الأحد، 3 مايو 2015

التحالفات والعواصف وحسني البورزان

التحالفات والعواصف وحسني البورزان
بدءاً بالتحالف الدولي لمحاربة القاعدة في أفغانستان وليس انتهاء بعاصفة الحزم  مروراُ بالحالف الدولي ضد العراق وسوريا والمرء يحار في فهم العلاقة بين التبريرات (الأهداف) لهذا التحالفات ونتائجها على أرض الواقع. فكل التحالفات قامت في ظاهر الأمر وكما يقول عرّابوها لنصرة الشعوب الواقعة تحت الحكومات الدكتاتورية وبشرتهم بالديمقراطية تماماً كالتي بَشَّرَنا بها السيد أوباما ببدايات الربيع العربي بخطابه الشهير الذي ألقاه بعد سقوط النظام المصري السابق (إن كان فعلا سقط)، وحدثتنا فيه عن رغد العيش الذي سيعم البلاد والعباد بعهد الديمقراطية الجديد.
نظرة سريعة لما يجري حولنا نرى أنه لا الديمقراطية جاءت، ولا شبع المواطن العربي الخبز الحاف؛ وزاد الأمر سوءاً أن تشتت الملايين لاجئين لتصبح كالأيتام على موائد مشرديهم ينتظرون كسرة الخبز أو كيس الحليب الجاف؛ وبالمناسبة ما زلت أعتقد بأن مشرد الشعوب ليس أنظمتهم فقط وربما كانت الأنظمة أقلهم تأثيراً بهذاً.  لهذا نعود لمحاولة فهم العلاقة بين أهدافهم وما نراه على الواقع.  لقد شاهدتُ قبل لحظات صورة لمواطنين يمنيين يملأون جالوناتهم البلاستيكية بالماء وهم يقفون بالدور.  وقلت ربما كان هذا أيضاً هدفا لمهندسي التحالفات والعواصف وهو تعليم الشعوب الدور مثلاً؛ وربما كان وضعهم لجاولوناتهم في صناديق وجرها بالحبل هو أيضاً خطوة بالاتجاه الصحيح لتشجيعهم على ابتكار وسائل جديدة للنقل.
المهم، لا يستطيع أي عاقل أن يقتنع بأن هذه الصور التي يراها على الانترنت والتلفزيونات من قتل وتشريد وتجويع وذل ومهانة أن تكون نتيجة لأهداف سامية مثل التبشير بالديمقراطية والعيش الرغيد للشعب.  ولأنني أجزم ومن خلال ما نقرأ عن هذا العالم المحيط بنا بأنه لا يتخبط ويعرف أين يضع خطواته ويخطط لكل أمر بشكل دقيق، فلابد إذن أن نسير بالمقلوب فنحاول البحث عن الأهداف من خلال النتائج. عندها فقط يفغر المواطن فاه حيراناً ليتساءل هل  هذه هي الأهداف الحقيقية؟ ويرفع عقيرته وحواجبه دهشة عندما يحاول أن يسأل إن كان المسؤولون عنا على وعي بهذا الأهداف الحقيقية أم لا؟ وهنا يردد مع الشاعر
إن كنت تدري فتلك مصيبة              وإن كنت لا  تدري فالمصيبة أعظم.
فأين نريد أن نرى هؤلاء؟  هل نصنفهم مع الذين يدرون أو لا يدرون؟؟
القضية يمكن فهمها ببساطة على طريقة حسني البورزان؛ فمن هو حسن البورزان؟ السيد حسني البورزان  رحمه الله هو فنان سوري اسمه الحقيقي نهاد قلعي ورفيق درب الفنان غوار الطوشة (دريد لحام) أطال الله عمره. السيد البورزان ظهر في المسلسل الشهير (صح النوم) كصحفي يحاول كتابة مقاله الصحفي ولكنه لم يتمكن من إكماله بسبب شغب غوار معه في منافسة على قلوب فطوم. فما علاقة حسنى ومقاله بالتحالفات والعواصف يا ترى؟
كان السيد البورزان يبدأ مقاله بكتابة " إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا فعلينا إن نعرف ماذا في البرازيل؛ وإذا أردنا أن نعرف ماذا في البرازيل فعلينا أن نعرف ماذا في إيطاليا". وهكذا لم يتمكن السيد حسني البورزان من معرفة ما يجري في إيطاليا أو البرازيل.
لا يختلف حالنا كثيراً عن حالة حسني. فإذا أردنا أن نفهم أهداف التحالف فلننظر إلى النتائج؛ وإذا أردنا أن نعرف النتائج فعلينا أن نسأل عن الأهداف.  فعندما تتطابق الأهداف مع النتائج عندها فقط يمكن أن نفهم ما يجري حولنا وربما في البرازيل كذلك. ما نراه حالياً لا يدل على أن الأهداف المعلنة نزيهة.
في ضوء الحقيقة الماثلة أمامنا إذاً وكما نشاهد على التلفزيون يحق لنا أن نجزم ولا نسأل أن هناك أهدافاً سرية لا نعلم عنها.  إن النتائج تكذب كل إدعاءات أصحاب الأهداف الظاهرة.  لا يجب أن نبقى منخدعين بما يُصرح به إعلام هؤلاء ولننظر  فقط إلى نتائج ضرباتهم.
دمتم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق