي الحكم لم أترك لذي اللب معتبا
حكمت لصغراهن في الشعر أنني ... رأيت الذي قالت جميلاً وأصوبا
قال الأصمعي: ثم دفعت الرقعة إلى الجارية، فلما صعدت إلى القصر، فإذا برقص وتصفيق ودنيا دانية وقيامة قائمة، فقلت: ما بقي لي إقامة، فنزلت عن الدكة وأردت الانصراف، وإذا بالجارية تنادي وتقول: اجلس يا أصمعي.
فقلت: ومن أعلمك أنني الأصمعي؟ فقالت: يا شيخ إن خفي علينا اسمك فما خفي علينا نظمك.
فجلست، وإذا بالباب قد فتح وخرجت منه الجارية الأولى وعلى يدها طبق من فاكهة وطبق من حلوى، فتفكهت وتحليت وشكرت صنعها، وأردت الانصراف، وإذا بالجارية تنادي وتقول: اجلس يا أصمعي، فرفعت بصري إليها فنظرت كفاً أحمر في كم أصفر فخلته البدر يشرف من تحت الغمام، ورمت لي صرة فيها ثلاثمائة دينار، وقالت: هذا صار لي وهو مني لك هبة في نظير حكومتك.
فقال لي أمير المؤمنين: لأي شيء حكمت للصغرى ولم تحكم للكبرى ولا للوسطى؟


الأربعاء، 18 نوفمبر 2020

الأمور طيبة

انتشرت لفترة من الزمن عبارة " الأمور طيبة" بصلالة؛ لا أدري إذا كانت ما زالت سائدة أم اختفت. ورغم ظاهر العبارة الطيبة الا أنها كانت أحيانا  تعبر عن عدم رضى أو تهكم على موقف ما فيقال  لا تخاف الأمور طيبة.  فعساها دائما طيبة  إن شاء الله .

الأربعاء، 4 نوفمبر 2020

المكاري وجِماله

 بما أن المزاج حميري هالكم يوم أسرد لكم هذه القصة عن أهمية الحمار. ترى مثل الحمار والسيرك جاء لصالح الحمير مع أن صاحبه كان يهدف لخلاف ذلك؛ المهم نعود للقصة.

يقال أن مكاريًا جلس يطلب المسامحة من جِماله (المكاري هو الشخص الذي يستأجره الناس لنقل البضائع وغالبا ما يكون هذا على الدواب) وكان سبب المسامحة أنه كان يجوعها ويثقل عليها الأحمال وربما كان يضربها عندما كانت تبطىء.
نظرت الجِمال إلى المكاري نظرة عتب وليست غضبا وقال كبيرهم للمكاري والله ما كرهناك يوما وكنا نعذرك بعقابنا أو تجويعنا فالدنيا مشاكل؛ لكن ما لا نسامحك فيه هو أنك لم تجد من بين كل هذه الجمال الكثيرة من هو كفوء ليقود القافلة وجعلتنا نسير وراء ذاك الحمار؛ وكما هو معلوم أن الجمال اذا سارت بقافلة لا بد لها من من قاد وغالبا ما يكون حمارا.
يقال أن أن المكاري ذرف بعض الدمع وقام الى عصاه وطلب من الجمال ان تصطف على هيئة القافلة وربط أولها بحلس الحمار ونهر الحمار وتبعته الجمال مطيعة.
هذا المكاري وجد في الحمار بعض الكاريزما ولا أقول فنون القيادة فهو لا يفعل شيئا؛ فقط يطيع امر المكاري ويسير. ولأجل هذه الكاريزما تتبعه الجمال عالسُكيت.
صاحبنا الذي ضرب مثل حمير السيرك لم يدري أن مثله جاء لصالح الحمار وليس الأسد فهو اي الحمار رفض أن يكون مسخة بيد مهرج السيرك.
طبعا الحيوانات مسيرة لما هي مخلوقة له ولا علاقة لها بقبول هذا الخيار أو رفضه.
القصة التي رويتها تظهر أن الجمال شكلها فقط للاستعراض وحيوانات أخرى تصلح للقيادة.
مجرد فضفضة.

الجمعة، 23 أكتوبر 2020

الكورونا

"الشوطة" كلمة جاءت برواية الحرافيش لنجيب محفوظ التي مثلها المرحوم نور الشريف بمسلسل لتعني الوباء؛ وعندما حل الوباء نصح الملهم نور الشريف (عاشور) بالمنام بالخروج من المدينة واللجوء الى البر أو البعد بأولاده خارج المناطق السكنية؛ فعلا نجا عاشور من الوباء ولهذا أطلق عليه لقب عاشور الناجي.
لماذا لم تفكر الدولة عندنا بهذه الطريقة لكن بشكل معكوس؟ لما لم تنشئ المستشفيات الميدانية للمرضى وتترك المستشفيات العادية للأمراض العادية وللمواعيد المجدولة.
لقد أصبحت المستشفيات بؤرا للكرونا ويتطور الوضع ليشمل المستشفيات الخاصة كذلك. لقد كان الجيش الأردني من أقدر الجيوش على إنشاء المستشفيات العسكرية الميدانية، فلماذا لا يكون لكل منطقة مستشفى لنعالج فيه حالات الكورونا بطاقم طبي مستقل.
يتطور الوضع بحيث تصبح إضافة أسِرّة هنا أو هناك عديمة الجدوى.
نحن في عين الشوطة أو على أبوابها فهل سنتدارك الوضع ؟

الأربعاء، 7 أكتوبر 2020

ضيافتك ثلاثون صوتا انتخابيا

روى الكاتب الكبير الاستاذ محمود الزيودي ببرنامجه حكايا أردنية على الإذاعة الأردنية حكاية قديمة لها علاقة بالانتخابات النيابية زمان. طبعا سمعتها من السيارة فتهيأ لي انه لم تكتمل فقلت اتصل بالاستاذ للتأكد، ليتبين لي انها خلصت.
تعالوا اسولفكوا اياها من أول.

الحكاية عن المرحومين دولة هزاع المجالي وأحمد الطروانة وهو عم دولة السيد فايز الطروانة.
الشخصيتان كانا محاميين أصدقاء ولكنها فكريا مختلفان ومع ذلك كانا بنفس المكتب ويتضح من خلال القصة أن هذا قبل الوظائف الحكومية.
ترشح الاثنان للانتخابات الكرك وهما طبعا من منطقتين، وصدف أن التقى الاثنان بالمالية على ما فهمت لدفع الرسوم التي كانت عشر دنانير فقط؛ صدف كما جاء بالرواية أن هزاع وجد ان ما يحمل من نقود معه لا يصل للعشرة فدفع الرسوم عنه أحمد الطروانة.
أثناء الانتخابات كان هزاع يتجول بمناطق الكرك ومنها التي تُحسب لأحمد الطروانة حيث التقى به عند إحدى اللجان.
قال الطروانة والله يا هزاع انا مشغول وانت مشغول وما بقدر اقدم لك واجبات الضيافة لكن ضيافتك ثلاثين صوت من الطروانة تصويت أميّ علنا. وعندما فرزت الأصوات وجد بإحدى الصناديق ثلاثين ورقة لهزاع تصويت أمي.
انتهت القصة. كتبتها وبحثت عنها بمناسبة الحديث عن الانتخابات والفرق بين زمان او اليوم.
هذا سبب السؤال عن استاذنا الكاتب الشهير.
الصديق حازم الشبلي العبادي
جهاد المومني للإطلاع

أنا وأنا

أنا وأنا
نعم لست مخطئا لم أقصد أنا وأنت. انا وانا وأصر عليها.
منشوران على صفحة بعض الأصدقاء يقول"اكشفت انني الوحيد الذي أحبُ الحديث معه لأنني لا أعارضني او انني أعجب أعجب بما أقول".
علّقتُ هناك بالمرتين نفس التعليق حيث قلت"أنا وصلت لمرحلة متقدمة عنكما فأنا اتحدث مع نفسي كثيرًا وإذا كان هذا بمشوار المشي الرياضي لا أتحدث فقط إنما اناقس نفسي فيما أقول. لا اتفق دائما مع نفسي فأحيانًا أعراضها واصل لقناعة انني كنت مخطئا بهذا الموقف او ذاك إن كان تجربة حدثت بالماضي. ولا اندم فقد فات الفوت.
ساخبركم بسر وهو انني في أحد المقالات التي كتبتها بدأته بقناعة معينة وانتهيت بنتيجة مختلفة عن البداية؛ كتبت بآخر المقال فقرة قلت فيها ما مضمونه هو أن الكاتب الجيد لا يتعصب إلى أحد حتى لو كان نفسه، فاثناء كتابتك كن مع فكرك وقلمك واتبعه كما قال عبد الرويشد "انا بتبع قلبي".
المهم الحديث شجون واشكر الفيس الذي ابقى معي اللون رغم طول المنشور؛ سؤالي من مثلي؟ ومن مثل الصديقين أعلاه بالإعجاب بما يقول هو، ومن فتح عليه هذا المنشور طريقة جديدة بمحاكمة تفكيره وتقييمه اتفاقًا او اختلافًا.

الاثنين، 5 أكتوبر 2020

ساولنا ابريق شاي



 أغار ليس من نسمة الجنوب ولكن من كل واحد تسنح له الفرصة بشرب الشاي بكاسة كالتي بالصورة، وكلما عقدت العزم أتذكر أن شرب الشاي بالكاسة غير ممكن نظرا لتغير الزمان عموما؛ لم نعد نسمع عبارة ساولنا ابريق شاي كالذي بالصورة.

لم يعد الشاي المشروب الرئيس على مائدة الافطار أو العشاء واختفى من السهرة العائلية!!! هي فين السهرة العائلية.
حياتنا صارت سريعة وبالتالي وجباتنا صارت سريعة وأكيد مشروباتنا. ساندويشات سريعة ومشروبات أسرع.
لهذا خلينا مثل هالناس وخلصت.
كم واحد معانا بيفطروا وبتشعوا كعائلة؟
إن وجد فهؤلاء هم من جماعة ساولنا ابريق شاي.
ساولنا ابريق شاي يا جماعة.

السبت، 3 أكتوبر 2020

المكرمات في القبولات الجامعية

كنت دائما ضد فكرة المكرمات بالقبولات بالتعليم الجامعي او حتى الدراسة فيها بما يتبعها من تكلفة مادية؛ لكن وبعد صفنة أرى أن المشكلة كالعادة هو بالإسراف بتطبيقها وليس فيها .
أرى أن تُقتصر  المكرمات بالقبول على المناطق الأقل حظا من ناحية التنمية والتعليم وليس للمهن. كل مهنة لها رواتبها قلت ام كثرت. لكن مشكلتنا بالمناطق التي لا نستطيع وصف حياة الناس فيها حفاظا على مشاعرهم.
لكن إن شاءت الدولة إكرام بعض القطاعات لسواد عيون اصحابها فيمكن ان يكون عن طريق الابتعاث ماليًا لكن بعد أن يحقق الطالب القبول الجامعي وليس قبله. يحصل الطالب على معدل وبعدين اصرف عليه.
اللي زعل من سواد عيونهم بنصالحه بس بصراحة لا أجد سببا آخر، فالكل خدم البلد. 
مع احترامي للجميع.

الجمعة، 2 أكتوبر 2020

يوم القهوة


لا أدري إن كان لنا أن نحتفل بيوم القهوة بالنسكافيه ولكن مع ذلك Happy Coffee Day.
الحديث عن القهوة يثير الشجون ومهما تعددت الأقوال حولها الا ان ما يصاحب القهوة من أجواء هو المهم اكثر من رشفة او رشفات من فنجان قهوة.
اختصارا للحديث خير من أدرك سحر القهوة اثنان: المرأة والشاعر.
أما أنا فلا استغني عن النسكافيه

الأربعاء، 30 سبتمبر 2020

ارتفاع أعداد الكورونا في الأردن

 ما زالت الأعداد بارتفاع رغم أننا مررنا بفترة جمية أوشكنا نعلن الحالة الصفرية؛ لكن طرقتنا عين ما صلت عالنبي انعكست على عقلية أردنية عنيدة  وأصوات بدأت بالعلو للتشكيك بالكورونا والتشكيك بالأعداد بطريقة تنم عن سخافة وعند يثير الشفقة على أصحابها.  

نتج عن هذه الحالة عدم اتباع التعليمات والتشكيك بجدواها وكذلك السخرية من متبعها وكانت هذه هي النتيجة.  
اليوم الأعداد ارتفعت ل 1773 حالة. 

  نسأله تعالى أن لا ترتفع أكثر من هذا. 

😡😡😡😡😡

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2020

التحالف المدني

 عندما ظهر هذا الحزب تفاءلت فيه ولم أغضب أو أزعل لأني لم أجد مكانا للجلوس عندما حاولت حضور جلسة الافتتاح الذي كان في كلية الخوارزمي؛ لم أتشاءم عندما لم أسمع صوتا للدكتور مروان المعشر بالاحتفالية فقلت لربما كان للدكتور رسالة معنوية من هذا الأمر؛ لكني تفاجأت مما جاء في كلمة زيادين بأنه "شيوخ بدهوش وعسكر بدهوش" بالتحالف وبهذا أخرج سعادته نصف المجتمع؛ إذا مين ظل ممن يحظى بشروط صاحب السعادة. فات صاحب السعادة أن نصف هذا البلد إن لم يكن أكثر من هذا هم دينيين وعسكر أو من من خلفية دينية (حتى لو كانوا غير مسلمين فهم برضه دينيون) أو لهم خلفية عسكرية.

تفاءلت بظهور نجم النائب السابق جميل النمري بالتحالف وهو أمين عام حزب وبعدها سمعنا عن التفكير بالدمج.
بعد اشهر من الاعلان بدأت أخبار التحالف تقل الى أن نسينا أن هناك حزبا أو تحالفا بهذا الاسم, إلا أن ذكرنا هذا التقرير.
هذا التقرير ما أعجبني بصراحة لأنه وضع كل النقاط التي تساهم في إفشال أي مشروع وبين أنها موجودة وسبب فشل التحالف أي أنه لم يُشر لنقاط محددة مما يوحي بأنه يمكن أن يكون توقعات فقط وليس لدراسة قام بها الصحفي أو ربما نتيجة معلومات سربها أحد الأعضاء المعنيين بالأمر لتتلمع صورته.
أنا أعتقد أنه بيننا وبين الحزبية شوط طويل من الحراك حتى نخرج ما يسمى بحزب. وعن تراجعت عن طلبي الذي طلبته بمقال بعام 2011 بعنوان أبحث عن حزب وكنت فعلا جادا بالبحث عن حزب.

الصحة النفسية

 كلما زاد وعينا لما يجري حولنا ارتفع منسوب القلق النفسي والاضطراب العقلي عندنا.

مش ممكن نرى كل هذا أو نسمع به ونبقى بصحة نفسية جيدة

الحضارات لها عمر أيضا

 إنما اندثرت الحضارات لأنها وصلت درجة الكمال فنامت شعوبها وغفلت عن الحضارات الناشئة فحلت محلها. ومن سنن الكون أنه لم تعد للوجود حضارة بادت؛ ومن عدالة الخالق أن كل شعوب الأرض أخذت او ستأخذ دورها في السيادة او الريادة، لكن لم يسجل عودة أي من هذه الحضارات إلى الأضواء بالمفهوم القديم.

مفاهيم السيادة والريادة اختلفت عن زمان فلنبحث لنا عن مكان.

المنتصر بالله


 رحمك الله وغفر لك.  

التقدم بالعمر والخبرة

 كل ما تقدم بك العمر المفروض ان تكون اكتسبت خبرة وتطورت قدرتك على محاكمة النصوص قديمها وحديثها لا أن تزداد تناحة وانقيادًا لما سبق.

القضاء لصالح البزنس

 لا أدري رغبة من كانت وراء القرار القضائي بعدم دفع الأجرة اذا كان العقار تجاريًا لان قانون الدفاع حظر التجول وبالتالي حظر الانتفاع من العقار تجاريًا.

هل كان المؤجر مغسل وضامن جنة؟ هل اشتمل العقد على أنه في حالة العطل مثلا لا تدفع الأجرة؟
اذا كان القضاء رؤوفًا بالعباد فليكن رؤوفًا بكلا الطرفين ويلزم الحكومة بتحمل الأجرة المؤجر.
العقد ينص على كيفية استعمال المأجور مش توفير الزبائن لصاحب العقار!
مين اللي يهوى تربيط ذيول العالم ببعضها.

 

العلماء الأردنيون

 عندما نرى هذه الشهادات في الأردن بالعلم والدين والفضيلة والفلسفة نستغرب لماذا لم نصل القمر بعد أو لعله اقل طموحاتتا ونسعى للمريخ

بس شكله كما قال الداعية إياه " ما لهذا خُلقنا!"

الابن صديقا.

 من أسوأ ما علمتنا اياه التربية الحديثة هو أن العلاقة بين الأب وابنه علاقة صداقة؛ يأتي زمن ويبيعك بحجة أن الصداقة انتفت بانتفاء الحاجة إليك؛ يصبح بعدها الحديث عن الأبوة والبنوة حديثا ماسخا بدون طعم.

 

 رحم الله الشيخ أمير دولة الكويت. 

عزاؤنا للكويت وأهلها 

الثلاثاء، 1 سبتمبر 2020

قصة طابع البريد


قصة طوابع البريد
هذه القصة قرأتها في أحد كتب القراءة بالصفوف الابتدائية ولا زالت عالقة بذهني؛ عندما أردت الكتابة عنها حاولت توثيقها بالأصل من الأنترنت ولم أعثر عليها. لهذا ساورني شك إن كانت القصة حقيقة أم لا ولكني شاهدت أكثر من موقف يشبهها بالواقع.
ذكر المؤلف للقصة أن أجرة الرسائل كانت قديما على مستقبل الرسالة وليس مرسلها؛ وسارت لفترة من الزمن على هذا المنوال. لكن لاحظ موزع الرسائل في إحدى المناطق أن إحدى الفتيات كانت في كل مرة تستقبل رسالة تقلبها من كل النواحي وترجعها لساعي البريد لأنها لا تريد استقبال الرسائل من ذلك الشخص. وعندما تكرر الموقف كثيرا حاول المسؤولون أن يكشفوا السر؛ فلماذا عند هذه الفتاة بالذات. وبعد مدة اكتشفوا أن المرسل هو خطيب الفتاة ويراسلها طيلة هذه المدة ببلاش حيث كان يكتب بعض الكلمات على المغلف فتقرأها الفتاة ثم تعيدها. ومن تلك اللحظة تحولت الأجرة لتصبح على المرسل وليس المُستقبِل.
أثناء عملي بالكلية التقنية بصلالة لاحظت أن أحد الزملاء يتصل كل يوم من تلفون الكلية العمومي بالكلية بأهله حوالي الساعة السابعة والنصف صباحاً وكان هذا تقليدا شبه يومي. سألته من باب الشفقة عليه أن لا ضرورة لهذا ففيه صرف نقود كثير هو بحاجة لها. فقال أنا لا أدفع شيئا؛ أنا أتصل فيضرب الجرس هناك مرة واحدة وأقفل الخط فيعرفوا أني بخير. واذا أطلت الرنات يعرفوا عندها أنني أريد الكلام.  فقلت إذا ما زالت قصة الرسالة حاضرة دائما ولن تنتهي وسبقى المحتالون أو الشُطَّار موجودين في كل العصور.

الأحد، 23 أغسطس 2020

الكورونا في الأردن


لا علم لي بعلم الطيران ولكني سمعت أن الطائرة حتى تحافظ على طيرانها فإنها تحتاج إلى قوة رفع تبقيها سابحة في ملكوت الله؛ لا يجوز للكابتن أن يطفي الماتور بعد الإقلاع لأنها ستهوي بمن فيها بالتأكيد. 
ما جرى في الأردن وما يجري حاليا بخصوص الكورونا أمر يستوجب الوقوف عنده.  دخلنا بقوة في بداية الكورونا في قوة الرفع للطائرة وحافظنا على نفس القوة فتنفسنا الصعداء بعد أن وضعت الطائرة بوضعية الطيار الألي (AUTO PILOT) واعتقدت الحكومة أن هذا الطيار الألي يكفي  فاستراحت واستراح معها الشعب؛ وهذه الاستراحة اعطت الفرصة للمشككين بموقف الحكومة (أي حكومة وليس بالضروورة حكومة دولة الرزاز) فكثرت الأسئلة التشكيكية  " انت مصدق انه بي كوورنا"  ويضحك عندما نقول نعم.  وتوسعت حملة التشكيك طبعا عندما طفت على السطح مشكلة المعلمين  فتضاعفت الاعداد المشككة. 
لا أريد أن أهول الوضع ولكني اشعر أن هذا الشك ربما تسرب ا للموقنين والمعجبين بالأداء الحكومي. وخايف أن يكون تسرب لأعضاء الحكومة نفسها فقد أصبحت أرى الاحباط على وجوه المسؤولين.
ويبدو أن هذا التشكيك قد أتى أوكله وهوت الطائرة لنصبح نشهد تسارعا كبيرا في تسجيل الحالات ونتجه بقوة لنقطة الصفر والمراحل متعددة الألوان. 
ماهي الاجراءات الحكومية؟ هل سينفع الحظر ومنع التجول ثانية؟ هل سيقى البلد في حالة تسكير وغلق ومخالفات لعدم لبس الكمامة؟ هل هذه هي القوة التي ستحافظ  على طائرة الأمان فوق السحاب!  طبعا لا. ستحتاج الطائرة للهبوط فهل سستعود الحالات؟ 
لا أعتقد أن البلد يملك  القدرة الاقتصادية ليصرف على الجميع فئات الشعب وهي تجلس في بيوتها محجورة أو محظورة وتستلم رواتبها ... طيب وبعدين؟ 
لماذا  لا نجرب ما فعله الآخرون في الفتح مع المراقبة ؟ الى متى سنبقى نتقدم خطوة ونعود خطوة ؟ اين التقدم إذاً.  

لنرى رأي الشباب

الثلاثاء، 7 يوليو 2020

كتابة المذكرات وصنعة الحكواتي


كتابة المذكرات وصنعة الحكواتي
نتداول بالتراث الأردني وربما بالعربي أيضًا مثلًا دارجًا وهو ( يكفيك شر شاب إذا تغرَّب وشايب ماتت أجياله) وسبب هذا المثل أن المجال مفتوح لهذين الصنفين من البشر أن يقولوا ما يشاؤوا لأنه لا شاهد نفي موجودٌ لينفي أو يُصدِّق ما يمكن أن يحلق به خيالهم حول قصصهم ويجعلها مثارًا للشك. ومن سوء حظ هؤلاء أنه ومع تقدم التكنولوجيا أصبحت فرصتهم بالزيادة أو النقصان لروياتهم ضعيفة لأن نقض حديثهما سيسهل على المستمع عند البحث عن مصدر الرواية. تذكرت المثل السابق وأنا أتابع هذا السيل العرم من كُتّاب المذكرات الشخصية؛  وبالمناسبة فإن كتابة المذكرات ليست حِكرًا على كبار القوم فالمجال مفتوح للجميع ولكن اهتمام الإعلام ينصب دائمًا على شخصية وكاريزما الراوي نفسه وما يحمل في روايته من أحداث.
وكتابة المذكرات قديمة طبعًا ولكنها لم تكن بهذا الانتشار إلا بنهايات القرن الماضي لدخول الفضائيات هذا المجال، وكان للجزيرة التفرد بالبداية بنشر تحليلات محمد حسنين هيكل، وهي وإن كانت تحليلات سياسية  إلا أنه يمكن أن تعتبر نوعًا من المذكرات أو السيرة الذاتية للسيد هيكل، فضمير المتكلم (أنا) منفصلًا أو متصلًا، ظاهرًا أو مستترًا كان دومًا موجودًا بين سطوره. لذلك هي مذكرات أو كما جاء ببرنامج الجزيرة لاحقًا عندما راقت الفكرة لأصحاب القناة فاخترعوا لنا ما يسمى ببرنامج ( شاهد على العصر) الذي كان موجهًا بامتياز لغايات محددة.  وفي هذا البرنامج حلَّق كل (الشياب الذين ماتت أجيالهم) للحديث عن أهم الأحداث كما يشاؤون؛ ولجأت الجزيرة طبعًا للأشخاص الجدليين في بلدانهم حتى يحققوا قفزات إعلامية كبيرة. 
وعندما يخطر ببالك أن تسأل عن كمية أو أهمية الإضافة التي اضافتها هذه الشهادة على العصر تجد أنها ليست بهذا القدر المهم، أو تحاول أن تجد سببًا مقنعًا لهذا الانتشار الكبير للمذكرات فلا تجد إلا رغبة عند الشهود بتتبع سقطات السياسيين في بلدانهم أكثر من الأفعال نفسها، ورغبة من المشاهدين بتتبع عورات مسؤوليهم؛ أقصد أنه لم يكن هناك داعٍ لكل هذا بما أن كل ما أورده أصحاب الشهادات مكتوب بالكثير من الكتب باستثناء بعض التعليقات التي تُعبِّر عن شعور شخصي من صاحب الشهادة تجاه الشخص موضع الشهادة، وهذه لا علاقة له بالحدث نفسه وعادة يسقطها المحررون عند تنسيق الكتاب. وهنا تذكرت مقولة سيدنا عمر لعمرو بن العاص عن مكتبة الاسكندرية بشأن الكتب فيها حيث قال إن كان فيها ما جاء بالقرءان فعندنا كتاب الله، وإن كان فيها ما لا يوجد بالقرءان فقد أغنانا الله عنه. وطعبًا هذه نقضها عباس محمود العقاد في كتابه عبقرية عمر.  فكل ما حدث بحرب اكتوبر مثلًا موجود بالكتب فما الداعي لمقابلة الصحفي فلان أو المشير علان ليحدثنا عن أكتوبر على التلفزيون!!!
إذا لم يبقَ بالإضافة للشهرة الإعلامية للقناة إلا الابتزاز الرخيص أو التحرش بالشخصيات السياسية التي على رأس عملها أو الدول نفسها نفسها وبالتالي تصبح القناة رُمحَ ممولها لمحاربة الدول الأخرى؛ فإذا أرادت دولة أو قناة أن تلوي ذراع دولة أخرى أحضروا منها شخصية تبحث عن مجدٍ زال ولن يعود ليحدثنا باسم التوثيق أو الشهادة عن أحداث جدلية لتثير فتنة طائفية أو عرقية أو سياسية أو مذهبية، وتعطيه الكامرا ليسرح ويمرح مُوجَهًا من مذيع محترف له أجندته الخاصة أضافة طبعًا لأجندة القناة فيعصره بأسئلة دقيقة تجعل الضيف ألعوبةً ساذجةً بيده. وربما يكون الابتزاز ماليًا لتسكت القناة عن بلاوي هذه البلد أو الشخصية الضحية.  ويذكر معظمنا فلم الراقصة والسياسي عندما أرادت الراقصة أن تكتب مذكراتها؛ انهالت عليها العروض بالملايين لتسكت. ويبدو أن موضوع المذكرات أو هذا النوع منه قد راق للجمهور فأصبح متابعًا قويًا للقنوات وأصبح السائد هو مبدأ (الجمهور عاوز كده) وكثر جمهوره فاندفعت معظم القنوات تضخ الحلقات الكثيرة من هذه المذكرات مع الجميع. 
إن أكبر ضرر يمكن أن تقدمه هذه المذكرات على اختلاف مسمياتها لجمهورها هي أنه توقعه في تناقض فبدلًا من خلق جيلٍ يبحث عن الحقيقة نجده تائهًا يُصدِّق هذا أو ذاك بكثرة المتناقضات فيصبح من جماعة ( والله الراجل ده بيتكلم كلام زي الفل) لينطلق لمحطة أخرة فيقول نفس ما قاله عن السابق رغم تناقض المحتويين كما جاء بفلم السفارة بالعمارة لعادل إمام؛ فقد يتصادف أن يكون نفس الموضوع مطروحًا على قناتين متناحرتين تُسبٍّح كلٌ منهما بفلك دولتها.  إذا أي قيمة يمكن أن تحصل عليها عندما  تسمع من هذا أو ذاك.     
هذه الأيام أتابع برنامجًا ينشر مذكرات شخصية على إحدى القنوات وهو تمامًا كغيره من البرنامج لكن ربما كان أصدق من الآخرين فذهب إلى جوهر الأشياء وجلّل اسمه باللون الأسود؛ أي أنه مختص بالسواد من هذه الأمة. لم أرتح لكل ما سمعت باستثناء شهادة أو صندوق الدكتور عبد الله النفيسي وهو رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت.  لقد جمع الدكتور النفيسي بين تسجيل حوادث التاريخ وتحليلاته السياسية لها فكان مؤرِّخًا ومحللًا في نفس الوقت وأنا بطبعي أرتاح لمثل هؤلاء الشهود على العصر؛ لا أريده فقط ناقلًا للحدث بل أريد أن أراه هو (المحلل) بين السطور. وربما يسأل سائل وما الجديد فيما قدمه الدكتور النفيسي حتى نال رضاي؟ وأجيب أن ما عرضه أو شهد به الدكتور النفيسي وافق هوى نفسي أنا فاعتبرته شهادة لصالح معلوماتي، أي أن أفكاره تطابقت مع أفكاري الشخصية حول الأحدث المشتركة بيننا.  فقد عرض لأحداث تأثر بها الأردن، وكذلك عرض لأحداث قوية وقديمة في بلدٍ عملتُ فيه ربع قرن وكان صادقًا أيضًا ومطابقة لما سمعت من أهل تلك البلد أنفسهم.
إن كان من فائدة لكل ما سبق من أحاديث الذكريات أو المذكرات أنها استغلت ضعف الإقبال على الكتب فتوجهت لصياغة كل هذا ببرامج مسجلة فجمعت بين المعلومة والترفيه. وهنا تشترك مع مهنة الحكواتي بمقاهي زمان والتي يخرج منها السامع بالكثير من المتعة وربما بالكثير من المعلومة حسب قدرة الحكواتي على التمثيل للوقائع؛ وأسوأ انواع حكواتية هذه الأيام هم المسؤولون السابقون فلا يُمتع حديثُهم ولا تصدق روايتهم إلا إذا ماتت أجيالهم عندها لن يوجد من يقول لهم : كفى.
  دمتم بخير

الخميس، 25 يونيو 2020

الرجاء عدم الوقوف أمام المنزل

إلى مدى يحق لصاحب المنزل أن يضع مثل هذه اللافتة ليطلب من الناس عدم الوقوف امام المنزل! لا اتحدث  عن مدخل جراج سيارة إنما عن سور طويل عريض.. أين ستقف اذا كانت عمان كلها لافتات من هذا القبيل.
اعترض أحدهم مرة على وقوفي فاتصلت على الشرطة فقالوا لي ولا ترد عليه. ممنوع ان تعيق حركة السير  فقط. بعدها صف وين ما بدك.
تبقى قضية العُرف مسألة أخرى.

الاثنين، 22 يونيو 2020

التعليم عن بُعد



سأخالف المعهود وأبدأ مقالي هذا بما يجب أن أختم به وهو التوصية؛ كانت لي مداخلة الاسبوع الماضي على برنامج متابعات بالإذاعة الأردنية حيث كانت الضيفة عطوفة الدكتورة نجوى قيبلات الأمين العام لوزارة التربية والتعليم وكانت الحلقة عن التعليم عن بُعد.  قلت لا اعتراض لدي على برنامج التعليم عن بعد أبدًا ولكن ستكون الفائدة الحقيقية منه لم تتحقق إن وجدنا أنفسنا العام القادم في حيص بيص وفي حيرة من أمرنا إن نفذت نقابة المعلمين تهديها وأعلنت الإضراب. وفي ردها على المداخلة أعتقد أنها لمحت لجاهزيتهم لهذا الوضع.  ارتحتُ لوصية أوصلتها وأرجو أن أكونَ فهمتُ تلميحات عطوفتها بشكل صحيح.
وبالعودة للتسلسل المنطقي للمقالات أستعرض على عجل بعبارات قليلة خلفية التعليم عن بُعد بالقول أن هذا النوع من التعليم لم يكن أبدا بِدْعًا من الأنواع بل قديمٌ ومن القرن الماضي لكنه كان باتجاه واحد ( one way) كما هو الحال بمنصة درسك حاليًا مثلاً؛ فقد درسنا ودرسّنا لاحقًا باستعمال ما كان يُعرف بالتلفزيون التربوي. وما زلت أذكر الاستاذة سعاد فركوح عليها رحمة الله وهي تطل علينا لتشرح درسا بقواعد اللغة الانجليزية مثلا. ولا أدري ما حل بهذا البرنامج لاحقًا.  المهم أن فكرة التعليم عن بُعد لم تكن مستحدثة أبدًا.
ما حدث بالتعليم عن بعد بحُلته الجديدة أن طريقته قد تطورت وانتقلت باستخدام البرامج المنتشرة Zoom  or Meet فجعل من التعليم  حواريًا أي باتجاهين وبهذا  خرج من التلقين إلى الحوار على مستوى التعليم العالي.  لكن هذه النقلة في التعليم لم ترق للبعض وقبلوا به باعتباره جاء نتيجة حالة عامة مرت بها الدولة والعالم أجمع  بسبب الكورونا، ولكن شاب هذا القبول معاراضات وربما محاولات لاستغلال الظرف حتى نضمن عدم العودة اليه بعد انقضاء حالة الطوارئ.  ومن هذه الاعتراضات ما كان مقنعًا كالاعتراض على تكلفة الانترنت فالطالب مثلا دفع رسومه للكلية لتصله المعلومة من المحاضر أو بأي طريقة، فعند الأزمة يجب أن تتوفر له المعلومة وهو في بيته، لهذا كان من المفروض توفير خدمة الانترنت المجانية للطلاب، وكنت أتوقع أن يكون أحد قوانين الدفاع لرئاسة الوزراء حول وجوب مساهمة شركات الاتصالات بمجهود البلد وتفتح الانتنرت مجانًا طيلة الفصل الدراسي.  وهذا يجب أن يكون إن اضطرت الدولة للتعليم عن بعد ثانية.
الطرف الآخر المعارض كان من شقين: الأول هو بعض الأكاديمين الذي لم يطوروا أنفسهم حاسوبيًا وبقيت معلوماتهم متقوقعة في إطار ضيق.  لقد  انقسم هذا الشق الى قسمين فمنهم من طوّر نفسه وأصبح بلبلاً صدًاحا في عالم الانترنت ومنهم ما بقي في صومعته وظل جهاز الحاسوب يشكل بعبعًا  مخيفًا فلجأ لأسلوب آخر خاصة من كان بالتعليم العالي فكان يعطي الطالب واجبًا عن طريق الايميل فينجزوه ويرسلوه للمحاضر بنفس الأسلوب؛ ومنهم من كان يسجل محاضرته ويرفعها على اليوتيوب أو على الفيس ولم يكن هناك حوارٌ أبدا بين الطالب والمحاضر.  وهذا كله دليل قصور تكنولوجي في أمور الحاسوب.  وكان من المفروض أن تكون هناك دورات تدريبية للمحاضرين وبرامج مفهومة يسهل التعامل معها، حتى يشعر المحاضر بأن مؤسسته جادة بالتعامل مع هذا الوضع.
كان بعض الطلاب هم الشق رقم اثنين المعارض للتعليم عن بُعد، ربما لأنهم كانوا يعتقدوا أن المسألة شهر زمان وتنتهي لهذا أحبوا أن يأخذوها إجازة مدفوعة العلامات وتفاعلوا كثيرًا مع هاشتاق كلنا ناجحون ولم يرتاحوا لموضوع راسب /ناجح باعتبار أن هناك فرصة للرسوب؛ ثم تطورت مطالباتهم "لنا الخمسون حقا" وما نحصل عليه طريقة عادل إمام (من جد وجد) هو زيادة على الخمسين لهذا كانت العلامات لو نجح هذا المطلب كلها تسعين فما فوق؛ تصور أن يكون التوجيهي فيه علامة 100 والطلاب بالتسعينات؛ عندها ستكون الدنيا قمرة وربيع.  وللأسف ساعد بعض الأكاديميين الطلبة بهذه المطالبات، لكن غالبية الطلاب لم تشعر بجدية التعليم عن بعد إلا بعد أن شعروا بأنه لا تراجع عن هذا، وهو الفيصل بالنتيجة فواظبوا على الدوام. 
شخصيَّا لم أرى هذا النوع من التعليم الا نقلة نوعية في عالم التعليم الأردني على كافة المستويات وربما سيكون له أبعادٌ اقتصادية كبيرة بالمستقبل. فهي أولا كانت دافعًا للمعلمين والمحاضرين  ومنهم كاتب هذه السطور لتطوير أنفسهم في هذا المجال؛ وستكون فتحًا جديداً في عالم الاتصالات  توفيرا للخدمة وطرحًا لأنواع جديدة من الهواتف أو الألواح حتى تواكب القدرة على تحميل الملفات  فما عادت التلفونات البسيطة تكفي وأصبحت الحاجة ملحة لهواتف أكثر تعقيدًا.
أما على الصعيد الطلابي ربما ينطبق هنا المثل "رب ضارة نافعة" على واقع الحال بالنسبة لهم.  فقد كان لجائحة الكورونا التي عصفت بالعالم أثرها الايجابي على الطلاب رغم اثرها المرعب على الصعيد الاقتصادي والصحي. ومن هذه الاثار الايجابية التشجيع على التحول بشكل فعلي للتكنولوجيا الحديثة وكذلك  الاعتماد على الذات في البحث على المعلومة وربما لن يكون أخرها الجانب الاقتصادي.
لقد نقل التعليم عن بُعد الطلبة من التعامل مع التكنولوجيا في مجالات التواصل الاجتماعي والبحث عن الإثارات السياسية والبث الحي لموضوع تتحطم فكرته بمجرد الانتقال لموضوع أكثر سخونه، وسيتوجه الطلاب الان إلى المجالات والاستعمالات الاكاديمية للتكنولوجيا؛ تلك السياسيات التي قرأ عنها بالكتب ولم يمارسها فعليا؛ ربما سمع أو شاهد  بأحد الأفلام كيف يتواصل الطلاب مع محاضريهم بالألواح الاكترونية وكان استعمالها بالنسبة له ضربًا من الخيال.  وهذا هو  الان يحضر محاضراته الكترونيا ويتابعها ويكتشف شيئا فشيئا أن هذا ممكنًا للطلبة العرب أيضا؛ وبعد أن كان يسمع عن مدارس بالأردن تُدرِّس عن طريق الانترنت والمخصصة للطبقة الثرية وجد أنه أصبح ينتمي لهذه الطبقة بهاتفه المتواضع.
أما الاعتماد على الذات أو تسهيل الاعتماد عليها فقد أصبحت متيسرة جدا بعد أن فقد الشروحات التفصلية من مدرس المادة في قاعة المحاضرات، لهذا أصبح شرح المحاضر غير كاف ولهذا فعليه السؤال والبحث، فيسأل زملاءه أو يبحث في المصادر عن بغيته.  لقد فقد الطالب بعدم التواصل  الصفي مع المحاضر ما جعله استاذ نفسه في تخصصه.
أما في المجال الاقتصادي فقد تأثر الطالب إيجابيا بهذا فهو يوفر مصروفه اليومي  فلا حاجة له بالذهاب للجامعة ويحصل تعليمه ويُختبر وهو في بيته فيوجه مصاريفه ربما لتطوير هاتفه أو ربما سيشتري حاسوبًا محمولا فيكون أداؤه أفضل في هذا التعليم الالكتروني.  ومن يدري ربما سيوفر للطالب فرصة الحصول عل عمل فتتغير حياته دون أن يؤثر ذلك على مستقبله العلمي.
إن كان من توصية لي بهذا المجال إضافة للتي بدأت  مقالي بالجاهزية دائما للمطبات النقابية القادمة أوصي الزملاء المحاضرين والمدرسين وأحبائي الطلبة أن يطوروا أنفسهم كثيرا بمجال تكنولوجيا المعلومات الحقيقية فهذا العلم ليس تواصل وتيك توك إنما عالم جديد يدخلك إلى أبواب المعرفة الحقة لتعرف أين تقف في هذا العالم، فالقادم كله على بُعد وليس فقط التعليم.
ملاحظتان:
 تركز معظم ما كتبتُ عنه عن التعليم العالي لكوني فيه؛ ولم أركز كثيرًا على التربية والتعليم الا إشارة خفيفة بموضوع درسك والتلفزيون التربوي حيث لم يكن التدريس تفاعليا.
هناك رافض ثالث للتعليم عن بعد تجاوزتُه قاصدًا؛ يقول أصحابه أن فئة معينة من الموظفين هم المقصودون به ولهذا يجب أن يُرفض.
أما عن نتائج هذا  الفصل فلم ألحظ اختلافًا كبيرًا بينها وبين الامتحانات التي كانت تجري بالكليات؛ فسيروا على بركة الله.

السبت، 20 يونيو 2020

همبكة المدارس

عند إخواننا المصريين يتسعمل القرع للدلالة على الهمبكة أو الفهلوة أو على شان نقول نحنا بنشتغل. الهمبكة بالمدارس عندنا هو عدد الدفاتر التي تطلب ببداية الفصل الأول والتي تشكل عبئا ثقيلا على ظهور الطلاب عند حملها هذا أولا ونوعا من أنواع الهمبكة التي تتضح بنهاية الفصل الدراسي حيث يكتشف الأهل أن بعض الدفاتر لم يكتب فيها الا صفحة أو اثنتين وذلك لإصرار المعلمات (كما هو الحال بمدرسة أولادي) على دفتر لكل مهارة ففي اللغة العربية مثلا هناك دفتر للمفردات وآخر للتعبير وثالث للاملاء ورابع للقواعدوكان بالامكان استخدام دفتر او دفترين والاجتماعيات ثلاثة دفاتر واح للوطنية وثاني للتاريخ وثالث للجغرافية وكتابة الا 5% من الدفتر من باب الاحتياط. وأكثر ما يلفت النظر وأكبر همبكة هو اللغة الانجليزي؛ فإذا جاي الكتاب من دار ابوه عفوا أبيه ومعه كتاب الطالب والتمارين لها أسطر للحل وأمكن للكتابة فاي داعي للدفاتر. ربما تكون الرياضيات أولا واللغة العربية ثانية أقل الهمباكات في حين باقي المواد كلها همبكة بالدفاتر ويا حبيبي على دفتر الحاسوب.

الجمعة، 5 يونيو 2020

العلاقة بين سلطنة عُمان ودول الخليج العربي


ينشغل هذه الأيام المهتمون بالشأن الخليجي كلٌ حسب هواه بالتسجيل الصوتي المُسرَّب حول حديث جرى بين العقيد معمر القذافي والوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان عن مستقبل الخليج العربي عمومًا والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص. وقد انقسمت الأراء حول هذا التسجيل بين مستغرب أو غاضب كما يحصل عادة بمثل هذه التسريبات، لكن القليل فقط شكك بالتسجيل، وانصب الغضب على كيفية التسريب. شخصيًا،لم استغرب ما سمعت ببداية التسجيل من كلمات (نعم) التي كان يرددها معالي الوزير واعتبرتها محاولة من معاليه وهو السياسي المُحنَّك لتجنب غضب القذافي، فلا ندري في  أي خيمة  كان الاجتماع؛ فقلت بنفسي أن معاليه لا يريد أن يكون موسى الصدر رقم اثنين بعهد القذافي ففضل مجاراة القذافي بأفكاره خاصة أنه قد فرغ من إهدائه خنجرًا عُمانيا ثمينًا. إلا أن الإسهاب في الحديث جعل معاليه يطمئن وربما فتح شهيته للحديث بموضوع البديل للسعودية فتحدث واقترح النموذج الإيراني بديلًا  عن النظام السعوي وتطور الحديث عن تقسيم المملكة، وهذه سقطة لا تُغتفر وهي ربما غلطة الشاطر.  وأقصد بالغلطة ظهورها بالعلن لكن بالنوايا ربما لم تكن غلطة؛ فالرجل يعي ويدرك ما يقول دائمًا.
ومن فوائد مثل هذا التسجيل الذي بثته قناة ظفار الحرة  للمعارض الظفاري العُماني في لندن  أنه ربما كان إنذارًا لدول الخليج لوجوب تغيير نظرتها للسلطنة بحيث يكون التعامل معها بمنطق المثل والنِد أو الانتباه أو الحذر كما جاء بمقابلة الدكتور عبد الله النفيسي عندما تعرض للسلطنة ببرنامج الصندوق الأسود لقناة القبس الكويتية. فالسلطنة كما رأيتُها عن قرب وبعد خدمتي فيها مدة ربع قرن في كلياتها الجامعية يجب أن تكون محط اهتمام الخليج من حيث سياسيتها غير المعلنة؛ فالمعلنة عبَّر عنها جلالة المرحوم بإذن الله السلطان قابوس ذات لقاء بأنه يتمنى أن ينظر إلى الكرة الأرضية فلا يجد عداوة للسطلنة مع أي بلد على وجه الأرض.  وقد صرَّح وزير الإعلام العماني الأسبق من أيام التسعينيات معالي عبد العزيز الرواس أن السلطنة لا تميل للعداوة أو التمحور مع بلد ضد بلد من أجل بلدٍ آخر.  وهنا أراهم يتناغمون سياسيًا مع ما جاء بفيديو يتداوله الناس هذه الأيام على لسان  نيلسون مانديلا  بأنه من أخطاء المحللين السياسين أنهم يعتقدون أن أعداءهم يجب أن يكونوا أعداءنا أيضًا.
من منظوري الشخصي وعند تقييم علاقة سلطنة عمان مع دول الخليج ربما لإعادة النظر فيها للوصول إلى شكل أفضل يجب أن يُنظر اليها من جوانب سياسية ومذهبية واجتماعية؛ وقبل المضي بالتحليل الشخصي أحب أن أؤكد أن عُمان رغم انتاجها النفطي إلا أنها ليست غنية لدرجة الثراء الكبير كباقي دول الخليج فهي تعتمد أو كانت على الدعم الخليجي لتنفيذ بعض المشاريع الكبرى وخاصة المتعلقة بشق الطرق  الطويلة أو الصعبة بين جبالها الشاهقة وربما كان هناك أيضًا غيرها. وسأبدأ بالحديث عن هذه المجالات بشكل تفصيلي كما شعرت به أو رأيته خلال فترة إقامتي الطويلة.
ففي الجانب السياسي أعتقد اعتقادًا قريبًا للجزم أن الأسرة البوسعيدية الحاكمة في سلطنة عُمان هي الأقدم تاريخيًا على مستوى الخليج أو ربما العالم العربي كله؛ فجذورها تمتد إلى القرن الثامن عشر وكانت تسيطر على امبراطورية شاسعة تمتد من بلوشستان بشبه القارة الهندية إلى أواسط افريقيا في زنجبار وكلها تحت العلم العُماني وهذا التفسير لوجود أصول مختلفة يحملون الجنسية العُمانية فيها وأصبحوا وزراء فيها؛ كانت الإمبراطورية العُمانية الكيان السياسي الوحيد في المنطقة الذي جاب أسطوله عرض البحار والمحيطات وطولها حاميًا للحدود وناقلاً للبضائع من الشرق لأفريقيا وبالعكس؛ كانت الأقدم بإقامة علاقات وتوقيع اتفاقيات مع أمريكا، وكانت أساطيل الدول الكبرى تعبر المحيط الهندي تحت العلم العُماني حماية لها. وهم قديمًا أساتذة في علم البحار ولا مجال هنا للإطالة في هذا المجال فهو ليس موضوعنا.  
عندما قَدِمتُ لكلية المعلمين بصلالة 1990 وقفت أمام خريطة للامبراطورية العُمانية القديمة معلقة على جدار المكتبة، فقلت كم ظلم هذا البلد نفسه إعلاميًا عندما لم نكن نسمع بمثل هذا قبل أن أحضر لعُمان. والسبب لإطالتي بعض الشيء بهذا المجال لأعرج منه إلى علاقة عمان مع غيرها خليجيًا من خلال مجلس التعاون الخليجي. أرى أن دولة بتاريخ عُمان لا يمكن أن تقبل (ولو داخليًا) أن تكون مجرد تابعة لدولة كبرى أخرى في المنطقة ولا استغرب أن يكون قد دار في خلد بعض السياسيين فيها أسئلة من قبيل متى سيشعر هؤلاء أننا امبراطوية ومتى سيدركون أننا أثبت منهم وأقدر.  وهنا أريد أن استذكر مع القرّاء على سبيل المثال موقف السلطنة من قرار السعودية (نعم قرار السعودية رغم أنه أخذ صبغة مجلس التعاون لاحقًا؛ فقد كان دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بداية الأمر) بدعوة المملكة الأردنية والمغربية للانضمام لمجلس التعاون الخليجي. لقد سمعت الدول الخليجية بهذه الدعوة من الأخبار مما جعل السلطنة تنتفض بأنها غير موافقة على هذه الدعوة ليس كرهًا بالاردن والمغرب ولكن احتجاجًا على هذا التجاهل لباقي الدول رغم التبرير الظاهري بأن هذا يخالف مبادىء مجلس التعاون، وعندما اقتُرِح بأن يتحول المجلس لاتحاد للسماح بضم الأردن وغيرها قال وزير الخارجية العُماني صراحة أنه إذا قام هذا الاتحاد فعُمان خارجه ولن تكون فيه.  فهل يمكن أن تكون دولة بهذا التاريخ مجرد تابع!! 
لهذا لم تشغل السلطنة بالها كثيرًا بما يسمى العمل العربي المشترك فهي بالآخر تنفذ سياسيتها ولها أجنداتها وتبريراتها ومصالحها، ومن هذه على سبيل على سبيل المثال عدم قطع العلاقات مع مصر 1978  كما فعلت باقي الدول العربية بعد زيارة السادات لاسرائيل؛ وكانت حجتها أن العرب بعد سنوات عادوا لمصر: أي أن سياسيتها هي الأصح؛ وهذا التبرير غير  صحيح، فالعرب عادوا لمصر بعد تغيُّر نظام الحكم واغتيال الرئيس السادات وأصبحت العلاقة مع اسرائيل ضمن معاهدة، ولا يمكن للعرب أن يبقوا على مصر في عزلة فعادوا تباعًا؛ وكان جلالة الملك الحسين رحمه الله أول من استصدر قرارًا بالقمة العربية بعَمَّان بأن العلاقة مع مصر شأن سيادي يخص الدول نفسها، وكان أول من ذهب لمصر في عهد الرئيس حسني مبارك رحمه الله وكان له استقبال حافل وألقى كلمة بمجلس الشعب المصري.  ولاحقًا حدث أن أقامت  السلطنة أو أعلنت ببداية التسعينيات من القرن الماضي عن علاقاتها مع اسرائيل على شكل مكتب تجاري كما فعلت قطر بنفس الوقت ولا أدري إن كان هذا قبل أوسلوا أو بعدها بقليل ولكنه قطعًا قبل معاهدة وادي عربة. وللحديث شجون في هذا  المجال لكن أشير الى التناغم الدائم بين عُمان وقطر بموضوع العلاقة الخليجية الداخلية وأرى الكويت في الدائرة كذلك مما قد يمهد لحلف جديد أو شكل جديد من أشكال التعاون السياسي ولا أستغرب إن ظهر لاحقًا لأيران دور فيه.  ومن يدري ربما هذا ما قصده معالي الوزير العُماني بمقابلته مع العقيد القذافي.
أما الجانب الثاني فهم جانب مذهبي يقابله مذهب مختلف بباقي دول مجلس التعاون الخليجي.  فمذهب  الدولة الرسمي هو الإباضي وفي مناطق أخرى بالسلطنة الشافعي كما كان في  صلالة التي تننشر فيها أيضا الصوفية وإن كان بنسبة تقتصر فقط على جزء من سكانها يطلقون عليهم السادة نسبة للأشراف؛ وقد كان لي حضور أحيانًا لبعض احتفالات الصوفية بالمولد ومنها احتفال برعاية معالي الوزير علوي  نفسه (وهو من السادة ايضا).  وربما قال قائل وما علاقة المذاهب بالموضوع؟ وله أقول: وهل كانت معظم مشاكلنا إلا لخلافات مذهبية فانظر حولك لترى ما يجري بالعراق واليمن وسوريا. لا تقنعني كل الادعاءات بأنه لا خلاف ولا تكتيكات سياسية في الشرق العربي لا تكون مرجعيتها مذهبية في الكثير من الأحيان، وربما تكون بعض التحالفات السياسية لو أمعنت فيها لرأيت مناكفة مذهبية بالموضوع.  لكن إذا كان الجانب السياسي يمكن أن يتم التعامل معه فإن هذا الجانب المذهبي (مُقفل) وسيطول إلا إذا تحولت هذه الدول إلى دول مدنية وهذه الأمنية ليست قريبة المنال كما تشير المعطيات ولا أريد الإفاضة في هذا الأمر حتى لا أغضبهم مني أو يتهمونني بعدم الوفاء؛ فهم قد يتغاضون عن أي انتقاد إلا إذا لمست الجانب المذهبي. وقبل أن اقفز للجانب الأخير اشير أن المذاهب أيضًا لها أجنداتها وحساباتها وهي بالأخير ستقف مع المذهب الأقرب لها مذهبيًا وهذه إشارة لا تخفى على لبيب.  
أما الجانب الاجتماعي فهو منصهر مع الجانب الاقتصادي.  كما أسلفت سابقًا لم تكن عمان يومًا دولة ثرية كثراء بعض الدول وخاصة في الحقبة التي سبقت حكم السلطان قابوس قبل 1970 لهذا كان الكثير من العمانيين ييتوجهون لدول الخليج الأحرى للعمل بمختلف المهن المتواضعة لهذا كانت نظرة تلك الدول لهم نظرة دونية كجنسيات عربية أخرى تعمل عندهم وأخشى أن هذه النظرة ما زالت موجودة. وبالمناسبة استمر العمانيون بالعمل بدول الخليج بعد النهضة مع اختلاف الحال عن ما قبل النهضة فأصبح منهم المهندسون والمعلمون مثلا في تلك البلاد، إلا أننا مثلاً لم نسمع بإماراتي أو قطري أو كويتي يعمل بعُمان. لهذا يراودهم شعور "متى سيتوقفون عن الاضطرار  وهم دولة بترولية للعمل عند الآخرين! فالعمل عند الآخرين يسلب الأشخاص بعض حريتهم وهو دليل أن حال بلادهم ليست كالبلاد الأخرى." وهذا خلق عندهم الشعور بالغيرة.
ومهما كان من أمر إن اعتبرتَ ما قلتُه سابقًا صحيحًا أو لا، فإن هذا لا يبرر أبدًا أن تصل درجة المناكفة السياسية للتآمر على شقيقة عربية.  إن ما قاله معالي الوزير واضح ولا يمكن أن يُقال عنه مجتزأ أو أخرج من سياقه.  أعرف أن السياسة مصالح لكن ليس لمرحلة الموافقة على تقسيم الشقيق واقتراح التنسيق مع أعداءه.  بالمناسبة لا يشكل دهاء القذافي نقطة في بحر السياسية العُمانية وما كان  لمعالي الوزير العُماني علوي أن يجاري القذافي لولا أن وجد الموضوع في نفسه بعض الهوى.  ولهذا يجب أن أعيدكم وأعيد مجلس التعاون الخليجي لنصيحة الدكتور  عبد الله النفيسي وهو أستاذ العلوم السياسية الجهبذ بجامعة الكويت بأن لا تغفل دول الخليج عن عُمان  فهي ليست سهلة كما يظن الغافلون، ورضاها واجب والتنسيق معها حِنكة سياسية كبرى.  لا تتجاهلوا سلطنة عُمان أو تغفلوا عنها فهي كبيرة وذات وزن سياسي عظيم. ولكم أن تأخذوا ما قاله الدكتور النفيسي على محمل النصيحة أو التحذير فهذا شأنكم.  
اختم بمقولة سمعتها من الرئيس صدام حسين حيث قال عندما عرضت سوريا التوسط بينه وبين إيران "عندما يتعرض الشقيق للاعتداء فمن العار على الشقيق الآخر الوقوف بموقف الوسيط بين شقيقه وعدوه".
دمتم بخير.

الجمعة، 22 مايو 2020

الكورونا والنموذج الأردني


لم تفلح كل الدعوات بأن يكون عام 2020 عامًا سعيدًا ينعم فيه العالم بالرخاء الاقتصادي والسياسي وما إلى ذلك من أصناف الدعاء ؛ بل كانت على النقيض من ذلك بما جرته على العالم من بلاء وامتحان شديد.  فما أن توقفت دقات الساعة معلنة دخول العام الجديد  حتى طالعتنا أنباء الشؤم بهذا الفايروس اللعين الذي اخترق العالم فأقام في بلدانٍ وسرح ومرح فيها طولًا وعرضًا ونسي أخرى أو تناساها!. لكن هناك من يقول رب ضارة نافعة وسأحاول في هذا المقام المتواضع أن أبحث فيما إذا كانت  حقًا نافعة فعلا أم لا. 
 بداية الأمر كان الإعلان عن الكورونا في الصين في منطقة وااهان. وكان الحديث عنها اشبه ما يكون بالنكتة تداوله الناشطون عالميًا وعربيًا وأردنيًا كأنه طرفة. ومنهم من قارن بينه وبين حالات انفلونزا مشابهة وسابقة بدأت بانفلونزا الطيور وتلتها  الخنازير؛ لهذا كان السؤال دائمًا ماذا بعد الكورونا! بمعنى أي فلم هندي قادم سنرى؟  
ورغم السؤال المُحِق حول عدم ظهور الكوورنا بالكثير من الدول المهيأة لهذا الفيروس صحيًا وبيئيًا على مستوى النظافة بسبب الفقر والحروب والكوارث باستثناء بعض الحالات التي تُذكر على سبيل ذر الرماد في العين وكأنهم يخافون عليها من الحسد، إلا أن العالم كان أكثر انشغالا بالأعداد التي ترتفع عكسيًا مع أسعار البترول، فكان عداد الإصابات والوفيات بارتفاع يقابله هبوط  باسعار النفط. وربما لم يحن الوقت لإثارة هذا التساؤل بشأن هذه العلاقة العكسية.  
كانت بداية دخول الكورونا للاردن بعد أربعة أشهر من ظهور الفايروس في الصين؛ وكانت أول الاجراءات الحكومية بمنع المسافرين من الصين وكوريا بدخول الأردن ثم إدخالهم تحت اشراف الحكومة وبتنسيقها؛  لكن الحزم الحكومي تمثَّل بالجدية التي حرص الاعلام أن يوصلها  للجمهور بعد تشخيص حالة كورونا قادمة من ايطاليا بأن الأمر لا علاقة له بالنكتة.  وكان بداية الأزمة الحقيقية  الإعلان عن "لدينا حالة كورونا". 
ولأننا دولة  تختلف عن باقي الدول ربما بسبب أنه ليس لنا فرصة  للحياة الا بالنجاة من هذا الوباء، لا بل والتفوق على باقي الدول، لهذا  سار الأردن بأكثر من أسلوب: إعلاميًا  ودينيًا وصحيًا  وتربويًا  من خلال ما يُعرف بخلية الأزمة.  وتتشكل خلية الأزمة من كل القوى المؤثرة على مسار الحياة في الأردن ويتقدمها الجيش الذي يحظى بثقة الجمهور الأردني كثيرًا والسبب أن يد الجيش لم تتلطخ أبدًا بدماء الشعب الأردني.  وقد تبين في تصريح  لأحد أعضائها بأن الخلية قد تدربت ومنذ عام 2017 على خطة نجاة لو تعرض الأردن لوباء مميت.  وبالمناسبة لم يسبق أن سُميت موجات الانفونزا السابقة بالوباء كما هو الحال بالكورونا؛ لا بل استعمل الأردن لها اسمًا مؤثرًا ألا وهو الجائحة. 
من هنا انتقلت الجدِّية إلى وجوه الشعب الأردني عندما كثرت التصريحات الحكومية حول ضرورة تتبع الاجراءات الصحية التي كان يعلن عنها وزيرٌ قُدّر للأردن أن يكون سمح الوجه طلق اللسان ذا نبرة تفاؤلية يطلق من خلالها التحذير الجدي بأن الأمر جلل وليس بالسهل.  فأصبح الحديث عن التباعد بين الأشخاص وارتداء الكمامات  شيئًا ضروريًا ؛ ولم يعد الحديث عن ضرورة تغيير بعض العادات الاجتماعية أمرًا مستهجنًا .  وأصبح التصريح الوزاري يصدر بشكل دوري ويومي وفي وقت محدد وأصبح انتظاره حدثًا عائليًا مهمًا في الأردن.
وبعد التهيئة الحكومية لهذا الوباء الخطير أصبح من الضروري الانتقال للمرحلة الثانية من مكافحة الوباء فظهر تذمر حكوميٌ من عدم جدية الناس بالتعامل مع الاجراءات لهذا كان إصدار قانون الدفاع الذي يخوّل رئيس الوزراء إصدار الأوامر والاجراءات الدفاعية التي لها سلطة القوانين التشريعية فبدأت بتعطيل الدوائر الحكومية كلها وحظر التجول تحت سيطرة الجيش  وإدارته وحزمه . وكان لا بد من السيطرة على بعض حالات الاجتماعية من الفلتان وعدم الجدية بالنظرة للأمور  الصحية ومنها الأعراس والتجمعات والمخالفين لأوامر حظر التجول بتغريمهم وحجز سياراتهم.   
أصبح الأردنيون – وهذه عادتهم عند كل أمر جديد- خبراء بتحليل النتائج ومتابعة الأخبار العالمية حول الكورونا وكلما سمعوا بحالات وفاة بهذه الدولة أو تلك كانوا يشبعونها  تحليلاً بالنهاية يصدقون هذه النتائج أو  بعضها أو يرفضوها. كذلك  لوحظ  أن الفجوة بين الشعب والحكومة قد ضاقت كثيرًا  وإن اتضح لاحقا أن هذا بسبب الخوف من الجائحة.  فقلّت الشائعات كثيرا ببداية الأزمة باستثناء  اشعاعات كان يطلقها جماعة عرفت بالاردن بأنهم ( بتوع اللايفات أو البث المباشر) وصاروا مصدرًا للنكتة وهاج الأردنيون ضدهم عندما اقترب أحدهم من الجيش. ويمكن اعتبار هذه الثقة بين الحكومة والشعب إحدى الفوائد للكورونا ولو أنها كانت (جُمعة مشمشية) إذ سرعان ما عادت حليمة لعادتها القديمة بعد أن شعر الأردنيون بالاطمئنان نتيجة تجاوزهم المحنة كما ظهر عندما بدأ مسلسل صفر حالة من معالي الوزير التفاؤلي. 
ولقد اختلط الجانب الاجتماعي بالصحي وبالديني  في طيف واحد؛ فقد تغيرت عند الأردنيين  الكثير من العادات التي ما توقعنا أن تحدث فاختفت عادة التقبيل والمصافحة الدائمة عند كل لقاء كمؤشر على زيادة الوعي الصحي؛ وتقبل الناس فكرة اغلاق المساجد من باب الفرار من قدر الله الى قدر الله، وهذه ليست بالأمر اليسير على الأردني الذي يمشي فيه الدين ممشى الدم ولم يستوعب ابدًا أن يأتي يوم تُغلق فيه المساجد حتى لم يكن يصلي فيها الكثيرون، وكان حالهم كحال الذي لا يصوم رمضان ولكن كان يصر على أن تحضِّر زوجته له السحور محتجًا بمقولة يعني مش بكفي ما بنصوم كمان ما نتسحر!!
وقد شكل مفهوم التعليم عن بعد تغييرًا جذريًا وتحقق بفضل إصرار الدولة عليه و لا أنسب الفضل فيه للشعب، فما زال الشعب  يشكك في جدواه.  وقد أُشارك الشعب هذه المخاوف لو كان الوضع مخططا له من قبل، لكن الوضع كان مفاجئًا للجمييع وكان لا بد من قرار.  وحتى نكون منطقيين يجب الاعتراف بأن هذا النمط من التعليم قادم لا محالة آجلا أو عاجلا فالمسألة مسألة وقت؛ وسمعت أن بعض المدارس الخاصة في الأردن تطبق مثل هذا التواصل مع طلابها للتعليم، لهذا لن يكون مستهجنًا ذات يوم. لكنني أشارك تخوف الناس من ما يسمى بصدق النتائج من حيث التسهيلات الكثيرة.  أما على الصعيد الشخصي فإنني معجب بالتجربة  وبحماس الطلاب الجاديين  لها ولا أتحفظ إلا على موضوع الانترنت حيث كان يجب أن يكون الانترنت مجانا وبموجب قانون دفاع يلزم شركات الاتصال بتوفير الخدمة مجانًا بهذه الفترة الحرجة. واعتقد كذلك أن تجارة التاب  ستزدهر قريبًا حتى تتحمل كل هذه المجلدات الضخمة.  كذلك كشفت هذه التجربة عورة بعض الأكاديمين الذين كانوا غير مستعدين لمثل هذا النوع من التدريس. 
وفي الختام وليس من باب الإحباط لكن من باب الاستدراك لأقول أن كل ما ذكرت سابقًا عن فوائد أزمة الكورونا  أنه بداية التحول وليس التحول كله والدليل أنه ما أن أتيحت للأردنيين  فرصة الانعتاق من قيود الحظر حتى تزوجوا وأقاموا الدبكات واختلطوا وتباوسوا  ورموا بالكمامات جانبًا وطنشوا موضوع التباعد الاجتماعي ومسافة الأمان وتساوى فيها الناس عالمهم وجاهلهم كما دلت حالات الكورونا التي اكتشفت بعد ذلك بسبب عامل التباعد الوهمي.  ولك أن تتصور حالة الناس عندما تعود الناس للمساجد ولو جاء بعد فترة طويلة من الزمن. ودلت كذلك على أن الأردنيين هم تماما كباقي الشعوب يلتزموا بالقوانين إذا ألزِموا فيها وبالقوة لكن عند أول فرصة لا نتحدث عن وعي شعوب أبدًا.
لكن الدرس المستفاد من أزمة هو أن تكون الدولة جاهزةً إذا قُدِّر لها أن نقع بمثل هذه الأزمات.  فلس من المعقول أن نبدأ دائما من المربع الأول إذا أضطرتنا الظروف لمثلها. لنعتبرها مناورةً تدريبية للقادم من الأزمات.  ويبقى الأمر الأخير متعلق بالشعوب وهذه فيها من الكلام الكثير.

الثلاثاء، 5 مايو 2020

في بحور الشعر


اليوم كنت أحضّر لابنتي درسّا بالعروض فعادت بي الذكرى للصف الأول الثانوي عندما تعلمنا العروض على يد استاذي الدكتور شفيق عجاج رحمه الله الذي حدثتكم عنه كثيرا لدرجة أني أخال معظم أصدقائي أصبحوا يعرفونه.  كان العروض نوعا أو بابا جديدا من أبواب العربية التي تميزتُ بها على يديه بالإعدادي لكن العروض كان  علما جديدّا لم نعهده من قبل بالمدرسة. 
المهم بدأنا بالمادة وكان استاذنا عليه رحمة الله يعلمنا بحور الشعر وكان أولها الهزج لكنه حولها من حصة تقليدية إلى حصة غنائية جعلت من كل طلاب جديتا بتلك  الفترة ينتظرون الحصة بفارغ الصبر، فكان أن علمنا البحور  غناءا أو تمثيلاً فحدثنا عن بحر الهزج بأنه يشبه مشي الجمل فكان يمثل بيدية هزجنا في بواديكم مفاعيلن مفاعيلن .  ثم انتقلنا  الى البحر البسيط فقال هو شبيه بأغنية سميرة توفيق  لا تطلعي عالدرج يا عليبة القهوة  فابدعنا بحفظه وخاصة ب ريم على القاع بين البان والعلم  //  أحل سفك دمي بالأشهر الحرم (جربوها هههه )  ثم  البحر الوافر وبحور الشهر وافرها جميل على لحن الدراويش الصوفية وبعدها الرمل  رمل الأبحر ترويه الثقات  وهذا على بحن أهزوجة عطريق الغور جنك ساحبات .
الله يرحم استاذنا الكبير ونسيت احيكلكم أنه عندما سبقنا صف لمدرسة دير ابي سعيد أخبرنا الطلاب أن الأستاذ ونس الطقة الله يرحمه لا يعترف بالغناني ويطلب التفعيلة وشكلهم الشباب  تشلبكوا هناك.  فأخبرنا الأستاذ شفيق الذي قال مهو اذا انت واياه عرفت البحر شو ظل عليك. هه تفضلوا الحرف الصوتي الواحد  زي حرف الباء بدون نقطة والأكثر من مقطع شحطة. وبنفس الحصة اصبحنا نقطع البيت بعد أن نعرف بحره وبعدها عرفنا الطريقتين. 
ومن طرائف الشعر والعروض أنه عندما انتقلنا نحن لدير ابي سعيد دخل الاستاذ ونس وكان رحمه الله استاذا متميزا فأحب أن يختبرنا بالعربي كحصة أولى وشكله كان سامع عن سولافتنا بالشعر فأعطانا بيتا على بحر البسيط فرفع الاستاذ محمد آدم أصبعه وغناه فضحك الصف والاستاذ وقال ليس هكذا فرفع اصبعه واحد أنا بعرفه جدا اصبعه وقطع البيت وقضي الأمر واستوت على الجودي فأخذ الاستاذ ونس فكرة أن فينا طلابا ممتازين.
عندما التقيته رحمه الله بدار أخي (هو عم زوجة أخي) وكان ذلك قبل وفاته بمدة بسيطة استغرب أني لا اقول الشعر، فقال خليني اقعد معك شوي وضحك وقال واذا بعدك مثل ما كنت بالمدرسة بطلعك شاعر.  فضحكنا  ثم افترقنا.
حكي بجر حكي والدنيا  بتروح سوالف.

الاتجاه المعاكس وكوهين

الاتجاه المعاكس والجزيرة هي اول قناة أدخلت الفكر الاسرائيلي لبيوتنا بثوب أنيق اسمه الرأي الاخر وبالتالي للأسف أصبح عندنا من يصدقه. ومنا من يشارك منشورات كوهين وادرعي وهم يشتمون العرب بقولهم والله بقولوا الصحيح.
شخصيا كنت أشير لصديقي الذي يرسل مثل هذا انني أرفض ما يقولوه حتى لو قرأوا قرءانا...
ولهذا انخدعت به القناة ببداية نشأتها ولكني والحمد لله صححت البوصلة سريعا ولا اتوقف عندها. وكتبت عنها كثيرا.
لهذا أعجب ان يكون هؤلاء مرجعية لنا في تقييم الأحداث.
أناس مغتصبون مشردون لشعب كامل حاربونا ونحاربهم من بداية القرن الماضي فكيف يصبحون مرجعيتنا.. دخلوا عقولنا بدهاء من يوم أن أنشئت هذه وهذا البرنامج وهذا المذيع اياه ابو جرافة كاروهات.

السبت، 25 أبريل 2020

مسلسل ام هارون ونماذج أخرى للقرف.

استكمالا للحديث عن اليهود العرب بالمنشور السابق استذكر أن اليهود العرب الاسرائليين كانت لهم أدوار إعلامية مهمة في إيصال الرسائل السياسية الإسرائيلية للمجتمعات العربية وأهمها مصر والعراق.. فبعد حرب حزيران كان هناك معلقان سياسيان باللهجة المصرية وكان يبدأ حديثه بإخواني يا ولد مصر الطيبين  والثاني باللهجة العراقية حديث ابن الرافدين.
وحدهم لم تسلط عليهم الأضواء كانوا يهود المغرب العربي واليمن ولا  أدري لماذا.. ربما كان بسبب أن المغرب لم يسقط الجنسية المغربية عنهم عندما تجنسوا بالجنسية الإسرائيلية ولا أدري وضع اليمن.
المهم بقى هذا الوضع العدائي لليهود من العرب الي ما قبل سنوات قليلة فقط عندما أصبحنا نسمع بمسلسل حارة اليهود المصري والان جاءنا مسلسل أم إبراهيم الكويتي والذي ولسوء حظ المنتج انه بدأ بعد تصريحات حياة الفهد عن قط غير الكويتين بالصحراء ولهذا لا اتوقع له النجاح الكبير الا إذا اشتغل عليه الجماعة كثير.
كذاك جاء بالجزء التاسع او العاشر عرض التآلف الشامي مع اليهود السوريين.
ما يلفت النظر بأصحاب هذه المسلسلات انهم يريدون أن يكونوا يهودا اكثر من اليهود لا بل شاهدت اسفافا حتى في عرض هذا الانبطاح. 
ثانيا يخاطبوننا كما لو كنا نحن من تسلبطنا عليهم وطردناهم من فلسطين. ندرك ان لهم ثائر قديم بالجزيرة العربية ولكن قضيتنا سياسية هنا. فلو انهم نادوا بالرجوع للجزيرة  لكان لموضوع المسلسلات معنى.  الآن لا نعرف سر هذا الانبطاح؟. يعني بدك تقنعني انه قلبك حن كثير مثل ضابط الجيش المصري بالمسلسل الذي احب يهودية هاجرت لإسرائيل وحاربت الفلسطينين وقتلت منهم  وعادت لمصر ثانية وتلقاها بالاحضان كونها كانت مرغمة على كدة وإسرائيل اجبرتها!!
مش عارف بماذا سيخرج علينا مسلسل أم هارون. انا لا اتابعه لاني أصبحت لا اطيق هذه المرأة  ابدا. ومكياجها الثميلي زاد الطين بلة والقرف أصبح قرفا مشلتت اي طبقات.

الخميس، 16 أبريل 2020

بين الكر والحمار

ببداية الحظر وصفارات الانذار حدثت هذه الحادثة الطريفة اماني. نادتني ابنتي وكانت تنظر من الشباك واضحة بابا شوف هذاك الحمار يركض عندما سمع الصفار.
نظرت فإذا هو كر صغير يركض وحيدا ببطن الوادي وكان يشد حاله كلما علا صوت الصفار. فقررت اصوره فيديو.
جهزت التلفون وخرجت للبلكونة حتى تكون الصورة أوضح فلم أجد الكُر؛ بحثت عنه فوق تحت ولم أجده وكان المكان مفتوحا ويصعب الاختفاء. فقلت أين تبخر هذا الكر.
هناك على شوية عشب وجدته بجانب حمار كبير اكبر منه ولم يعد يركض ولا خائفا. فقلت في نفسي مالذي جرى.
قلت لا يبعد الأمر عن تفسيرين الأول انه كان خائفا فاطمأن لوجود الحمار! والاحتمال الثاني نصيغه على طريقة ابن المقفع وكليلة ودمنه.. وجرى بينهما(الحمار والكر ) الحوار التالي
وين بتركض يا ولد؟
الكر: حظر حظر وصفارات الانذار
الحمار : انت راد ععالحchي ميل جاي تانسولف.
الكر ميل وطنشوا الصفارة.
ليس بعيدا عن الحمار والكر وفي الجهة المقابلة وفي ذات الحي الفخم كان في جوز بشر يركضوا رياضة وليس من أجل الصفارة وأكيد واحد كبير قالهم لا تردوا عالهالحchي وطنشوا.
المشهد لا يبعد كثيرا عن حمار كبير من جماعة ما عليك ولا ترد وطنش.. وتستمر المشاهد.

الاثنين، 27 يناير 2020

فك الارتباط وصفقة

فك الارتباط وصفقة
لا يهم إن كان الحديث عن فك الارتباط وصفقة القرن مصادفة أو مقصودًا بحيث يشكل بارومتر لقياس الضغط الشعبي؛ وربما يكون توجيهًا لبوصلة شعوب المنطقة بحيث يكونوا بواد والمخططون لصفقة القرن بوادٍ آخر. المهم هو أنني أريد أن أبقي موضوع فك الارتباط الذي أعلنه جلالة الملك الحسين رحمه الله بعد ضغط كبير من منظمة التحرير يدعمه العرب جميعهم لأسباب معروفة. وكان يبرز بين الحين والآخر دعوات للرجوع عن فك الارتباط وكانت هناك أصوات تشكك بدستورية فك الارتباط نفسه. ولا بد من الاشارة أن الأرتباط نفسه لم يحظى بموافقة الدول العربية، ولا يُعرف لماذا.
لكن المصادفة الأجمل هي أن بالون الاختبار للرجوع عن فك الارتباط أو لحس القرار أردنيًا جاء مع الإعلان عن توقيع الممثلين عن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لخروج الأخيرة من الاتحاد، واعتبرت هذا الخطوة الأولى على لإخراج القرار لحييز التنفيذ. وكان قرار بريطيانيا بالخروج من الاتحاد قد مر منذ زمن بقنوات دستورية ممثلة بمجلس العموم والاستفتاء الشعبي الذي كان بين مد وجزر (مع أو ضد) وقد أطاح هذا القرار بأكثر من رئيس وزراء بريطاني. وتذكرتُ هذا بعد أن قرأتُ منشورًا على صفحة الاستاذ جهاد المومني الذي يحضر فيه مادة لبرنامجه الإذاعي "رايك مهم"، وكان السؤال مباشرًا: هل أنت مع أو ضد فعلقت هنا التعليق التالي: ""من حيث المبدأ لا أعتقد أن هذا سيحدث؛ لكن استُشرت وحدا سألني زي باقي دول العالم عن رأيي فسأرفض. من حق الشعب الفلسطيني أن يعيش بدولته. لكن والحمد لله تعودنا ما حدا يسألنا ولو مرة. لا حدا يسألنا ولا حدا بسأل الفلسطينيين. يا أخي بس يسألونا نعم أو لا أنا راح أضيف بند "مثل ما بدكو". بس يسألونا هم وما بصير خاطرهم الا طيب إن شاء الله".
ورغم الغُصة في حلوق  الطرفين الأردنيين والفلسطينيين من عدم اللجوء لرأي الشعوب في مثل هذه الأمور المصيرية إلا أنه  لم يلتفت أحد لموضوع من المعلقين لمسألة القنوات الشرعية إلا من رحم ربي وانخرطوا بموضوع أثر ذلك على القضية الفسلطينة، ولم يذكروا حتى أثره على الشعب الأردني أو الديموغرافيا الاردنية بعد أن برزت الهوية الفلسطينية التي أصبحت واقعًا لا يخجلون منه بعد أن كانوا يذكرونه على استحياء أيام الارتباط وأقصد أنهم ذاقوا حلاوة الاستقلال.  كيف لبقعة جغرافية واحدة أن تحوي شعبين بهويتين، ومن يضمن عدم بروز صراعات للاستيلاء على السلطة؛ ولا يدير لي البعض اسطوانة شعب واحد لا شعبين؛ كانت هذه  قبل فك الارتباط؛ الان سيأتينا هويات وجوازات سفر جديدة ووزراء جدد  ...... الخ ولا يمكن أن يقبولوا بإعادة تذويبهم.  فما العمل؟
أذكر أنه عند توقيع معاهدة  وادي عربة أن طُرح موضوع الاستفتاءات على جلالة الملك الحسين  طيب الله ثراه فقال نحن عندنا قنواتنا الشرعية وهي الحكومة ومجلس النواب فالأعيان فالتصديق  عليه من قبل الملك وبهذا تصبح نافذة.  ربما كان هذا مقبولاً في القوانيين العادية، ولكن في قرارات مصيرية مفصلية يجب أن يلجأ مجلس النواب إلى فرض الاستفتاء الشعبي حتى يقوي مركزه قبولاً أو رفضًا لهذه القرارت المفصلية؛ وتعتبر نتيجة الاستفتاء داعمة للموافقين أو الرافضين وبنتيجته يصبح المجلس أكثر قوة.  ولا يجب الخوف من الاستفتاء فهي دلالة قوة للسلطة التنفيذية أيضًا. 
وبالمناسبة من يشككون بدستورية فك الارتباط هم بنفس قوة المشككين بشرعية الارتباط من أصله؛ فقد قرأنا في الكتب أن وفدًا من وجهاء فلسطين توجه إلى جلالة المرحوم الملك عبد الله الأول طالبًا أن يشملهم بعطفه ويقبل انضمام الضفة الغربية للمملكة حماية لها من الأطماع الصهيونية، فوافق جلالته وعرضت على مجلس النواب بتلك الفترة فوافق، وكانت بدون استفتاء أيضا.  فالارتباط كان كفك الارتباط دون رأي الشعوب نفسها بل وافق عليها ممثلوا الشعب الأردني.  
وفي الختام ليس أحب علي قلبي من وحدة الأمة العربية ولكني أريدها من صميم قلوب الشعوب حتى تجتمع على المحبة والوفاق والاتفاق لا أن تبقى متأرجحة بين هذه الضفَّة أو تلك، ومستعدة للانفصال عند أول إشارة لذلك من اللذين لا يعجبهم هذا النوع من الاتحاد الشعبي. 
لماذا تخاف الدول العربية من الشرق إلى الغرب دون استثناء من الاستفتاءات الشعبية؟؟  بريطانيا استفتت على الخروج من الاتحاد الأوروبي واستفتت سكوتلاندا على الخروج من بريطانيا واستفى إقليم كتالونيا للخروج من اسبانيا والأكراد للخروج من العراق.  لماذا  لا نستفتي نحن على أي شيء!!! هل هو حرام أو مكروه مثلاً؟

الخميس، 23 يناير 2020

طرائف من الغربة

يتبع منشور الرشح حدثت معنا بالكلية بصلالة هذه القصة؛ إليكموها بالتفصيل.
ذات يوم اختفت زميلة لنا بالكلية وهي من مالطة اصلا وترباية ليبيا ومتزوجة من طبيب بيطري اسكوتلاندي.
وبعد اسبوع عرفنا عنها أنها مريضة بالزكام واجازها الدكتور بمستشفى خاص اسبوعين.. غضب رئيس القسم وارغى وأزبد ونقل الأمر للدكتور العميد وهو أردني الذي أرعد وأمطر  على رأس رئيس القسم وتوعد الأستاذة عندما تعود بالفصل والتفتيش وأقلها النقل.
عند انتهاء اجازة الرميلة الكسندرا شويرب (هيك اسمها) حضرت لقسم الموارد او شؤون الموظفين وقدمت الإجازة فقبلوها طبعا والتحقت بالقسم فتلقاها رئيس القسم بالترحاب والسؤال عن الصحة الان... اما العميد ففضل معاملتها بالحسنى او على رأي الاخوة المصريين (كبَّر دماغه).
حدث بعدها أن اصيب الفقير إلى الله حضرتي بالرشحة فطبعا لاني أردني حضرت للقسم اعطس وباكيت كلنكس أمامي ودائم المسح فقالت مستر طلال لماذا لم تذهب للطبيب وتأخذ اجازه (بتفكرني مثلها ههه) فقلت لها هيك وانا نافش ريشي احنا الاردنيين ليس من ثقافتنا ان نجلس بالبيوت لمجرد رشحة يعني.... كلها رشحة.   فقالت. هل من ثقافتكم أيضا ان تنقلوا العدوى لمن معك بالمكتب او الطلاب جميعا!!
فشعرت بالحرج ولغاية هذه اللحظة وانا مش عارف ليش دائما مختلفين عن باقي البشر.
نسيت اقللكم. سبب ثاني انني لا ناخذ اجازة عند الرشح هو اننا لسنا انجليز  هههه يعني لو أخذت اجازه احتمال يزعل الرؤساء علينا

الكاريزما

كلمة كاريزما جاءت لغويًا من الإغريق وتعني بالأصل أنها نعمة ربانية وُضِعت في أشخاص مُعينين لتلهم (هذه النعمة) الآخرين وليس الأشخاص نفسهم الهمَّة والسحر للقيام بالمهام دون تفكير أو تردد على الأغلب. ولاحظت أن أصحاب الكاريزما لا يقومون بشيء أساسي بذاتهم إنما يلهمون الآخرين؛ والأدهى من ذلك أن أخطاء هؤلاء مبررة لدى المعجبين بهم فلا يرون لهم عيبًا أو نقصًا، لا بل يعتبرونه جزءًا من كمال شخصياتهم. ولا تتحدد هذه الشخصيات بمجال معين؛ بل تتنوع: فهناك من أصحاب الكاريزما السياسيون وهناك علماء الدين والمفكرون بمختلف المجالات، ويلعب الإعلام ووسائله المختلفة دورًا كبيرًا في إبراز هذه الشخصيات، وفي الحقيقة لا أدري إن كان الإعلام يتأثر برأي الشارع فيسعى اليهم كنجوم بارزة أم أن الإعلام نفسه .هو من يصنعهم ثم يصبح ضحيتهم لاحقًا إن وقف ضدهم يومًا ما.
أعتقد في مجال السياسة أن تشرشل مثلاً يتمتع بمثل هذه الكاريزما، وربما كان شارل ديغول الرئيس الفرنسي في الحرب العالمية الثانية أيضا من أصحاب الكاريزما؛ ومن الطرائف التي سمعتها عن الجنرال ديغول أنه عندما سقطت فرنسا أمام المانيا وكان ديجول يوجه المقاومة من الخارج ويشجع المقاومين بأن فرنسا لا تقف وحدها ولا يخلُو بث له من هذه العبارة. وبعد انتصارها وعودته منتصرًا إلى فرنسا سألوه: كنتَ دائمًا تقول إن فرنسا لا تقف وحدها ! فمن كان يقف معها فقال نعم لقد كان معها ديغول. ومن المحتمل أن لا تكون هذه القصة حقيقية وهذا يضيف بُعدًا آخر لشخصيات أصحاب الكاريزما، وهي حب التابعين لنسج الأقاويل والقصص الخيالية حولهم فمنهم من تعجبه (حصريًا أقصد السياسيين) هذه القصص فينشئ لها أبواقاً على شكل إعلاميين أو مصورين لنسج مثل هذه القصص.
عربياً ولمن هم في جيلي من مواليد الخمسينيات أذكر مثلاً وفي مجال السياسية بزوغ نجم الرئيس جمال عبد الناصر، وأردنيًا الملك الحسين، وبعدها ظهر الرئيس صدام حسين، ولا يمكن طبعًا نسيان الرئيس ياسر عرفات؛ أما أدبيًا كان الدكتور طه حسين، وأردنيًا كان للدكتور ناصر الدين الأسد نصيب الأسد. وعلى مستوى علماء الدين ظهر الشيخ الشعراوي، وما زال أثره للأن لضخامة الضخ الإعلامي حوله. وهذا لا يعني أن الباب أغلق فلا يوجد غيرهم إنما لعب الإعلام بتسليط الأضواء عليهم، وبقيت الكاريزما عندهم محلياُ؛ وبهذا ينطبق على البقية ما كان يقوله الشيخ محمود غريب رحمه الله (مالهمش بخت) ولموضوع البخت قصة طريفة عنده لا يتسع الحديث لذكرها. وأذكر أن الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق سُئل حول قضية معينة وقال له صاحب السؤال أن الشيخ الشعراوي قال فيها كذا وكذا؛ فقال الدكتور علي لقد كان للشيخ الشعراوي كاريزما تجعل ما يقوله للناس ثابتًا ولهذا أقول ما قاله الشيخ الشعراوي.
ومن الملاحظ أن كاريزما هذه الشخصيات تبدأ بالاختفاء بعد موتها، وربما يكون السبب هو أن وجودها أمامنا يصرف نظرنا عن أخطائها فلا نعود نرى إلا شعاع الكايزما لهذه الشخصيات، وإذا أضفنا قوة القبضة الأمنية التي تصاحب كاريزما السياسي فهذا يجعل مهمتنا صعبة جدًا ويضيق الخناق على المُشاهد؛ لهذا يكثر توجيه النقد لهذه الشخصيات بعد موتها بنسبة أكبر من أصحاب الكاريزما الأدبية أو الاجتماعية أو الدينية، ذلك لأن شعوبهم تأثرت بقراراتهم السياسية والتي أصبحت تسمى بعدم نضوج أو رعونة هذه القرارارت بوقتها وجلبت المصائب لشعوبها؛ فأصبح الحديث عن الدكتاتورية لتلك الشخصيات وليس الكاريزما، ولم نعد ندري إن كان إعجابنا بهم هو بسبب الكاريزما أو بسبب دكتاتوريتهم أو قبضتهم الأمنية؛ فهل يمكن أن نعد الدكتاتورية أحد أسباب الكاريزما.
ولا يقتصر هذا الأمر على السياسين العرب حتى لا نُتهم بجلد الذات فلو استعرضنا نشاط من ذكرنا سابقاً من أمثلة على الكاريزما لوجدنا أنهم أيضا كانوا يتصفون بقبضة قوية كهتلر مثلاً أو ممن يرون أنفسهم فوق بلادهم، وقد سردت لكم قصة طريفة عن ديغول ولو أنني لم أجد لها مرجعية على الانترنت لكن وجدت ما لا يقل عنها فقد وجدت مقولة له " كنتُ فرنسا" وهذا يعيدنا إلى مقولة أنا الدولة والدولة أنا. كذلك ورد عنه أيضا احترامه لحق الطرف الأخر لكنهشخصيًا يرفضه. لهذا نتوقف عند هذا الحد بالنسبة للسياسيين.
يعتبر أصحاب الكاريزما الأدباء وعلماء الدين أقل خطورة ولهذا تُناقش أفكارهم بأريحية دون خوف من تبعات هذا النقاش كما هو الحال بالنسبة للسياسيين. فمثلاً عندما أسمع الشيخ الشعراوي والذي يكثر الحديث عن كراماته حاليًا أتوقف عند بعضها فأسال كيف لم ينتبه أحد لهذه النقطة؛ وعلى سبيل المثال شاهدتُ مقطع فيديو لدكتور في الاقتصاد يحدثنا عن كرامة من كرامات الشعراوي ولم ينتبه صاحب الفيديو لفكرة أن غضب الشيخ عليه إنما كان هروبًا من عدم معرفته بجواب سؤاله أو عدم رغبته بالحديث عن موضوع السؤال. وحتى لا أتهم بأنني لم أفهم الفيديو أسرد الحكاية كما هي ويمكن الرجوع للفيديو على اليوتيوب بعنوان حكاية عجيبة مع الشعراوي؛ يقول صاحب الفيديو التقيت الشيخ بمناسبة اجتماعية وسألته عن القروض بأنه "حضرتك تقول إن الربا هو كل قرض جر نفعًا، فقال نعم. فسأله فإن جر القرض خسارة وقصد التضخم الاقتصادي فغضب الشيخ وقال له انتو عاوزين تجيبوا نظريات من برا وعاوزين الشيخ يفتي"؛ ويذكر صاحب الفيديو لاحقا أن الشيخ جاءه البيت وصالحه بشكل أثيري أي لم يره أحد الا الطبيب نفسه حتى زوجته التي كانت معه بنفس الغرفة لم ترى الشيخ، أي زاره على طريقة الأولياء.
وظهر عندنا بالأردن معالي الأستاذ الدكتور ناصر الدين الأسد أستاذ اللغة العربية، الذي لا تمل حديثه وهو من طلاب الدكتور طه حسين أو ممن كانوا يحضرون حديث الأربعار بصالونه. وله ايضا مواقف مشابه بالنسبة لغِيرته على اللغة العربية وقد سمعت مقولة منقولة عن أحد كتبه على الاذاعة الاردنية ولم استسغها ففيها مبالغة كبيرة بما يخص العلاقة بين العربية والدين وعندما سألت معد البرنامج لم يجب ووعد بأن يبحث عن كتاب الدكتور ولم يحضره للآن. وأخشى أن تكون العبارة من بنات أفكار معد البرنامج حماسًا للدكتور رحمه الله.
وبما أن الحديث عن الكاريزما تشعب فلا بأس أن نعرض لخيط رفيع ربما يربط الكاريزما بالفهلوة؛ إذ ترى الشخص فتعجب بطريقته بإدارة الأزمات مثلا أو من طاعة الناس له وبعد فترة تكتشف أنه مجرد فهلوي يلبِّس طاقية هذا لهذا وهو مفلس من كل شي. شاهدت حلقة ببرنامج مرايا السوري عن شخص فتوة قوي تخافه الناس، انفرد به أحد المواطنين وأهانه إهانة كبيرة ولم يرد هذا الفتوة على الإهانة. انتظر هذا الفتوة إلى أن جاء أتباعه وقال لقد أهانني هذا الولد وأنا لم أشأ أن أضربه حتى لا أتهور وأقتله؛ أدبوه أنتم . فانهال عليه الأتباع ضربًا، في حين كان الفتوة يدخن سيجارته والمضروب يصيح فيهم قائلاً فتوتكم جبان ولم يصدقوه.
فهل الكاريزما دكتاتورية أم إعلام أم فهلوة؟ تفضلوا أعطوني صاحب كاريزما لا تتقاطع شخصية مع أي من الخيوط السابقة. أفيدونا أفادكم الله.