الاثنين، 29 سبتمبر 2014

ساداتنا و كبراؤنا أضلونا السبيلَ

ساداتنا و كبراؤنا أضلونا السبيلَ
يقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم بسورة الأحزاب الأيات "  يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (66) َقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68).  صدق الله العظيم.
يطيب للناس عموماً و أسيادنا المشايخ الإشارة إلى تفسير هذه الآيات بأن المقصود فيها ساداتنا و كبراءنا السياسيين، رغم أن التفسير لها هم سادات الشرك كما جاء بتفسير القرطبي.  لهذا  تراهم يعمدون إلى قراءة هذه الآيات عندما يكون أحد المسؤولين الكبار في الصلاة ليقال بعد الصلاة أن الشيخ اليوم قال، و أشار، و ألمح، و كاد يفصح، و يخرج بعدها (معرِّشاً) كالطاووس بأنه قال كلمة حق أمام سلطان جائر. و أذكر أن شيخي قال مرة في أحد دروسه الدينية أن الشيخ محمد الغزالي استغل وجود الرئيس جمال عبد الناصر بالصلة خلفه فقرأ هذه الآيات و لم يفعل له عبد الناصر شيئاً.  رحمهم الله جميعاً.
و لا أدري لماذا يقفز ساداتنا المشايخ عن أناس آخرين ربما يكونوا مقصودين بهذه الآيات، فالمقصود بهذه الآيات هو الفعل و ليس المنصب.  و قيل بالسابق لا تنظر إلى تنظر إلى دموع عينيه بل انظر إلى فعل يديه.  نعم هو الفِعل  إذاً.  و بما أنه "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" سورة الصف:3) دعونا نبدأ بالمعنيين مباشرة بهذا الأمر وهم رجال الدين عموما  لأن كل هذا القتل و الفتن و تشريد الشعوب و سلب الأراضي بالقوة  إنما وُجد بين من يدعون أنهم الوحيدون الناجون من النار و باقي خلق الله فيها. 
فمن رجل دين فرق المؤمنين  بعضهم عن بعض، إلى رجل دين آخر شتت أتباع الدين الواحد شِيعاً، إلى آخر فتت الفئة الواحدة إلى فئات ضالة كلها الى فئته هو، إلى رجل رأى في محاربة الفئات الأخرى الأولوية على محاربة الكفار الذين لا يؤمنون بوجود الله و يعبدون البقر على سبيل المثال.
و عندما قرر رجال الدين ركوب  السياسة أصبح من كان معهم بحزبهم على حق و الآخرين على باطل. و انقسم ساداتنا  المشايخ في البلد الواحد كالأردن مثلاً على أنفسهم؛  فمن كان مع الحاكم قال بحرمة الخروج عليه؛ و من كان من الفئة الخارجة  على الحاكم قال بشهادة من يسقط قتيلاُ بالمظاهرات المطالبة بسقوط النظام أو إصلاحه.   فهذا رجل دين و ذاك رجل دين أيضاً.
و جاء الإعلام و وسائله المتنوعة و مدفوعة الثمن من تجار البزنس و تجار الأديان التفريقيين ليشعلوها حرب فتاوى على الهوى؛ فهذا يقول بشيء و تلقب المحطة إلى أخرى لتجد شيخاً آخر ليقول ما يناقض ذلك تماماً بحجة أن اختلاف العلماء رحمة؛ و هو كذلك طبعا على مبدأ السماحة لكن ما يجري  لا رحمة فيه و لا تواد نتيجة فتاواهم المتضاربة.
و يتنادى العلماء للمؤتمرات فيقولون كلاماً طيباً أمام شاشات التلفزيون، و إذا عادوا إلى منابرهم الإعلامية عادوا لما كانوا عليه؛ و ينتابني  شعور بأن الأسئلة لهذه المحطات تكون مقصودة و موجهة طائفياُ و سياسياً  لأن السياسة هي وراء كل هذه المصائب.  و من يبحث عن الشهرة فليس له إلا مثل هذا النوع من الإعلام الذي يشكّل الانترنت أهم ركائزه.
 و يبقى في كل هذه الفوضى بين ساداتنا و كبرائنا السؤال قائماً: لمن سيلتفت العامة؟ و من سيتبعون؟ هل يفترض علينا أن ندرس المذاهب كلها و الخلافات بينها لنعرف إن كان هذا الشيخ على خطأ أم  على صواب.  نحفظ الآية و نجادل بها فيقال لنا هذه قيلت في المناسبة الفلانية؛ و نحفظ الحديث الفلاني ليأتي  بعد سنوات من يقول لنا أن هذا موضوعاً أو ضعيفاً كالحديث عن خير أجناد الأرض عن المصريين الذي سمعته من كبار المشايخ و منهم من عاد ليقول بأن موضوع بعد حكم العسكر. و نستشهد بما قاله العالِم الفلاني  فيقال لنا أتحتكم إلى هذا الذي هو كذا و كذا و كذا ويقولون فيه أكثر مما قال أبو نواس في الخمر، و لا تأخذهم به رحمة.
نحتكم و إياكم أمام القاضي العدل يوم تنكشف النوايا فإن كان اجتهادكم بالدين خالصا لوجه فستأخذون أجرين إن أصبتم و أجراً واحداً إن أخطأتم؛  أما إن كانت أحكامكم و فتواكم لهواكم الشخصي أو الحزبي أو السياسي و ليس خالصاً لله عندع ستحملون وزر كل اللي يجري، و كل أخطائنا و تخبطنا لأننا أطعناكم؛ و عندها كذلك سنقول كما جاء بالآيات المذكورة بسورة الأحزاب: " "  يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (66) َقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68).  صدق الله العظيم.
لكني آمل أن لا نكون ممن أن لا نكون ممن جاء ذكرهم بالآية الأولى و تقلب وجوهنا بالنار و نقول يا ليتنا أطعنا الله و رسوله و لم نسمع لساداتنا و كبرائنا.
و ختاماً يعلم الله مقدار محبتي لديني و علمائه و لكني بصراحة أحمّل  بعضهم أحد أسباب ما يجري حولنا.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق