الأحد، 24 أغسطس 2014

فزعة النقابات المهنية الأردنية

فزعة النقابات المهنية الأردنية
يعجبني هذا الحشد الكبير الذي تنظمه نقابة المهندسين كلما ألمَّ بفلسطين أمرٌ جلل، فتظهر هذا النقابة دائماً رائدة في هذا المجال بصفتها الشقيقة الكبرى للنقابات هذا أولاً، و لكونها (مِدِهنة) أكثر من باقي النقابات التي ربما يكون دخلها الوحيد هو اشتراكات أعضائها فقط ثانياً؛  فهم يملكون الاستثمارات الكبيرة في أهم القطاعات في الأردن وهي الأراضي و العقارات. و لهذا يكون الحديث منصباً عليها رغم أن عناوين المقالات تكون عن النقابات المهنية. لهم نقول: بارك الله لكم في أموالكم و لكن ...   
لكن ليسمح لي الإخوة في هذا المجال أن أذكّرهم بأن هناك مناطق في ربوع هذا الوطن من لا يقل شقاؤها عن بؤس الأهل في المحتل من أرضنا العزيزة، و تنظر بعين العتب إلى هذه النقابات و هي توجه هذا الدعم الكبير الذي يوازي دعم الدول إن لم يَفُقْهُ بالنسبة لبعض الدول الصغيرة إلى اشقائهم في المحتل من الشق الثاني للمملكة.  لقد شاهدتُ على قناة رؤيا قبل يومين أحد المهندسين و هو يتحدث عن إعمار و تنمية ستقوم بها النقابة في غزة و تتطلب ميزانية تفوق إمكانيات الدول النفطية: بناء إسكانات، مستشفيات و مدارس،  و لا أدري إن كان يتحدث عن دعم النقابة في هذا المجال أو أن هناك أيضاً بزنس يتم ترتيبه للنقابة.
هذا المواطن في الطرف الشرقي في هذا البلد له حقٌ معلوم و ليس من باب المِنّة  في أموال نقابة المهندسين لأنه ببساطة أحد الرافدين لميزانيتها؛ فهو - أي المواطن- يرفد خزينتهم بالرسوم التي تفرضها النقابة لتصديق مخطط بيته إذا قرر أن يبني  له ( خُشِّة أو خشتين ) لأسرته.   و هو أيضاً أي المواطن له حق المواطنة التي تتقدم على كل الحقوق، و يا سيدي  له حق الجار  أو الصاحب على أقل تعديل؛ و لا أرى مبرراً (لتطنيش) هذا الجزء من الشعب الأردني.  لهذا الطيف من الشعب الأردني  كلُ الحق أن يطالب بالمساواة بحقه في أموالكم و على الدولة ضمان حقه بأي وسيلة ممكنة.
ربما يقول  قائل إن تنمية هذه المناطق هو مسؤولية الدولة، و لا علاقة للنقابة بها كما سمعت ممن بعض الإخوة. و هذه المقولة أثبتت فشلها مع مرور الزمن و تتجه الدول إلى إلزام القطاعات الخاصة و كل التجمعات التي تقوم بالتجارة كما تفعل نقابة المهندسين بتجارة الأراضي للإسهام بهذه التنمية.  و أذكر أن أحد مطالب الحراكات أن تقوم الشركات بواجبها تجاه مناطقها؛ فكيف لا يتم تفعيل هذا البند من المطالب عندما يتم الحديث عن نقابة المهندسين التي تتواجد في كل المحافظات؛ لا يمكن أن يبقى الوطن و المواطن بقرة حلوب للفاسدين و القطاع الخاص و للنقابات المعنية.  
و لا أريد أن أتحدث عن الجانب السياسي  في النقابات عموماً فهناك خطأ جسيم اقترفته الحكومات الأردنية منذ زمن و لا أدري إن كان باستطاعتها التراجع؛ هذا الخطأ هو التغاضي عن نمو الجانب السياسي بالنقابات و تجاوزه للجانب المهني الأصلي للنقابة.  هذا التجاوز بلغ الحد الذي يصرون فيه على الظهور في حملاتهم للتبرعات و إرسالها للمعنيين  بمعزل عن الحكومة نفسها، تماماً كما فعلت جماعة الإخوان المسلمين بالنسبة للمساعدات التي جاءت إلى اللاجئين السوريين بداية الأزمة حيث رفضت أن تكون عن طريق الهيئة الهاشمية، بل عن طريق الجماعة فقط. 
و الخطأ الآخر  الذي ارتكبته الحكومات أيضاً هو عدم إخضاع صناديق النقابات و الجمعيات عموماً للمراقبة ليتم إلقاء الضوء على كيفية التصرف بأموالها: الداخل منها و الخارج؛ فهو ليس مسؤولية الهيئات العامة لهذه النقابات و الجمعيات التي عادة ما تُصوّت بالموافقة على التقرير المالي  الذي يعرض بربع ساعة أمام الحضور و ربما اثناء التحضير للبوفيه فتتم الموافقة.
مواطننا يطالب بالعدل فهل في ذلك خطأ؟

   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق