نحن و الجيش
.... برقش مثلاً
لا يدرك كنه
العلاقة بين الجيش و الأردنيين إلا
الأردنيون أنفسهم. فالجيش الأردني من رحم
الشعب و لم يكن يوماً جيش حزب أو جبهة معينة.
و نشأ هذا الجيش العربي مع نشوء
الدولة نفسها و تفتح الشعب على مسمى الوظيفة، و كان الجيش الوظيفة الأسمى
للأردنيين. لقد تفتحت عيون من كان بعمري
على الشماغ الأحمر فوق رؤوس الحرس الوطني بواكير الجيش الأردني فرأيته على رأس عمي رحمه الله، فكان اعتزازي به لا يقل عن
اعتزازي بلباس الشرطة بالخوذة القديمة
لوالدي أطال الله في عمره. لهذا انصهرنا
معه و أصبح جلُّ هم الأردنيين أن يروا أبناءهم بالجيش. و كم كنتُ اشعر بالغبطة من زملائي بالمدرسة
الذين التحقوا بالجيش عندما كانوا يعودون للقرية و هم يحملون أسلحتهم بفترة
السبيعيات. و دارت الأيام ليصبح الجيش أيضا الهدف الأفضل للوظيفة أيضا
فكان الأحفاد على طريق الأجداد سائرين.
لقد رأى
الأردنيون جيشهم في كل مكان معمِّراً
بانياُ لا هادماً، فحل العمار بكل مكان نزل فيه الجيش؛ فأصبحت الزرقاء
مدينة الجيش تتمثل فيها كل العشائر الأردنية الذين جاؤوا ملتحقين بالجيش؛ و جاء الخير
في ركاب جنوده، فاخضرت الأرض حول معسكراته و ارتفع البنيان. و نهل الأبناء من غزير علمه في مدارس الجيش؛ و
توصلت الأرجاء المتقطعة بطرق الجيش.
لهذا و العودة لبرقش، فقد رأى فيه الواقفون مع
المشروع أنه الأمل بإحياء تلك المنطقة و إنعاشها لا لشيء إلا لثقتهم بجيشهم فقط،
مع يقينهم أن هذا سيتبعه التضحية بالشجر؛
إنها الثقة المطلقة بأن الجيش مصدر السعد لأي منطققة يحل بها.
و لا أرى
المناهضين للمشروع كذلك مناهضين للفكرة ذاتها أو حاسدين لأهل المنطقة أبداً؛ و إذا
استثنينا بعض الشخصيات التي لها في كل عرس قرصاً كما يقول المثل، فإن الباقين هم
أيضا أبناء عسكر و أحفاد عسكر، و منهم من هو من أبناء المنطقة نفسها. إنما هو
خوفهم على الثروة الحرجية للبلد التي تعتبر مظلة الأردن علمياً و
مناخياً. نعم هم على ثقة بأن الجيش سيزرع
أضعاف ما يقلع، و لكنهم كان يطمعون بالتوصل معهم إلى مكان آخر ربما يكون المفقود
فيه من الأشجار أقل مما يخافونه.
لهذا السبب لم يكن مستغرباً على أحد مثل (حضرتي ) أن يكون
عضواً في المجموعتين اللتين تبدوان متناقضتين على موقع الفيس بوك بنفس الوقت، لأنني
في الواقع لا أراهما كذلك؛ هم فقط يبحثون
عن لغة مشتركة و يحتاجون إلى مُوفّقين بين الفريقين، لا مفرقين، ليتم المشروع دون الإضرار الجسيم بالأشجار و ليفرح أهل المنطقة بمشروعهم
المأمول.
بقي أن نقول أن
الجيش الذي نحتفل هذه الأيام بعيده و بثورته العربية الكبرى هو جيش البناء و جيش
المشاريع و جيش التنمية؛ تماماً كما هو جيش النزال و صاحب التاريخ المعطر بالمجد
من القدس إلى الكرامة.
كل عام و جيشنا
العربي الأردني بألف خير
كل عام و وطننا
بخير
كل عام و قائد
الجيش الأعلى حادي الركب و راعي المسيرة بألف خير بعيد جلوسه الميمون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق