الخميس، 2 مايو 2013

الحصانة النيابية و شليل الحق


ألحصانة النيابية و شليل الحق
انتفض مجلس النواب غضباً لما جاء في تقرير جريدة الغد و نقلته "عمون" حول المطالبات القضائية  بحق العديد من السادة النواب.  و ما يدهش السامع  في مثل هذه المواقف هو أننا لا نسمع نفياً لما جاء بمحتوى التقرير، و لا نسمع أن أحدهم هدد برفع قضية تشهير ضد الجريدة، و لكن ثورتهم كانت حول كيف تجرؤ الصحف على تناول مثل هذه المواضيع.
هنا نقول لهم لم يعد هناك محرمات بهذا الربيع بحيث لا  يطالها النقد، فقد بدأت عجلة الاستفسارات و الانتقادات و الملاحظات و المراقبات على أداء المسؤولين منذ زمن، و لا يوجد سبب لاستثناء أصحاب السعادة النواب من هذا. و بالعودة للدستور فإنه نصَّ على حصانة جلالة الملك فقط، و لا حصانة لأحدٍ دون ذلك.
و نذكّرهم كذلك بأن قانون الحصانة إنما وُضِع كحصانةٍ سياسيةٍ لتُعين صاحب السعادة على أن يقول رأيه بالحدث سياسياً و يصدع برأيه و لا يخشى المحاسبة. و لا أظنه وُضِع للتستر على أصحاب المال السياسي و لا على أصحاب الشيكات المرتجعة و على الحاجزين للبطاقات الانتخابية و مختلف القضايا الحقوقية للبشر عند أصحاب السعادة و المعالي و كل أصحاب الالقاب دون جلالة الملك. ربما لم يخطر ببال واضع النص أن يمثل الشعبَ يوماً من يلاحقه القضاء.
و لا أدري كيف يعتبون و يغضبون لمجرد أن الصحافة تعرضت لهم؛ فهل اعتقد أصحاب السعادة أنهم أصبحوا خارج المنظومة البشرية العادية، و ارتقوا ليكونوا من عالم آخر؟ و هل أصبح ذكرهم من المحرمات إلا إذا كان معطراً بآيات التبجيل و الثناء؟  كيف يمكن لنا أن ننسى أن بعض الإخوة النواب  قد خرج من الحجز بكفالة قبل الانتخابات و دخل المجلس  قبل الحكم بقضيته؟ أي أنه لم يكن موضع شكٍ، بل في موقف اتهام و هناك قضية بشأنه لم يبت فيها القضاء بعد، فهل هذا من أصحاب الحصانة؟  هل يستريح ضمير أصحاب السعادة و قد امتلأت ملفاتهم بقضايا الفساد (كما جاء بالتقرير) و هم يحدثوننا عن النزاهة؟ هل يستطيعون حقاً إخراج قانون من أين لك هذا مثلاً؟ و هل سيطبقونه على أنفسهم مثلاً؟  أم أنهم سيتحصنون أيضاً وراء الحصانة؟ و لعلنا نذكر هنا مطالبة المجالس السابقة استثناءهم من قانون مشابه سابق.  و أين هم من رد الحقوق لأصحابها ؟ أين هم من رد الحق العام و رد هيبة الدولة التي أصبحت مطلباً لرجل الشارع عندما يعتدي نائب (بأحد المجالس السابقة ) على شرطيٍ و يضربه و يحدثنا الآن عن الاصلاح و يقود المسيرات عند المسجد الحسيني؟
يحق لنا أن نسأل سؤالا جدّياً: ألم يُطلب من أصحاب السعادة إحضار براءة ذمة أو شهادة حسن سلوك مثلاً ليتبين أن كانت هناك قضايا بحقهم أم لا؟ أم أن هذه  الشهادات كانت شكلية؟ و هذا يفتح باباً آخر للحديث عن الوثائق المطلوبة للترشح بما فيها وثائق الاستقالة من الوظيفة بحيث تشمل قضايا الملاحقة و ليس فقط عدم المحكومية.
إذا أردتمونا أن نُصدّق أن هذا البرلمان يختلف عن غيره، و نشعر نحن دعاة الأمل بغدٍ مشرق، فليقف أصحاب السعادة أمام القانون كباقي خلق الله، فليس من المعقول أنهم بيوم وليله أصبحوا و بقدرة قادر فوق القانون لمجرد أنهم ينتمون الى تجمعات سكانية كبيرة أو يملكون المال لهذا.
أصحاب السعادة:  أنتم بشرُ كبقية خلق الله، و من سيحكم عليكم أخيراً هو الله فقط و لا أقول الشعب؛ فالشعب ربما سيعيد انتخابكم  لو قررتم الترشح ثانية بغض النظر عن أي قانون انتخاب سيتم انتاجه كما قال أحد الإخوة النواب في المجلس الخامس عشر.
ختاماً، لا أدري كيف سيكون تفسير المجلس العالي الذي طلب رأيه معالي رئيس المجلس بموضوع الحصانة،  و لكني كنت أتوقع من مجلسنا الكريم أن يقول كما نقول بالعامية ( هاظا شليلنا للحق) من له عندنا حق فليطلبه، و يكونوا قدوة بالوقوف أمام القضاء، لا أن يتمترسوا وراء حصانة قانونية لا تحميهم إلا أمام القانون فقط، و ليس يوم الموقف العظيم أو أمام بعض ناخبيهم.
إذا كان  هذا المجلس جاداً بالإصلاح فليبدأ بنفسه و بنظامه الداخلي، و إذا كان القانون  قد أعطاه حق مراقبة الحكومة فإن نفس القانون أعطى الشعب الحق بمراقبة المجلس الكريم، فمهمة الشعب لم تنتهِ عند الإدلاء بالصوت بصندوق الانتخابات.
لا صوت يعلو فوق صوت الحق و القانون.
alkhatatbeh@hotmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق