ربما كان من إحدى (خيرات) الربيع العربي هو هذا الكم الكبير
من الاتحادات أو الروابط أو الجمعيات (سمها ما شئت) في وطننا العزيز، فأصبح لا يمر
يوم إلا و هناك إعلانٌ عن رابطة أو جمعية، و لا نفتح صفحة للفيس بوك إلا و يطل علينا
خبر لاتحاد تتقارب مضامينه مع تجمع آخر. و من الغريب بالأمر أن بعض هذه الروابط يختفي
الحديث عنها بمجرد إشهارها.
لا يوجد عندي تفسير لهذا الكم الكبير من هذه المسميات إلا أنها
تلميعٌ لشخصيات معينة و هم أصحابها؛ و منهم من يكون عضواً بتجمع معين، و عندما لا يحقق
هذا الشخص طموحه الإعلامي بهذا التجمع فإنه يتوجه الى تشكيل تجمع آخر لا يختلف من حيث
المسمى عن المسمى الأول إلا قليلا، و يأخذ معه من يسحج له؛ المهم أن لا نرى و لا نسمع
إلا شخصه الكريم هو.
لم نسمع بإنجاز لأي من هذه التجمعات إلا مزيداً من الخُطب و
الصور على الفيس بوك. نسألهم أو نلمح لهم بالسؤال عن إنجازاتهم فيطلعون علينا ببيان
لا يختلف عن ما نقرأ بالصحف المحلية، و هي نفس اللغة التي تقولها المعارضة أو الحكومة
حسب مزاج رئيس هذا التجمع إن كان حكومياً أو معارضاً.
هذا يذكرني بالكتل الوطنية التي تشكلت لخوض الانتخابات النيابية؛
ترشحت الشخصيات و ضُخّت الأموال ليفوز شخصٌ معينٌ فقط، و يتبخر باقي أعضاء الكتلة.
طبعاً لم يكن متوقعاً أن تفوز كل الكتلة، لكن لم يكن يُتوقع أيضاً أن يُغلق رئيس هذه
الكتله هاتفه أو يُغيّر رقمه كلياً في وجه رفاقه فلا يعودوا قادرين على التواصل معه،
و يعود صاحبنا كما بدأ شخصاً عشائرياً حزبياً ممن تمتد جذورهم خارج البلد. و لقد شكت
عضوة لإحدى هذه الكُتل على قناة سفن ستارز بمرارة من أنها لم تعد تستطيع الاتصال مع
سعادة النائب الذي كان يرأس كتلتها؛ أي كتلة هذه و أي تجمع هذا و أي تقارب فكري كان
بينهم ؟
للأسف أصبح تشكيل الجمعية لا يحتاج إلا عدداُ معيناً من الأعضاء
المؤسسين كما هو الحال بالنسبة للأحزاب؛ يأتي بتواقيعهم صاحب الجمعية من أصحابه أو
ربما من أقاربه لا يهم، فيحصل على الترخيص، ثم تجتمع الجمعية على (منسف) صاحبها و ينتخبون
بقدرة قادر سعادته رئيساً لها و هذا هو المهم. فيدلي بتصريح بموقع الكتروني معين و
تنتهي الأمور.
أشعر بكثير من الشفقة على بعض الأسماء و هي تتنقل من هذه الجمعية
الى تلك الرابطة إلى ذلك الاتحاد بحثاً عن موقع في هيئتها الإدارية، أو للحصول على
صورة له هنا أو هناك توضع له على الفيس بوك. لست ضد الصور و لكني ضد أن تكون هي الهدف.
لماذا لا يجلس هؤلاء (رؤساء هذه التجمعات المتشابهة) و يندمجوا
فيعطوا لأنفسهم القوة و الحضور المؤثر و يكونوا القدوة لغيرهم؛ سنوقّع لهم تعهداً رسمياً
بأن الرئاسة دورية بينهم مدى الحياة. لا نريد رئاسة؛ نريد حضوراً قوياً و عملاً مفيداً
و تطبيقاً فعلياً لما يقولونه.
إن من واجب الجهة المعنية من الحكومة أن تضع قانوناً يمنع ازدواجية
المضامين في هذه التجمعات، فلا يجوز أن يكون هناك ثلاثة تجمعات لشيء واحد. كذلك لا
بد من متابعة نشاطات الجمعيات لنرى هل هي فاعلة أم أنها فقط تجدد اشتراكها السنوي و
لا شيء غير هذا. و ينطبق الأمر نفسه على الكتل النيابية حيث تنخرط هذه الكتل في ثلاث
مسارات يمين و وسط و يسار فقط. فلا يجوز أن تبقى الامور عائمة هكذا لأننا سنعاني مستقبلا
من شُحٍ للأسماء لهذه التجمعات إلا إذا كان لدى جهة ترخيص الجمعيات بنكاً للأسماء تختار
منه ما تشاء.
يكفينا هذا العدد المهول من الأحزاب و الكتل النيابية و اللجان
و الروابط و الجمعيات؛ إن العالم كله يتجه للدمج فلماذا نتخلف نحن عنه.
ترى ما جبت سيرة لمسميات الحراكات العديدة التي نرى لوحاتها
على المواقع الالكترونية و لا نرى عدد المشاركين بها.
جاء بالأمثال الاردنية " الكثرة بتطيّر البركة".
اندمجوا أفضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق