الاثنين، 18 فبراير 2013

العباءة و من يُلبس من.


العباءة و من يُلبس من.

لم أسمع بشعب يعطي العباءة هذه الهالة و الاحترام  إلا الشعب الأردني باستثناء  شعوب الخليج العربي تقريبا  التي تعتبرها جزءاً من اللباس العام للجميع و هم يسمونها بالبشت  أما العباءة فهي لباس الحريم. لكن الوضع بالأردن  يمتاز عن دول الخليج  بأنه يجعل منها لباس الشيوخ فقط و يستاء جداً إن رأى استخفافا بها كأن يلبسها من هو ليس أهلاً لها مثلاً. و هي كذلك  لباس الاحترام و الحشمة و الستر لذلك نستعملها لنستر بها العرائس لحظة الخروج من بيت أبيها (او الصالة هذه الأيام)  لتضفي جمال الحشمة على طهارة اللون الابيض الذي ترتديه. و يعرف عن من يلبسها الاتزان و الوقار و العدل بين الناس فلم نسمع عن أحد تدثر بالعباءة إلا و كان ينطق بالحكمة أو يتصنعها إذا لم يكن من أهلها، و إن كان هذا النوع من التصنع لا يدوم طويلا لان الرجل لبس لباس غيره. .

هذه الايام أصبحت العباءة موضة و أحيانا يُلبسها من لا يعرف لمن لا يستحق.  فكما هو معروف فالعباءة الشيخاوية يتوارث  لبسها ( لآ اقصد العباءة نفسها ولكن فعل لبس العباءة) شيخٌ من شيخٍ و لا تأتي كطفرة  كما حصل عندما ظهرت  موجة الشيوخ محدثي النعمة (بمصاريهم) و ليسوا شيوخاً على أساس. هؤلاء الناس يعتقدون ان الشيخة بالعباءة فيذهب للسوق و يشتري أفخر العباءات و يلبسها ليُنادى  بالشيخ. لكن صديقنا هذا يظهر مع أول اختبار بان من تحت العباءة ليس بشيخ، و تذهب الناس للشيخ الحقيقي و إن كانت عباءته أقل جودة و ثمناً

السؤال الثاني هو حول أحقية من يُلبس من؟ و من يحق له أن يُلبس غيره العباءة و يُمشيخه؟   فالعباءة يُلبسها الشيوخ للشيوخ أو من يتوسمون فيهم الشِيخة كمكافأة لهم على (نفيلة)  قاموا بها للقببيلة و ليس لقتلهم و تشريدهم أبناء بلدانهم. و بدون هذه الظروف تبقى  العباءة قطعة من القماش  الأسود مقصبة يُلبسها من لا يعرف لمن  لا يستحق، ربما ليحضر فيها إحدى حفلاته كلباس فلوكلوري..

هنا نستذكر حديث الساعة حول زيارة مجموعة من الأردنيين  للرئيس بشار و إلباسه العباءة كهدية من الشعب الأردني كما جاء بالفيديو.   طبعا هناك من استغل هذا الأمر حزبيا كما هو الحال في معظم الحراكات إلا أن جلّ الأردنيين غضبوا من هذا التصرف  لسبب آخر لا علاقة له بالحزبية، فهم إضافة للبعد الأنساني  في الباس الرئيس بشار الذي تشرد شعبه بالألاف  الى الأردن في عهده الميمون، إلا أن هناك بعد آخر أردني محض.  لم يكن غضب الاردنيين بسبب الزيارة بحد ذاتها، فالأردنيون يعلمون أن هذه المجموعة ما شاء الله عليهم رايحين جايين على الرئيس بشار لاعتبارات حزبية و من يقبض من السلطان يضرب بسيفه؛ لكن غضبهم كان من إلباسه هذا الرمز الاردني بما بحمل من معان باسم الشعب الاردني قائلين بأن الأهل بالأردن حملوهم العباءة لبشار، و كل الاستنكرات لهذا التصرف تدل على خلاف ذلك.  و سؤالنا لهم ماذا سيُلبسوه بالزيارة القادمة؟ هل سيُلبسوه الشماع الأحمر مثلاً؟

و بالمناسبة فمن ليس أهلاً للعباءة يظهر من طريقة لبسه لها و قد يكون في إلباسه للعباءة أظهاراً لعيوبه  و ليس تكريماً له.  أقترح إن كانوا في زياراتهم  القادمة سيحملون الهدايا أن يحملوا له بعضاً من أطفال اللاجئين المتشردين  هنا و هناك، فهذا أفضل.  

كفاكم عبثاً بكل جميل أردني و تجييره للخارج.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق