الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

رئاسة مجلس النواب الأردني

رئاسة مجلس النواب الأردني
كنا نتساءل من باب التندر و النكتة بأيام الجامعة عن الدور الحقيقي للرئاسة أيام المجلس الاستشاري بذلك الوقت فلم نكن شهدنا برلماناً بعد.  و خلصنا - العبد الفقير لله تعالى و بعض الصحب من أيام الجامعة نتجاوز عن ذكر أسمائهم لأنهم أصبحوا بمراتب أكاديمية عليا، و منهم من يبقى إلى جانب التلفون عند الحديث عن تشكيل أو تعديل  وزاري قادم، لهذا لا أريد أن أكون شاهداً عليه أنه بمرحلة ما من عمره كان يُنكت على المجلس، فيحجوا عنه الثقة بالمجلس إن أصبح وزيراً.  المهم، خلصنا إلى أن دور الرئاسة تتلخص في نقطتين فقط لا ثالث لهما؛ أولاهما: أن يقول الرئيس :النصاب قانوني و أعلن افتتاح الجلسة و يرن جرس بداية الجلسة، و ثانيهما قرع جرس نهاية الجلسة؛ و بخلاف ذلك  لم نكن نشاهد شيئاً.
نعتذر عن هذا الفهم القاصر  لدور الرئاسة الجليلة ( كما أصبح يطلق عليها لاحقا)، فيبدو أن هناك نقاطا كثيرة كنا نغفل عنها لهذه الجهة.  فعندما عادت الحياة البرلمانية و بعد إجراء الانتخابات الجديدة  وجدنا لها أدواراً أخرى و خاصة عندما كان يحمى الوطيس بالنقاش للبيان الوزاري و منها ما جرى مثلا بعهد حكمة دولة السيد مضر بدارن، و هذا الدور كان توفيقياً ينتهي بفوز الحكومة بثقة المجلس.
و في كل مرة تجري فيه انتخابات جديدة نرى تطوراُ جديداً بالرئاسة بأن تملك الحق مثلا بتمديد خطبة هذا العضو أو ذاك. و بعدها تطور بموضوع كما نسمع عن منح السفرات و المياومات و اللجان و بدأنا نسمع  عن خدمات يقدمها الرئيس للنواب.  و لهذا كلما اقترب انتخاب رئيس المجلس بالدورات البرلمانية وجدنا الحديث يكثر على وسائل الاعلام بين النواب أنفسهم أنهم يدعمون فلاناً للرئاسة و ليس علاناً لأن فلاناً يقدم خدمات جليلة للنواب. و بصراحة كنت أشعر بالاندهاش عندما أتخيل أن هذا النائب الذي ينتظر أبناء منطقته الانتخابية أمام بيته المتواضع طلباً للخدمات، إنما هو أيضاً يقف أمام مكتب رئيس المجلس الكريم طلباً  للخدمات؛ فالدنيا مصالح و خدمات مهما علا المنصب؛ و لكن  لكلٍ خدماته؛ و خدمات سعادة النائب تختلف طبعاً عن الخدمات التي يطلبها طالب وظيفة على إحدى الفئات المتدنية.
بعهد رئاسة سعادة المهندس عاطف الطروانة للمجلس الكريم تم إضافة بُعدين جديدين لمفهوم الرئاسة:  الوجاهة و التشبث بالكرسي.  فقد شهدنا موقفين لسعادة الرئيس انسحب أو أحتج فيهما على عدم تلقيه الاحترام الكافي كرئيس لمجلس النواب  في جرش و في حفل السفارة السعودية. و هو كما قال لم يكن يسعى لتكريم شخصي له لا سمح الله، و لكنه يرى في عدم تلقيه الاحترام الكافي بالموقفين عدم احترام لهيبة المجلس نفسه.  و لم نكن قد سمعنا برئيس لمجلس النواب انسحب من حفل رسمي لهذى السبب.
أما التشبث بالكرسي فهم طبعاً سلوك بشري نضعف كلنا أمامه، و لكني استغرب من تحول سعادة الرئيس عن موقفه الذي أعلنه على شاشة التلفزيون بعد فوزه الأول بأن شكر معالي السيد عبد الكريم الدغمي على موقفه و تنازله عن الترشح لصالحه و وعد أمام الكاميرات بأنه سيدعم معالي الدغمي بالدورة القادمة. فما الذي جرى ليجعله يغير موقفه هذا! و إن كنت شخصياً أرى أنه لا يوجد ما يستوجب أن يتراجع المرء  عن وعد قطعه أمام الملايين إلا النزعة البشرية إياها بالتشبث بالكرسي؛ فللكرسي بريقه طبعاً.
لكن و بغض النظر عن كل ما ورد أعلاه، فلا أعتقد أن هناك سبباً مقنعاً يفسر الذي جرى بالمجلس الكريم بعد الانتخابات و فوز سعادة الطراونة مما أدى لغضب معالي مفلح الرحيمي  لنسمع ما قيل و نرى ما تم على شاشات التلفزيون.  لا نقبل بالتفسيرات التي تعقب  كل طوشة كانت تحدث بالمجلس سابقاً بأنها طبيعية، و هي خلاف بين الإخوة و تحدث بأحسن البرلمانات على وزن بتحصل بأحسن العائلات، و تنتهي بجاهة و ببيان يحمل في ثنياه الاعتذار عن ما جرى.   
نقدّر لهم بعض نجاحاتهم في بعض التشريعات و ربما عذرهم بعضنا في مواقفهم بالتشريعات الاقتصادية التي ذبحت المواطن اقتصادياً، و لكن ما يحصل بالمجلس الكريم و بما سبقه بالمجالس السابقة ينمي فكرة (فالج لا تعالج) بالحياة الديمقراطية النيابية الأردنية عند من مازل يرى أن مستقبلاً نيابياً قادمٌ في الإصلاح، و يفقدها الكثير من المتحمسين لها ممن كانوا يحثون على المشاركة في التسجيل و التصويت و يشاركون بهما. فالخط البياني النيابي في هبوط و أخشى ما أخشاه أن لا يتوجه للصندوق في الانتخابات القادمة إلا أقارب المرشحين فقط بعد أن يقوموا عن مناسف المرشح و ينقلهم بباصاته الشخصية حتى يضمن وصولهم للصناديق؛ و أن يتقوقع المؤيدون لفكرة الانتخابات على أنفسهم بأن ( كما قال أحد الكتاب بانتخابات الدوائر الوهمية) يشتروا دلو لبن و يطبخوا منسفاً و يعزموا عليه العنايا، أو يخرجوا في نزهة و لا ينتخبون.
نحن ما زلنا حريصين جداً على إنجاح التجربة، و ما زال يحدونا الأمل بأن يكون ما حصل خاتمة الطوشات  في المجلس الكريم.  فهل هذا الحلم بعيد المنال؟؟  لقد طرحت بمقال سابق لي هنا على هذا الموقع فكرة تولي سيدة رئاسة المجلس، فهل كنا سنرى مثل هذه الطوشات لو كانت الرئيسة سيدة مثلاً؟؟
بصراحة أملنا بالمجلس الكريم و بأعضائه الكرام أن يكونوا  على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم؛  أو أن تكون نزاعاتهم بعيدة عن كاميرات الإعلام على أقل تعديل.

و كل عام و أنتم عن الطوشات أبعد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق