إصلاح أم مصالح
لست ممن يحكمون على الأشياء مسبقاً و لكني توقفت كثيراً عند الدراسة التي
أعدها فريق عمون لاستطلاع راي النواب بخصوص رئاسة المجلس، و مع قناعتي بالحرية الشخصية لكل نائب ليكون مع أو ضد، و أفترض
أن إجابتها كانت بالتنسيق مع قاعدته الانتخابية أو ربما ضمن برنامجه الانتخابي
الذي نال فيها ثقة القوم من قبيلته و انتخبوه، إلا أنني توقفت عند ظاهرتين بالجلس الكريم: أولاهما نسبة ال 13%
الذين لم يجيبوا على السؤال و النقطة الثانية هي إجابة نائب الكورة الكريم على
الموضوع.
لا أدري إن كان الإخوة الذين رفضوا الإجابة استندوا على نص شرعي مثلا من
باب من قال لا فقد أفتى أو نصف العلم لا أدري أو الى سند لغوي وهو سكّن تسلم.
لا أدري اي إصلاح سيأتينا ممن لا يستطيع قول رأيه بموضوع بسيط كموضوع الرئاسة
للمجلس؟ هل سيؤتمن مثل هؤلاء ( و أقصد الظاهرة و ليس الأشخاص إذ ربما تصبح ظاهرة
لاحقاً) على أن يقول رأياً صريحا عندما سيُطالب بأن يصوّت على قضية فساد بطلها
شخصية مرموقة أو غير مرموقه؟ هل سيكتفي بقول
لا أدري أو أمتنع عن التصويت ؟ أم
سيكون عنصرا فعالا في تهريب النصاب في الجلسات الساخنة ؟ أو ربما يغيب على الجلسات
الساخنة و ما اكثرها.
الوطن على مفصل دقيق من حياته السياسية و سيجتازه إن شاء الله، و لكنه بحاجة
الى الجرأه من نواب الشعب. لقد شارك الغالبية
العظمى في الانتخابات و غالبيتهم غير مقتنعين بقانون الانتخاب و يرجون الأفضل ، و
كانت مشاركتهم لأنتاج مجلس قوي قادر على
التغيير و ليس مجلسا يسكّن ليسلم. و هنا أستدرك أنني لا أطالب بارتفاع سقف
الخناقات و الطوشات بالمجلس من باب الحماس أو النضال لنصرة الحق، لكني أطالب
بالجهر بالراي و أن يكون النائب صاحب راي صريح يقوله و لا يخاف و لا يكتفي بنصف
العلم.
أما النقطة الثانية فهي إجابة السيد المحترم نائب لواء الكورة (مسقط راسي)
عندما قال بأنه "لا يمانع بأن يكون الرئيس قديما أو جديدا طلما يخدم النواب و يبحث عن مصلحتهم". أتوقف
هنا و آخذ نفسا عميقا لإسأل سعادته أي مصلحة للنائب تريدها من المجلس و أي خدمة
تريدها من رئيس المجلس؛ وهل أصبحت المصلحة و الخدمة هي المعيار للأردنيين لاختيار
النائب أو رئيس مجلس النواب. إذا كان
ابناء الدائرة يتوجهون الى سعادة النائب
ليخدمهم فهل لدى سعادة النائب خدمة يريد من رئيس المجلس أن يؤديها اليه أو
مصلحة يقضيها. هنا أسال إذا كان حضرات النواب يبحثون عن مصالحهم وخدمات تُقضى
اليهم ، فلماذا نلوم الشعب أن كان يبحث عن مصلحته ايضا و يبيع صوته؟ هذا هو الوضع؛ نبحث جميعا عن مصالحنا و لا نبحث
عن إصلاح؛ فالذي يبحث عن إصلاح يقول رأيه جهاراً و يقدم مصلحة البلد على
مصلحته الشخصية.
وهنا استذكر خبراً قرأته هنا على عمون في عام 2008 عن إخوة لنا
كانوا ينوون تشكيل نادي اجتماعي أو ما يُسمى بالجالية في دولة خليجية شقييقة. وكان
المتنافسان أثنين من كبار القوم عندهم. و
كنت أتابع التعليقات و أشارك بها باعتبار أن لنا تجربة في هذا المجال. لكن لفت نظري تعليق يدافع فيه أحدهم ( طبعا
اسماء وهمية) عن رأيه بدعم فلان و ليس علانا وهو أن فلان ( زلمه بيطعم و
بيخدمنا). أجبته يا سيدي ان كنت بالخليح و
تبحث عن من يطعمك و تبحث عن من يخدمك ببلد
انت فيها وافد تماما كفلان تماما و كلاكما تحت رحمة رب العالمين فلماذا تلوم المواطن
الغلبان إذا ما باع صوته أو أتبع أصحاب المناسف و الكنافة.
و أعود للمجلس الكريم لإذكرهم بأن كل العيون عليهم من فئات الشعب من شارك
منهم بالانتخابات ليراهن أن قراره كان مصيبا و من قاطع ليقول أنه فهم اللعبة قبل أن تُلعب و فضّل البقاء
بعيدا عن الملعب. و فوق هؤلاء جميعا عين
الله التي لا تنام و لا تغفل؛ فاجعلوا شعاركم الجملة التي أقتبسها من الدكتور
محمد نوح " الله ناظر اليّ" فاكتبوها بعقولكم و ظمائركم قبل أن تكتبوها
على طاولة المجلس أمامكم.
وفقكم الله لما فيه مصلحة البلاد و العباد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق