السبت، 19 مارس 2016

""أنا خيرٌ منه" أصل التطرف ومنبع الإرهاب

""أنا خيرٌ منه" أصل التطرف ومنبع الإرهاب
 منذ أن سنَّ أبليس سُنّة " أنا خيرٌ منه"  في السماء وترجمها قابيل على الأرض بقتله أخاه والعالم مشطورٌ إلى فسطاطين كما قال بن لادن. هناك من يرى نفسه خيراً من الآخر وبناء عليه يبيح لنفسه استخدام كل السبل للقضاء على منافسه.  فكانت حيلة إبليس على سيدنا آدم بقصة شجرة الخلد التي انتهت كما كان مقدراً لها بالنزول إلى الأرض؛ كذلك كانت قصة قابيل مع أخيه هابيل للوصول إلى حق أخيه في زوجه. وكانت النهاية؛ فلا أبليس نال المجد ولا قابيل حصل على الزوجة التي من أجلها قتل أخاه.  وبالمناسبة لا أدري إن كان قابيل وهابيل أنبياء باعتبارهما الوارثين مباشرة لسيدنا آدم؛ كذلك لم أقرأ عن أن هناك أبناء آخرين لسيدنا آدم عليه السلام أم لا.  
وبما أن عنصر الخير والطبية المتمثل بهابيل  قد ذهب بذهابه لهذا من جاء بعد قابيل ربما كان هو قدوتهم رغم أنه أصبح من النادمين لاحقاً؛ لكني أتحدث عن جينات. فجينات " أنا خيرٌ منه" تحولت وتطورت حسب الظروف ولكنها كلها في مجملها كانت تحمل رفض الآخر بشتى السبل وتسعى للاستيلاء عليه حتى لو بالقوة والقتل أو أي الأشكال الآخرى حسب الزمن.
ثم كانت الفجوة الكبرى  بين الأمم  إلى أن وصلنا للرسالات السماوية من رب المخلوقات إلى خلقه ولا نملك من تفاصيلها إلا ما جاء به القرآن. وما عرفناه أن أصحاب هذه الديانات (وليس الديانات نفسها)  قد جعلوا أنفسهم لمجرد أنهم اتبعوها خيراً من غيرهم من إخوتهم من بني البشر فكانت مقولة "شعب الله المختار" مثلاً عند اليهود التي أعطتهم الفرصة لحرق وإبادة كل من خالفهم دينياً فاستولوا على بلدانهم.  ولا أريد أن أسهب أكثر بموضوع  الديانات حتى لا نقع في المحظور.
  لكن حتى يكون منظورنا  للأمور شاملاً لا بد من الإشارة إلى أن الأديان جميعاً دون استثناء انقسمت على نفسها إلى مدارس ومذاهب وشِيَع،  وكل شيعة تعطي لنفسها الحق أن تكون هي خيراً من غيرها حتى بين أتباع الدين الواحد فانتشر ما يسمى بالتكفير بين الدين الواحد وانتشر مفهوم الفئة الناجية و الفئة الباغية مثلاً عند المسلمين؛ لا بل قد تجد بعض الفرق ترأف بأتباع الديانات الأخرى وتستبيح دم أبناء من هم على دينها.  والشيء بالشيء يُذكر يجب التنويه بأن عند الإخوة المسيحيين من يعتبر نفسه أكثر مسيحية من غيره.
شهدت نهاية القرن  الماضي وبداية القرن الحديث ظهور التيارات  الدينية في هذه المنطقة تحديداً وكلها تحمل في أحشائها أجنة إبليس وقابيل " أنا خيرٌ منه" والنتيجة هي ما نرى من قتل وتشريد، ويفتخر أصحاب هذا الاتجاه بذلك ويتقربون إلى الله به. 
وامتدت مقولة أنا خيرٌ منه إلى السياسية حيث تم تطويع مفهوم " أنا خير منه" عند السياسة والسياسيين  منذ القدم أيضا لاحتلال الدول الأخرى والاستيلاء على مقدراتها وخيرات شعوبها، فكانت موجات الاستعمار القديم الحديث لكل بلد فيه خير. باعتبار المستعمرين شعوباً مختارة أعطت لنفسها الحق أن تأكل الآخرين وتستعبدهم وتبيدهم ثم تبني فوقهم دولاً تنادي بحرية الانسان والديمقراطية والعدالة.
كذلك تجد هذه المقولة أيضاً  في الجوانب الاجتماعية في حياتنا فانقسم أبناء المنطقة الواحدة الى أقسام وكلٌ منها ينظر للآخر على نظرية (أنا خيرٌ منه) ويتوجب عليه أن يخضع له؛ وإذا بحثت في مجتمعات البشر وخاصة العربية منها  لوجدت هذا جلياً.
و لا أبالغ كذلك إن قلت أنه الخيرية الفوقية هذه قد وصلت لمواقع التواصل الاجتماعي والثقافي فهناك أيضا من يعتقد أنه خيرٌ من الآخرين.
أعرف طبعاً " إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، ولكن حديثي كان عن البشر؛ وبناء على ما سبق فهناك إرهاب رجال دين وإرهاب سياسي واقتصادي عند من منحه الله المال وفكري وثقافي واجتماعي وربما أُسري أيضاً.  فكل من لا يسعى للتكامل مع غيره  ويرفض التعامل معه يحمل في جيناته " أنا خيرٌ منه".
دمتم بخير.
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق