الأحد، 29 مارس 2015

أعيدوا لنا النظام العربي المفقود ويخلف عليكو

أعيدوا لنا النظام العربي المفقود ويخلف عليكو
لقد انفض مؤتمر القمة العربي السادس والعشرون؛ ولقد كان البيان الختامي كما توقع له الكثيرون يتمحور حول قضيتين رئيسيتين هما:  توفير الغطاء المؤسسي لعاصفة الحزم والدعوة والبدء بتنفيذ مشروع القوه العربية المشتركة للتدخل السريع.  وكانت الموافقة على هاذين المشروعين تحصيل حاصل باستثناء مواقف بعض الدول التي لها أجندتها الداخلية الخاصة، وترى في مثل هذه القوة تدخلاً في شؤونها؛ لهذا كان الطلب مزيداً من التشاور هو ظاهر الأمر وباطنه التحفظ على المبادرة ورفضها لاحقاً؛ والحديث طبعاً عن العراق التي لها حساباتها وتناغماتها مع إيران بما لا يخفى على أحد.
لكني وكأحد المواطنين العرب أرى أن مطلبي أكبر من ذلك وإن كان يبدو أنه سهل المنال. أطالب باسترجاع النظام العربي الذي تغوَّل عليه الربيع العربي فانهار  كما لو كان نظاماً كرتونياً وليس مؤسسياً.  وهنا يجب التوضيح أنني لا أعني بالنظام العربي الحكَّام؛ لكنني أعني ما قال به جلالة الملك بعز الربيع العربي عندما ناقش مقولة إسقاط النظام. إن الأنظمة التي سقطت في دول الفوضى العربية لم تكن الرؤساء فقط و إنما كان الدولة نفسها ونظام حياتها فاهتزت ثقة المواطن بحكوماته، وخاصة عندما رآها تتراجع نتيجة تآمرات اقتصادية خارجية عليها فكشفت ظهرها لمواطنيها ليجلدوها؛ فاستقوت الشعوب على حكوماتها، وسلبوها أعز ما تملك وهي الهيبة؛ فانتشرت حالات الفوضى بكل مناحي الحياة بتلك الدول.
وضعفت الدول رغم وجود القوة فلم تعد قادرة على تلبية أبسط حقوق المواطن وأهمها وهو الأمن و العيش الكريم، وسقطت الدول أو ترنحت.  عندها سمعنا عن ظهور هذه المسميات التي تتغير كل يوم وتظهر بأماكن التوتر. فظهرت كل هذه التي سمعنا بها من داعش وحوثيين وما بينهما من مسميات لا نريد ذكرها لحساسية الأمر بالنسبة للبعض.  وهنا يجب أن نسأل أين هي الجيوش العربية الجرارة التي تزين صدور قادتها النياشين، ولماذا اختفت عندما جدّ الجد؟ هؤلاء الإرهابيون بشرٌ لم يهبطوا علينا من السماء؛ هم فقط  وجدوا الفرصة للظهور فظهروا ولو وجدوا جيش تلك البلد لما قامت لهم قائمة؛ لكن الأمر مرتبط بالنظام؛ عندما يسقط النظام يتهاوى معه كل شيء.  وللتوضيح إن بذور هذه الحركات ظهرت في كل العالم العربي و لكنها اختفت بسرعة في الدول التي لم ينهار النظام فيها وبقيت بقوتها حيث تم التعامل معها بطريقة جعلتهم يعودون إلى عقولهم أو ربما انتقلوا إلى أمكنة أخرى.
ويجب أن لا نبرأ بعضنا من دعم مثل هذه المجموعات باسم مناصرة الشعوب و الأمثلة لا تخفى على أحد.  لهذا من المفروض أن نتوقف عن هذا التدخل قبل أن نفكر بقوة التدخل السريع.  لقد كانت حسابات البعض على خطأ عندما دعمت فريقاً ضد فريق.  وللأسف ما زلنا نسمع نفس اللغة التحريضية حتى بمؤتمر القمة الأخير.
وللتذكير يجب الإشارة إلى أن هذه القوة المشتركة موجود أحد أشكالها بدرع الجزيرة مثلاً ، وهناك أيضا معاهدة الدفاع العربي المشترك منذ نشأت الجامعة العربية؛ وهناك المقولة المأثورة للرئيس عبد الفتاح السيسي وهي"مسافة السِكة" ويقصد بها أن القوات المصرية جاهزة للدفاع عن أي أرض عربية إن دعت الضرورة بمجرد ظهور الخطر.  فهل تم تفعيل هذه القوة أو اتفاقية الدفاع العربي المشترك قبل هذه الفترة؟  ألم يحدث في تاريخ الأمة العربية ما يستدعي تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك قبل اليوم ليستدعي الانتفاضة لنصرة الشقيق بقوة مشتركة أو بعاصفة شبيهة بعاصفة الحزم؟ أم أن الأمر يصبح بغاية الأهمية عندما يتعلق الأمر ببعض الدول.
أعتقد أننا لسنا بحاجة إلى قوات مشتركة و لا إلى معاهدات جديدة.  نحن بحاجة إلى عودة النظام العربي. بحاجة لأن يفيق من غيبوبته ويشد بعضه من أزر بعض لتتجاوز الأنظمة الي نأمل بأن تشارك بالقوة المشتركة كعناصر فاعلة مشكلها الداخلية لتتفرغ بعدها للقوة المشتركة؛ لا يمكن لأي دولة أن تغامر بجيوشها بقوة مشتركة خارج حدودها إن بقيت مشاكلها الداخلية على حالها. 
 لا أخفيكم أنني هذه المرة شعرت بمؤتمر القمة السادس والعشرين ببداية عودة هذا الألق للنظام العربي خاصة عندما هتف الرئيس السيسي تحيا الأمة العربية.  شعرت بنشوة لم أشعر بها من زمن.  شعرت وأنا أنظر إلى العزم والحزم بوجوه القادة العرب أن القادم خير؛ هل هو التفاؤل فقط؟ لا أدري. 
فقط أعيدوا لنا النظام العربي عندها سيختفي كل الدواعش و الحوثيين وغيرهم (أقصد فكرياً) وسيعودون إلى صفوف الوطن عمال بناء كما كانوا. 
فقط أعيدوا لنا النظام العربي على أسس صحيحة تكافؤية بين الدول .  فقط أعيدوا لنا المفقود  ويخلف عليكو.



                                  













                                             

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق