السبت، 7 سبتمبر 2019

هيبة المعلم المفقودة

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن ما يُسمى بهيبة المعلم ووجوب استردادها أو إعطائها للمعلم وللأسف تم ربطها بحفنة من الدنانير كثرت او قلت فهذا لا  يهم.  نسي أؤلئك المنادون بهيبة المعلم ان الهيبة هي اشبه بالشِيخة للفرد كالتي طلبها ذاك الرجل من الملك فيصل كما جاء في الكثير مما نقرأ على الفيس فقال له الملك فيصل بوسعي ان اجعلك وزيرا  ولكن لا استطيع ان اجعلك شيخًا؛ فالشيخة تعطيها الجماعة لفرد منهم دون غيرة بغض النظر عن ماله وعمره.
وللأسف تم ربط الهيبة بالخوف فكنا تقول كنا نهرب من الشارع عندما نرى المعلم مقبلأً.. فهيبته براي الجماعة هي خوف الطلاب منه.  وانسحب كذاك على باقي المهن ومنها الشرطة او العسكري او جندي الفرسان بأن أحدهم كان (يقط)  بترقيق القاف أمامه كل القرية ليفتحوا طريق؛ وسمعنا عن العسكري الذي كان يسوق أمامه رجالا مطلوبين للحاكمة دون أن يحاول أحدهم الفرار.  والأمثلة كثيرة.
هذه الهيبة الزائفة والتي يتحسر عليها المعلمون (ولا أدري لماذا فقط المعلمون) كان مردها الأسباب التالية برأيي المتواضع.
اولا قلة التعليم عند الناس وخاصة أبناء القرى والفقر مما جعلهم يشعرون بالدونية تجاه من هو أفضل منهم علميا. وللحقيقية لم اسمع بقصص مثل يقط القرية أمامه في المدن.  بقيت بالقرى. ثانيا انعدام وسائل الاتصال كالتلفزيون مع العالم الاخر ليشعرهم بأن هناك بشر يمكن أن يقولوا لا للمعلم ابو هيبة او العسكري ابو كرباج لانه بشر مثلهم.
ثالثا كانت معظم المعلمين والشرطة والعسكر من مناطق غير مناطق عيشهم فكان هناك عنصر الاحترام وجوهره الخوف من هذا الغريب اللي بروح لاربد مثلا وبسفط ثماني عشر دينارا كل شهر يجمعها هو في موسم او موسمين. لهذا  كانوا يسبغون عليه نوعا من هالة السوبرمان. والدليل ان هذه زالت منذ ان بدأ تعيين المعلمين وباقي المهن بمناطق سكناهم وعند اهاليهم فلم يعد اسمه الاستاذ فلان با أصبح ابن فلان، وعندما نعود للقرية يعود كل استاذ لوضعه بين أقاربه.
رابعا ازدياد وعي الناس بالانفجار المعرفي بتكنولوجيا المعلومات فلم يعد المعلم هو المصدر الوحيد للمعلومة فهناك اليوتيوب فيه كل شيء... فكيف ستكون هيبة المعلم الذي لا يقرأ الا الكتاب المدرسي؛ لا شك هو بوضع لا يحسد عليه.
لهذا وكخاتمه لمن ما زال يجر على ربابة الهيبة اسع بجهدك ليكون لك هيبة معرفية بين طلابك لا ان يعطيها لك قرار وزاري  فلا يمكن أن يكون هناك قرر وزير التربية والتعليم إعطاء الهيبة للمعلم فلان.
الهيبة راحت عن كل ما ذكرت من المهن ومن أعلى منها. اما عن المصاري والعلاوات  فكلنا بحاجة لها وعلى رأي سمير غانم. انت عاوز وانا عاوز  يا ريت تشوف حدا  يدّينا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق