السبت، 8 يونيو 2013

الخامس من حزيران حلقة من حلقات المؤامرة | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية

الخامس من حزيران حلقة من حلقات المؤامرة | كتاب عمون | وكالة عمون الاخبارية


الخامس من حزيران حلقة من حلقات المؤامرة

و نحن ما زلنا نحاول استبيان معالم الطريق من خلال مثار النقع الذي ما زال فوق رؤوسنا من أيام حزيران أو ساعاته الست، نستذكر أننا  كنا ببداية حسنا السياسي نأخذ على الاتجاه الاسلامي حديثه المتكرر عن المؤامرة على هذه المنطقة و خصصتُ التيار الإسلامي بالذكر لأنه لم يكن على الحِجر الحكومي غيره في تلك الأيام . و كنا نقول بحقهم كما يقول الشباب بحقنا هذه الأيام، أنهم أضاعوا البلاد و العباد. و كنا نعتبر هذا الاصطلاح دليل عجز،  و تبرير فشل ذريع . و كنا كذلك نُصنّفه تحب باب "قصر ذيل".
هذه الأيام و نحن نستذكر الخامس من حزيران و هزيمته أتطلع حولي لأجد أن حزيران لم يكن البداية و لا الأخير و لا أظنه نهاية المطاف، إنما هي سلسلة مترابطة من مؤامرة مدروسة، فالبداية كانت بتفتيت الدولة العثمانية (أتحدث عن العصر الحديث) ثم قيام الدولة اليهودية الصهيونية، ثم بدأت حلقات مسلسل الهزائم الواحدة تلو الاخرى. و من شرخ الى شرخ و هزيمة إلى هزيمة، و الأمثلة كثيرة: فمن 67 إلى كامب ديفيد إلى الحرب العراقية الإيرانية الى إحتلال الكويت الى هزيمة العراق الى مؤتمر مدريد، و أوسلو، فوادي عربة فاحتلال العراق و إسقاط نظامه و تفكيك جيشه، ثم تقوقعت الدول العربية على بعضها تحت شعار " اللهم نفسي"، الى أن حط بنا قطار الخيبات في مهب رياح خماسينية ناشفة أسموها الربيع العربي حتى لا يواجهوا الحقيقة المرة وهي الخراب العربي.
و يتسم من يمسك بخيوط هذه المؤامرة على طريقة عرائس العاب الدُمى بالذكاء الشديد، فهم (طبعا ليسوا فردا) يهيئون مطالب مشروعة لا يختلف عليها إثنان لبداية كل ربيع فيقودها الأشراف من أمة العرب، أما النهاية فهم يرسمونها و ليس الشعوب الثائرة؛ فهي مؤامرة ذكية تبدأ بالحق و  تنتهي بالباطل.  ولك أن تستعرض الشريط منذ أن أمسكت جمعية الاتحاد و الترقي بزمام الأمور بتركيا، و هي كما يشير المؤرخون حركة صهيونية شرخت الدولة العثمانية بالقضاء على كل أطياف الدولة العثمانية من كل الأعراق و منها العرب حتى يسود العنصر التركي فقط، مما أثار حركات الاستقلال عنها.
أما المخرج لهذا المسرحية فهو يلعب بكلا الطرفين ( فالممثلون بهذه المسرحية فئتان) سواء بالحرب أو بحركات الربيع. فتقرب النصر من فئة ثم تنقل الشعور بالنصر الى الطرف  الآخر حتى يستمر القتل و سيلان الدم، فلم نشهد حسماً عسكريا لأي معركة أو حراك بتاريخنا المعاصر، و لكم أن تأخذوا الحرب العراقية الايرانية مثلاً حيث أعاد الرئيس صدام حسين لملمة أوراق اتفاقية الجزائر التي مزقها بيده معلناً أنه يقبل بها طائعاً بعد أن قال أن العراق قبلها مرغماً عام 1975 و لم يهمه عدد القتلى و الجرحى  و الدمار و المديونية بعد ذلك، فالمهم سلامة الثورة ممثلة بشخص الرئيس، و هو نفس الشِعار الذي سمعناه بعد الخامس من حزيران ليشرح لنا أنها ليست هزيمة.
 أما إن كان هناك نصر معين بتاريخ الأمة، فيتبعه زلزال سياسي مدمر، فبعد معركة الكرامة كانت أحداث أيلول التي ما زالت آثارها ماثلة للعيان و تبرز بين الفينة و الأخرى عندما تسمح الفرصة بذلك. و بعد حرب أكتوبر المجيد حدث كامب ديفيد الذي شرخ الأمة و أعاد تقسيمها الى خائن و وطني و مطبّع.
و لا يغرم المنتج لهذه الصراعات من جيبه شيئاً بل هو المستفيد الوحيد؛ فهو يهيئ لهذه الحروب و الحراكات من يدعمها مالياً طمعاً أو خوفاً أو  تجنباً لشر أحد الأطرف ، و كذلك إعلامياً كإذاعات الستينات و محطات التلفزة حديثاً، و أتاحت القدرات الفنية للبشر أن يفبركوا ما شاءوا من أكاذيب  على اليوتيوب لتُكوّن رأياً عاماً يتداوله الناس على صفحات التواصل الاجتماعي؛ فيستمر النفخ بنار الفتنة بين الأطراف إلى أن يقرر المخرج الانتقال الى ساحة أخرى.  فهو من الذكاء بأن لا يشعل نار الفتنة على أكثر من ساحة حتى يكون التركيز على من يشاء هو.  و هنا لا بد من الإشارة أن الاحتجاجات التركية هذه الأيام هي من هذا الباب. 
و كالعادة في منطقتنا من العالم فإن رجال الدين لهم دورٌ بارزٌ في صب النار على هذه الفتنة لأنهم ( لا يخشون في الله لومة لائم، طبعا لا يخشونها خارج أوطانهم، لأن اوطانهم أمن و أمان و الحمد لله)، فتكثر الفتاوى المتضاربة استكمالاً للتضارب السياسي فيذكون نار الفتنة دينياً و مذهبياً و طائفياً و ربما فئوياً لاحقاً. فهذا يعلنها حربا مقدسة و ذاك يسميها جهاداً في سبيل الله و ينسون حديث رسول الله  صلى الله عليه و سلم " إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل و المقتول في النار"؛ لم أسمع ببداية الحراكات و حتى بالحرب العراقية الإيرانية من يدعو لوقف القتال و حقن الدماء أبداً.
نعم  أيها السادة، إنها المؤامرة؛ فإذا لم تكن مؤامرة فماذا تكون إذاَ؟  هل هو الغباء مثلا فلا تتعظ الحكومات و الشعوب على حد سواء بما يجري حولها و تصر على المضي في ما يسمى الربيع العربي؟  لماذا لم يتعظ القذافي بما حصل بتونس؟ و لماذا لم يتعظ مبارك؟  ... الخ الخ؟  و لماذا لم تتعظ الشعوب؟ . أم أن الوقت قد فات، و لم يعد هناك وقت للاتعاظ ؟ هل انقطع خيط المسبحة و كرّت حباتها هنا و هناك و لم يعد هناك متسع من الوقت لتدارك هذا؟
كل ما جرى و يجري هو خدمة  للصهوينة العالمية ممثلة بإسرائيل و نتحمل مسؤوليته جميعاً شعوبا و حكّومات. فالقضية ليست حقوق شعوب و لا فساداً و لا تسلّطاً، و إلا فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل الدول التي لم يشملها هذا الخراب أفضل حالاً من الدول التي تهاوت؟ الجواب يؤكد أن الهدف أبعد ما يكون عن الشعارات التي ترفع بالشارع.

هناك إصرار  يا سادة و إصرار كبير جداً على مواصلة البقاء بالشارع كما هو الحال بالأردن مثلاً. أنظر الى التصعيد المتبادل بين الحكومة و الشعب فالطرفان مسئولان عن بقاء الناس في الشارع و الكل يحرص على أن يحقق أكبر قدر ممكن من المكاسب بهذه الجمعة المشمشية!!

لا يوجد لدينا خيار إلا الإقتناع بأن ما يجري هو مؤامرة، و هذا أفضل ألف مرة برأيي أن (نمشيها) مؤامرة، فهو (أبيض) وجه لنا، لأن البديل لتفسير كل ما يجري هو الغباء أو الخيانة أو كلاهما، و هما  كما رُوِي عن الشهيد وصفي التل سيان  عندما يتعلق الأمر بالوطن لأن النتيجة واحدة.

alkhatatbeh@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق